اقتضت حكمة الله تعالى أن يتقلب الإنسان في أحوال عدة من صحة ومرض وغيرها . وأكثر أفراد البشر عندما يمرض بدنياً يراجع طبيب الأبدان, وقليل من البشر عندما يمرض نفسياً يراجع الطبيب النفساني , وأقل منهم من يسعى لعلاج أمراضه الأخلاقية فيراجع الطبيب الأخلاقي, ولكن يندر أن تجد بشراً يراجع الطبيب الروحي – بالرغم أنه أكثر انتشاراً وأشد فتكاً بحياة الإنسان لا سيما الأخروية - .
ما تقدم كان بالنسبة للأفراد, ولكن هل يمرض المجتمع أيضاً بدنياً ونفسياً وأخلاقياً وروحياً ؟
الجواب : نعم . إذ المجتمع هو عبارة عن مجموعة الأفراد الذين يربطهم التواجد في بقعة معينة. فإذا فشت وانتشرت صفة معينة في أفراده – سواء كانت إيجابية أو سلبية- أسبغ ذلك على المجتمع صفة يمتاز بها عن بقية المجتمعات.
ومن هنا نجد أن المجتمع الفلاني يمتاز بصفات إيجابية يتفوق بها, ولكن هذا لا يمنع من وجود خلل أو مرض في جهة أخرى من جهات المجتمع ذاته .
وبناء على ما تقدم , يصعب – إن لم يكن مستحيلاً في الوقت الراهن – أن تجد مجتمعاً متميزاً ومتفوقاً في جميع الجهات , وخالٍ من جميع العيوب والنواقص والخلل . بل المجتمع الفلاني يمتاز بالشجاعة مثلاً , لكنه بخيل . أو تجده يمتاز بالنظام والترتيب لكنه فاسد أخلاقياً, وهكذا .
من خلال هذه المقدمة نصل إلى نتائج, منها :
1- مجتمعنا ليس بدعاً بين المجتمعات , بل له إيجابيات , وله سلبيات (أمراض) .
2- عندما نعترف بوجود مرض في مجتمعنا, فنحن لا نمارس دور جلد الذات – على حد تعبير بعض الأحبة - , بل هي خطوة أولى في سبيل البحث عن علاج .
ومن ضمن الأمراض التي يعاني منها مجتمعنا ( وسواس الفتنة ) .
وحتى يتضح للقارئ الكلام مرادي من ذلك , لنتأمل في حال الفرد المبتلى بالوسوسة في الطهارة .
الفرد إذا ابتلي بالوسوسة في الطهارة عندما يمر بسيارته في طريق ما وفيه بقعة ماء؛ يحكم على الماء بالنجاسة, لماذا؟ لأنه يتساءل من أين جاء هذا الماء؟ لا بد أنه ماء مجاري فهو نجس. ثم ينتقل مباشرة إلى تنجسه هو وجميع ما في بيتهم . كيف ؟
لأن عجلات السيارة قد تنجست بالماء, وهو عندما نزل من السيارة يمكن بل يحتمل بل يظن بل أكيد أنه وضع يده على العجلات فتنجست يده , وعندما لمس مقبض باب البيت انتقلت النجاسة إلى المقبض ......الخ , وهكذا ينسج مسلسل الأحداث ليصل إلى الحكم بنجاسة كل الأشياء الموجودة في بيتهم . لا سيما إذا كان للسيارة موقف داخل البيت .
وعندما يأتي ليطهر يديه من النجاسة يسكب عليها جميع الماء الموجود في الخزان, ومع ذلك يشك في حصول الطهارة .
إذن نلاحظ : المبالغة في تصور وجود النجاسة, والمبالغة في تصور انتقال النجاسة المتوهمة, والمبالغة في طرق وأسباب تطهير هذه النجاسة .
