تُعتبر زيارةُ قبور المؤمنين، وبخاصّة قبور الاَقرباء والاَبناء منهم، من الاَُصول الاِسلامية التي تنطوي على آثار تربويّة في نفس زائريها، وذلك لاَنّ مشاهدة تلك الديار الصامتة التي يرقد فيها أُناس كانوا قبل ذلك يعيشون في الدنيا، ويقومون بمختلف النشاطات، ولكنّهم أصبحوا بعد حين أجداثاً خامدة، وجثثاً هامدة، جديرة بأن تهزَّ الضمير، وتوقظ القلوب، وتنبّه الغافلين، وتكون درس عبرة لا ينسى.
والان يجب أن ننظر في قوله تعالى: (ولا تَقُم عَلى قَبره) ما معناه؟
هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط، حيث لا يجوز ذلك للمنافق ويستحب للمؤمن، أو المعنى أعم من وقت الدفن وغيره؟
إنّ بعض المفسّرين وإن خصّوا القيامَ نفياً وإثباتاً بوقت الدفن لكن البعض الاخر فسروه في كلا المجالين بالاعم من وقت الدفن وغيره.
قال السيوطي في تفسيره: ولا تَقم على قبره لدفن أو زيارة(1) .
وقال الالوسي البغدادي: ويفهم من كلام بعضهم أنّ «على» بمعنى «عند» والمراد: لاتقف عند قبره للدفن أو للزيارة
وقال الشيخ إسماعيل حقّي البروسي: (ولاتَقُم على قبره) أي ولا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة والدعاء .
إلى غير ذلك من المفسرين، وقد سبقهم البيضاوي في تفسيره.
والحقّ مع من أخذ بإطلاق الاية وإليك توضيحه:
إنّ الاية; تتشكل من جملتين:
الاُولى:
قوله تعالى: "ولا تصلّ على أحد منهم ماتَ أبداً" .
إنّ لفظة «أحد» بحكم ورودها في سياق النفي تفيد العموم والاستغراق لجميع الافراد، ولفظة «أبداً» تفيد الاستغراق الزمني، فيكون معناها: لا تصل على أحد من المنافقين في أيّ وقت كان.
فمع الانتباه إلى هذين اللَّفظين نعرف ـ بوضوح ـ أنّ المراد من النهي عن الصلاة على الميّت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط، لانّها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعدّدة، ولو أُريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة «أبداً»، بل المراد من الصلاة في الاية مطلق الدعاء والترحّم سواء أكان عند الدفن أم غيره.
فإن قال قائل: إنّ لفظة «أبداً» تأكيد للاستغراق الافرادي لا الزماني.
فالجواب بوجهين:
1 ـ انّ لفظة «أحد» أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح فلا حاجة للتأكيد.
2 ـ انّ لفظة «أبداً» تستعمل في اللّغة العربية للاستغراق الزماني، كما في قوله تعالى: "وَلا أنْ تَنكِحُوا أزواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً" (الاحزاب/53).
فالنتيجة أنّ المقصود هو النهي عن الترحّم على المنافق وعن الاستغفار له، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.
الثانية:
(ولاَ تقُمْ عَلى قَبْرِهِ) إنّ مفهوم هذه الجملة ـ مع الانتباه إلى أنّها معطوفة على الجملة السابقة ـ هو: «لا تَقُم على قبر أحد منهم مات أبداً» لانّ كل ما ثبت للمعطوف عليه من القيد ـ أعني «أبداً» ـ يثبت للمعطوف أيضاً، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأنّ المقصود من القيام على القبر هو وقت الدفن فقط، لانّ المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن، كما كان بالنسبة للصلاة، ولفظة «أبداً» المقدّرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل، فهذا يدل على أنّ القيام على القبر لايختصّ بوقت الدفن.
وإن قال قائل: إنّ لفظة «أبداً» المقدّرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الافرادي.
قلنا: قد سبق الجواب عليه، وأنّ لفظة «أحد» للاستغراق الافرادي، لا لفظة «أبداً» فهي للاستغراق الزماني.
فيكون معنى الاية الكريمة: أنّ الله تعالى ينهى نبيه (صلى الله عليه وآله) عن مطلق الاستغفار والترحّم على المنافق، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء، وينهى عن مطلق القيام على القبر، سواء كان عند الدفن أو بعده.
ومفهوم ذلك هو أنّ هذين الامرين يجوزان للمؤمن.
وبهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه، حتى بعد مئات السنين.
هذا بالنسبة إلى المرحلة الاُولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن،
ام ماورد في استحباب الزيارة من السنة الشريفة من طرق اهل السنة
1 ـ روى مسلم عن عائشة أنّها قالت: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّما كان ليلتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجِّلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللّهمّ اغفر لاهل بقيع الغرقد»(1) .
2 ـ وعن عائشة في حديث طويل أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لها: «أتاني جبرئيل فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ورحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون»(2) .
3 ـ وروى ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: ـ في رواية أبي بكر ـ «السلام على أهل الديار» وفي رواية زهير: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنّا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية»(3) .
4 ـ عن ابن بريدة عن أبيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»(4) .
5 ـ وروي في كنز العمال الروايات التالية: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. ووددتُ أنّا قد أُرينا إخواننا قالوا: أولسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. إلخ» .مسلم، الصحيح 7 : 41.
6 ـ «السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالاثر» .مسلم، الصحيح 7 : 45.
7 ـ «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا وإياكم متواعدون غداً ومتواكلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون اللّهم اغفر لاهل بقيع)الغرقد».مسلم، الصحيح 7 : 46 ـ الترمذي، السنن 3 : 370 ح 1054 ـ النسائي، السنن 4 : 89.
8 ـ «السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط وإنّا بكم لاحقون، اللّهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنّا بعدهم» .مسلم، الصحيح، كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة، الحديث 249.
