- ما هو الحرام؟
الحرام ما كان فعله محظوراً بحكم الشرع أو بحكم العقل، وهو ممنوع لمصلحة وحكمة، والحرام والمحرمة من المنطقة الحرام التي لا يجوز اقتحامها أو التسلُّل إليها أو اختراقها تحت أي ذريعة، فهي محميّة، مصونة وممنوعة أيضاً، والحرام شرعاً: كلُّ ما نهى عنه الشارع (أي الله تبارك وتعالى) في كتابه الكريم أو على لسان نبيّه الكريم، وهو ملكٌ خاصّ بالله وحده، كما هو الحلال، فلا يجوز لأي إنسان – مهما كان – أن يُحرِّم في قبال تحريم الله تعالى، فالحرام ما حرَّمه الله عزّوجلّ وهو يشمل كل ما أقرّ العقلُ بقبحه واستهجانه.
ومن الطريف أن فكرة الحرام ارتبطت في ذهن الإنسان منذ البداية بالتبعات التي تلحق بمرتكبه، فلقد كان الإنسان في بعض مراحل حياته يرى أنّ مخالفة المحظور أو الممنوع تسبب له (العمى) أو (المرض) أو (الموت)، كما كان الإعتقاد السائد لدى بعض الشعوب أنّ قتل بعض الحيوانات، أو قطع بعض الأشجار، يُلحق بهم بلاءً عظيماً.
إنّ روح الحرام وغايته ليس المنع لمجرّد المنع، أو الحرمان لأجل الحرمان، وإنّما هو لأجل حماية الإنسان من الضرر أو الخطر المحيط أو الداهم، بل وحمايته من نفسه في بعض الأحيان لأنّ الإنسان (جهول) وناقص المعرفة وقصير النظر مهما أوتي من ثقافة.
ومن دلائل محدودية المعرفة البشريّة، قوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم/ 7).
ويقول جلّ جلاله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 216).
ويقول عزّوجلّ: (.. آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا...) (النساء/ 11).
ويقول سبحانه: (.. فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء/ 19).
فالحرام حمى وحماية وسياج ووقاية وتحصين، ولذلك سُمِّي (البيت الحرام) كذلك ليحرم فيه العدوان، وليكون وقاية وأمناً.
وسُمِّي (الشهر الحرام) حتى لا تراق فيه الدماء فيكون محترماً من قبل الأطراف المتصارعة والمتحاربة، وليكون محطّة سلام ومراجعة حقناً للدماء.
وسُمِّي الحاج الذي يرتدي ثوبي الإحرام (مُحرماً) لأنّه لا يجوز له مخالفة عدد من الممنوعات التي تحرم عليه حرمة مؤقتة، لكي يعيش أو يخلق جوّاً آمناً من حوله، ومناخاً للسلامة خالياً من التعدّيات والتجاوزات والأنانيات الضيِّقة.
وسُمِّيت (المحارم) من النساء محارماً لأنّه لا يجوز الزواج أو الإقتران بهنّ بشهوة الجسد، للقرابة القريبة التي يعيشها الإنسان منهنّ، فكأنّ العلاقة القريبة مع أي محرم من محارمك تترفّع أو تتنزّه عن أن تكون علاقة جسد بجسد، وإنّما هي حرمة لتعيش مع الأُم والأخت والعمّة والخالة حالة من الطهارة النفسيّة، أو العلاقة الروحية المجرّدة عن الشهوة الجسدية.
وأمّا محارم الله وحرماته، فإنّما عُظّمت واكتسبت تسمية حرمات لأنّها تُنظِّم للحياة أسلوبها الراقي فيما هو مسموح وما هو ممنوع، وما هو مسؤولية.
والحرام بلغة إشارات المرور هو (الخط الأحمر) أو (الضوء الأحمر) الذي يُمثِّل (الوقوف) و(الإحجام) و(الإمتناع) و(الرفض) لأجل السلامة الخاصة، ولأجل السلامة العامة أيضاً.
ولذلك ارتبط مفهوم الحرام بمفاهيم (الوقاية) و(التحصين) و(السلامة) و(المناعة) و(الرفض) و(المفسدة).
- مساحتا الحلال والحرام:
بأيّ مقياس تشاء، فإنّ مساحة الحلال في حياتك أوسع بكثير من مساحة الحرام لدرجة إنعدام المقارنة، فما هو مباح ومسموح وجائز لك يكاد يستغرق أكثر من ثلاثة أرباع الحياة.
أمّا المساحة الضيِّقة المتبقية، ونعني مساحة المحرّمات، فهي موجودة أو موضوعة لخدمة الثلاثة أرباع المذكورة، فلكي تكون الحرِّية هانئة غير منغّصة، كان لابدّ من إجراءات أمنيّة مشدّدة تقي مكاسب الحلال من سطوة الحرام وشهوته وعدوانه وظلمه وظلامه.
