بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد
- ما هو الأمل؟
في معاجم اللّغة: الأمل هو الرجاء، وأكثر إستعماله فيما يُستبعد حصوله، وأمّله: رجاه وترقّبه.
وعلى العكس من الأمل، اليأس، فيئس منه يعني انقطع أمله، وانتفى طعمه فيه فهو يائس.
فلو تأمّلت في كلمة (فيما يستبعد حصوله) لرأيت أنّ الأمل ليس هو الأماني التي لا رصيد لها، ولذلك وصف التمنّي بأنّه رأس مال المفلس، وإنّما الأمل هو استعداد لبذل الجهد من أجل حصول شيء، وشعورٌ يلازم ذلك أنّ مَن سارَ على الدرب وصل، وذلك عبّر عنه الشاعر بقوله:
مَنْ رامَ وصلَ الشّمس حاكَ خيوطها **** سبباً إلى آماله وتعلّقا
أي أنّ صاحب الأمل الذي يريد بلوغ الشمس – وهي كناية عن الآمال العريضة والأهداف الكبيرة – قادرٌ على ذلك إن أراد ذلك، وهذا المعنى مستوحى من الحديث الشريف: "لو تعلّقت همّةُ أحدكُم بالثّريّا لنالها" والثريا نجم في أعالي السماء.
وقد ميّز الإمام جعفر الصادق (ع) بين (الآمال) وبين (الأماني) فقد قيل له: "قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني، كذبوا.. ليسوا براجين، إنّ مَن رجا شيئاً طلبه ومَن خاف من شيء هرب منه".
وانظر إلى قوله: "إنّ مَن رجا شيئاً طلبه".. فالأمل عمل.. وليس كسلاً أو تواكلاً أو أماني مجنّحة أو مجرّدة. لذلك فإنّ يعقوب (ع) الذي كان يعيش الأمل بأصدق معانيه لم يقل لأولاده: إنّ أملي بعودة يوسف وطيد، وسوف يأتي حتى ولو لم أبحث عنه، بل قال: (اذهبوا فتحسّسوا) والذهاب والتحسّس – كما هو معلوم – حركة وفعل وجهد وتنقيب.
وحتى يونس (ع) الذي لم يكن أمامه أيّ مجال للحركة، فهو محاصر في بطن الحوت والظلمة والموت المحقّق، إلّا أنّه قام بحركة وجدانية – إذا صحّ التعبير – فكان يُسبِّح طيلة الوقت ضارعاً إلى الله بالنجاة، ولذلك قال تعالى: (فلولا أنّهُ كانَ مِنَ المُسبِّحين * لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَومِ يُبْعَثُون) (الصافات/ 143-144).
فليس صحيحاً أنّ "الأمل خبز البؤساء" وإنّما هو خبز الأقوياء العاملين، أمّا خبز البؤساء فقد يكون التمنّي.
ولو عدنا إلى معنى اليأس كمفهوم مضاد للأمل، فإنّنا نلاحظ أنّ اليائس ينقطع أمله، وينتفي طمعه في الحصول على شيء، ومعنى ذلك أنّ حركته باتجاه تحصيل ما يريد تتوقف أو تتجمّد أو تنتهي فلا يشعر أنّ الحركة ذات جدوى في بلوغ ما يؤمّل نفسه به.
ومن هنا، فإنّ التعبير السائد بيننا عن عقم المحاولة في تحصيل شيء أو تحقيق أمر بأنّها "محاولة يائسة" ليس دقيقاً، فليست هناك محاولة يائسة. نعم، قد تكون هناك محاولة فاشلة، ويمكن أن تعقبها محاولات تحيل الفشل إلى نجاح.
فوصف المحاولة باليأس وصف غير صحيح، فالمحاولة هي جهد مبذول للوصول إلى هدف معيّن، وإذا لم تنجح، فلتردفها محاولة ثانية وثالثة، فمن طلب شيئاً بلغه، وهل هناك أبعد من الثريا؟ إنّ بإمكاننا أن نصل إليها إذا أردنا، حسب تعبير الحديث الشريف الذي مرّ قبل قليل.
