لا شك بأن ولادة أمير المؤمنين (عليه السلام) كرامة فريدة من نوعها ولم تحصل لأحد قبله ولاتحصل لأحد بعده ، فقد تشرفت الكعبة المعظمة بأنها أول بقعة أرض استقبلت سيد الأوصياء ، وأبا النجباء .
ورد في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) :
" قال كان العباس بن عبد المطلب و يزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كانت حاملة بأمير المؤمنين (عليه السلام) لتسعة أشهر، و كان يوم التمام، قال فوقفت بإزاء البيت الحرام، و قد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء، و قالت أي رب، إني مؤمنة بك، و بما جاء به من عندك الرسول، و بكل نبي من أنبيائك، و بكل كتاب أنزلته، و إني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، و إنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت و من بناه، و بهذا المولود الذي في أحشائي الذي يكلمني و يؤنسني بحديثه، و أنا موقنة أنه إحدى آياتك و دلائلك لما يسرت علي ولادتي.
قال العباس بن عبد المطلب و يزيد بن قعنب لما تكلمت فاطمة بنت أسد و دعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، و دخلت فاطمة فيه، و غابت عن أبصارنا، ثم عادت الفتحة و التزقت بإذن الله (تعالى)، فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله (تعالى)، و بقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام .
قال وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك، و تتحدث المخدرات في خدورهن .
قال فلما كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة وعلي (عليه السلام) على يديها، ثم قالت :
معاشر الناس، إن الله (عز و جل) اختارني من خلقه، و فضلني على المختارات ممن مضى قبلي، و قد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، ومريم بنت عمران حيث اختارها الله، و يسر عليها ولادة عيسى، فهزت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطبا جنيا، و إن الله (تعالى) اختارني و فضلني عليهما، و على كل من مضى قبلي من نساء العالمين، لأني ولدت في بيته العتيق، و بقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة و أوراقها، فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف و قال يا فاطمة، سميه عليا، فأنا العلي الأعلى، و إني خلقته من قدرتي، و عز جلالي، و قسط عدلي، و اشتققت اسمه من اسمي، و أدبته بأدبي، و فوضت إليه أمري، و وقفته على غامض علمي، وولد في بيتي، و هو أول من يؤذن فوق بيتي، و يكسر الأصنام و يرميها على وجهها، و يعظمني و يمجدني و يهللني، و هو الإمام بعد حبيبي و نبيي و خيرتي من خلقي محمد رسولي، و وصيه ، فطوبى لمن أحبه و نصره، و الويل لمن عصاه و خذله و جحد حقه.
قال فلما رآه أبو طالب سره وقال علي (عليه السلام) السلام عليك يا أبة، و رحمة الله و بركاته. قال ثم دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما دخل اهتز له أمير المؤمنين (عليه السلام) و ضحك في وجهه، و قال السلام عليك، يا رسول الله، و رحمة الله و بركاته. قال ثم تنحنح بإذن الله (تعالى)، و قال »بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ« إلى آخر الآيات. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أفلحوا بك، و قرأ تمام الآيات إلى قوله »أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ« فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنت و الله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، و أنت و الله دليلهم و بك يهتدون. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاطمة اذهبي إلى عمه حمزة فبشريه به. فقالت فإذا خرجت أنا، فمن يرويه قال أنا أرويه. فقالت فاطمة أنت ترويه قال نعم، فوضع رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسانه في فيه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قال فسمي ذلك اليوم يوم التروية، فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من علي (عليه السلام) إلى عنان السماء.
قال ثم شدته و قمطته بقماط فبتر القماط، قال فأخذت فاطمة قماطا جيدا فشدته به فبتر القماط، ثم جعلته في قماطين فبترهما، فجعلته ثلاثة فبترها، فجعلته أربعة أقمطة من رق مصر لصلابته فبترها، فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته فبترها كلها، فجعلته ستة من ديباج و واحدا من الأدم فتمطى فيها فقطعها كلها بإذن الله، ثم قال بعد ذلك يا أمه لا تشدي يدي، فإني أحتاج إلى أن أبصبص لربي بإصبعي.