9 ـ «إنّي نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها بتذكيركم زيارتها خيراً» .علاء الدين، كنز العمال 15 : 247 الحديث 42561 و 42562.
10 ـ «نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهنّ; نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّ في زيارتها تذكرة». إلى غير ذلك من الاثار النبوية الحاثّة على زيارة القبور، فمن أراد التفصيل فليرجع إلى كنز العمال.
11: زيارة النبي (ص) لقبر امه (ع)
روى مسلم وابي داود والنسائي وابن ماجة والحاكم .. عن ابي هريرة قال : (( زار النبي (ص) قبر امه فبكى وابكى من حوله ))
صحيح مسلم \ح1622,سنن ابي داود \ح2851,سنن النسائي\ح2007,سنن ابن ماجة \ح1561.الحاكم \ح1339
12:زيارة ابو ايوب الانصاري قبر الرسول (ص)
((أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال أتدري ما تصنع فأقبل عليه فأذا هو ابو ايوب فقال نعم جئت رسول الله ولم اتِ الحجر ))
مسند احمد ابن حمبل\ح22482,المسند الجامع\ح3572
مشروعية بناء القبب على الاضرحة المقدسة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى ((فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا )) سورة الكهف \الاية 21
عبيد بن عمير قال : (( عمى الله على الذين اعثرهم على اصحاب الكهف مكانهم فلم يهتدوا فقال المشركون : ( نبني عليهم بنيانا فانهم ابناء اباء ونعبد الله فيها) وقال المسلمون : بل نحن احق بهم هم منا نبني عليهم مسجدا نصلي فيه ونعبد الله فيه ))
ب- قال السيوطي : في تفسيره (( اخرج ا بن حاتم عن السدى قال 000 فقال الملك لاتخذن عند هولاءالقوم الصالحين مسجدا فلاعبدن الله فيه حتى اموت فذلك قوله (قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا )
ج- قال الثعلبي : في تفسيره : ( قال الذين غلبوا على امرهم )
(( يعني ( تيدوسيس) الملك واصحابه ( لنتخذن عليهم مسجدا )
وقيل : الذين تغلبوا على امرهم وهم المؤمنون ))
د- وفي تفسير الجلالين (( يتنازعون )) اي المؤمنون والكفار (( بينهم امرهم )) امر الفتيه في البناء حولهم ( فقالوا ) اي الكفار ( ابنوا عليهم ) اي حولهم ( بنيانا) يسترهم ( ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم ) امر الفتيه وهم المؤمنون ( لنتخذن عليهم ) حولهم (مسجدا ) يصلي فيه وفعل ذلك على باب الكهف ))
حول حديث (لا تتخذوا القبور مساجد)
إن احترام العظماء والصلحاء وعلى رأسهم الأنبياء والأولياء نشأت عليها جميع الشعوب والأمم على مدى التاريخ، فهل من المعقول أن يقابله الدين الحنيف مع ما فيه من تعظيم وتركيز للاسس والمفاهيم الدينيّة؟! فهذا القرآن الكريم في نقله لقصّة أصحاب الكهف يذكر بناء مسجد على قبورهم مع تأييده لهذا العمل لعدم ردعهم عنه (( قال الّذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجداً )) (الكهف:21) فهل هذا حرام؟! أو على العكس فهو إحياءٌ لذكرى هؤلاء واشارة واضحة لتأييد عملهم ؟! وأيضاً يقول تبارك وتعالى: (( في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال )) (النور:36) .
ففي تفسير (روح المعاني 18/ 174) وردت رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بانّ هذه البيوت بيوت الأنبياء وحتّى بيت علي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) ؛ ومن المعلوم انّ الرسول (صلى الله عليه وآله) دفن في بيته فزيارته والصّلاة والدّعاء عند قبره يعتبر مشمولاً للنصّ القرآني .
حول حديث لايشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي.
هذا الحديث لم يروه إلاّ أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وهو حديث لم يرو في المصادر الشيعية وهو عندهم غير مقبول .
وأما كبار علماء أهل السنة كالإمام السبكي في كتابه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) والامام الحصني الدمشقي في كتابه ( دفع الشبه عن الرسول والرسالة ) وغيرهما ، فلهم في تفسير هذا الحديث كلام طويل يدل على جواز شد الرحال ، وملخصه :
ان الاستثناء في الحديث مفرّغ ، تقديره : لا تشد الرحال الى مسد إلاّ الى المساجد الثلاثة ، أو لا تشد الرحال الى مكان إلاّ الى المساجد الثلاثة .
فلو كان الاول ، كان معنى الحديث النهي عن شد الرحال الى أي مسجد من المساجد سوى المساجد الثلاثة ، ولا يعني عدم جواز شد الرحال الى أي مكان من الامكنة إذا لم يكن المقصود مسجداً ، فالاستدلال به على تحريم شد الرحال الى غير المساجد ، باطل .
ولو كان الثاني ، فلا يمكن الاخذ به اذ يلزمه كون جميع السفرات محرّمة سواء كان السفر لأجل زيارة المسجد أو غيره من الامكنة ، وهذا لا يلتزم به احد من الفقهاء .
ثم إن النهي في هذا الحديث ليس نهياً تحريمياً وانما هو ارشاد الى عدم الجدوى في هكذا سفر وذلك لأن المساجد الاخرى لا تختلف من حيث الفضيلة والدليل على ذلك مارواه أصحاب الصحاح انه ((كان رسول الله يأتي مسجد قبا راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين)) (صحيح البخاري 2 / 76 ، صحيح مسلم 4 / 127).
النساء وزيارة القبور
يجتهد فقهاء العامّة اليوم في حرمة ذلك بأساليب وأدوات غير علمية تبعدهم بذلك عن الاجتهاد, وإذا لاحظنا أتباع المذاهب الأربعة نجدهم لا يقولون بالحرمة إلّا على كونها فرض من الفروض المردودة, ففي المغني لابن قدامة ج2 ص430 قال :
( مسألة ) : قال (وتكره للنساء) اختلفت الرواية عن أحمد في زيارة النساء القبور, فروي عنه كراهتها, لما روت أم عطية قالت : نُهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا . رواه مسلم ؛ ولأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لعن الله زوارات القبور )). قال الترمذي هذا حديث صحيح, وهذا خاص في النساء .
