ا
قال الله تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾(الشمس:7ـ8).
يوجد في باطن كل فرد ميول كامنة لكل منها دور مستقل في تحقيق سعادة الانسان. إن تنمية كل واحد من الميول الطبيعية بالصورة العادلة والصحيحة بمنزلة نمو فرع من فروع شجرة السعادة، وإن خنق كل واحدة من الغرائز وكبتها معناه القيام بخطوة في سبيل الشقاء والانحراف فعلى القائمين بالتربية ترتيب المناهج التربوية منذ البداية على أساس الغرائز الطبيعية والادراكات الفطرية للأطفال، فإن التربية التي تعتمد على أساس الفطرة تكون ثابتة ورصينة.
الوجدان
الوجدان عبارة عن القوة المدركة في النفس الانسانية، والوجدانيات هي الحقائق التي يدركها الوجدان. ولا بد من الاستفادة من القوتين الفطريتين (الوجدانين الطبيعيين) في عمليات التربية الايمانية والاخلاقية وهما: فطرة المعرفة. والأخرى: فطرة تمييز الخير من الشر، وتسمى الأولى بالوجدان التوحيدي، والثانية بالوجدان الأخلاقي.
الوجدان التوحيدي: هو إدراك جميع الشعوب والأمم من أي طبقة كانوا بفطرتهم الطبيعية ووجدانهم الباطني أن هناك قوة لا محدودة وقدرة عظيمة غير خاضعة للتغيرات تسيطر على هذا الكون. تلك الحقيقة المجهولة التي يدركها كل انسان هي الله تعالى، وتلك القوة المدركة الموجودة في باطن كل فرد، والتي تدلنا على هذه الحقيقة هي الوجدان التوحيدي.
أما الوجدان الأخلاقي: فهو عبارة عن القوة المدركة المودعة في باطن كل فرد، والتي تميز الخير من الشر. وبعبارة أخرى: يوجد في باطن جميع الأفراد من مختلف الشعوب والأقوام (الآسيويين، والأوربيين، الافريقيين والامريكان، البيض، والسود، الرجال والنساء، المؤمنين والملحدين) قوة مدركة مستترة يستطيعون بها إدراك كثيرمن الأمور الصالحة والفاسدة من دون حاجة إلى معلم أو مرب، أو كتاب أو مدرسة... هذه القوة المدركة تسمى عند علماء النفس بالوجدان الأخلاقي.
محكمة الوجدان
يمكن تمثيل الوجدان الأخلاقي بقاض حاذق وقوي يحاكم صاحبه عند ارتكابه جريمة ويحكمه، ويجازيه على أعماله السيئة بالضربات المؤلمة التي يوجهها على روحه وأعصابه.
لا توجد في العالم محكمة تضاهي محكمة الوجدان في قوتها وحريتها فالمجرم مهما كان قوياً فانه ضعيف وعاجز أمام قاضي الوجدان، ولا يستطيع أن يهرب من عقوبات محكمة الوجدان بأي وسيلة أصلاً.
للجنون أو الأمراض النفسية والعصبية عوامل مختلفة، وإن مما لا شك فيه أن من تلك العوامل الضربات الداخلية والضغط الشديد للوجدان. إن الوجدان الأخلاقي يسلب المجرم إستقراره وراحته، ويقض عليه مضجعه ويجعل الحياة أمام عينيه سجناً لا يطاق، فالاحساس بالخيانة والاجرام يلتهب في باطن المجرم كشعلة متوهجة تحرق روحه وجسمه.
وقد يكون أثر العقوبات الوجدانية في إيجاد الاختلالات النفسية شديداً ومعقداً إلى درجة أنه لا يستطيع أي طبيب نفساني مهما كان حاذقاً أن يعالجه ويعيد للمريض حالته الاعتيادية السابقة. إن المحكومين أمام قاضي الوجدان والمصابين ببعض الأمراض النفسية، أو الجنون من جراء الضغط الداخلي، يكونون في حالة خطرة جداً فقد يقومون ببعض الجرائم الكبيرة ويقودون المجتمع إلى مجموعة هائلة من المآسي والمشاكل.
