الدكتور انطوان بارا
وهو مفكر مسيحي
*من مواليد سورية سنة 1943 للميلاد.
*متزوج ولديه أربعة أبناء.
* مسيحي الديانة..
* أعد دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي، قسم منها منشور ومطبوع.
*عمل محرراً بالصحافة الكويتية وبالتحديد جريرة (القبس) منذ عام 1966بشكل متواصل حتى يومنا هذا، وتدرج في مسؤولياته الصحافية حتى أصبح مديراً لتحرير جريدة (شبكة الحوادث) النصف شهرية، كما عمل في بعض الإذاعات العربية.
*عضو في الاتحاد العالمي لكتاب الخيال العلمي. وعضو في اتحاد الكتّاب العرب.
* له مؤلفات عدة مطبوعة منها: (عشرة أيام ساخنة) و(الأسياد) و(الأحلام تموت أولاً) و(دخان فوق دسمان) وهي رواية من أدب الاحتلال العراقي للكويت.
* تعرف على شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) بعدما التقى بآية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي، الذي أهداه بضع كتب تتحدث عن ثورته المباركة وجهاده المقدس، فكان ذلك بداية تأليفه لأكثر ما يعتز به من مؤلفاته وهو كتابه (الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي)
وخلال تواجده في مهرجان ربيع الشهادة العالمي السابع كان لي معه هذا اللقاء
- كيف وجدت الحسين عليه السلام ؟
شخصية فريدة من نوعها لا تجد لها مثيل لا في باقي الأديان السماوية ولا في الأساطير الوضعية والتاريخية ، فهو ولد شهيداً أعدته العناية الإلهية لان يقوم بدور تصحيح العقيدة التي كانت ولم تزل وليدة تهفو وبدأ الانحراف بميل بسيط ونظر هو باستقراء الإمام إلى الأجيال القادمة ورأى أن الانحراف الذي بدأ بمليمترات سوف يصبح كبيرا على امتداد الصحراء الشاسعة لأنه بالمتوالية الهندسية سوف يتوسع بطرد عكسي فقام بحركته ليوصل العقيدة إلى الأجيال ، عقيدة توصل الدين الصحيح إلى النفوس الغافلة وهذا غير ممكن بالوسائل التقليدية ما لم يكن هنالك دماء وتضحية وفداء ، لذلك فانا أسميته ضمير الأديان ، فحركته أصبحت قدوة لأتباع كل الأديان السماوية وأطلقت في كتابي على الحسين عليه السلام بأنه ضمير الأديان إلى ابد الدهور ، فثورته كانت تحمل من المثالية ما يجعلها سرمدية إلى الأبد وأن الحسين لم يكن مخيرا بل كان مسيرا لكن لأنه تربى في حضن النبي محمد وحضن علي وحضن فاطمة الزهراء ورضع القيم والمثل العظمى ورباه أبوه على الشهادة ، ومن خلال الفترة التي عاصر فيها النبي فقد كان فسيلا تفرع من شجرة النبوة فكان مستعدا للقيام بالدور رغم قسوته لان ما كان في ذلك الزمان لا يمكن أن يٌصلَح بدون الثورة التي قام بها لذا فقد أصبح هو شخصية مثالية قام بمهمة نعتبرها الثالثة بعد مهمة جده ووالده ، فكانت مهمته ختام الترتيل وكان دور السيدة زينب عليها السلام مكملا لدور أخيها الحسين عليه السلام فهو شخصية لا تخص المسلمين والشيعة فحسب بل تخص كل أتباع الديانات السماوية لذا فهو شهيد لكل الديانات .
- من الذي قادك إلى الحسين عليه السلام ؟
بدأت صدفة والصدفة تحولت إلى إعجاب شديد ، قرأت كتاب محمد الشيرازي ودونت بعض الملاحظات وبعثتها له فخاطبني قائلا هذه آراء لم نرها من قبل فأنت ككاتب مسيحي تعيش بنوع من الفكر الروحاني ترى من منظار آخر .