على هذا النسق نرى مجتمعنا مصاباً بالوسوسة في الفتنة . ولذا نجد شريحة كبيرة من المجتمع تتخيل أن أي تصرف أو فعل أو كلمة مصيبة كبرى تسبب الفتنة في المجتمع وتمزقه إلى أشلاء صغيرة . حتى التصرف العادي جداً ولكن بنكهة جديدة أو تغيّر ما , يكبر ويكبر – كما تكبر كرة الثلج – إلى أن يصبح بؤرة للفتنة.
لنضرب مثالاً : قام إنسان بإلقاء كلمة فيها خروج عن المألوف , هنا تقوم الدنيا ولا تقعد, فهذه المقالة فيها فتنة, ثم تجلس هذه الشريحة تحلل أثر هذه الفتنة في تمزيق المجتمع, وكيف أنها أثرّت في زعزعة الأمن والاستقرار . وهكذا يمضي شهران أو ثلاثة لأجل سد الثغرة الاجتماعية التي أحدثتها كلمة .
سؤال : ماذا سيحدث لو تلفظ إنسان بكلمة سيئة عن مرجعك أو عن مشروعك أو بعض أفكارك التي تؤمن بها؟
الجواب : ستحدث مشكلة كبيرة .
والسبب في هذه المشكلة أننا نرى هذه الكلمة السيئة تهدد أمننا واستقرارنا وتماسك مجتمعنا. نحن للأسف لا نملك الإيمان الراسخ لا بمجتمعنا ولا بمرجعنا ولا بمشروعنا ولا بأفكارنا . بل نعيش الوسوسة والهاجس في جميع الأوقات .
ولا أعلم ماذا ستؤثر كلمة من شخص مجهول أو حتى معروف بشخص مرجعك أو بمستوى انتشار مرجعيته.
وما عسى أن تفعل كلمة شاردة أو مقصودة بمشروعك . إذا كان مشروعك تهدده كلمة أو مقالة أو سباب, فلا فائدة في هذا المشروع .
للأسف أصبحنا نرى كل حادث أو كلام أو تصرف , نرى جميع ذلك فتنة تهدد استقرار المجتمع, ونكتب مسلسلاً مكسيكياً في نتائج هذا الحادث أو الكلام على الدين والمجتمع والاقتصاد والأسرة ووووو .
حتى أنه لو كح أحدهم في مجلس لحدثت فتنة !! . كيف ؟ تأتي تحليلات لهذه الكحة, لماذا كح فلان ؟ لا بد أنه يريد توجيه الأنظار إليه, وبذلك فهو يريد منافسة الموجودين في الشهرة والمكانة الاجتماعية, إذن هو يريد سحب البساط من تحت الموجودين , وهكذا تنشأ مشكلة كبيرة بسبب كحة .
تصوّر أحد المؤمنين أتى ليصلي خلف إمام لا يتفق معه في التقليد . ولسوء حظ هذا المؤمن ابتلاه الله تعالى بغازات وريح في ذلك الوقت , فخرجت منه ريح أثناء الصلاة .
ماذا تتوقع أن يحدث في المجتمع ؟
ستعقد المؤتمرات الطويلة في تحليل هذه الحادثة, وأنها إهانة مقصودة لإمام المسجد والمصلين جميعاً, بل ستعتبر انتهاكاً لحرمة المسجد, وسترسل استفتاءات إلى مكاتب المراجع عن حكم منتهك حرمة المسجد, وعندنا يأتي الجواب سيسعى البعض لتطبيق الحكم على ذلك المسكين, وسيؤرخ الناس بسنة الريح, وهكذا لن ينتهي المسلسل .
وأخيراً :
أيها الأحبة ... لنرى الأشياء بمستواها الواقعي الحقيقي , ونتفاعل معها على المستوى التي تستحقه فعلاً, بلا تضخيم ولا تهويل .
لنفهم الأحداث في سياقها الطبيعي الواقعي لا بتخيلات وتضخيمات .
ولو رأينا شرارة فلا ننفخ فيها فتصبح ناراً . إذ تناقل المشكلة والحديث عنها في المجالس والمنتديات قد يكون هو السبب في إيجاد المشكلة أو تضخيمها وإشعال نار الفتنة .