قال فقال أبو طالب عند ذلك إنه سيكون له شأن و نبأ. قال فلما كان من غد دخل رسول الله )صلى الله عليه و آله( على
فاطمة، فلما بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله) سلم عليه، و ضحك في وجهه، و أشار إليه أن خذني إليك و اسقني مما سقيتني بالأمس. قال فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت فاطمة عرفه و رب الكعبة. قال فلكلام فاطمة، سمي ذلك اليوم يوم عرفة يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلما كان اليوم الثالث، و كان العاشر من ذي الحجة، أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا، و قال هلموا إلى وليمة ابني علي. قال و نحر ثلاث مائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم، و اتخذ وليمة عظيمة، و قال معاشر الناس، ألا من أراد من طعام علي ولدي فهلموا و طوفوا بالبيت سبعا، و ادخلوا و سلموا على ولدي علي فإن الله شرفه، و لفعل أبي طالب شرف يوم النحر "
" قال كان العباس بن عبد المطلب و يزيد بن قعنب جالسين ما بين فريق بني هاشم إلى فريق عبد العزى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كانت حاملة بأمير المؤمنين (عليه السلام) لتسعة أشهر، و كان يوم التمام، قال فوقفت بإزاء البيت الحرام، و قد أخذها الطلق، فرمت بطرفها نحو السماء، و قالت أي رب، إني مؤمنة بك، و بما جاء به من عندك الرسول، و بكل نبي من أنبيائك، و بكل كتاب أنزلته، و إني مصدقة بكلام جدي إبراهيم الخليل، و إنه بنى بيتك العتيق، فأسألك بحق هذا البيت و من بناه، و بهذا المولود الذي في أحشائي الذي يكلمني و يؤنسني بحديثه، و أنا موقنة أنه إحدى آياتك و دلائلك لما يسرت علي ولادتي.
قال العباس بن عبد المطلب و يزيد بن قعنب لما تكلمت فاطمة بنت أسد و دعت بهذا الدعاء، رأينا البيت قد انفتح من ظهره، و دخلت فاطمة فيه، و غابت عن أبصارنا، ثم عادت الفتحة و التزقت بإذن الله (تعالى)، فرمنا أن نفتح الباب ليصل إليها بعض نسائنا، فلم ينفتح الباب، فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله (تعالى)، و بقيت فاطمة في البيت ثلاثة أيام .
قال وأهل مكة يتحدثون بذلك في أفواه السكك، و تتحدث المخدرات في خدورهن .
قال فلما كان بعد ثلاثة أيام انفتح البيت من الموضع الذي كانت دخلت فيه، فخرجت فاطمة وعلي (عليه السلام) على يديها، ثم قالت :
معاشر الناس، إن الله (عز و جل) اختارني من خلقه، و فضلني على المختارات ممن مضى قبلي، و قد اختار الله آسية بنت مزاحم فإنها عبدت الله سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله فيه إلا اضطرارا، ومريم بنت عمران حيث اختارها الله، و يسر عليها ولادة عيسى، فهزت الجذع اليابس من النخلة في فلاة من الأرض حتى تساقط عليها رطبا جنيا، و إن الله (تعالى) اختارني و فضلني عليهما، و على كل من مضى قبلي من نساء العالمين، لأني ولدت في بيته العتيق، و بقيت فيه ثلاثة أيام آكل من ثمار الجنة و أوراقها، فلما أردت أن أخرج وولدي على يدي هتف بي هاتف و قال يا فاطمة، سميه عليا، فأنا العلي الأعلى، و إني خلقته من قدرتي، و عز جلالي، و قسط عدلي، و اشتققت اسمه من اسمي، و أدبته بأدبي، و فوضت إليه أمري، و وقفته على غامض علمي، وولد في بيتي، و هو أول من يؤذن فوق بيتي، و يكسر الأصنام و يرميها على وجهها، و يعظمني و يمجدني و يهللني، و هو الإمام بعد حبيبي و نبيي و خيرتي من خلقي محمد رسولي، و وصيه ، فطوبى لمن أحبه و نصره، و الويل لمن عصاه و خذله و جحد حقه.