إنّ إشارة الضوء الأحمر حينما تشتعل فيقف صف أو طابور من السيارات إحتراماً لها، تحقق للمسارات المسموح لها حرِّية الحركة، نافيةً أي قلق من إحتمال إلإعاقة أو العرقلة أو الإرباك، فالحرِّية من غير وقاية تصبح مهددة وفي خطر.
وعلى هذا فليس غريباً أن تكون المحرّمات محددة ومحدودة، فيما جناح الحلال مبسوط يرفرف على حقول الحياة.
إنّنا، وليس آدم (ع) وحده، في جنّة أشجارها كلّها مباحة للأكل والتمتُّع بثمارها اللذيذة، ما عدا أشجار معدودات أو شجيرات منعنا من الإقتراب منها ربّما، كما نلاحظ في حياتنا اليومية لافتات من قبيل: (لا تلمس)، (لا تدخل)، (لا تُدخِّن)، (لا تصوِّر)، (ممنوع الوقوف)، (السباحة هنا ممنوعة)، (الصيد ممنوع)، (ممنوع التجوّل).. إلخ.
إنّ زاوية ضيِّقة في الجنة الفسيحة المترامية الأطراف لن تضرّني بشيء، إنّها لا تُهدِّد ولا تُقيِّد حرِّيتي الواسعة بسعة الجنّة.
إنّ مساحة الإباحة في حياتنا يمكن قياسها على ضوء القاعدة الفقهيّة التي تقول: "كلّ شيء لك حلال حتى تعلم حرمته".
فأنت تنطلق في سيارتك في الرحاب المفتوحة الشاسعة، والضوء الأحمر ليس كبحاً أو خنقاً لحرِّية سيرك، إنّه تنظيم وتقنين لها مخافة أن تتعرّض حرِّيتك للخطر، أو أن تفقدها إلى الأبد.
وإذا عرفت أنّ كلّ ما حرِّم عليك، قد أعدّ الله لك بديله، اكتشفت أنّ مساحة الحلال والمسموح والجائز في حياتك أوسع من أن تتصوّرها.
إنّ كل ما هو مفيد وطيِّب وطاهر فهو حلال، وكل هو مؤذٍ وضار وخبيث فهو حرام، قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف/ 32-33).
الحرام ما كان فعله محظوراً بحكم الشرع أو بحكم العقل، وهو ممنوع لمصلحة وحكمة، والحرام والمحرمة من المنطقة الحرام التي لا يجوز اقتحامها أو التسلُّل إليها أو اختراقها تحت أي ذريعة، فهي محميّة، مصونة وممنوعة أيضاً، والحرام شرعاً: كلُّ ما نهى عنه الشارع (أي الله تبارك وتعالى) في كتابه الكريم أو على لسان نبيّه الكريم، وهو ملكٌ خاصّ بالله وحده، كما هو الحلال، فلا يجوز لأي إنسان – مهما كان – أن يُحرِّم في قبال تحريم الله تعالى، فالحرام ما حرَّمه الله عزّوجلّ وهو يشمل كل ما أقرّ العقلُ بقبحه واستهجانه.
ومن الطريف أن فكرة الحرام ارتبطت في ذهن الإنسان منذ البداية بالتبعات التي تلحق بمرتكبه، فلقد كان الإنسان في بعض مراحل حياته يرى أنّ مخالفة المحظور أو الممنوع تسبب له (العمى) أو (المرض) أو (الموت)، كما كان الإعتقاد السائد لدى بعض الشعوب أنّ قتل بعض الحيوانات، أو قطع بعض الأشجار، يُلحق بهم بلاءً عظيماً.
إنّ روح الحرام وغايته ليس المنع لمجرّد المنع، أو الحرمان لأجل الحرمان، وإنّما هو لأجل حماية الإنسان من الضرر أو الخطر المحيط أو الداهم، بل وحمايته من نفسه في بعض الأحيان لأنّ الإنسان (جهول) وناقص المعرفة وقصير النظر مهما أوتي من ثقافة.
ومن دلائل محدودية المعرفة البشريّة، قوله تعالى: (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) (الروم/ 7).
ويقول جلّ جلاله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة/ 216).
ويقول عزّوجلّ: (.. آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا...) (النساء/ 11).
ويقول سبحانه: (.. فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) (النساء/ 19).
فالحرام حمى وحماية وسياج ووقاية وتحصين، ولذلك سُمِّي (البيت الحرام) كذلك ليحرم فيه العدوان، وليكون وقاية وأمناً.
وسُمِّي (الشهر الحرام) حتى لا تراق فيه الدماء فيكون محترماً من قبل الأطراف المتصارعة والمتحاربة، وليكون محطّة سلام ومراجعة حقناً للدماء.