ولعلّ تعبير ذلك الرياضي الذي قال إنّه إذا لم يربح الفوز فإنّه ربح المحاولة، هو تعبير الإنسان المتفائل الذي لا يعرف معنى المحاولة اليائسة.
كما انّنا نتحفّظ على التعبير الدارج في دنيا المرأة من أنّ فلانة قد بلغت سنّ اليأس، أو أنّها يائس، لأنّها بلغت السن التي ينقطع فيها الحيض أو الدورة الشهرية، فقد يكون ذلك من جانب أنّها يئست من الإنجاب فلا يعود بإمكانها أن تنجب بعد اليوم، لكنّه وصف لا نرجّحه، فليس هناك سنّ لليأس طالما أنّ بإمكان الإنسان – رجلاً كان أو إمرأة – أن يجابه الحياة، ويقدِّم لها من عطائه ما يثريها حتى وهو في آخر سني عمره، حتى أنّ هناك الكثير من الرجال والنساء الذين حقّقوا أفضل نجاحاتهم بعد الأربعين وبعد الخمسين بل في السبعينات والثمانينات من أعمارهم.
كما لا يخفى الأثر النفسي لأمثال هذا المصطلح، فحتى لو اقتصر اليأس على الإنجاب، فإنّه سيترك بصمة سوداء على نفس من نطلقه عليها، وقد ينسحب ذلك إلى سائر أنشطة حياتها فيشلّها.
وعلى أيّة حال، فنحن مع الذين يقولون: "عندما لا يبقى لدينا أمل ينبغي أن لا نفقد الأمل"!
وأمّا التفاؤل فهو الاستبشار بقول أو بفعل، وهو وثيق الصلة بالأمل، فالإنسان الآمل وهو يتحرّك باتّجاه أمله يتفاءل بتحقيق الأمل المنشود.
موظوع منقول من احد المواقع الشيعية
اللهم صلى على محمد وال محمد
- ما هو الأمل؟
في معاجم اللّغة: الأمل هو الرجاء، وأكثر إستعماله فيما يُستبعد حصوله، وأمّله: رجاه وترقّبه.
وعلى العكس من الأمل، اليأس، فيئس منه يعني انقطع أمله، وانتفى طعمه فيه فهو يائس.
فلو تأمّلت في كلمة (فيما يستبعد حصوله) لرأيت أنّ الأمل ليس هو الأماني التي لا رصيد لها، ولذلك وصف التمنّي بأنّه رأس مال المفلس، وإنّما الأمل هو استعداد لبذل الجهد من أجل حصول شيء، وشعورٌ يلازم ذلك أنّ مَن سارَ على الدرب وصل، وذلك عبّر عنه الشاعر بقوله:
مَنْ رامَ وصلَ الشّمس حاكَ خيوطها **** سبباً إلى آماله وتعلّقا
أي أنّ صاحب الأمل الذي يريد بلوغ الشمس – وهي كناية عن الآمال العريضة والأهداف الكبيرة – قادرٌ على ذلك إن أراد ذلك، وهذا المعنى مستوحى من الحديث الشريف: "لو تعلّقت همّةُ أحدكُم بالثّريّا لنالها" والثريا نجم في أعالي السماء.
وقد ميّز الإمام جعفر الصادق (ع) بين (الآمال) وبين (الأماني) فقد قيل له: "قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت، فقال: هؤلاء قوم يترجّحون في الأماني، كذبوا.. ليسوا براجين، إنّ مَن رجا شيئاً طلبه ومَن خاف من شيء هرب منه".
وانظر إلى قوله: "إنّ مَن رجا شيئاً طلبه".. فالأمل عمل.. وليس كسلاً أو تواكلاً أو أماني مجنّحة أو مجرّدة. لذلك فإنّ يعقوب (ع) الذي كان يعيش الأمل بأصدق معانيه لم يقل لأولاده: إنّ أملي بعودة يوسف وطيد، وسوف يأتي حتى ولو لم أبحث عنه، بل قال: (اذهبوا فتحسّسوا) والذهاب والتحسّس – كما هو معلوم – حركة وفعل وجهد وتنقيب.