فانا أرى تشابه كبير بين إرادة الحسين عليه السلام وإرادة المسيح وهذه الإرادة تتجسد بقوله شاء الله أن يراني قتيلا ويرى النساء سبايا ، فهي نفس المشيئة التي جمعها عيسى بن مريم ليلقيها بوجه اليهود وهي نفس المشيئة التي دفعت يحيى بن زكريا عليهما السلام ليقول لهيرودس سوف تظل في الظل وهي نفس المشيئة التي دفعت موسى ليتحدى الفرعون إذن هي مشيئة الله وهو ينفذها ومادام كلك فقد استجاب لهذا الأمر اللاهي ولم يبغ شيئا ماديا وحين قال ليزيد مثلي لا يبايع مثلك لم يكن يقصد يزيد بعينه كسلطان على فتره زمنية محددة بل كان يقصد كل الطواغيت وعلى امتداد العصور ، فقد كان يقصد كل العروش والأزمنة التي وجد فيها حاكما غاشما وظلوما فقد كان فعله هو عين الامتثال لمشيئة الله فقد تنبأ الرسول بمصرعه وهو صغير فقد تقدم الحسين إلى مصيره بلا وجل وبلا خوف رغم معرفته التامة بذلك المصير ، فهو كان عالما بأنه سوف يقتل والسيدة زينب عليها السلام عارفة بذلك المصير لذلك ذهبت معه ، وإذا سألتني ماذا فعل بي الحسين ؟ فقد وضع بي من المثاليات ما استحضره كل حياتي وقد غير في أشياء كثيرة فقد علمني أن ابتعد عن الغضب وأن استقبل مصيري بفرح مهما كان قائلا لنفسي أنها مشيئة الله ولا احد فوق تلك المشيئة التي خضعت لها الرسل والأوصياء فكيف بي أنا ابن ادم .
- كيف يرى الدكتور أنطوان بارا الشيعة الآن هل استطاعوا أن يوصلوا الحسين عليه السلام إلى العالم ؟
لا لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك
فحركة الحسين هي حركة عظيمة وكبيرة تصلح لكل زمان ومكان وأن ما أراه الآن من محاولات لإيصال القضية الحسينية إلى العالمية لا تعدوا أن تكون إلا صغيرة أمام هذا البحر الحسيني المتلاطم المعاني والعبر ... فالحسين لم يكن يريد أن يسقط عرش يزيد فعرش يزيد زائل سواءاً حدث هذا الزوال بثورة الحسين أو بدونها فهي مسألة وقت لا أكثر ، فقد كانت ثورة الحسين صرخة سماوية دالة أطلقها بوجه يزيد ليزعزع عرشه تمهيدا لزعزعة عروش كل الطغاة في الأزمنة الآتية فقد جمعت هذه الثورة كل ألوان التضحية من اجل العقيدة وفي الوقت ذاته جمعت الحب ، الحب الأخوي ، حب زينب عليها السلام وحب ووفاء العباس عليه السلام لأخيه وإمامه الحسين عليه السلام فهو حذا حذو أسلافه من الأنبياء ممن ضحوا بأنفسهم ولكن ثورة الحسين لم يسجل لها التأريخ مثيلا فقد كان وقودها الأخ والابن على اختلاف أعمارهم حتى ذلك الرضيع الذي قوض الله له فرسا ينقله إلى ارض المعركة فقد حرم هذا الرضيع من ( شربة ماء ) في حين كانت سائغة وغير ممنوعة عن الوحوش والحيوانات والهوام والتي يسقى بها النبت قبل ولادته ... فلولا حركة الحسين لم يكن هنالك إسلاما أصلا .
لقد كان الحسين وثورته تصدي لهجمات وحشية صدرت من جموع تعزى إلى الإسلام ولكنها لم تدخل الإسلام حبا به بل لرعاية مصالح شخصية واجتماعية واقتصادية زائلة فهي تذكرنا بعلي عليه السلام حينما جاءته مجاميع طالبة المفاوضة بين أن تدخل الإسلام مقابل أن يترك لهم ما نهبوه من أموال وهذا ما يفسر أيضا تلك الهجمة الضارية التي حصلت فيما بعد .
- هناك مقولة تقول " دين بلا حسين كصليب بلا مسيح " ومحدثكم هو قائل هذه العبارة ...
الله هذه العبارة جميلة جدا وبليغة فهي تختصر عشرات الصفحات ، وأنا أحب جدا هذا الكلام ، فهذه العبارة تختصر كل ما يمكن قوله وكما قلت بان هنالك تشابه كبير بين الحسين عليه السلام وبين عيسى بن مريم عليه السلام .