لنتعلم فنون احتواء المشاكل والأزمات , لا فنون التصعيد والتهويل والمشاركة فيها من حيث نشعر أو لا نشعر .
روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عزّ وجلّ : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " .
ما تقدم كان بالنسبة للأفراد, ولكن هل يمرض المجتمع أيضاً بدنياً ونفسياً وأخلاقياً وروحياً ؟
الجواب : نعم . إذ المجتمع هو عبارة عن مجموعة الأفراد الذين يربطهم التواجد في بقعة معينة. فإذا فشت وانتشرت صفة معينة في أفراده – سواء كانت إيجابية أو سلبية- أسبغ ذلك على المجتمع صفة يمتاز بها عن بقية المجتمعات.
ومن هنا نجد أن المجتمع الفلاني يمتاز بصفات إيجابية يتفوق بها, ولكن هذا لا يمنع من وجود خلل أو مرض في جهة أخرى من جهات المجتمع ذاته .
وبناء على ما تقدم , يصعب – إن لم يكن مستحيلاً في الوقت الراهن – أن تجد مجتمعاً متميزاً ومتفوقاً في جميع الجهات , وخالٍ من جميع العيوب والنواقص والخلل . بل المجتمع الفلاني يمتاز بالشجاعة مثلاً , لكنه بخيل . أو تجده يمتاز بالنظام والترتيب لكنه فاسد أخلاقياً, وهكذا .
من خلال هذه المقدمة نصل إلى نتائج, منها :
1- مجتمعنا ليس بدعاً بين المجتمعات , بل له إيجابيات , وله سلبيات (أمراض) .
2- عندما نعترف بوجود مرض في مجتمعنا, فنحن لا نمارس دور جلد الذات – على حد تعبير بعض الأحبة - , بل هي خطوة أولى في سبيل البحث عن علاج .
ومن ضمن الأمراض التي يعاني منها مجتمعنا ( وسواس الفتنة ) .
وحتى يتضح للقارئ الكلام مرادي من ذلك , لنتأمل في حال الفرد المبتلى بالوسوسة في الطهارة .
الفرد إذا ابتلي بالوسوسة في الطهارة عندما يمر بسيارته في طريق ما وفيه بقعة ماء؛ يحكم على الماء بالنجاسة, لماذا؟ لأنه يتساءل من أين جاء هذا الماء؟ لا بد أنه ماء مجاري فهو نجس. ثم ينتقل مباشرة إلى تنجسه هو وجميع ما في بيتهم . كيف ؟
لأن عجلات السيارة قد تنجست بالماء, وهو عندما نزل من السيارة يمكن بل يحتمل بل يظن بل أكيد أنه وضع يده على العجلات فتنجست يده , وعندما لمس مقبض باب البيت انتقلت النجاسة إلى المقبض ......الخ , وهكذا ينسج مسلسل الأحداث ليصل إلى الحكم بنجاسة كل الأشياء الموجودة في بيتهم . لا سيما إذا كان للسيارة موقف داخل البيت .
وعندما يأتي ليطهر يديه من النجاسة يسكب عليها جميع الماء الموجود في الخزان, ومع ذلك يشك في حصول الطهارة .
إذن نلاحظ : المبالغة في تصور وجود النجاسة, والمبالغة في تصور انتقال النجاسة المتوهمة, والمبالغة في طرق وأسباب تطهير هذه النجاسة .
على هذا النسق نرى مجتمعنا مصاباً بالوسوسة في الفتنة . ولذا نجد شريحة كبيرة من المجتمع تتخيل أن أي تصرف أو فعل أو كلمة مصيبة كبرى تسبب الفتنة في المجتمع وتمزقه إلى أشلاء صغيرة . حتى التصرف العادي جداً ولكن بنكهة جديدة أو تغيّر ما , يكبر ويكبر – كما تكبر كرة الثلج – إلى أن يصبح بؤرة للفتنة.
