اجتنابُ الوقوف
أمام المرايا حذرٌ واجبٌ
كي لا ترى العينُ تلك الغضون
ولا تتحسسُ الهلعَ
الذي كان مريراً
وما أخشاه
أن ترى تلك المقابر الجماعية
أو ترى جمعَ السجون
أو ترى أكوامَ دمٍ منثورةٍ في الحنايا
فعليكِ أن تحذري
رعشةَ الذبولِ في مكر قصيدة
قد تمرقُ بين متاهاتِ الفتنةِ
وقتل العمدِ
بالرموش الصناعية والعيون
وأن تدركي اسئلةً
ستورقُ دهشتها
لأنين أغصانٍ فقدتها الصّبايا
وأن تدركي ما معنى تلك المدن
التي كانت تبوحُ بالأنين وأن تدركي زهوَ قرى نائيةٍ موغلةٍ حتى بياض الإبط بالحنين
وأن تدركي جرحَ
ذاكرتي التي لم تنَمْ
إلاّ على وجعِ الفقراء
ودم الشهداءِ
والصباحات المذبوحةِ
في عيني سجين
وأن تدركي وجعَ الطفولةِ
حين يشمخُ يتمَها
في عتمات السجون
وأن تدركي حزنَ
أرملةٍ حاكت
لتخيط ثوبَ ثكلها
هي هكذا، تخيطُ ثوب ثكلها
بين ركبِ السبايا
يا صرخةً تغازلُ الجرحَ
بالدم والعبرات
أيتها المُترفة ..حدَّ الخنوع
يا ضجيعةَ الاستفهام
في فنادقِ العثرات
يا فجيعةَ الحرف
حين يخون
اجتنابَ الوقوفِ أمام لعنةِ المرايا حذرٌ واجب
كي لاترى العينُ
يقظة الجياعِ الضليعة بالنّحيب،
لا يستوقفها مشهدَ مليون
أمٍّ ضعيفة .. نحيفةٍ عجوز ،
تبكي الى الآن وحيدها الغريب
وما أخشاه
أن تستفزّي أفئدةَ
اليتامى
والعطاشا
والعرايا
فعليك أن تحذري
طوفانَ أسئلةٍ لا تنام
وأن تدركي
كم من الأيادي لثمتها
شفتاكِ تحت ظلالِ المديح
وأن تدركي معاناة (فدعة)
وهي
تعانقُ كل يومٍ
وكل ساعةٍ
وكل لحظة
نخلةً تطيح
وأن تدركي حزنَ عصافير
تبكي
كلما عانقت نخلةً بلا رأس
وان تدركي ضيمَ
( درابين) عتيقة
ستفتح قبرَ الجرحِ وتسأل
....كم خنت ؟
وكم مرةٍ دست
على أنف هذا الوطن الجريح ؟
أنا أدري أنّ مراسيم
دفن الذنوبِ مؤلمةٌ
ووطن الرضيع
الذي ذبحوه
امام عينيك الفَ مرةٍ
والله ما زال يستغيث
وأنا أدري
أنّكِ ما عرفتِ سوى التجنّي
فقبّلتِ اقدامَ الرماح
السود الحاقدات
وهجوتِ عُنوة ً
كرامةَ الذبيح،
عذراً سيدتي
أنا لا أحمل حجراً
لأرجمَ به الخطايا
لكني أبكي وطناً
يجوعُ أحراره
وتشبع فيه البغايا
تعليق