قال فلما رآه أبو طالب سره وقال علي (عليه السلام) السلام عليك يا أبة، و رحمة الله و بركاته. قال ثم دخل رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فلما دخل اهتز له أمير المؤمنين (عليه السلام) و ضحك في وجهه، و قال السلام عليك، يا رسول الله، و رحمة الله و بركاته. قال ثم تنحنح بإذن الله (تعالى)، و قال »بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ« إلى آخر الآيات. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) قد أفلحوا بك، و قرأ تمام الآيات إلى قوله »أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ« فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله) أنت و الله أميرهم، تميرهم من علومك فيمتارون، و أنت و الله دليلهم و بك يهتدون. ثم قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) لفاطمة اذهبي إلى عمه حمزة فبشريه به. فقالت فإذا خرجت أنا، فمن يرويه قال أنا أرويه. فقالت فاطمة أنت ترويه قال نعم، فوضع رسول الله (صلى الله عليه و آله) لسانه في فيه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قال فسمي ذلك اليوم يوم التروية، فلما أن رجعت فاطمة بنت أسد رأت نورا قد ارتفع من علي (عليه السلام) إلى عنان السماء.
قال ثم شدته و قمطته بقماط فبتر القماط، قال فأخذت فاطمة قماطا جيدا فشدته به فبتر القماط، ثم جعلته في قماطين فبترهما، فجعلته ثلاثة فبترها، فجعلته أربعة أقمطة من رق مصر لصلابته فبترها، فجعلته خمسة أقمطة ديباج لصلابته فبترها كلها، فجعلته ستة من ديباج و واحدا من الأدم فتمطى فيها فقطعها كلها بإذن الله، ثم قال بعد ذلك يا أمه لا تشدي يدي، فإني أحتاج إلى أن أبصبص لربي بإصبعي.
قال فقال أبو طالب عند ذلك إنه سيكون له شأن و نبأ. قال فلما كان من غد دخل رسول الله )صلى الله عليه و آله( على
فاطمة، فلما بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله) سلم عليه، و ضحك في وجهه، و أشار إليه أن خذني إليك و اسقني مما سقيتني بالأمس. قال فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالت فاطمة عرفه و رب الكعبة. قال فلكلام فاطمة، سمي ذلك اليوم يوم عرفة يعني أن أمير المؤمنين (عليه السلام) عرف رسول الله (صلى الله عليه و آله) فلما كان اليوم الثالث، و كان العاشر من ذي الحجة، أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا، و قال هلموا إلى وليمة ابني علي. قال و نحر ثلاث مائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم، و اتخذ وليمة عظيمة، و قال معاشر الناس، ألا من أراد من طعام علي ولدي فهلموا و طوفوا بالبيت سبعا، و ادخلوا و سلموا على ولدي علي فإن الله شرفه، و لفعل أبي طالب شرف يوم النحر "
وكذلك ذكر هذا الخبر العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار (ج 35 / ص 39) ، ثم علّق عليه فقال :
بيان: لا يخفى مخالفة هذا الخبر لما مر من التواريخ، ويمكن حمله على النسئ (2) الذي كانت قريش ابتدعوه في الجاهلية، بأن يكون ولادته عليه السلام في رجب أو شعبان، وهم أوقعوا الحج في تلك السنة في أحدهما
بيان: لا يخفى مخالفة هذا الخبر لما مر من التواريخ، ويمكن حمله على النسئ (2) الذي كانت قريش ابتدعوه في الجاهلية، بأن يكون ولادته عليه السلام في رجب أو شعبان، وهم أوقعوا الحج في تلك السنة في أحدهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأمالي للطوسي ص : 707
(2) بأن يكون ولادته عليه السلام في رجب والمشركون أيضا أوقعوا الحج في تلك السنة فيه لاجل النسئ، فصار ولادته عليه السلام في أيام الحج الذي ابتدعوه لا في ذى الحجة واقعا .
تعليق