- هل خدمتك الكتابة عن الحسين بشكل شخصي ؟ هل تعمدت الكتابة عن الحسين لأغراض تخصك أنت كالشهرة مثلا ؟
خدمتني الكتابة عن الحسين عليه السلام كثيرا على مختلف الأصعدة ولكنني لم أتعمد الكتابة عن الحسين لأي غرض كان غير اقتناعي بتلك الشخصية ، لكنني توقعت لكتابي ( الحسين في الفكر المسيحي ) شهرة واسعة قبل الشروع بنشره فقد كانت مواقف الحسين جسورة ولم نره يوما متخاذلا وعرف كيف يستغل هذه المواقف لخدمة قضيته التي هي قضية البشرية جمعاء ، ولم تقم هذه الثورة بعهد معاوية الذي كان يلقب بداهية العرب لان الثورة لو قامت بعهده لم تقم لها قائمة ذلك لان معاوية يستطيع بدهائه المعهود حل كل ما يواجهه من المعضلات ، لكن تهور يزيد وإخراج السبايا مع يزيد خصوصا السيدة زينب عليها السلام خدم الثورة كثيرا من الناحية الإعلامية ولا يخفى على احد دور السيدة زينب في إيصال الثورة الحسينية وهذا ما أناقشه في كتاب جديد لي اسمه ( زينب صرخة أكملت مسيرة )
- لو نظرت إلى التشيع بعين المستقبل ماذا ترى ؟
أتوقع العالمية للتشيع فهناك محاولات جادة من الشيعة لإيصال الفكر الحسيني في بلدان عدة كالعراق ومصر ، فيما مضى لم يكن أي مسيحي أو أي شخص من الديانات الأخرى يعرف عن الحسين وعن قضيته أما الآن وبفضل ما يقوم به الشيعة من جهود حقيقية أصبح الحسين معروفا لدى أغلب الناس خارج حدود المذهب الشيعي .
- ما الفرق بالتجربة بين شيعي بالفطرة ومستبصر ؟
يكون تمسك وإدراك المستبصر أكبر في هذه الحالة لانه لم يولد شيعيا بل ولد بأفكار ربما تكون مغايرة ، وبالقناعة التامة تغيرت أفكاره وما يأتي بالقناعة والتبصر يكون تأثيره في النفس أكبر مما لو ولد معها .
- هناك من يقول أن الشيعة تغالي في مسألة الحسين عليه السلام فماذا يرى انطوان بارا ؟
في الحقيقة لا أرى أية مغالاة وكل ما يقال في مثل هذا المقال هو محض افتراء ومحاولات لتشويه الشيعة والمذهب الشيعي والحقيقة رغم كل ما يفعله الشيعة للحسين يبقون مقصرون ، نعم ربما تكون هنالك مغالاة لكن لا يجب تعميمها ، فمثلا هنالك ناس تغالي في بعض الشعائر كالتطبير مثلا ، فلولا هذه الشعائر لما كانت قضية الحسين على ما عليه الآن فأنا مع أحياء الشعائر الحسينية ...
سألوني ذات مرة عن التطبير فقلت أنا مع التطبير وعندنا في المسيحية يوجد نفس هذه الشعيرة فالمسيحيون يحيون مثل هذه الشعيرة في ذكرى مقتل عيسى عليه السلام ، هنالك تركيز من المحطات الإعلامية على هذه الشعيرة ومحاولة لاستغلالها ونقلها بصورة مشوهه للإساءة إلى الإسلام
- هناك عبارة للدكتور انطوان بارا يقول فيها لو كان الحسين منا لدعونا العالم للمسيحية باسم الحسين عليه السلام فما هي الآلية لذلك ؟
عن طريق استخدام الإعلام الهادف لإيصال مبادئ هذا الشخص العظيم وتنوير العالم على حيثيات هذه القضية نظرا لعظمة هذه الشخصية اعتقد لو وصلت الى العالم بالشكل الصحيح لكان الأمر مختلف تماما ، فكثيرا ما خاطبني أناس من مختلف الجنسيات والأديان وقالوا من هو الحسين وماذا فعل فقولهم هذا يوحي بأنهم لم يعرفوا شيئا عن القضية .