وسُمِّي الحاج الذي يرتدي ثوبي الإحرام (مُحرماً) لأنّه لا يجوز له مخالفة عدد من الممنوعات التي تحرم عليه حرمة مؤقتة، لكي يعيش أو يخلق جوّاً آمناً من حوله، ومناخاً للسلامة خالياً من التعدّيات والتجاوزات والأنانيات الضيِّقة.
وسُمِّيت (المحارم) من النساء محارماً لأنّه لا يجوز الزواج أو الإقتران بهنّ بشهوة الجسد، للقرابة القريبة التي يعيشها الإنسان منهنّ، فكأنّ العلاقة القريبة مع أي محرم من محارمك تترفّع أو تتنزّه عن أن تكون علاقة جسد بجسد، وإنّما هي حرمة لتعيش مع الأُم والأخت والعمّة والخالة حالة من الطهارة النفسيّة، أو العلاقة الروحية المجرّدة عن الشهوة الجسدية.
وأمّا محارم الله وحرماته، فإنّما عُظّمت واكتسبت تسمية حرمات لأنّها تُنظِّم للحياة أسلوبها الراقي فيما هو مسموح وما هو ممنوع، وما هو مسؤولية.
والحرام بلغة إشارات المرور هو (الخط الأحمر) أو (الضوء الأحمر) الذي يُمثِّل (الوقوف) و(الإحجام) و(الإمتناع) و(الرفض) لأجل السلامة الخاصة، ولأجل السلامة العامة أيضاً.
ولذلك ارتبط مفهوم الحرام بمفاهيم (الوقاية) و(التحصين) و(السلامة) و(المناعة) و(الرفض) و(المفسدة).
- مساحتا الحلال والحرام:
بأيّ مقياس تشاء، فإنّ مساحة الحلال في حياتك أوسع بكثير من مساحة الحرام لدرجة إنعدام المقارنة، فما هو مباح ومسموح وجائز لك يكاد يستغرق أكثر من ثلاثة أرباع الحياة.
أمّا المساحة الضيِّقة المتبقية، ونعني مساحة المحرّمات، فهي موجودة أو موضوعة لخدمة الثلاثة أرباع المذكورة، فلكي تكون الحرِّية هانئة غير منغّصة، كان لابدّ من إجراءات أمنيّة مشدّدة تقي مكاسب الحلال من سطوة الحرام وشهوته وعدوانه وظلمه وظلامه.
إنّ إشارة الضوء الأحمر حينما تشتعل فيقف صف أو طابور من السيارات إحتراماً لها، تحقق للمسارات المسموح لها حرِّية الحركة، نافيةً أي قلق من إحتمال إلإعاقة أو العرقلة أو الإرباك، فالحرِّية من غير وقاية تصبح مهددة وفي خطر.
وعلى هذا فليس غريباً أن تكون المحرّمات محددة ومحدودة، فيما جناح الحلال مبسوط يرفرف على حقول الحياة.
إنّنا، وليس آدم (ع) وحده، في جنّة أشجارها كلّها مباحة للأكل والتمتُّع بثمارها اللذيذة، ما عدا أشجار معدودات أو شجيرات منعنا من الإقتراب منها ربّما، كما نلاحظ في حياتنا اليومية لافتات من قبيل: (لا تلمس)، (لا تدخل)، (لا تُدخِّن)، (لا تصوِّر)، (ممنوع الوقوف)، (السباحة هنا ممنوعة)، (الصيد ممنوع)، (ممنوع التجوّل).. إلخ.
إنّ زاوية ضيِّقة في الجنة الفسيحة المترامية الأطراف لن تضرّني بشيء، إنّها لا تُهدِّد ولا تُقيِّد حرِّيتي الواسعة بسعة الجنّة.
إنّ مساحة الإباحة في حياتنا يمكن قياسها على ضوء القاعدة الفقهيّة التي تقول: "كلّ شيء لك حلال حتى تعلم حرمته".
فأنت تنطلق في سيارتك في الرحاب المفتوحة الشاسعة، والضوء الأحمر ليس كبحاً أو خنقاً لحرِّية سيرك، إنّه تنظيم وتقنين لها مخافة أن تتعرّض حرِّيتك للخطر، أو أن تفقدها إلى الأبد.
وإذا عرفت أنّ كلّ ما حرِّم عليك، قد أعدّ الله لك بديله، اكتشفت أنّ مساحة الحلال والمسموح والجائز في حياتك أوسع من أن تتصوّرها.
إنّ كل ما هو مفيد وطيِّب وطاهر فهو حلال، وكل هو مؤذٍ وضار وخبيث فهو حرام، قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف/ 32-33).
تعليق