والنهي المنسوخ كان عامّاً للرجال والنساء, ويحتمل أنّه كان خاصاً للرجال, ويحتمل أيضا كون الخبر في لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها, فقد دار بين الحظر والإباحة, فأقل أحواله الكراهة ؛ ولأنّ المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع, وفي زيارتها للقبر تهييج لحزنها, وتجديد لذكر مصابها, ولا يؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل مالا يجوز بخلاف الرجل, ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد, وخصصنّ بالنهي عن الحلق والصلق ونحوهما .
والرواية الثانية : لا يكره لعموم قوله عليه السلام ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور, فزوروها ), وهذا يدل على سبق النهي ونسخه, فيدخل في عمومه الرجال والنساء.
وروي عن ابن أبي مليكة أنّه قال لعائشة: يا أم المؤمنين أين أقبلت ؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن. فقلت لها: قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور ؟ قالت نعم. قد نهى ثمّ أمر بزيارتها. وروى الترمذي: أن عائشة زارت قبر أخيها, وروي عنها أنّها قالت: لو شهدته ما زرته
وقال الرافعي في فتح العزيز ج5 ص248:
وأمّا النساء : فهل يكره لهن الزيارة فيه وجهان :
(أحدهما) : ولم يذكر الأكثرون سواه, نعم, لقلة صبرهنّ, وكثرة جزعهنّ, وقد روى أنّه صلى الله عليه وسلم ( لعن زوارات القبور ) .
(والثاني) : لا قال الروياني في البحر, وهذا أصح عندي إذا أمن الافتتان
وقال النووي في المجموع ج5 ص311:
وأمّا النساء : فقال المصنف وصاحب البيان : لا تجوز لهنّ الزيارة, وهو ظاهر هذا الحديث, ولكنّه شاذ في المذهب, والذي قطع به الجمهور أنّها مكروهة لهنّ كراهة تنزيه .
وذكر الروياني في البحر وجهين :
(أحدهما) : يكره كما قاله الجمهور .
(والثاني) : لا يكره قال : وهو الأصح عندي إذا أمن الافتتان .
وقال صاحب المستظهري وعندي إن كانت زيارتهنّ لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهنّ حرم, قال : وعليه يحمل الحديث " لعن الله زوارات القبور ", وإن كانت زيارتهنّ للاعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره إلّا إن تكون عجوزاً لا تشتهى, فلا يكره كحضور الجماعة في المساجد, وهذا الذي قاله حسن, ومع هذا فالاحتياط للعجوز ترك الزيارة ؛ لظاهر الحديث .
واختلف العلماء رحمهم الله في دخول النساء في قوله صلى الله عليه وسلم : " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " .
والمختار عند أصحابنا : إنّهن لا يدخلن في ضمن الرجال, وممّا يدل أنّ زيارتهنّ ليست حراماً حديث أنس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم " مرّ بامرأة تبكى عند قبر فقال : اتق الله واصبري " . رواه البخاري ومسلم, وموضع الدلالة أنّه صلى الله عليه وسلم لم ينهها عن الزيارة .
وعن عائشة قالت : " كيف أقول يا رسول الله - يعنى إذا زرت القبور . قال : قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين, ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين, وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون " . رواه مسلم .
وقال الدسوقي في حاشيته ج1 ص422:
وذكر في المدخل في زيارة النساء للقبور ثلاثة أقوال : المنع, والجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم, والثالث : الفرق بين المتجالة والشابة اه.
وبهذا الثالث : جزم الثعالبي ونصه : وأمّا النساء فيباح للقواعد, ويحرم على الشواب اللاتي يخشى منهنّ الفتنة .
أقول : إنّ دليله يعني أن نفس الزيارة ليست محرمة, لكن الخوف على النساء من الوقوع في الفتنة هو الذي حرمها .
وقال السرخسي في المبسوط ج24 ص10:
والأصح عندنا أنّ الرخصة ثابتة في حقّ الرجال والنساء جميعاً, فقد روى أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تزور قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلّ وقت, وأنّها لما خرجت حاجة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضي الله عنه, وأنشدت عند القبر قول القائل
إنّ زيارة القبور تنطوي على آثار تربوية، وأخلاقية وذلك لانّ مشاهدة المقابر التي تضمُّ في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الحياة الدنيا، وكانوا بمكان عال من القدرة والسلطة، ثمّ انتقلوا إلى الاخرة، تؤدّي إلى الحدّ من روحِ الطمع، والحرص على الدنيا، وربّما تُغيّر سلوك الانسان لما يرى أنّ المنزل الاخير لحياته إنّما هو بيت ضيّق ومظلم باق فيه إلى ما شاء الله، فعند ذلك ربما يترك المظالم والمنكرات ويتوجّه إلى القيم والاخلاق.
وإلى هذا الجانب من الاثر التربوي يشير النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)ويقول:
«كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنّها ترقُّ القلوب، وتدمعُ العين وتذكِّر الاخرة، ولا تقولوا هجراً».المتقي الهندي، كنز العمال : ج15، الحديث 42555 و 42998.
وفي لفظ آخر: «كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنّها تزهّد في الدنيا» كنز العمال 15 : الحديث 42552..
وفي لفظ ثالث: «وتُذكّر الاخرة» .ابن ماجة، السنن 1 : 501 ح1571.
وعن أبي هريرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) زار قبر أُمّه ولم يستغفر لها. قال: «أُمرتُ بالزيارة ونُهيت عن الاستغفار فزوروا القبور، فإنّها تذكّر الموت».مسلم، الصحيح 2 : 671 ح108 ـ أحمد بن حنبل، المسند 1 : 444 ـ ابن ماجة، السنن 1 : 676 ـ أبو داود، السنن 2 : 72 ـ
وعنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «زوروا القبور فإنّها تذكّركم الاخرة»ابن ماجة، السنن 1 : 500 ح1569.