فبقضية الحسين ما يجعلها تلج نفوس الغرب من أوسع الأبواب فهم يحبون هذه القضايا الأسطورية بشكل كبير فهي أسطورة تجمع الشجاعة والفداء والحب وليست أقل شئنا من الأساطير والملاحم التي وصلت إلى العالم كملحمة كلكامش
- هناك من يراهن على ان انطوان بارا شيعيا بالأصل ولكن لأسباب ما وظروف معينة أخفى تشيعه واخذ يكتب عن الحسين بصفة المستبصر ، فماذا يقول انطوان بارا ؟
أنا مسيحي الديانة شيعي التفكير والهوى وأن ما يقال ليس صحيحا فاقتناعي وإعجابي بهذا الشخص أكبر من الظروف ، في الحقيقة طرح الأخوة المسيحيون مثل هذا التساؤل حين وجدوني أقول عليه السلام كلما ذكرت عيسى ولم أقل مثلما يقول المسيحي فيما لو ذكر عيسى عليه السلام .
- كلمة أخيرة للدكتور انطوان بارا من خلال موقع كتابات في الميزان ؟
أنا سعيد جدا بكم كشيعة وكعراقيين أخوة وأصدقاء وأتمنى أن تتكرر لقاءاتي بكم وأحب أن أشكرك أنت شخصيا د . مسلم بديري وأتمنى لك كل الخير والمنى وسنتواصل معا .
في ختام اللقاء كتب الدكتور انطوان بارا للدكتور مسلم بديري العبارات التالية
" دين بلا حسين كصليب بلا مسيح " (( هذه العبارة الجميلة التي سمعتها من الزميل الدكتور الاديب مسلم بديري وهذه العبارة البليغة اعجبتني وأتنبأ للدكتور مسلم بديري مستقبلا اديبا واعدا لانه يملك قماشة المفكر اللغوي وهذه العبارة تعني الكثير من المعاني الدالة والجميلة فأهنئه عليها من القلب متمنيا أن نرى انتاجه الادبي ))
وهو مفكر مسيحي
*من مواليد سورية سنة 1943 للميلاد.
*متزوج ولديه أربعة أبناء.
* مسيحي الديانة..
* أعد دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي، قسم منها منشور ومطبوع.
*عمل محرراً بالصحافة الكويتية وبالتحديد جريرة (القبس) منذ عام 1966بشكل متواصل حتى يومنا هذا، وتدرج في مسؤولياته الصحافية حتى أصبح مديراً لتحرير جريدة (شبكة الحوادث) النصف شهرية، كما عمل في بعض الإذاعات العربية.
*عضو في الاتحاد العالمي لكتاب الخيال العلمي. وعضو في اتحاد الكتّاب العرب.
* له مؤلفات عدة مطبوعة منها: (عشرة أيام ساخنة) و(الأسياد) و(الأحلام تموت أولاً) و(دخان فوق دسمان) وهي رواية من أدب الاحتلال العراقي للكويت.
