عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" أتي عمر بن الخطاب بجارية قد شهدوا عليها أنها بغت، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل، وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله، فشبت اليتيمة فتخوفت المرأة أن يتزوجها زوجها، فدعت بنسوة حتى أمسكنها فأخذت عذرتها بإصبعها، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة، فأقامت البينة من جاراتها اللاتي ساعدنها على ذلك، فرفع ذلك إلى عمر فلم يدر كيف يقضي فيها، ثم قال للرجل: ائت علي بن أبي طالب واذهب بنا إليه، فأتوا عليا عليه السلام وقصوا عليه القصة، فقال لامرأة الرجل: ألك بينة أو برهان ؟ قالت: لي شهود هؤلاء جاراتي يشهدون عليها بما أقول، وأحضرتهن، فأخرج علي عليه السلام السيف من غمده فطرح بين يديه، وأمر بكل واحدة منهن فادخلت بيتا، ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها فردها إلى البيت الذي كانت فيه، ودعا إحدى الشهود وجثا على ركبتيه، ثم قال: تعرفيني ؟ أنا علي بن أبي طالب، وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت و رجعت إلى الحق، فأعطيتها الامان، وإن لم تصدقيني لامكنن السيف منك فالتفتت إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين الامان على الصدق، فقال لها علي (عليه السلام) فاصدقي، فقالت: لا والله إنها رأت جمالا وهيئة فخافت فساد زوجها.، فسقتها المسكر ودعتنا فأمسكناها، فافتضتها بإصبعها، فقال علي عليه السلام: الله أكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال النبي صلى الله عليه واله ، وألزمهن علي (عليه السلام) بحد القاذف وألزمهن جميعا العقر، وجعل عقرها أربع مائة درهم، وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها، وزوجه الجارية وساق عنه علي (عليه السلام)[المهر] .
فقال عمر: يا أبا الحسن فحدثنا بحديث دانيال (عليه السلام)؟
قال (عليه السلام): إن دانيال كان يتيما لا ام له ولا أب، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان، وكان لهما صديق، وكان رجلا صالحا وكانت له امرأة ذات هيئة جميلة، وكان يأتي الملك فيحدثه، فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض اموره، فقال للقاضيين اختارا رجلا ارسله في بعض اموري فقالا: فلان، فوجهه الملك، فقال الرجل للقاضيين: اوصيكما بامرأتي خيرا، فقالا: نعم، فخرج الرجل،
فكان القاضيان يأتيان باب الصديق، فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت، فقالا لها: والله لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنا، ثم ليرجمنك فقالت: افعلا ما أحببتما،
فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده أنها بغت فدخل الملك من ذلك أمر عظيم واشتد بها غمه، وكان بها معجبا، فقال لهما: إن قولكما مقبول ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيام، ونادى في البلد الذي هو فيه:
احضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت . وإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك، وأكثر الناس في ذلك، وقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا من حيلة ؟
فقال: ما عندي في ذلك من شئ، فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيامها فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه، فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب وقال للصبيان: خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا، وخذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا، ثم دعا بأحدهما فقال له: قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك، بم تشهد ؟ - والوزير قائم يسمع و ينظر - فقال:
أشهد أنها بغت،
قال متى ؟
قال: يوم كذا وكذا
قال: مع من ؟
قال: مع فلان ابن فلان،
قال: وأين ؟
قال: موضع كذا وكذا
قال: ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر، فردوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر، فقال له: بم تشهد ؟
قال: أشهد أنها بغت،
قال: متى ؟
قال: يوم كذا وكذا،
قال: مع من ؟
قال: من فلان ابن فلان،
قال: وأين ؟
قال: موضع كذا وكذا، فخالف صاحبه،
فقال دانيال: الله أكبر شهدا بزور، يا فلان ناد في الناس إنما شهدا على فلانة بزور، فاحضروا قتلهما،
فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر، فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان، فنادى الملك في الناس وأمر بقتلهما "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 40 / ص 309)