ويظهر من بعض الروايات أنّ النبيّ الاكرم (صلى الله عليه وآله) نهى يوماً عن زيارة القبور ثمّ رخّصها وكان النهي والترخيص من الله سبحانه.
ولعلّ النهي كان بملاك أنّ أكثر الاموات يومذاك كانوا من المشركين، فنهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن زيارتهم ولمّا كثر المؤمنون بينهم رخّص بإذن الله.
ولعلّ النهي كان بملاك آخر وهو أنّ زيارة القبور تُذكّر الموتى والقتلى وتورث الجبن عن الجهاد، وإذ قوي الاسلام رخّص الزيارة.الجناحي النجفي : منهج الرشاد : 144.
وعن أمّ سلمة عنه (صلى الله عليه وآله): «نَهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّ لكم فيها عِبرة».المتقي الهندي، كنز العمال 15 : 647 ح42558.
مفتي مصر: زيارة آل بيت النبي (ص) من أقرب الاعمال لله تعالي
اعتبر مفتي الديار المصرية الدكتور " علي جمعة " زيارة آل بيت النبي (ص) من أقرب القربات لله تعالي مؤكدا أن زيارة قبور الصالحين ليست شركا.
و رفض بشدة تصريحات أحد المتشددين برغبته في هدم ضريح الإمام الحسين (ع) وأوضح أنه لا وجه لإقحام الشرك أو الكفر في مسألة زيارة القبور أو أضرحة الصالحين إلا على افتراض أن الطائف يعبد من في القبر، أو يعتقد أنه يجلب الضر أو النفع بذاته، أو يعتقد بأن الطواف بالقبر عبادة شرعها الله تعالى.
و أكد أن كل هذه الاحتمالات ينأى أهل العلم عن فعل المسلم لها وأشار إلى أصول ثلاثة يجب مراعاتها عند الكلام في هذه المسألة وهي: أن الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم أن تُحمل على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، ولا يجوز أن نبادر برميه بالكفر أو الشرك وتلك قاعدة عامة ينبغي على المسلمين تطبيقها في كل الأفعال التي تصدر من إخوانهم المسلمين.
و أما الأصل الثاني كما يوضح مفتي الجمهورية هو أن هناك فارقا كبيرا ما بين الوسيلة والشرك، فالوسيلة مأمور بها شرعاً في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:35] وهي تعني التقرب إلى الله تعالى بكل ما شرعه سبحانه ويدخل في ذلك تعظيم كل ما عظمه الله تعالى من الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأموال، فيسعى المسلم مثلاً للصلاة في المسجد الحرام والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويتقرب إلى الله تعالى بحب الأنبياء والصالحين تعظيماً لمن عظمه الله تعالى من الأشخاص.
و أما الشرك فهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله على الوجه الذي لا ينبغي إلا لله تعالى حتى لو كان ذلك بغرض التقرب إلى الله، أي أن الشرك إنما يكون في التعظيم الذي هو كتعظيم الله تعالى.
أما الشرك فهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله على الوجه الذي لا ينبغي إلا لله تعالى حتى لو كان ذلك بغرض التقرب إلى الله، أي أن الشرك إنما يكون في التعظيم الذي هو كتعظيم الله تعالى.
و شدد على أنه إذا حصل خلاف في بعض أنواع الوسيلة كالتوسل بالصالحين والدعاء عند قبورهم مثلاً أو حصل خطأ فيها من بعض المسلمين فيما لم يشرع كونه وسيلة كالسجود للقبر أو الطواف به، فإنه لا يجوز أن ننقل هذا الخطأ أو ذلك الخلاف من دائرة الوسيلة إلى دائرة الشرك والكفر، لأننا نكون بذلك قد خلطنا بين الأمور وجعلنا التعظيم بالله كالتعظيم مع الله.
و أما الأصل الثالث فهو أن هناك فارقاً أيضاً ما بين كون الشيء سبباً واعتقاده خالقاً ومؤثراً بنفسه، تماماً كمثل اعتقاد المسلم أن المسيح عليه السلام سبب في إحياء الموتى بإذن الله في مقابلة اعتقاد النصراني أنه يفعل ذلك بنفسه، فإذا رأينا مسلماً يطلب أو يسأل أو يستعين أو يرجو نفعاً أو ضراً من غير الله فإنه يجب عليه قطعاً أن نحمل ما يصدر عنه على ابتغاء السببية لا على التأثير والخلق، لما نعلمه من اعتقاد كل مسلم أن النفع والضر الذاتيين إنما هما بيد الله وحده وأن هناك من المخلوقات ما ينفع أو يضر بإذن الله، ويبقى بعد ذلك في صحة كون هذا المخلوق أو ذلك سبباً من عدمه.
و أكد أنه إذا ما تقررت هذه الأصول الثلاثة فإنه يجب استحضارها في الكلام على حكم الطواف بالقبور، فإذا علمنا أننا نتكلم عن أفعال تصدر من مسلمين وأن هؤلاء المسلمين يزورون هذه الأضرحة والقبور اعتقاداً بصلاح أهلها وقربهم من الله تعالى وأن زيارة القبور عمل صالح يتقرب ويتوسل به المسلم إلى الله تعالى، وأن الكلام إنما في جواز بعض ما يصدر من هؤلاء المسلمين من عدمه. وأن في بعض أفعالهم خلافاً بين العلماء وفي بعضها خطأ محضاً لا خلاف فيه فإذا علمنا ذلك كله يتبين لنا بجلاء أنه لا مدخل للشرك أو للكفر في الحكم على أفعال هؤلاء المسلمين في قليل أو كثير، بل ما تم إلا الخلاف في بعض الوسائل والخطأ المحض في بعضها الآخر من غير ما يستوجب شيء من ذلك تكفيراً لمن ثبت إسلامه بيقين.
