بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن يونس بن ظبيان ، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) ، فقلت: يا ابن رسول الله ، إني دخلت على مالك وأصحابه ، فسمعت بعضهم يقول: إن لله وجها كالوجوه ، وبعضهم يقول: له يدان ، واحتجوا في ذلك بقوله تعالى: (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) ، وبعضهم يقول: هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة ، فما عندك في هذا ، يا ابن رسول الله؟! قال: وكان متكئا ، فاستوى جالسا ، وقال: «اللهم عفوك عفوك». ثم قال: «يا يونس من زعم أن لله وجها كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أن لله جوارحا كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله ، فلا تقبلوا شهادته ، ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عما يصفه المشبهون بصفة المخلوقين ، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه ، وقوله تعالى: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) فاليد القدرة ، كقوله تعالى: (وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ)الأنفال فمن زعم أن الله في شيء ، أو على شيء ، أو تحول من شيء إلى شيء ، أو يخلو من شيء ، أو يشغل به شيء ، فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كل شيء ، لا يقاس بالمقياس ، ولا يشبه بالناس ، ولا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده ، بعيد في قربه ، ذلك الله ربنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبه بهذه الصفة ، فهو من الموحدين ، ومن أحبه بغير هذه الصفة فالله منه بريء ، ونحن منه برآء».
ثم قال (عليه السلام): «إن أولى الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله ، فإن حب الله إذا ورثه القلب استضاء به ، وأسرع إليه اللطف ، فإذا نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد ، فإذا صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة ، فإذا تكلم بالحكمة صار صاحب فطنة ، فإذا نزل منزلة الفطنة ، عمل بها في القدرة ، فإذا عمل بها في القدرة ، عمل في الأطباق (القدرة عرف الأطباق ) السبعة ، فإذا بلغ هذه المنزلة ، صار يتقلب في لطف وحكمة وبيان ، فإذا بلغ هذه المنزلة ، جعل شهوته ومحبته في خالقه ، فإذا فعل ذلك نزل المنزلة الكبرى ، فعاين ربه في قلبه ، وورث الحكمة بغير ما ورثته الحكماء ، وورث العلم بغير ما ورثته العلماء ، وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون.
إن الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت ، وإن العلماء ورثوا العلم بالطلب ، وإن الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة ، فمن أخذه بهذه السيرة ، إما أن يسفل ، وإما أن يرفع ، وأكثرهم الذي يسفل ولا يرفع إذا لم يرع حق الله ، ولم يعمل بما أمر به ، فهذه صفة من لم يعرف الله حق معرفته ، ولم يحبه حق محبته ، فلا يغرنك صلاتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم ، فإنهم حمر مستنفرة».
ثم قال: «يا يونس ، إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت ، فإنا ورثناه ، وأوتينا شرح الحكمة ، وفصل الخطاب».
فقلت: يا ابن رسول الله ، وكل من كان من أهل البيت ، ورث كما ورثتم من علي وفاطمة (عليهما السلام) ؟ فقال: ما ورثه إلا الأئمة الإثنا عشر».
فقلت: سمهم يا ابن رسول الله؟ فقال: «أولهم علي بن أبي طالب وبعده الحسن ، وبعده الحسين ، وبعده علي ابن الحسين ، وبعده محمد بن علي ، ثم أنا ، وبعدي موسى ولدي ، وبعد موسى علي ابنه ، وبعد علي محمد ، وبعد محمد علي ، وبعد علي الحسن ، وبعد الحسن الحجة ، اصطفانا الله وطهرنا وآتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين».
ثم قلت: يا ابن رسول الله ، إن عبد الله بن سعد دخل عليك بالأمس ، فسألك عما سألتك ، فأجبته بخلاف هذا؟! فقال: «يا يونس ، كل امرى وما يحتمله ، ولكل وقت حديثه ، وإنك لأهل لما سألت ، فاكتمه إلا عن أهله ، والسلام».
البرهان