اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
مناظرة الدكتور التيجاني مع بعض أهل السنّة في أمر بعض الصحابة
قال الدكتور التيجاني:
كنت يوماً في العاصمة التونسية (1) داخل مسجد عظيم من مساجدها، وبعد أداء فريضة الصلاة جلس الاِمام وسط حلقة من المصلّين وبدأ درسه بالتنديد والتكفير لاَولئك الذين يشتمون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله واسترسل في حديثه قائلاً :
إيّاكم من الذين يتكلّمون في أعراض الصحابة بدعوى البحث العلمي والوصول لمعرفة الحق، فأولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، إنهم يريدون تشكيك الناس في دينهم، وقد قال رٍسَوٍل آلله صلى آلله عليِّه وٍآله : « إذا وصل بكم الحديث إلى أصحابي فأمسكوا، فوالله لو أنفقتم مثل أحدٍ ذهباً لما بلغتم معشار أحدهم »(2) .
وقاطعه أحد المستبصرين كان يصحبني قائلاً : هذا الحديث غير صحيح وهو مكذوب على رسول الله !
وثارت ثائرة الاِمام وبعض الحاضرين والتفتوا إلينا منكرين مشمئزين، فتداركت الموقف متلطّفاً مع الاِمام وقلت له : يا سيدي الشيخ الجليل، ما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في القرآن قوله : " وَمَا مُحَمَّدٌ إلاّ رَسولٌ قَد خَلَت من قَبلِهِ الرُّسُلُ أفإن ماتَ أو قُتِل انقَلبتُم على أَعقابِكُم، وَمَن يَنقَلِب على عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيئاً وَسَيجزي اللهُ الشاكِرين "(3).
وما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في صحيح البخاري(4) وفي صحيح مسلم(5) قول رسول الله صلى الله عليه وآله لاَصحابه : « سيؤخذ بكم يوم القيامة إلى ذات الشمال، فأقول : إلى أين ؟ فيُقال : إلى النار والله، فأقول : يا ربّ هؤلاء أصحابي، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا من بعدك إنّهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي، ولا أرى يخلصُ منهم إلاّ مثل همل النعم »(6).
وكان الجميع يستمعون إليّ في صمت رهيب، وسألني بعضهم : إن كنت واثقاً من وجود هذا الحديث في صحيح البخاري ؟
وأجبتهم : نعم كوثوقي بأن الله واحد لا شريك له، ومحمداً عبدهُ ورسوله .
ولمّا عرف الاِمام تأثيري في الحاضرين من خلال حفظي للاَحاديث التي رويتها قال في هدوء : نحن قرأنا على مشايخنا رحمهم الله تعالى بأنّ الفتنة نائمة فلعن الله من أيقظها .
فقلت : يا سيدي الفتنة عمرها ما نامت، ولكنّا نحن النائمون، والذي يستيقظ منّا ويفتح عينيه ليعرف الحق تتهمونه بأنّه أيقظ الفتنة، وعلى كل حال فإنّ المسلمين مطالبون باتّباع كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله، لا بما يقوله مشايخنا الذين يترضّون على معاوية ويزيد وابن العاص .
وقاطعني الاِمام قائلاً : وهل أنت لا تترضّى عن سيدنا معاوية ، كاتب الوحي ؟
قلت : هذا موضوع يطول شرحه، وإذا أردت معرفة رأيي في ذلك، فأنا أهديك كتابي « ثمّ اهتديت »(7) لعلّه يوقظك من نومك ويفتح عينيك على بعض الحقائق وتقبّل الاِمام كلامي وهديّتي بشيء من التردّد، ولكنّه وبعد شهر واحد كتب إليّ رسالة لطيفة يحمد الله فيها أن هداه إلى صراطه المستقيم وأظهر ولاءً وتعلّقاً بأهل البيت عليهم السلام وطلبتُ منه نشر رسالته في الطبعة الثالثة لما فيها من معاني الود وصفاء الرّوح التي متى ما عرفت الحق تعلّقت به وهي تعبّر عن حقيقة أكثر أهل السنّة الذين يميلون إلى الحق بمجرد رفع الستار.
ولكنّه طلب منّي كتم الرسالة وعدم نشرها، لاَنّه لا بدّ له من الوقت الكافي حتى يُقنع المجموعة التي تصلي خلفه، وهو يحبذ أن تكون دعوته سلمية بدون هرج ومرج حسب تعبيره (8).
مناظرة الدكتور التيجاني مع بعض أهل السنّة في أمر بعض الصحابة
قال الدكتور التيجاني:
كنت يوماً في العاصمة التونسية (1) داخل مسجد عظيم من مساجدها، وبعد أداء فريضة الصلاة جلس الاِمام وسط حلقة من المصلّين وبدأ درسه بالتنديد والتكفير لاَولئك الذين يشتمون أصحاب النبي صلى الله عليه وآله واسترسل في حديثه قائلاً :
إيّاكم من الذين يتكلّمون في أعراض الصحابة بدعوى البحث العلمي والوصول لمعرفة الحق، فأولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، إنهم يريدون تشكيك الناس في دينهم، وقد قال رٍسَوٍل آلله صلى آلله عليِّه وٍآله : « إذا وصل بكم الحديث إلى أصحابي فأمسكوا، فوالله لو أنفقتم مثل أحدٍ ذهباً لما بلغتم معشار أحدهم »(2) .