لنضرب مثالاً : قام إنسان بإلقاء كلمة فيها خروج عن المألوف , هنا تقوم الدنيا ولا تقعد, فهذه المقالة فيها فتنة, ثم تجلس هذه الشريحة تحلل أثر هذه الفتنة في تمزيق المجتمع, وكيف أنها أثرّت في زعزعة الأمن والاستقرار . وهكذا يمضي شهران أو ثلاثة لأجل سد الثغرة الاجتماعية التي أحدثتها كلمة .
سؤال : ماذا سيحدث لو تلفظ إنسان بكلمة سيئة عن مرجعك أو عن مشروعك أو بعض أفكارك التي تؤمن بها؟
الجواب : ستحدث مشكلة كبيرة .
والسبب في هذه المشكلة أننا نرى هذه الكلمة السيئة تهدد أمننا واستقرارنا وتماسك مجتمعنا. نحن للأسف لا نملك الإيمان الراسخ لا بمجتمعنا ولا بمرجعنا ولا بمشروعنا ولا بأفكارنا . بل نعيش الوسوسة والهاجس في جميع الأوقات .
ولا أعلم ماذا ستؤثر كلمة من شخص مجهول أو حتى معروف بشخص مرجعك أو بمستوى انتشار مرجعيته.
وما عسى أن تفعل كلمة شاردة أو مقصودة بمشروعك . إذا كان مشروعك تهدده كلمة أو مقالة أو سباب, فلا فائدة في هذا المشروع .
للأسف أصبحنا نرى كل حادث أو كلام أو تصرف , نرى جميع ذلك فتنة تهدد استقرار المجتمع, ونكتب مسلسلاً مكسيكياً في نتائج هذا الحادث أو الكلام على الدين والمجتمع والاقتصاد والأسرة ووووو .
حتى أنه لو كح أحدهم في مجلس لحدثت فتنة !! . كيف ؟ تأتي تحليلات لهذه الكحة, لماذا كح فلان ؟ لا بد أنه يريد توجيه الأنظار إليه, وبذلك فهو يريد منافسة الموجودين في الشهرة والمكانة الاجتماعية, إذن هو يريد سحب البساط من تحت الموجودين , وهكذا تنشأ مشكلة كبيرة بسبب كحة .
تصوّر أحد المؤمنين أتى ليصلي خلف إمام لا يتفق معه في التقليد . ولسوء حظ هذا المؤمن ابتلاه الله تعالى بغازات وريح في ذلك الوقت , فخرجت منه ريح أثناء الصلاة .
ماذا تتوقع أن يحدث في المجتمع ؟
ستعقد المؤتمرات الطويلة في تحليل هذه الحادثة, وأنها إهانة مقصودة لإمام المسجد والمصلين جميعاً, بل ستعتبر انتهاكاً لحرمة المسجد, وسترسل استفتاءات إلى مكاتب المراجع عن حكم منتهك حرمة المسجد, وعندنا يأتي الجواب سيسعى البعض لتطبيق الحكم على ذلك المسكين, وسيؤرخ الناس بسنة الريح, وهكذا لن ينتهي المسلسل .
وأخيراً :
أيها الأحبة ... لنرى الأشياء بمستواها الواقعي الحقيقي , ونتفاعل معها على المستوى التي تستحقه فعلاً, بلا تضخيم ولا تهويل .
لنفهم الأحداث في سياقها الطبيعي الواقعي لا بتخيلات وتضخيمات .
ولو رأينا شرارة فلا ننفخ فيها فتصبح ناراً . إذ تناقل المشكلة والحديث عنها في المجالس والمنتديات قد يكون هو السبب في إيجاد المشكلة أو تضخيمها وإشعال نار الفتنة .
لنتعلم فنون احتواء المشاكل والأزمات , لا فنون التصعيد والتهويل والمشاركة فيها من حيث نشعر أو لا نشعر .
روي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عزّ وجلّ : " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " .
تعليق