((الصديقة الزهراء/ع/ هي الكوثرُ بنص القرآن الكريم))
في قراءة موضوعية للنص :
===================================
قال الله تعالى في مُحكم كتابه العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
((إنّا أعطيناك الكوثر* فصلِّ لربِّكَ وانحر* إنّ شانئك هو الأبتر))
صدق الله العلي العظيم
في البداية وبحسب تتبعي وتحققي المعرفي في مجال تفسير هذه السورة المباركة وجدتُ المفسرين إختلفوا في مرادها إختلافاً كبير
إختلافاً لم يُلحظ مثله في غيرها فبعض المفسرين قالوا إنّ هذه السورة مكية النزول وبعض آخر قال إنها مدنية النزول فضلا عن تخبطهم في تفسير معنى الكوثر
فراح البعض منهم يُشرّق ويُغرّب في تفسير معنى الكوثرفحمّلَوا المعنى اللغوي لمادة(كوثر)على مراد الله الحق في هذه السورة
وقالوا إنّ الكوثر هوالخير الكثير ونهر في الجنة أعطاه الله لرسوله /ص/ وترد عليه امته يوم القيامة لتنهل منه
وقالوا الكوثر هو القرآن الكريم أو هو الشفاعة أو هو كثرة الأموال
والنتيجة غيّبوا مراد الله الحق في هذه السورة القصيرة
ونحن نقول وبأمانة علمية تحقيقية مايلي:
/أولا/ إنّ نزول هذه السورة الشريفة وقع في مكة لافي المدينة لأنّ نفس المفسرين ذكروا أنّ سبب نزولها هو أنّ العاص بن وائل السهمي أو عمروبن العاص قد عيّرَ رسول الله /ص/ بأنه ابتر وخاصة بعد وفاة ولده القاسم من زوجته خديجة /ع/
ومعلوم أنّ السيدة خديجة/ع/ قد توفيت في مكة بإتفاق أهل التأريخ والتفسير وقبل الهجرة النبوية الشريفة هي وعم النبي مؤمن قريش (أبي طالب)/ع/
حتى أنهم أي المفسرون سموا عام وفاة السيدة خديجة وابي طالب/ع/ بعام الحزن
لأنّ رسول الله/ص/ قد حزن عليهم حزنا بليغا وخاصة بعد الحصار الظالم الذي تعرض له المسلمون في شعب أبي طالب والذي دام ثلاث سنين
/ثانيا/إنّ سبب نزول السورة هذه ينسجم مع الحادثة الشهيرة بتعيير النبي/ص/ في مكة من قبل المشركين
ورأسهم الحكم بن أبي العاص وهو ما اتفق عليه المفسرون أعني سبب النزول
فكيف يُحرّفون معنى الكوثر المراد قرآنيا عن سبب نزوله؟
وهو يؤمنون يقيناً بقاعدة ((أنّ لكل مقام مقال))
يعني إنّ مقتضى نزول السورة الشريفة هو الرد على مشركي مكة
بإنّ صاحبهم (الحكم بن ابي العاص) أو (العاص بن وائل السهمي)أو (عمرو بن العاص) طبعا هذه الأسماء وردت عن المفسرين بإختلاف شديد في المقصود بإنّ شانئك هو الأبتر؟ من هو؟فذكروا هذه الآسماء الثلاثة.
/ثالثا/ إنّ أية((إنّا أعطيناك الكوثر))هي تعبير إلهي إمتناني وتعظيمي لشخص الرسول محمد/ص/ نفسيا وقلبيا وحتى إجتماعيا بأنه سيتحقق عندك (الكوثر) وهو الذرية الكثيرة وهي منحصرة من رحم الزهراء/ع/ لاغير
وحتى أنّ العرب في الجاهلية كانت تصف ذي الذرية الكثيرة بإنه (رجل كوثر) أي صاحب ذرية كثيرة وهي الخير حقيقة وعرفا
و لأنه /ص/ قد تأذى من مقولة الجهلة من المشركين في مكة بأنه أبتر وهذه ظاهرة كانت العرب تعرفها قبل الإسلام وتعيير بها من لم يكن له ولد أو عقب.فجاءه الخطاب الألهي بتطييب خاطره /ص/ وجوديا وحياتيا ممتدا بإمتداد الزمن في الحياة الدنيا.
