/ صرت ارى ملامح التغيير واضحة على معالم تفكيره .. لقد هدأت وتيرة الغضب والعناد واصبح صامتا يبحث عن حقيقته وتستوقفه الكثير من الامور، ربما ليس من صالحي ان اقف عن مسببات التغيير، او ربما تستفزه تلك المواقف فلذلك تركته يدخل نوبات الصمت حتى وصل به الامر لمحادثات مسموعة مع روحه
:ـ ولكن ماذا جرى ؟
من ذلك الذي يكره ان يهديه النبي (ص) هدية عزة وكرامة ؟
هل فعلا هناك اناس يخافون الامآن ؟
سألته:ـ مالأمر ؟
قال :ـ انا الذي جئت اسئلك ..ماذا حدث يا ترى حتى ضلت الامة ؟ انا الذي اسألك يا صديقي ، من الذي حال دون كتابة النبي لكتاب لن نضل بعده ... ..
انا اختلف عنك لكوني احمل تفكيرا يتوائم وجميع القراءات فمثلا احب جميع الصحابة دون استثناء ومتعلق بمحبة بعض الشخصيات التي لاتؤمن انت بسلامة موقفهم .. صدمت ببعض المواقف التي ماكانت على البال مثل رزية الخميس ..
كنت اؤمن بغياب الحقيقة عن مدوناتكم واقول لنفسي ان اكبر مهمة اتحملها امام الله هي مهمة انقاذك من براثن الشيعة ومن فتنة التشيع .. واذا بي اسقط في فلتات المريب ..
&&&&&
/حاولت فعلا ان اتركه لسجيته دون ان اتدخل في سرديات غضبه الجميل وحيرته التي تعني لي اول سلالم التفكير الارتقاء الى مدار ج الحقيقة /
.. في صحيح البخاري يرى عمر بن الخطاب ان النبي يهجر او لنقل غلبه الوجع فلذلك قال ( وحسبنا كتاب الله )
قلت :ـ الا تشعر ان الصحابة قد فهموا ان هناك شيئا سيقترن بكتاب الله شيئا مقارنا له ولذلك قال قائلهم حسبنا كتاب الله .. القضية معروفة يا صاحبي فالرسول (ص) كان يقرن كتاب الله مع اهل بيته عليهم السلام ويوصي الامة باتباعهما
:ـ لكنها حيرة
:ـ ليس في الامر اي حيرة ما دام الله وهب الانسان العقل
قال صديقي مروان :ـ عليك بالصبر قليلا فانا لست ممن ينوي قسر المفاهيم ..
:ـ وانا لست ممن يبحث عن سقط المواقف .. لكننا تعودنا التحاور في بعض الامور فما الذي جعلك تشعر فجأة بالانكسار ؟
/ نظر لي مروان ملتزما الصمت/
قلت :ـ ما هي ميزة رسالة الاسلام عن باقي الرسالات ؟
اجابني :ـ لاشك انها الخاتمة
:ـ ويعني ماذا تحتاج الرسالة الخاتمة لكونها تميزت بالختام ؟
:ـ انها عامة موجهة لجميع الناس .../ وبعد برهة صمت .. / .. فهمت ماذا تقصد .. مادامت هي خاتمة الرسالات فلابد ان تنظر لها السماء نظرة خاصة
:ـ يبدو اننا لأول مرة نتفق .. فلا بد هناك مشروع يحفظ بقاء هذه الرسالة وسلامتها من التحريف النصي الدلالي بعد مكوت صاحبها
قال :ـ هنا سيصحو السؤال المهم
من سيديم مسيرته المباركة ؟ ويعني ماهي حقيقة المشروع الآلهي الذي اعد لهداية الانسان بعد ختم النبوة ..
&&&&
تركته لصمته وكأنه يحاول ان يهضم الموضوع من جميع جوانبه .. ربما هو يحاول ان يجد نقاط الاعتراض والهجوم والتهم مثل كل مرة رغم اني اشعر هادىء مستكين هو يبحث عن حقيقة المعنى هذه المرة ...
قال :ـ اسئلة كبيرة يا صاحبي تشتعل في داخلي براكين هم ... لاادري اين كنت عنها طوال هذه السنوات .. اين كنت عن سؤال جوهري .... ماهو موقف النبي ( ص) من مستقبل الاسلام .. هل اتخذ الترتيبات اللازمة لحفظ رسالته وصان انتشارها ؟
:ـ هل تعلم ان الاجابة على مثل هذه الاسئلة لها تأثير كبير على حياة الانسان
اجابني صديقي :ـ المشكلة اننا ننظر دائما الى الاسلام بما يوافق انتماءاتنا المذهبية .. نحن ما يوافقنا حتى ولو على حساب الحقيقة ..
:ـ الحقيقة ليست بعيدة المنال
:ـ هناك عدة نظريات يتطلب منا ان نقف امامها .. لنستجلي حقيقة الامر فرأي أهل السنة يشير الى موقف النبي من القرآن .. الدستور والمعجزة ..