* تعرف على شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) بعدما التقى بآية الله الشهيد السيد حسن الشيرازي، الذي أهداه بضع كتب تتحدث عن ثورته المباركة وجهاده المقدس، فكان ذلك بداية تأليفه لأكثر ما يعتز به من مؤلفاته وهو كتابه (الحسين (عليه السلام) في الفكر المسيحي)
وخلال تواجده في مهرجان ربيع الشهادة العالمي السابع كان لي معه هذا اللقاء
- كيف وجدت الحسين عليه السلام ؟
شخصية فريدة من نوعها لا تجد لها مثيل لا في باقي الأديان السماوية ولا في الأساطير الوضعية والتاريخية ، فهو ولد شهيداً أعدته العناية الإلهية لان يقوم بدور تصحيح العقيدة التي كانت ولم تزل وليدة تهفو وبدأ الانحراف بميل بسيط ونظر هو باستقراء الإمام إلى الأجيال القادمة ورأى أن الانحراف الذي بدأ بمليمترات سوف يصبح كبيرا على امتداد الصحراء الشاسعة لأنه بالمتوالية الهندسية سوف يتوسع بطرد عكسي فقام بحركته ليوصل العقيدة إلى الأجيال ، عقيدة توصل الدين الصحيح إلى النفوس الغافلة وهذا غير ممكن بالوسائل التقليدية ما لم يكن هنالك دماء وتضحية وفداء ، لذلك فانا أسميته ضمير الأديان ، فحركته أصبحت قدوة لأتباع كل الأديان السماوية وأطلقت في كتابي على الحسين عليه السلام بأنه ضمير الأديان إلى ابد الدهور ، فثورته كانت تحمل من المثالية ما يجعلها سرمدية إلى الأبد وأن الحسين لم يكن مخيرا بل كان مسيرا لكن لأنه تربى في حضن النبي محمد وحضن علي وحضن فاطمة الزهراء ورضع القيم والمثل العظمى ورباه أبوه على الشهادة ، ومن خلال الفترة التي عاصر فيها النبي فقد كان فسيلا تفرع من شجرة النبوة فكان مستعدا للقيام بالدور رغم قسوته لان ما كان في ذلك الزمان لا يمكن أن يٌصلَح بدون الثورة التي قام بها لذا فقد أصبح هو شخصية مثالية قام بمهمة نعتبرها الثالثة بعد مهمة جده ووالده ، فكانت مهمته ختام الترتيل وكان دور السيدة زينب عليها السلام مكملا لدور أخيها الحسين عليه السلام فهو شخصية لا تخص المسلمين والشيعة فحسب بل تخص كل أتباع الديانات السماوية لذا فهو شهيد لكل الديانات .
- من الذي قادك إلى الحسين عليه السلام ؟
بدأت صدفة والصدفة تحولت إلى إعجاب شديد ، قرأت كتاب محمد الشيرازي ودونت بعض الملاحظات وبعثتها له فخاطبني قائلا هذه آراء لم نرها من قبل فأنت ككاتب مسيحي تعيش بنوع من الفكر الروحاني ترى من منظار آخر .
فانا أرى تشابه كبير بين إرادة الحسين عليه السلام وإرادة المسيح وهذه الإرادة تتجسد بقوله شاء الله أن يراني قتيلا ويرى النساء سبايا ، فهي نفس المشيئة التي جمعها عيسى بن مريم ليلقيها بوجه اليهود وهي نفس المشيئة التي دفعت يحيى بن زكريا عليهما السلام ليقول لهيرودس سوف تظل في الظل وهي نفس المشيئة التي دفعت موسى ليتحدى الفرعون إذن هي مشيئة الله وهو ينفذها ومادام كلك فقد استجاب لهذا الأمر اللاهي ولم يبغ شيئا ماديا وحين قال ليزيد مثلي لا يبايع مثلك لم يكن يقصد يزيد بعينه كسلطان على فتره زمنية محددة بل كان يقصد كل الطواغيت وعلى امتداد العصور ، فقد كان يقصد كل العروش والأزمنة التي وجد فيها حاكما غاشما وظلوما فقد كان فعله هو عين الامتثال لمشيئة الله فقد تنبأ الرسول بمصرعه وهو صغير فقد تقدم الحسين إلى مصيره بلا وجل وبلا خوف رغم معرفته التامة بذلك المصير ، فهو كان عالما بأنه سوف يقتل والسيدة زينب عليها السلام عارفة بذلك المصير لذلك ذهبت معه ، وإذا سألتني ماذا فعل بي الحسين ؟ فقد وضع بي من المثاليات ما استحضره كل حياتي وقد غير في أشياء كثيرة فقد علمني أن ابتعد عن الغضب وأن استقبل مصيري بفرح مهما كان قائلا لنفسي أنها مشيئة الله ولا احد فوق تلك المشيئة التي خضعت لها الرسل والأوصياء فكيف بي أنا ابن ادم .