/رابعاً/إنّ المفسرين فسروا معنى قوله تعالى((فصلّ لربكّ وانحر)) بأنّ المقصود من الصلاة هنا هي صلاة العيدين (الفطر والأضحى) والنحر هو الأضحية
وطبعا هذا تفسير مفسري اهل السنة والجماعة وهو مالاينسجم وسياق الأية الشريفة ((إنّأ أعطيناك الكوثر))
فالأعطاءهنا قد تحقق بالفعل خارجا وهو نعمة من الله تعالى(بإعطائه الوعد بذرية معصومة طاهرة من
صلبه الشريف ومن رحم خديجة الكبرى ومن ولد فاطمة /ع/ الكوثر الحقيقي الذي جمع خير النبوة المحمدية الخاتمة لما سبق وخير الإمامة العلوية الفاتحة لما اُستُقبِل )
وهو مايستحق الشكر العملي عليه بصلاة الشكر ووضع اليدين في حال التكبير فيها بحذاء الوجه
هذا ما ذهب إليه ائمتنا /ع/
وخاصة ما ورد(( عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنن علي/ع/
أنه لما نزلت سورة الكوثر
قال النبي محمد/ص/ لجبرئيل /ع/ ماهذه النحيرة التي امرني بها ربي :؟
قال:جبرئيل/ع/ ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرّمتَ للصلاة أن ترفع يديك إن كبّرتَ وإذا رفعت رأسك من الركوع وإنّ لكل شيء زينة وإنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبير))/1//إنظر/الحبل المتين/ البهائي العاملي/ص132/ الطبعة القديمة.
و عن الإمام الصادق/ع/ حينما سُئِل عن معنى النحر فقال/ع/ ((هو أن ترفع يديك حذاء وجهك)) /إنظر/نفس المصدر//الحبل المتين/ البهائي العاملي/ص132/ الطبعة القديمة.
وقد ذكر السيد الشريف المرتضى في رسائله تفسير هذا المقطع الشريف((فصل لربك وانحر))
من السورة فقال((أي إستقبل القبلة في نحرك وهو أجود التأويلات ومن أفصح الكلام عربيا)) /رسائل المرتضى/السيد المرتضى/ج1/ص439.
وإلى هذا المعنى قد ذهب أيضا السيد الطباطبائي في تفسيره (الميزان)ج20/ص394.
فقال ((هذا(أي فصل لربك وانحر)) تفريعٌ بالأمر بالصلاة والنحرعلى الأمتنان أي فإشكر يا محمد/ص/ لهذه النعمة (نعمة الكوثر)
والنحرهو رفع اليدين في تكبير الصلاة إلى النحر
وهناك ملاحظة جدا مهمة ينبغي الألتفات لها وهي أنّ تشريع الحج قد تم في المدينة وليس في مكة يعني حصل الأمربالحج الواجب(( سنة تسع او عشرة للهجرة النبوية الشريفة))تذكرة الفقهاء/العلامة الحلي/ج7/ص19.
والمفسرون من غيرنا المتخبطون في تفسيرقوله تعالى((فصل لربك وانحر)) يقولون أنّ الصلاة هنا صلاة العيدين (الفطر والأضحى والنحر هو الأضحية المذبوحة في الحج))
فكيف يُعقل هذا؟؟؟
وهل هذا إلاّ تناقض والتأريخ يصدق دعوى أن تشريع الحج حصل في المدينة لافي مكة والسورة(سورة الكوثرمكية))
فما لهم كيف يحكمون؟
/ خامسا/ لو تنزلنا جدلاً بأنّ المقصود من (الكوثر) نهر في الجنة على ماذهب إليه أغلب المفسرين من العامة وجمهور السنة
فما الحكمة من قوله تعالى في ذيل سورة الكوثر((إنّ شانئك هو الأبتر))؟
يعني إنّ معييرك ومبغضك (الحكم بن أبي العاص) هو الذي سيكون منقطع الخير والنسب
وفعلا لم يذكر التاريخ عقبا للإسماء التي إختلف فيها المفسرون في المقصود بشانئك(هل الحكم بن أبي العاص أو عمروبن العاص أوالعاص بن وائل السهمي)
وما وجه مناسبة الذيل في السورة لصدرها ؟
والحال أنّ القرآن الكريم إمتاز بالحكمة والضبط البياني والبلاغي والتنظيمي مما أعجز المشركون عن الإتيان بآية من مثله ؟
ووفقاً للملاحظات المنهجية والموضوعية أعلاه يمكن القول وبقوة إنّ مفهوم الكوثرلاينطبق مصداقيا وعمليا
إلاّ على ذرية محمد/ص/ من فاطمة/ع/ فهم الخيرالكثير والنعمة العظيمة والتي تستحق الشكر عليها عمليا
والقرآن الكريم دائما يُعبّر عن الصالحين من المعصومين بالنعمة وهذا واضح في سورة الفاتحة
((اهدنا الصراط المستقيم *صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين))
/مرتضى علي الحلي /النجف الشرف/
تعليق