"من الاختلافات الجوهرية بين الانسان والحيوان المفترس أن الحيوان المفترس يستولي على فريسته بهدوء ويأكلها ثم يرتاح لهذا العمل ويتلذذ به، في حين أن الانسان إذا قتل أحد أبناء جنسه يقع في خوف وألم شديدين. وحيث لا يستطيع أن يطرد هذا الخوف والألم من نفسه يتشبث لاثبات حقانيته بالتهم الكاذبة فيلصقها بضحيته ومن دون أن يحس أنه قد صار بصورة متهم يدافع عن نفسه باستمرار، ويتحامل على الأفراد الآخرين الذين يحتمل أن يلوموه على أفعاله، وبهذه الصورة فان الخطيئة الأولى لا يقف أثرها على إيجاد الاختلالات العظيمة في مرتكبها، بل انها تجر وراءها سلسلة من الجرائم الجديدة والفظيعة التي ترتبط بتألم الوجدان الاخلاقي والإحساس بالحقارة".
"ولأجل الوجدان الأخلاقي هذا، الذي لا مفر من لومه وعذابه، يكون الانسان أكثر توحشاً من الحيوان المفترس. هذه المخاوف ليست من آثار غريزة الهجوم بل انها دليل صادق على قوة الوجدان الأخلاقي عند الانسان، تلك القوة التي لا تقبل الانكسار والغلبة"1.
قد يمكن أن تطوى أسرار جريمة ما، ولا تفتح إضبارة للمجرم في المحاكم القضائية، أو يغفل المجرم القاضي ويمسخ القضية، أو يتهم شخصاً بريئاً في مكانه ويحفظ نفسه من العقاب... ولكن لا يمكن إغفال قاضي الوجدان ولا يستطيع المجرم بأي حيلة أن يبرئ نفسه في محكمة الوجدان على خلاف الواقع.
إن الوجدان الأخلاقي يحاكم المجرم بأشد ما لديه من قوة ودقة ويتغلب عليه، فهو في الغرفة التي يختلي فيها، والفراش الذي يأوي إليه، وفي المكان الذي لا يراقبه أحد يتلوى كالسليم، ويجد عقابه على أعماله السيئة من هذا الطريق.
قال الله تعالى: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾(الشمس:7ـ8).
يوجد في باطن كل فرد ميول كامنة لكل منها دور مستقل في تحقيق سعادة الانسان. إن تنمية كل واحد من الميول الطبيعية بالصورة العادلة والصحيحة بمنزلة نمو فرع من فروع شجرة السعادة، وإن خنق كل واحدة من الغرائز وكبتها معناه القيام بخطوة في سبيل الشقاء والانحراف فعلى القائمين بالتربية ترتيب المناهج التربوية منذ البداية على أساس الغرائز الطبيعية والادراكات الفطرية للأطفال، فإن التربية التي تعتمد على أساس الفطرة تكون ثابتة ورصينة.
الوجدان
الوجدان عبارة عن القوة المدركة في النفس الانسانية، والوجدانيات هي الحقائق التي يدركها الوجدان. ولا بد من الاستفادة من القوتين الفطريتين (الوجدانين الطبيعيين) في عمليات التربية الايمانية والاخلاقية وهما: فطرة المعرفة. والأخرى: فطرة تمييز الخير من الشر، وتسمى الأولى بالوجدان التوحيدي، والثانية بالوجدان الأخلاقي.
الوجدان التوحيدي: هو إدراك جميع الشعوب والأمم من أي طبقة كانوا بفطرتهم الطبيعية ووجدانهم الباطني أن هناك قوة لا محدودة وقدرة عظيمة غير خاضعة للتغيرات تسيطر على هذا الكون. تلك الحقيقة المجهولة التي يدركها كل انسان هي الله تعالى، وتلك القوة المدركة الموجودة في باطن كل فرد، والتي تدلنا على هذه الحقيقة هي الوجدان التوحيدي.
أما الوجدان الأخلاقي: فهو عبارة عن القوة المدركة المودعة في باطن كل فرد، والتي تميز الخير من الشر. وبعبارة أخرى: يوجد في باطن جميع الأفراد من مختلف الشعوب والأقوام (الآسيويين، والأوربيين، الافريقيين والامريكان، البيض، والسود، الرجال والنساء، المؤمنين والملحدين) قوة مدركة مستترة يستطيعون بها إدراك كثيرمن الأمور الصالحة والفاسدة من دون حاجة إلى معلم أو مرب، أو كتاب أو مدرسة... هذه القوة المدركة تسمى عند علماء النفس بالوجدان الأخلاقي.
