مشيئة الله في خلقه
كان جدي قد بلغ من الكبر عتياً.. وقد تكالبت عليه مختلف الأمراض ، ضعف بصره وسمعه مع مرور الأيام بل وفقد السيطرة حتى على خطواته ..أشتد المرض عليه يوماً فعاده بعض أقاربه وكان منهم الحاج (أبو حسن) وهو أحد أبناء عمومته .. وعندما أنهى زيارته وأراد الانصراف توجه إلى جدي وقبّله على جبينه وخاطبه قائلاً (( أبو جاسم ..رحم الله والديك ما شفنا منك غير الخير ، أبري ألنا الذمة ، هذا حال الدنيا والله أرحم الراحمين)) .. أجابه جدي ((مبري ألف ذمة)) .. ومرت الأزمة المرضية بسلام وتعافى جدي بحمد الله .. ومرت بضع سنوات على تلك الحادثة ، وفي يوم سمعت أن الحاج (أبو حسن) قد مرض مرضاً شديداَ وفي غضون أيام كان قد وصل إلى حد الاحتضار.. حتى شاء الله أن يتوفاه في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، لما تناهي إلى سمعي خبر وفاته كنت جالساً بين أهلي قرب جدي ..قلت سبحان الله .. سبحان الله .. سبحان الله هكذا هي الأقدار وهذه مشيئة الله في خلقه وذكـَّرتهم بما قاله الحاج (أبو حسن) قبل سنوات عندما عاد جدي في مرضه ..وصدق الله تعالى : (( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت)) ورحم الله القائل :
تؤمل في الدنيا كثيراً ولا تدري ****** إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ
فكم من صحيح مات من غير علَّةٍ***** وكم من عليلٍ عاش حيناً من الدهرِ
وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً ****** وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري
صادق مهدي حسن
تعليق