تردد على أسماعنا كثيراً قولُ الحسين لأصحابه: «أني لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي...»، إلا أن هذا اللفظ ورد بصيغ متعددة وفي أماكن مختلفة، فقد يظهر أن الحسين أثنى على أصحابه بهذه المقولة أو بما يقاربها لفظاً في مواطن متعددة، حاولت إحصاءها قدر الممكن.
• وكان عبيد الله بن زياد (لعنه الله) قد ولى عمر بن سعد الري، فلما بلغه الخبر وجه إليه أن سر إلى الحسين أولاً فاقتله، فإذا قتلته رجعت ومضيت إلى الري، فقال له : "اعفني أيها الأمير"، قال: "قد أعفيتك من ذلك ومن الري"، قال : "اتركني أنظر في أمري"، فتركه، فلما كان من الغد غدا عليه، فوجه معه بالجيوش لقتال الحسين، فلما قاربه وتواقفوا قام الحسين في أصحابه خطيباً، فقال: «اللّهم إنك تعلم أني لا أعلم أصحاباً خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت خيراً من أهل بيتي، فجزاكم الله خيراً، فقد آزرتم وعاونتم، والقوم لا يريدون غيري، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدا، فإذا جنكم الليل فتفرقوا في سواده وانجوا بأنفسكم»، فقال إليه العباس بن علي أخوه وعلي ابنه وبنو عقيل، فقالوا له: "معاذ الله والشهر الحرام، فماذا نقول للناس إذا رجعنا إليهم، إنا تركنا سيدنا وابن سيدنا وعمادنا، وتركناه غرضاً للنبل ودريئة للرماح وجزراً للسباع، وفررنا عنه رغبة في الحياة؟ معاذ الله، بل نحيا بحياتك ونموت معك"، فبكى وبكوا عليه، وجزاهم خيرا، ثم نزل .
مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهانى: 74 - 75
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
• قال علي بن الحسين زين العابدين : فدنوت منهم لأسمع ما يقول لهم، وأنا إذ ذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه: «اُثنى على الله أحسن الثناء، وأحمده على السراء والضراء. اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين. أما بعد؛ فإنى لا أعلم أصحاباً ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أصحابي وأهل بيتي، فجزاكم الله عنى خير الجزاء، ألا وإني لأظن يوماً لنا من هؤلاء، ألا وقد أذنت، فانطلقوا جميعاً من حلّ ليس عليكم مني ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا»، فقال إخوته وأبناؤهم وبنو أخيه وأبناء عبد الله بن جعفر: "لم نفعل؟ لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك اليوم أبدا"، بدأهم بهذا القول العباس بن علي (رضوان الله عليه) واتبعته الجماعة عليه، فتكلموا بمثله ونحوه ، فقال الحسين : «يا بنى عقيل، حسبكم من القتل بمسلم، فاذهبوا أنتم فقد أذنت لكم»، قالوا : "سبحان الله، ما نقول للناس؟ نقول انا تركنا شيخنا وسيدنا وبنى عمومتنا خير الأعمام، ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا بهم؟ لا والله لا نفعل، ولكن نفديك أنفسنا وأموالنا وأهلنا، أو نقاتل معك حتى نرد موردك، فقبح الله العيش بعدك"، وقام مسلم بن عوسجة وقال: "والله لو علمت أنى اُقتل ثم أحيى ثم اُحرق ثم أحيى ثم اُحرق ثم أذرى، يفعل بي ذلك سبعين مرة، ما فارقتك حتى ألقى حمامي من دونك، وكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبدا"، وقام زهير بن القين فقال: "والله لوددت انى قتلت ثم نشرت ثم قتلت حتى اُقتل هكذا ألف مرة، وان الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك، لفعلت"، وتكلم بعض أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد، فجزاهم الحسين خيراً وانصرف إلى مضربه.روضة الواعظين للفتال النيسابوري: 183 - 184
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يمكنك الحصول على النصوص ومصادرها كاملة من خلال تحميل الملف التالي:
يمكنك الحصول على النصوص ومصادرها كاملة من خلال تحميل الملف التالي:
تعليق