قلت :ـ يعني ما يشار له الآن يصل بنا الى مسألة مهمة انهم يعطون انطباعا بان النبي (ص) اهمل القرآن
:ـ كتب الحديث ترى ان النبي (ص) وكل امر القرآن الى حفظ الصحابة وجمعهم .. فثقد كان البعض يحفظ مانزل منه والبعض يكتب بعض السور من المصحف .. لكن المصادر لم تذكر عن النبي أي موقف حاسم أعده بشأن جمع القرآن حسب ترتيب نزوله في كتاب خاص
قلت :ـ لقد ذكر الكثير من علمائكم ان القرآن جمع على عهد رسول الله ( ص)
مثلا الزرقاني ، الزركشي ، الباقلاني
قال :ـ لكن هذا القول سيصطدم مع روايات كثيرة تشير الى ان القرآن جمع في زمن الخليفة الاول .. فاذا كان القرآن مجموعا في زمن النبي (ص) لماذا يأمر ابو بكر زيد بن ثابت ليجمعه ..
&&&&&&&
اشعر بان صاحبي مروان يتمنى للحظة ان يقتنع هو بما يقوله اولا .... لكان يشعر بالراحة والهدوء .. لكن اراه يفور وهو يتناقش ويتمنى ان اوضح بعض خفايا شكوكه فيما يؤمن دون ان يشير الي بشيء ,,,,
قال :ـ اخرج البخاري عن زيد بن ثابت ، ارسل ابو بكر بطلب وقال بعد مقتل اهل اليمامة اتاني عمر قائلا :ـ ان القتل استعر بقراء القرآن وأني لأرى ان تأمر بجمع القرآن ... فقال زيد كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله (ص) قال هو والله خير ، فلم يزل ابو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري فتتبعت القرآن اجمعه من جريد النخل الى حجر تحريف يسمى اللخاف ومن صدور الرجال حتى وجدت كمن سورة التوبة مع أبي خزيمة الانصاري فكانت الصحف عند ابي بكر ثم عند عمر ثم عند حفصة بنت عمر ..
قلت :ـ ان بعض الروايات تدعي بان القرآن كتب بشهادة شاهدين .. وهذه تعد اكبر ضربة للقرآن الكريم أي انهم جعلوا القرآن من اخبار الاحاد ..
&&&&
/تزدهر الافكار براسه حتى احسه يريد ان يبكي ، يريد ان يثور على نفسه فهو يحتاج الى شيء يشبه الهروب أو ربما الدخول الى عمق الادراك ليفهم ما يجري فلذلك راح يبحث عن موقف النبي ( ص) من السنة ،
قال :ـ الروايات متضاربة حول موقف النبي من سنته ...
هل يعقل ان النبي (ص) يقول لاتكتبوا عني شيئا الا القرآن فمن كتب عني شيئا غير القرأن ليمحيه .. .. وهذه الرواية اخرجها مسلم ..
قلت :ـ وهناك روايات لمر اجع سنية تؤكد ان النبي أذن بالكتابة كرواية ابن عمر في مستدرك اتلحاكم وفي سند احمد ورواية ابن شاة في صحيح البخاري ...
قال صديقي :ـ ويعني مايرمون اليه جماعتنا يبين ان موقف النبي (ص) من رسالته وحشاه من ذلك يعد موقفا سلبيا ترك القرآن والسنة في صدور الرجال ثم ينهي عن تدوينها
&&&&&&
/ شعرت ان انفعالات صديقي مروان يشوبها روح الحماسة والاندفاع وله رغبة ملحة ترغمه للبوح عن اشياء يتمنى ان يواريها عني وهناك بالمقابل واقع محزن يدفعه ليفرغ امامي كل ما في اعماقه دون حسابات لأي شيء سوى الوصول الى الحقيقة .. ومثل هذه الاحاسيس غريبة عليه فهو تعلم ان يثور على عناد وان يجادل حتى تضيع الحقيقة ومثل هذه الانفعالات كانت تصهر عن طريق زعيق التحاور والعناد .. وهوس المواجهة صرت اتذكر كيف عانيت انا في البداية وكم كنت اعاني عندما اواجه ذاتي بحقيقة تفضح سذاجتي وعنادي القديم فاكتشفت الكثير من الاخطاء
قلت :ـ ان الحيرة تكمن فيما يستجد من حوادث لاحكم فيها لافي الكتاب ولا في السنة ولانجد هناك اي نص بشير الى كيفية التعامل معها ...
النقل الشخصي سيؤدي الى ضياع القرآن واندراس ايآته .. اتعلم ان ابن مسعود قد نكر علينا المعوذتين ... اقرأ فتح الباري 8/604.. وكذلك سيصبح امر السنة ولا ادري كيف سيتم الوقوف بالرواة دون التوثيق
وقال حماد بن زيد .... وضعت الزنادقة على رسول الله (ص) اربعة عشر الف حديث ..