محكمة الوجدان
يمكن تمثيل الوجدان الأخلاقي بقاض حاذق وقوي يحاكم صاحبه عند ارتكابه جريمة ويحكمه، ويجازيه على أعماله السيئة بالضربات المؤلمة التي يوجهها على روحه وأعصابه.
لا توجد في العالم محكمة تضاهي محكمة الوجدان في قوتها وحريتها فالمجرم مهما كان قوياً فانه ضعيف وعاجز أمام قاضي الوجدان، ولا يستطيع أن يهرب من عقوبات محكمة الوجدان بأي وسيلة أصلاً.
للجنون أو الأمراض النفسية والعصبية عوامل مختلفة، وإن مما لا شك فيه أن من تلك العوامل الضربات الداخلية والضغط الشديد للوجدان. إن الوجدان الأخلاقي يسلب المجرم إستقراره وراحته، ويقض عليه مضجعه ويجعل الحياة أمام عينيه سجناً لا يطاق، فالاحساس بالخيانة والاجرام يلتهب في باطن المجرم كشعلة متوهجة تحرق روحه وجسمه.
وقد يكون أثر العقوبات الوجدانية في إيجاد الاختلالات النفسية شديداً ومعقداً إلى درجة أنه لا يستطيع أي طبيب نفساني مهما كان حاذقاً أن يعالجه ويعيد للمريض حالته الاعتيادية السابقة. إن المحكومين أمام قاضي الوجدان والمصابين ببعض الأمراض النفسية، أو الجنون من جراء الضغط الداخلي، يكونون في حالة خطرة جداً فقد يقومون ببعض الجرائم الكبيرة ويقودون المجتمع إلى مجموعة هائلة من المآسي والمشاكل.
"من الاختلافات الجوهرية بين الانسان والحيوان المفترس أن الحيوان المفترس يستولي على فريسته بهدوء ويأكلها ثم يرتاح لهذا العمل ويتلذذ به، في حين أن الانسان إذا قتل أحد أبناء جنسه يقع في خوف وألم شديدين. وحيث لا يستطيع أن يطرد هذا الخوف والألم من نفسه يتشبث لاثبات حقانيته بالتهم الكاذبة فيلصقها بضحيته ومن دون أن يحس أنه قد صار بصورة متهم يدافع عن نفسه باستمرار، ويتحامل على الأفراد الآخرين الذين يحتمل أن يلوموه على أفعاله، وبهذه الصورة فان الخطيئة الأولى لا يقف أثرها على إيجاد الاختلالات العظيمة في مرتكبها، بل انها تجر وراءها سلسلة من الجرائم الجديدة والفظيعة التي ترتبط بتألم الوجدان الاخلاقي والإحساس بالحقارة".
"ولأجل الوجدان الأخلاقي هذا، الذي لا مفر من لومه وعذابه، يكون الانسان أكثر توحشاً من الحيوان المفترس. هذه المخاوف ليست من آثار غريزة الهجوم بل انها دليل صادق على قوة الوجدان الأخلاقي عند الانسان، تلك القوة التي لا تقبل الانكسار والغلبة"1.
قد يمكن أن تطوى أسرار جريمة ما، ولا تفتح إضبارة للمجرم في المحاكم القضائية، أو يغفل المجرم القاضي ويمسخ القضية، أو يتهم شخصاً بريئاً في مكانه ويحفظ نفسه من العقاب... ولكن لا يمكن إغفال قاضي الوجدان ولا يستطيع المجرم بأي حيلة أن يبرئ نفسه في محكمة الوجدان على خلاف الواقع.
إن الوجدان الأخلاقي يحاكم المجرم بأشد ما لديه من قوة ودقة ويتغلب عليه، فهو في الغرفة التي يختلي فيها، والفراش الذي يأوي إليه، وفي المكان الذي لا يراقبه أحد يتلوى كالسليم، ويجد عقابه على أعماله السيئة من هذا الطريق.
تعليق