" أتي عمر بن الخطاب بجارية قد شهدوا عليها أنها بغت، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل، وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله، فشبت اليتيمة فتخوفت المرأة أن يتزوجها زوجها، فدعت بنسوة حتى أمسكنها فأخذت عذرتها بإصبعها، فلما قدم زوجها من غيبته رمت المرأة اليتيمة بالفاحشة، فأقامت البينة من جاراتها اللاتي ساعدنها على ذلك، فرفع ذلك إلى عمر فلم يدر كيف يقضي فيها، ثم قال للرجل: ائت علي بن أبي طالب واذهب بنا إليه، فأتوا عليا عليه السلام وقصوا عليه القصة، فقال لامرأة الرجل: ألك بينة أو برهان ؟ قالت: لي شهود هؤلاء جاراتي يشهدون عليها بما أقول، وأحضرتهن، فأخرج علي عليه السلام السيف من غمده فطرح بين يديه، وأمر بكل واحدة منهن فادخلت بيتا، ثم دعا امرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها فردها إلى البيت الذي كانت فيه، ودعا إحدى الشهود وجثا على ركبتيه، ثم قال: تعرفيني ؟ أنا علي بن أبي طالب، وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت و رجعت إلى الحق، فأعطيتها الامان، وإن لم تصدقيني لامكنن السيف منك فالتفتت إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين الامان على الصدق، فقال لها علي (عليه السلام) فاصدقي، فقالت: لا والله إنها رأت جمالا وهيئة فخافت فساد زوجها.، فسقتها المسكر ودعتنا فأمسكناها، فافتضتها بإصبعها، فقال علي عليه السلام: الله أكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال النبي صلى الله عليه واله ، وألزمهن علي (عليه السلام) بحد القاذف وألزمهن جميعا العقر، وجعل عقرها أربع مائة درهم، وأمر المرأة أن تنفى من الرجل ويطلقها زوجها، وزوجه الجارية وساق عنه علي (عليه السلام)[المهر] .
فقال عمر: يا أبا الحسن فحدثنا بحديث دانيال (عليه السلام)؟
قال (عليه السلام): إن دانيال كان يتيما لا ام له ولا أب، وإن امرأة من بني إسرائيل عجوزا كبيرة ضمته فربته، وإن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان له قاضيان، وكان لهما صديق، وكان رجلا صالحا وكانت له امرأة ذات هيئة جميلة، وكان يأتي الملك فيحدثه، فاحتاج الملك إلى رجل يبعثه في بعض اموره، فقال للقاضيين اختارا رجلا ارسله في بعض اموري فقالا: فلان، فوجهه الملك، فقال الرجل للقاضيين: اوصيكما بامرأتي خيرا، فقالا: نعم، فخرج الرجل،
فكان القاضيان يأتيان باب الصديق، فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت، فقالا لها: والله لئن لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنا، ثم ليرجمنك فقالت: افعلا ما أحببتما،
فأتيا الملك فأخبراه وشهدا عنده أنها بغت فدخل الملك من ذلك أمر عظيم واشتد بها غمه، وكان بها معجبا، فقال لهما: إن قولكما مقبول ولكن ارجموها بعد ثلاثة أيام، ونادى في البلد الذي هو فيه:
احضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت . وإن القاضيين قد شهدا عليها بذلك، وأكثر الناس في ذلك، وقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا من حيلة ؟
فقال: ما عندي في ذلك من شئ، فخرج الوزير يوم الثالث وهو آخر أيامها فإذا هو بغلمان عراة يلعبون وفيهم دانيال وهو لا يعرفه، فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك وتكون أنت يا فلان العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها، ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب وقال للصبيان: خذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا، وخذوا بيد هذا فنحوه إلى مكان كذا وكذا، ثم دعا بأحدهما فقال له: قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك، بم تشهد ؟ - والوزير قائم يسمع و ينظر - فقال:
أشهد أنها بغت،
قال متى ؟
قال: يوم كذا وكذا
قال: مع من ؟
قال: مع فلان ابن فلان،
قال: وأين ؟
قال: موضع كذا وكذا
قال: ردوه إلى مكانه وهاتوا الآخر، فردوه إلى مكانه وجاؤوا بالآخر، فقال له: بم تشهد ؟
قال: أشهد أنها بغت،
قال: متى ؟
قال: يوم كذا وكذا،
قال: مع من ؟
قال: من فلان ابن فلان،
قال: وأين ؟
قال: موضع كذا وكذا، فخالف صاحبه،
فقال دانيال: الله أكبر شهدا بزور، يا فلان ناد في الناس إنما شهدا على فلانة بزور، فاحضروا قتلهما،
فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره الخبر، فبعث الملك إلى القاضيين فاختلفا كما اختلف الغلامان، فنادى الملك في الناس وأمر بقتلهما "
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - (ج 40 / ص 309)
تعليق