و أكد أنه لا يجوز للمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بمثل هذه المسائل ويجعلوها قضايا يحمل بعضهم فيها سيف الكلام على صاحبه، فيكون جهاد في غير وغى ويكون سبباً في تفريق الصفوف وبعثرة الجهود ويشغلنا عن بناء مجتمعاتنا ووحدة أمتنا.
و أكد أن زيارة آل بيت النبوة من أقرب القربات وأرجى الطاعات قبولاً عند الله. وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصى أمته بآل بيته كما حث على زيارة القبور فقال: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت» وأولى القبور بالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبور آل البيت النبوي الكريم لأن في زيارتهم ومودتهم براً وصلة لرسول الله.
ومن خلال هذه الادلة عن الكتاب والسنة الشريفة يتضح مدى ضعف وهزل اتباع محمد بن عبد الوهاب في محاربة هذه الشعيرة الاسلامية المهمة
بقلم العبد الفقير لله
عمارالطائي
شعبان الخير
فإنّ من يشاهد هذا المنظر سيحدّث نفسه قائلاً: وما قيمة هذه الحياة الدنيا التي سرعان ما تنتهي، وتكون مآلُها موت الاِنسان ورقوده تحت التراب.
هل يستحق العيش في مثل هذه الدنيا الفانية أن يقوم فيها الاِنسانُ من أجله بأعمالٍ ظالمة، وممارسات فاسدةٍ؟
,بين الحين والاخر تخرج علينا ابواق تتهم الشيعة بانهم عباد للقبور من دون الله وفي هذاالبحث المتواضع احاول ان نقف على ماهو موقف الكتاب والسنة الشريفة من زيارة القبور والاولياء الصالحين
الكتاب الكريم،
قال سبحانه وتعالى : (( ولاتصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون )) (التوبة:84) .
إنّ الاية تسعى لهدم شخصية المنافق، وهزّ العصا في وجوه حزبه ونظرائه. والنهي عن هذين الامرين بالنسبة إلى المنافق، معناه ومفهومه مطلوبية هذين الامرين (الصلاة والقيام على القبر) بالنسبة لغيره أي للمؤمن.هل يستحق العيش في مثل هذه الدنيا الفانية أن يقوم فيها الاِنسانُ من أجله بأعمالٍ ظالمة، وممارسات فاسدةٍ؟
,بين الحين والاخر تخرج علينا ابواق تتهم الشيعة بانهم عباد للقبور من دون الله وفي هذاالبحث المتواضع احاول ان نقف على ماهو موقف الكتاب والسنة الشريفة من زيارة القبور والاولياء الصالحين
الكتاب الكريم،
قال سبحانه وتعالى : (( ولاتصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون )) (التوبة:84) .
والان يجب أن ننظر في قوله تعالى: (ولا تَقُم عَلى قَبره) ما معناه؟
هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط، حيث لا يجوز ذلك للمنافق ويستحب للمؤمن، أو المعنى أعم من وقت الدفن وغيره؟
إنّ بعض المفسّرين وإن خصّوا القيامَ نفياً وإثباتاً بوقت الدفن لكن البعض الاخر فسروه في كلا المجالين بالاعم من وقت الدفن وغيره.
قال السيوطي في تفسيره: ولا تَقم على قبره لدفن أو زيارة(1) .
وقال الالوسي البغدادي: ويفهم من كلام بعضهم أنّ «على» بمعنى «عند» والمراد: لاتقف عند قبره للدفن أو للزيارة
وقال الشيخ إسماعيل حقّي البروسي: (ولاتَقُم على قبره) أي ولا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة والدعاء .
إلى غير ذلك من المفسرين، وقد سبقهم البيضاوي في تفسيره.
والحقّ مع من أخذ بإطلاق الاية وإليك توضيحه:
إنّ الاية; تتشكل من جملتين:
الاُولى:
قوله تعالى: "ولا تصلّ على أحد منهم ماتَ أبداً" .
إنّ لفظة «أحد» بحكم ورودها في سياق النفي تفيد العموم والاستغراق لجميع الافراد، ولفظة «أبداً» تفيد الاستغراق الزمني، فيكون معناها: لا تصل على أحد من المنافقين في أيّ وقت كان.
فمع الانتباه إلى هذين اللَّفظين نعرف ـ بوضوح ـ أنّ المراد من النهي عن الصلاة على الميّت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط، لانّها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعدّدة، ولو أُريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة «أبداً»، بل المراد من الصلاة في الاية مطلق الدعاء والترحّم سواء أكان عند الدفن أم غيره.
فإن قال قائل: إنّ لفظة «أبداً» تأكيد للاستغراق الافرادي لا الزماني.
فالجواب بوجهين:
1 ـ انّ لفظة «أحد» أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح فلا حاجة للتأكيد.
2 ـ انّ لفظة «أبداً» تستعمل في اللّغة العربية للاستغراق الزماني، كما في قوله تعالى: "وَلا أنْ تَنكِحُوا أزواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً" (الاحزاب/53).
فالنتيجة أنّ المقصود هو النهي عن الترحّم على المنافق وعن الاستغفار له، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.
الثانية:
(ولاَ تقُمْ عَلى قَبْرِهِ) إنّ مفهوم هذه الجملة ـ مع الانتباه إلى أنّها معطوفة على الجملة السابقة ـ هو: «لا تَقُم على قبر أحد منهم مات أبداً» لانّ كل ما ثبت للمعطوف عليه من القيد ـ أعني «أبداً» ـ يثبت للمعطوف أيضاً، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأنّ المقصود من القيام على القبر هو وقت الدفن فقط، لانّ المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن، كما كان بالنسبة للصلاة، ولفظة «أبداً» المقدّرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل، فهذا يدل على أنّ القيام على القبر لايختصّ بوقت الدفن.