- كيف يرى الدكتور أنطوان بارا الشيعة الآن هل استطاعوا أن يوصلوا الحسين عليه السلام إلى العالم ؟
لا لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك
فحركة الحسين هي حركة عظيمة وكبيرة تصلح لكل زمان ومكان وأن ما أراه الآن من محاولات لإيصال القضية الحسينية إلى العالمية لا تعدوا أن تكون إلا صغيرة أمام هذا البحر الحسيني المتلاطم المعاني والعبر ... فالحسين لم يكن يريد أن يسقط عرش يزيد فعرش يزيد زائل سواءاً حدث هذا الزوال بثورة الحسين أو بدونها فهي مسألة وقت لا أكثر ، فقد كانت ثورة الحسين صرخة سماوية دالة أطلقها بوجه يزيد ليزعزع عرشه تمهيدا لزعزعة عروش كل الطغاة في الأزمنة الآتية فقد جمعت هذه الثورة كل ألوان التضحية من اجل العقيدة وفي الوقت ذاته جمعت الحب ، الحب الأخوي ، حب زينب عليها السلام وحب ووفاء العباس عليه السلام لأخيه وإمامه الحسين عليه السلام فهو حذا حذو أسلافه من الأنبياء ممن ضحوا بأنفسهم ولكن ثورة الحسين لم يسجل لها التأريخ مثيلا فقد كان وقودها الأخ والابن على اختلاف أعمارهم حتى ذلك الرضيع الذي قوض الله له فرسا ينقله إلى ارض المعركة فقد حرم هذا الرضيع من ( شربة ماء ) في حين كانت سائغة وغير ممنوعة عن الوحوش والحيوانات والهوام والتي يسقى بها النبت قبل ولادته ... فلولا حركة الحسين لم يكن هنالك إسلاما أصلا .
لقد كان الحسين وثورته تصدي لهجمات وحشية صدرت من جموع تعزى إلى الإسلام ولكنها لم تدخل الإسلام حبا به بل لرعاية مصالح شخصية واجتماعية واقتصادية زائلة فهي تذكرنا بعلي عليه السلام حينما جاءته مجاميع طالبة المفاوضة بين أن تدخل الإسلام مقابل أن يترك لهم ما نهبوه من أموال وهذا ما يفسر أيضا تلك الهجمة الضارية التي حصلت فيما بعد .
- هناك مقولة تقول " دين بلا حسين كصليب بلا مسيح " ومحدثكم هو قائل هذه العبارة ...
الله هذه العبارة جميلة جدا وبليغة فهي تختصر عشرات الصفحات ، وأنا أحب جدا هذا الكلام ، فهذه العبارة تختصر كل ما يمكن قوله وكما قلت بان هنالك تشابه كبير بين الحسين عليه السلام وبين عيسى بن مريم عليه السلام .
- هل خدمتك الكتابة عن الحسين بشكل شخصي ؟ هل تعمدت الكتابة عن الحسين لأغراض تخصك أنت كالشهرة مثلا ؟
خدمتني الكتابة عن الحسين عليه السلام كثيرا على مختلف الأصعدة ولكنني لم أتعمد الكتابة عن الحسين لأي غرض كان غير اقتناعي بتلك الشخصية ، لكنني توقعت لكتابي ( الحسين في الفكر المسيحي ) شهرة واسعة قبل الشروع بنشره فقد كانت مواقف الحسين جسورة ولم نره يوما متخاذلا وعرف كيف يستغل هذه المواقف لخدمة قضيته التي هي قضية البشرية جمعاء ، ولم تقم هذه الثورة بعهد معاوية الذي كان يلقب بداهية العرب لان الثورة لو قامت بعهده لم تقم لها قائمة ذلك لان معاوية يستطيع بدهائه المعهود حل كل ما يواجهه من المعضلات ، لكن تهور يزيد وإخراج السبايا مع يزيد خصوصا السيدة زينب عليها السلام خدم الثورة كثيرا من الناحية الإعلامية ولا يخفى على احد دور السيدة زينب في إيصال الثورة الحسينية وهذا ما أناقشه في كتاب جديد لي اسمه ( زينب صرخة أكملت مسيرة )
- لو نظرت إلى التشيع بعين المستقبل ماذا ترى ؟
أتوقع العالمية للتشيع فهناك محاولات جادة من الشيعة لإيصال الفكر الحسيني في بلدان عدة كالعراق ومصر ، فيما مضى لم يكن أي مسيحي أو أي شخص من الديانات الأخرى يعرف عن الحسين وعن قضيته أما الآن وبفضل ما يقوم به الشيعة من جهود حقيقية أصبح الحسين معروفا لدى أغلب الناس خارج حدود المذهب الشيعي .