وقاطعه أحد المستبصرين كان يصحبني قائلاً : هذا الحديث غير صحيح وهو مكذوب على رسول الله !
وثارت ثائرة الاِمام وبعض الحاضرين والتفتوا إلينا منكرين مشمئزين، فتداركت الموقف متلطّفاً مع الاِمام وقلت له : يا سيدي الشيخ الجليل، ما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في القرآن قوله : " وَمَا مُحَمَّدٌ إلاّ رَسولٌ قَد خَلَت من قَبلِهِ الرُّسُلُ أفإن ماتَ أو قُتِل انقَلبتُم على أَعقابِكُم، وَمَن يَنقَلِب على عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيئاً وَسَيجزي اللهُ الشاكِرين "(3).
وما هو ذنب المسلم الذي يقرأ في صحيح البخاري(4) وفي صحيح مسلم(5) قول رسول الله صلى الله عليه وآله لاَصحابه : « سيؤخذ بكم يوم القيامة إلى ذات الشمال، فأقول : إلى أين ؟ فيُقال : إلى النار والله، فأقول : يا ربّ هؤلاء أصحابي، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا من بعدك إنّهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم، فأقول : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي، ولا أرى يخلصُ منهم إلاّ مثل همل النعم »(6).
وكان الجميع يستمعون إليّ في صمت رهيب، وسألني بعضهم : إن كنت واثقاً من وجود هذا الحديث في صحيح البخاري ؟
وأجبتهم : نعم كوثوقي بأن الله واحد لا شريك له، ومحمداً عبدهُ ورسوله .
ولمّا عرف الاِمام تأثيري في الحاضرين من خلال حفظي للاَحاديث التي رويتها قال في هدوء : نحن قرأنا على مشايخنا رحمهم الله تعالى بأنّ الفتنة نائمة فلعن الله من أيقظها .
فقلت : يا سيدي الفتنة عمرها ما نامت، ولكنّا نحن النائمون، والذي يستيقظ منّا ويفتح عينيه ليعرف الحق تتهمونه بأنّه أيقظ الفتنة، وعلى كل حال فإنّ المسلمين مطالبون باتّباع كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وآله، لا بما يقوله مشايخنا الذين يترضّون على معاوية ويزيد وابن العاص .
وقاطعني الاِمام قائلاً : وهل أنت لا تترضّى عن سيدنا معاوية ، كاتب الوحي ؟
قلت : هذا موضوع يطول شرحه، وإذا أردت معرفة رأيي في ذلك، فأنا أهديك كتابي « ثمّ اهتديت »(7) لعلّه يوقظك من نومك ويفتح عينيك على بعض الحقائق وتقبّل الاِمام كلامي وهديّتي بشيء من التردّد، ولكنّه وبعد شهر واحد كتب إليّ رسالة لطيفة يحمد الله فيها أن هداه إلى صراطه المستقيم وأظهر ولاءً وتعلّقاً بأهل البيت عليهم السلام وطلبتُ منه نشر رسالته في الطبعة الثالثة لما فيها من معاني الود وصفاء الرّوح التي متى ما عرفت الحق تعلّقت به وهي تعبّر عن حقيقة أكثر أهل السنّة الذين يميلون إلى الحق بمجرد رفع الستار.
ولكنّه طلب منّي كتم الرسالة وعدم نشرها، لاَنّه لا بدّ له من الوقت الكافي حتى يُقنع المجموعة التي تصلي خلفه، وهو يحبذ أن تكون دعوته سلمية بدون هرج ومرج حسب تعبيره (8).
------------------------------------------------
الهوامش:
الهوامش:
(1) تونس : عاصمة الجمهورية التونسية ، وعاصمة البلاد السياسية والاقتصادية والثقافية، وهي أهم مدينة وميناء فيها ومركز صناعي في البلاد. (المنجد ـ قسم الاِعلام ـ ص197).
(2) تقدّمت تخريجاته .
(3) سورة آل عمران : الآية 144 .
(4) صحيح البخاري : ج 8 ص 150 ـ 151 ، (باب في الحوض) .
(5) صحيح مسلم : ج 4 ص 1800 ح 40 (باب اثبات حوض نبيّنا صلى الله عليه وآله ) .
(6) وقد تقدّم المزيد من تخريجاته .
(7) وقد شرح فيه كيفية استبصاره والاَسباب التي دعته للاَخذ بمذهب أهل البيت عليهم السلام وذلك بعد مسيرة ـ ليست قصيرة ـ من البحث والمناظرة في شتى مسائل الخلاف مع الاَعلام والمحقّقين في النجف الاَشرف وغيره .
(8) كتاب فاسألوا أهل الذكر للدكتور التيجاني السماوي : ص115 ـ 117 .