وإن قال قائل: إنّ لفظة «أبداً» المقدّرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الافرادي.
قلنا: قد سبق الجواب عليه، وأنّ لفظة «أحد» للاستغراق الافرادي، لا لفظة «أبداً» فهي للاستغراق الزماني.
فيكون معنى الاية الكريمة: أنّ الله تعالى ينهى نبيه (صلى الله عليه وآله) عن مطلق الاستغفار والترحّم على المنافق، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء، وينهى عن مطلق القيام على القبر، سواء كان عند الدفن أو بعده.
ومفهوم ذلك هو أنّ هذين الامرين يجوزان للمؤمن.
وبهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه، حتى بعد مئات السنين.
هذا بالنسبة إلى المرحلة الاُولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن،
ام ماورد في استحباب الزيارة من السنة الشريفة من طرق اهل السنة
1 ـ روى مسلم عن عائشة أنّها قالت: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلّما كان ليلتها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجِّلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللّهمّ اغفر لاهل بقيع الغرقد»(1) .
2 ـ وعن عائشة في حديث طويل أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال لها: «أتاني جبرئيل فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ورحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون»(2) .
3 ـ وروى ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: ـ في رواية أبي بكر ـ «السلام على أهل الديار» وفي رواية زهير: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنّا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية»(3) .
4 ـ عن ابن بريدة عن أبيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»(4) .
5 ـ وروي في كنز العمال الروايات التالية: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون. ووددتُ أنّا قد أُرينا إخواننا قالوا: أولسنا إخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. إلخ» .مسلم، الصحيح 7 : 41.
6 ـ «السلام عليكم يا أهل القبور من المؤمنين والمسلمين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالاثر» .مسلم، الصحيح 7 : 45.
7 ـ «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا وإياكم متواعدون غداً ومتواكلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون اللّهم اغفر لاهل بقيع)الغرقد».مسلم، الصحيح 7 : 46 ـ الترمذي، السنن 3 : 370 ح 1054 ـ النسائي، السنن 4 : 89.
8 ـ «السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط وإنّا بكم لاحقون، اللّهمّ لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنّا بعدهم» .مسلم، الصحيح، كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة، الحديث 249.
9 ـ «إنّي نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها بتذكيركم زيارتها خيراً» .علاء الدين، كنز العمال 15 : 247 الحديث 42561 و 42562.
10 ـ «نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهنّ; نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّ في زيارتها تذكرة». إلى غير ذلك من الاثار النبوية الحاثّة على زيارة القبور، فمن أراد التفصيل فليرجع إلى كنز العمال.
11: زيارة النبي (ص) لقبر امه (ع)
روى مسلم وابي داود والنسائي وابن ماجة والحاكم .. عن ابي هريرة قال : (( زار النبي (ص) قبر امه فبكى وابكى من حوله ))
صحيح مسلم \ح1622,سنن ابي داود \ح2851,سنن النسائي\ح2007,سنن ابن ماجة \ح1561.الحاكم \ح1339
12:زيارة ابو ايوب الانصاري قبر الرسول (ص)
((أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال أتدري ما تصنع فأقبل عليه فأذا هو ابو ايوب فقال نعم جئت رسول الله ولم اتِ الحجر ))
مسند احمد ابن حمبل\ح22482,المسند الجامع\ح3572
مشروعية بناء القبب على الاضرحة المقدسة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قوله تعالى ((فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا )) سورة الكهف \الاية 21
عبيد بن عمير قال : (( عمى الله على الذين اعثرهم على اصحاب الكهف مكانهم فلم يهتدوا فقال المشركون : ( نبني عليهم بنيانا فانهم ابناء اباء ونعبد الله فيها) وقال المسلمون : بل نحن احق بهم هم منا نبني عليهم مسجدا نصلي فيه ونعبد الله فيه ))
ب- قال السيوطي : في تفسيره (( اخرج ا بن حاتم عن السدى قال 000 فقال الملك لاتخذن عند هولاءالقوم الصالحين مسجدا فلاعبدن الله فيه حتى اموت فذلك قوله (قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا )
ج- قال الثعلبي : في تفسيره : ( قال الذين غلبوا على امرهم )
(( يعني ( تيدوسيس) الملك واصحابه ( لنتخذن عليهم مسجدا )
وقيل : الذين تغلبوا على امرهم وهم المؤمنون ))
د- وفي تفسير الجلالين (( يتنازعون )) اي المؤمنون والكفار (( بينهم امرهم )) امر الفتيه في البناء حولهم ( فقالوا ) اي الكفار ( ابنوا عليهم ) اي حولهم ( بنيانا) يسترهم ( ربهم اعلم بهم قال الذين غلبوا على امرهم ) امر الفتيه وهم المؤمنون ( لنتخذن عليهم ) حولهم (مسجدا ) يصلي فيه وفعل ذلك على باب الكهف ))
حول حديث (لا تتخذوا القبور مساجد)
إن احترام العظماء والصلحاء وعلى رأسهم الأنبياء والأولياء نشأت عليها جميع الشعوب والأمم على مدى التاريخ، فهل من المعقول أن يقابله الدين الحنيف مع ما فيه من تعظيم وتركيز للاسس والمفاهيم الدينيّة؟! فهذا القرآن الكريم في نقله لقصّة أصحاب الكهف يذكر بناء مسجد على قبورهم مع تأييده لهذا العمل لعدم ردعهم عنه (( قال الّذين غلبوا على أمرهم لنتّخذنّ عليهم مسجداً )) (الكهف:21) فهل هذا حرام؟! أو على العكس فهو إحياءٌ لذكرى هؤلاء واشارة واضحة لتأييد عملهم ؟! وأيضاً يقول تبارك وتعالى: (( في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ والآصال )) (النور:36) .