/ ضحك صاحبي /
قلت :ـ ان أبي العرجاء وحده اعترف قبل ان يضرب عنقه لقد وضعت اربعة الاف حديث
قال :ـ كيف سيكون الوضع بعد قرون لاحقة .
قلت :ـ لقد كتب عمر بن عبد العزيز الى عامله في المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أكتب لي احاديث رسول الله فاني خفت دروس العلم وذهاب العلماء
&&&
( رااه ينظر الي بابتسامة ملغومة بالاسئلة /
:ـ الاتشعر ان هناك خلل كبير
:ـ كيف ؟
:ـ العجيب ان عمر بن الخطاب يخاف من ضياع القرآن فيأمر الخليفة بجمعه وعمر بن عبد العزيز يخاف ضياع السنة فيأمر بكتابتها وهذا يعني انهما احرص من النبي على الاسلام !!! هل يجوز هذا الكلام .. ؟!!
/ برهة صمت وعاد ينطر الي وكأنه يطالبني بالكلام /
قلت :ـ يأتي هذا الكلام في وقت يقولون فيه ان النبي (ص) تنبأ بظهور الكثير من الكذابين وحذر منهم وقال ( من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار ) والذي يعرف هذه الحقيقة كيف يريدوني ان اصدق انه اهمل الضمانات التي تصون الامة من الكذب .. قال :ـ اذن اين الخلل؟
قلت :ـ لقد شخص العلماء اهمية تدوين الحديث باعتباره حاجة من حاجات هذه الامة الاساسية وكان لابد من تقييده وتسجيله ونشره ..
قال صديقي بهدوء
:ـ ارجو ان يتسع صدرك لي .. /وسكت ... ثم دوت منه ضحكة مجلجلة /
:ـ ورد في صحيح مسلم عن ابي جريرة قال الا واني اشهد لقد سمعت رسول الله (ص) يقول ( اذا انقطع شسع احدكم فلايمشي في الاخرى حتى يصلحها
جاء هذا في صحيح مسلم باب استحباب لبس النعل في اليمين اولا .... بربك هل يمكن ان يصدق العقل السوي ان النبي (ص) يهتم بانقطاع الشسع ويترك سنته دون توثيق ...
:ـ حمورابي يدون قوانينه والنبي يهملها
:ـ هل حمورابي .... لاحول ولاقوة الا بالله
&&&&&
/ ياصديقي كم حدثتك عن مثل هذه الاحاديث وانت كنت تقول لي
... لقد ترك النبي الكتاب والسنة لكونه يعلم انهما سيجمعان فتركها للامة
:ـ طيب دعني الآن اسأل نفسي أين الدليل ؟
قلت :ـ علينا ان نتذكر ( اليوم أكملت لكم دينكم )
قال :ـ حقا يعني ..أن الدين كامل وجاهز كي ينتشر في ارجاء المعمورة ...
عجيب لمن يقول ان النبي (ص) بين كيفية دخول الحمام وأدابه الاخرى ولم يترك لنا مفتاح التعامل مع كتاب الله
قلت :ـ هناك استنتاج بسيط .. عدم وجود برنامج يحفظ الكتاب والسنة نصا ودلالة مدعاة اخلاق الامة وتفرقها ..
قال :ـ البعض يقول ان هناك القياس وهو مصدر من مصادر التشريع .. وانا اعرف ان العلماء يرجعون الى هذه المصادر لأستنباط احكام المسائل المستحدثة ..
&&&&
المرحلة اتي اجتزتها مع مروان مرحلة صعبة جدا .. لقد قضينا امآسي كثيرة نتحاور فيها ونتجادل دون ان يترك لي المجال لأوضح له بينما اليوم اراه ساكنا هو ينتظر مني ان اضيف لمعلومته شيئا ما ان اضيف لقناعته قناعتي .. ولهذا قررت ان اوضح له المسألة ..
تأمل في قوله تعالى ( انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله )
صاح مروان :ـ استنتاج جميل يعني ان النبي (ص) يحكم بما يريد الله ولم يجعل سبحانه تعالى تحكم بما تراه او بما تقيسه او تستحسنه
:ـ مصادر التشريع في محل خلاف بين العلماء
الحنفية افرطوا في استخدام القياس الحنابلة لم يعتمدوه الا قليلا .. أهل الظاهر قد انكروه اطلاقا وانكر الشافعية الاستحسان فقد ورد عن الشافعي ( من استحسن فقد شرع )
قال :ـ ولو افترضنا قبول القياس والاستحسان فنحن سنحتاج هذه المرة من يعلمنا كيفية تطبيقها عمليا
:ـ وهناك مسألة مهمة .. حيث لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ووقت الحاجة قد تحقق بموت النبي ولم يبين كعالم هذه المصادر ولم يطبق بعض الواد عمليا ..
.