وحتى يونس (ع) الذي لم يكن أمامه أيّ مجال للحركة، فهو محاصر في بطن الحوت والظلمة والموت المحقّق، إلّا أنّه قام بحركة وجدانية – إذا صحّ التعبير – فكان يُسبِّح طيلة الوقت ضارعاً إلى الله بالنجاة، ولذلك قال تعالى: (فلولا أنّهُ كانَ مِنَ المُسبِّحين * لَلَبِثَ في بَطْنِهِ إلى يَومِ يُبْعَثُون) (الصافات/ 143-144).
فليس صحيحاً أنّ "الأمل خبز البؤساء" وإنّما هو خبز الأقوياء العاملين، أمّا خبز البؤساء فقد يكون التمنّي.
ولو عدنا إلى معنى اليأس كمفهوم مضاد للأمل، فإنّنا نلاحظ أنّ اليائس ينقطع أمله، وينتفي طمعه في الحصول على شيء، ومعنى ذلك أنّ حركته باتجاه تحصيل ما يريد تتوقف أو تتجمّد أو تنتهي فلا يشعر أنّ الحركة ذات جدوى في بلوغ ما يؤمّل نفسه به.
ومن هنا، فإنّ التعبير السائد بيننا عن عقم المحاولة في تحصيل شيء أو تحقيق أمر بأنّها "محاولة يائسة" ليس دقيقاً، فليست هناك محاولة يائسة. نعم، قد تكون هناك محاولة فاشلة، ويمكن أن تعقبها محاولات تحيل الفشل إلى نجاح.
فوصف المحاولة باليأس وصف غير صحيح، فالمحاولة هي جهد مبذول للوصول إلى هدف معيّن، وإذا لم تنجح، فلتردفها محاولة ثانية وثالثة، فمن طلب شيئاً بلغه، وهل هناك أبعد من الثريا؟ إنّ بإمكاننا أن نصل إليها إذا أردنا، حسب تعبير الحديث الشريف الذي مرّ قبل قليل.
ولعلّ تعبير ذلك الرياضي الذي قال إنّه إذا لم يربح الفوز فإنّه ربح المحاولة، هو تعبير الإنسان المتفائل الذي لا يعرف معنى المحاولة اليائسة.
كما انّنا نتحفّظ على التعبير الدارج في دنيا المرأة من أنّ فلانة قد بلغت سنّ اليأس، أو أنّها يائس، لأنّها بلغت السن التي ينقطع فيها الحيض أو الدورة الشهرية، فقد يكون ذلك من جانب أنّها يئست من الإنجاب فلا يعود بإمكانها أن تنجب بعد اليوم، لكنّه وصف لا نرجّحه، فليس هناك سنّ لليأس طالما أنّ بإمكان الإنسان – رجلاً كان أو إمرأة – أن يجابه الحياة، ويقدِّم لها من عطائه ما يثريها حتى وهو في آخر سني عمره، حتى أنّ هناك الكثير من الرجال والنساء الذين حقّقوا أفضل نجاحاتهم بعد الأربعين وبعد الخمسين بل في السبعينات والثمانينات من أعمارهم.
كما لا يخفى الأثر النفسي لأمثال هذا المصطلح، فحتى لو اقتصر اليأس على الإنجاب، فإنّه سيترك بصمة سوداء على نفس من نطلقه عليها، وقد ينسحب ذلك إلى سائر أنشطة حياتها فيشلّها.
وعلى أيّة حال، فنحن مع الذين يقولون: "عندما لا يبقى لدينا أمل ينبغي أن لا نفقد الأمل"!
وأمّا التفاؤل فهو الاستبشار بقول أو بفعل، وهو وثيق الصلة بالأمل، فالإنسان الآمل وهو يتحرّك باتّجاه أمله يتفاءل بتحقيق الأمل المنشود.
موظوع منقول من احد المواقع الشيعية
تعليق