ففي تفسير (روح المعاني 18/ 174) وردت رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بانّ هذه البيوت بيوت الأنبياء وحتّى بيت علي (عليه السلام) وفاطمة (عليها السلام) ؛ ومن المعلوم انّ الرسول (صلى الله عليه وآله) دفن في بيته فزيارته والصّلاة والدّعاء عند قبره يعتبر مشمولاً للنصّ القرآني .
حول حديث لايشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى والمسجد النبوي.
هذا الحديث لم يروه إلاّ أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) ، وهو حديث لم يرو في المصادر الشيعية وهو عندهم غير مقبول .
وأما كبار علماء أهل السنة كالإمام السبكي في كتابه (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) والامام الحصني الدمشقي في كتابه ( دفع الشبه عن الرسول والرسالة ) وغيرهما ، فلهم في تفسير هذا الحديث كلام طويل يدل على جواز شد الرحال ، وملخصه :
ان الاستثناء في الحديث مفرّغ ، تقديره : لا تشد الرحال الى مسد إلاّ الى المساجد الثلاثة ، أو لا تشد الرحال الى مكان إلاّ الى المساجد الثلاثة .
فلو كان الاول ، كان معنى الحديث النهي عن شد الرحال الى أي مسجد من المساجد سوى المساجد الثلاثة ، ولا يعني عدم جواز شد الرحال الى أي مكان من الامكنة إذا لم يكن المقصود مسجداً ، فالاستدلال به على تحريم شد الرحال الى غير المساجد ، باطل .
ولو كان الثاني ، فلا يمكن الاخذ به اذ يلزمه كون جميع السفرات محرّمة سواء كان السفر لأجل زيارة المسجد أو غيره من الامكنة ، وهذا لا يلتزم به احد من الفقهاء .
ثم إن النهي في هذا الحديث ليس نهياً تحريمياً وانما هو ارشاد الى عدم الجدوى في هكذا سفر وذلك لأن المساجد الاخرى لا تختلف من حيث الفضيلة والدليل على ذلك مارواه أصحاب الصحاح انه ((كان رسول الله يأتي مسجد قبا راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين)) (صحيح البخاري 2 / 76 ، صحيح مسلم 4 / 127).
النساء وزيارة القبور
يجتهد فقهاء العامّة اليوم في حرمة ذلك بأساليب وأدوات غير علمية تبعدهم بذلك عن الاجتهاد, وإذا لاحظنا أتباع المذاهب الأربعة نجدهم لا يقولون بالحرمة إلّا على كونها فرض من الفروض المردودة, ففي المغني لابن قدامة ج2 ص430 قال :
( مسألة ) : قال (وتكره للنساء) اختلفت الرواية عن أحمد في زيارة النساء القبور, فروي عنه كراهتها, لما روت أم عطية قالت : نُهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا . رواه مسلم ؛ ولأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لعن الله زوارات القبور )). قال الترمذي هذا حديث صحيح, وهذا خاص في النساء .
والنهي المنسوخ كان عامّاً للرجال والنساء, ويحتمل أنّه كان خاصاً للرجال, ويحتمل أيضا كون الخبر في لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها, فقد دار بين الحظر والإباحة, فأقل أحواله الكراهة ؛ ولأنّ المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع, وفي زيارتها للقبر تهييج لحزنها, وتجديد لذكر مصابها, ولا يؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل مالا يجوز بخلاف الرجل, ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد, وخصصنّ بالنهي عن الحلق والصلق ونحوهما .
والرواية الثانية : لا يكره لعموم قوله عليه السلام ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور, فزوروها ), وهذا يدل على سبق النهي ونسخه, فيدخل في عمومه الرجال والنساء.
وروي عن ابن أبي مليكة أنّه قال لعائشة: يا أم المؤمنين أين أقبلت ؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن. فقلت لها: قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور ؟ قالت نعم. قد نهى ثمّ أمر بزيارتها. وروى الترمذي: أن عائشة زارت قبر أخيها, وروي عنها أنّها قالت: لو شهدته ما زرته
وقال الرافعي في فتح العزيز ج5 ص248:
وأمّا النساء : فهل يكره لهن الزيارة فيه وجهان :
(أحدهما) : ولم يذكر الأكثرون سواه, نعم, لقلة صبرهنّ, وكثرة جزعهنّ, وقد روى أنّه صلى الله عليه وسلم ( لعن زوارات القبور ) .
(والثاني) : لا قال الروياني في البحر, وهذا أصح عندي إذا أمن الافتتان
وقال النووي في المجموع ج5 ص311:
وأمّا النساء : فقال المصنف وصاحب البيان : لا تجوز لهنّ الزيارة, وهو ظاهر هذا الحديث, ولكنّه شاذ في المذهب, والذي قطع به الجمهور أنّها مكروهة لهنّ كراهة تنزيه .
وذكر الروياني في البحر وجهين :
(أحدهما) : يكره كما قاله الجمهور .
(والثاني) : لا يكره قال : وهو الأصح عندي إذا أمن الافتتان .
وقال صاحب المستظهري وعندي إن كانت زيارتهنّ لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهنّ حرم, قال : وعليه يحمل الحديث " لعن الله زوارات القبور ", وإن كانت زيارتهنّ للاعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره إلّا إن تكون عجوزاً لا تشتهى, فلا يكره كحضور الجماعة في المساجد, وهذا الذي قاله حسن, ومع هذا فالاحتياط للعجوز ترك الزيارة ؛ لظاهر الحديث .
واختلف العلماء رحمهم الله في دخول النساء في قوله صلى الله عليه وسلم : " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " .
والمختار عند أصحابنا : إنّهن لا يدخلن في ضمن الرجال, وممّا يدل أنّ زيارتهنّ ليست حراماً حديث أنس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم " مرّ بامرأة تبكى عند قبر فقال : اتق الله واصبري " . رواه البخاري ومسلم, وموضع الدلالة أنّه صلى الله عليه وسلم لم ينهها عن الزيارة .
وعن عائشة قالت : " كيف أقول يا رسول الله - يعنى إذا زرت القبور . قال : قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين, ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين, وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون " . رواه مسلم .