- ما الفرق بالتجربة بين شيعي بالفطرة ومستبصر ؟
يكون تمسك وإدراك المستبصر أكبر في هذه الحالة لانه لم يولد شيعيا بل ولد بأفكار ربما تكون مغايرة ، وبالقناعة التامة تغيرت أفكاره وما يأتي بالقناعة والتبصر يكون تأثيره في النفس أكبر مما لو ولد معها .
- هناك من يقول أن الشيعة تغالي في مسألة الحسين عليه السلام فماذا يرى انطوان بارا ؟
في الحقيقة لا أرى أية مغالاة وكل ما يقال في مثل هذا المقال هو محض افتراء ومحاولات لتشويه الشيعة والمذهب الشيعي والحقيقة رغم كل ما يفعله الشيعة للحسين يبقون مقصرون ، نعم ربما تكون هنالك مغالاة لكن لا يجب تعميمها ، فمثلا هنالك ناس تغالي في بعض الشعائر كالتطبير مثلا ، فلولا هذه الشعائر لما كانت قضية الحسين على ما عليه الآن فأنا مع أحياء الشعائر الحسينية ...
سألوني ذات مرة عن التطبير فقلت أنا مع التطبير وعندنا في المسيحية يوجد نفس هذه الشعيرة فالمسيحيون يحيون مثل هذه الشعيرة في ذكرى مقتل عيسى عليه السلام ، هنالك تركيز من المحطات الإعلامية على هذه الشعيرة ومحاولة لاستغلالها ونقلها بصورة مشوهه للإساءة إلى الإسلام
- هناك عبارة للدكتور انطوان بارا يقول فيها لو كان الحسين منا لدعونا العالم للمسيحية باسم الحسين عليه السلام فما هي الآلية لذلك ؟
عن طريق استخدام الإعلام الهادف لإيصال مبادئ هذا الشخص العظيم وتنوير العالم على حيثيات هذه القضية نظرا لعظمة هذه الشخصية اعتقد لو وصلت الى العالم بالشكل الصحيح لكان الأمر مختلف تماما ، فكثيرا ما خاطبني أناس من مختلف الجنسيات والأديان وقالوا من هو الحسين وماذا فعل فقولهم هذا يوحي بأنهم لم يعرفوا شيئا عن القضية .
فبقضية الحسين ما يجعلها تلج نفوس الغرب من أوسع الأبواب فهم يحبون هذه القضايا الأسطورية بشكل كبير فهي أسطورة تجمع الشجاعة والفداء والحب وليست أقل شئنا من الأساطير والملاحم التي وصلت إلى العالم كملحمة كلكامش
- هناك من يراهن على ان انطوان بارا شيعيا بالأصل ولكن لأسباب ما وظروف معينة أخفى تشيعه واخذ يكتب عن الحسين بصفة المستبصر ، فماذا يقول انطوان بارا ؟
أنا مسيحي الديانة شيعي التفكير والهوى وأن ما يقال ليس صحيحا فاقتناعي وإعجابي بهذا الشخص أكبر من الظروف ، في الحقيقة طرح الأخوة المسيحيون مثل هذا التساؤل حين وجدوني أقول عليه السلام كلما ذكرت عيسى ولم أقل مثلما يقول المسيحي فيما لو ذكر عيسى عليه السلام .
- كلمة أخيرة للدكتور انطوان بارا من خلال موقع كتابات في الميزان ؟
أنا سعيد جدا بكم كشيعة وكعراقيين أخوة وأصدقاء وأتمنى أن تتكرر لقاءاتي بكم وأحب أن أشكرك أنت شخصيا د . مسلم بديري وأتمنى لك كل الخير والمنى وسنتواصل معا .
في ختام اللقاء كتب الدكتور انطوان بارا للدكتور مسلم بديري العبارات التالية
" دين بلا حسين كصليب بلا مسيح " (( هذه العبارة الجميلة التي سمعتها من الزميل الدكتور الاديب مسلم بديري وهذه العبارة البليغة اعجبتني وأتنبأ للدكتور مسلم بديري مستقبلا اديبا واعدا لانه يملك قماشة المفكر اللغوي وهذه العبارة تعني الكثير من المعاني الدالة والجميلة فأهنئه عليها من القلب متمنيا أن نرى انتاجه الادبي ))
تعليق