وقال الدسوقي في حاشيته ج1 ص422:
وذكر في المدخل في زيارة النساء للقبور ثلاثة أقوال : المنع, والجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم, والثالث : الفرق بين المتجالة والشابة اه.
وبهذا الثالث : جزم الثعالبي ونصه : وأمّا النساء فيباح للقواعد, ويحرم على الشواب اللاتي يخشى منهنّ الفتنة .
أقول : إنّ دليله يعني أن نفس الزيارة ليست محرمة, لكن الخوف على النساء من الوقوع في الفتنة هو الذي حرمها .
وقال السرخسي في المبسوط ج24 ص10:
والأصح عندنا أنّ الرخصة ثابتة في حقّ الرجال والنساء جميعاً, فقد روى أنّ عائشة رضي الله عنها كانت تزور قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلّ وقت, وأنّها لما خرجت حاجة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضي الله عنه, وأنشدت عند القبر قول القائل
وكنا كندماني جذيمة حقبة ***** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا ***** لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
الاثار التربوية لزيارة القبورفلما تفرقنا كأني ومالكا ***** لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
إنّ زيارة القبور تنطوي على آثار تربوية، وأخلاقية وذلك لانّ مشاهدة المقابر التي تضمُّ في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الحياة الدنيا، وكانوا بمكان عال من القدرة والسلطة، ثمّ انتقلوا إلى الاخرة، تؤدّي إلى الحدّ من روحِ الطمع، والحرص على الدنيا، وربّما تُغيّر سلوك الانسان لما يرى أنّ المنزل الاخير لحياته إنّما هو بيت ضيّق ومظلم باق فيه إلى ما شاء الله، فعند ذلك ربما يترك المظالم والمنكرات ويتوجّه إلى القيم والاخلاق.
وإلى هذا الجانب من الاثر التربوي يشير النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)ويقول:
«كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنّها ترقُّ القلوب، وتدمعُ العين وتذكِّر الاخرة، ولا تقولوا هجراً».المتقي الهندي، كنز العمال : ج15، الحديث 42555 و 42998.
وفي لفظ آخر: «كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنّها تزهّد في الدنيا» كنز العمال 15 : الحديث 42552..
وفي لفظ ثالث: «وتُذكّر الاخرة» .ابن ماجة، السنن 1 : 501 ح1571.
وعن أبي هريرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) زار قبر أُمّه ولم يستغفر لها. قال: «أُمرتُ بالزيارة ونُهيت عن الاستغفار فزوروا القبور، فإنّها تذكّر الموت».مسلم، الصحيح 2 : 671 ح108 ـ أحمد بن حنبل، المسند 1 : 444 ـ ابن ماجة، السنن 1 : 676 ـ أبو داود، السنن 2 : 72 ـ
وعنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «زوروا القبور فإنّها تذكّركم الاخرة»ابن ماجة، السنن 1 : 500 ح1569.
ويظهر من بعض الروايات أنّ النبيّ الاكرم (صلى الله عليه وآله) نهى يوماً عن زيارة القبور ثمّ رخّصها وكان النهي والترخيص من الله سبحانه.
ولعلّ النهي كان بملاك أنّ أكثر الاموات يومذاك كانوا من المشركين، فنهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن زيارتهم ولمّا كثر المؤمنون بينهم رخّص بإذن الله.
ولعلّ النهي كان بملاك آخر وهو أنّ زيارة القبور تُذكّر الموتى والقتلى وتورث الجبن عن الجهاد، وإذ قوي الاسلام رخّص الزيارة.الجناحي النجفي : منهج الرشاد : 144.
وعن أمّ سلمة عنه (صلى الله عليه وآله): «نَهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّ لكم فيها عِبرة».المتقي الهندي، كنز العمال 15 : 647 ح42558.
مفتي مصر: زيارة آل بيت النبي (ص) من أقرب الاعمال لله تعالي
اعتبر مفتي الديار المصرية الدكتور " علي جمعة " زيارة آل بيت النبي (ص) من أقرب القربات لله تعالي مؤكدا أن زيارة قبور الصالحين ليست شركا.
و رفض بشدة تصريحات أحد المتشددين برغبته في هدم ضريح الإمام الحسين (ع) وأوضح أنه لا وجه لإقحام الشرك أو الكفر في مسألة زيارة القبور أو أضرحة الصالحين إلا على افتراض أن الطائف يعبد من في القبر، أو يعتقد أنه يجلب الضر أو النفع بذاته، أو يعتقد بأن الطواف بالقبر عبادة شرعها الله تعالى.
و أكد أن كل هذه الاحتمالات ينأى أهل العلم عن فعل المسلم لها وأشار إلى أصول ثلاثة يجب مراعاتها عند الكلام في هذه المسألة وهي: أن الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم أن تُحمل على الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، ولا يجوز أن نبادر برميه بالكفر أو الشرك وتلك قاعدة عامة ينبغي على المسلمين تطبيقها في كل الأفعال التي تصدر من إخوانهم المسلمين.
و أما الأصل الثاني كما يوضح مفتي الجمهورية هو أن هناك فارقا كبيرا ما بين الوسيلة والشرك، فالوسيلة مأمور بها شرعاً في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:35] وهي تعني التقرب إلى الله تعالى بكل ما شرعه سبحانه ويدخل في ذلك تعظيم كل ما عظمه الله تعالى من الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأموال، فيسعى المسلم مثلاً للصلاة في المسجد الحرام والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويتقرب إلى الله تعالى بحب الأنبياء والصالحين تعظيماً لمن عظمه الله تعالى من الأشخاص.
و أما الشرك فهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله على الوجه الذي لا ينبغي إلا لله تعالى حتى لو كان ذلك بغرض التقرب إلى الله، أي أن الشرك إنما يكون في التعظيم الذي هو كتعظيم الله تعالى.
أما الشرك فهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله على الوجه الذي لا ينبغي إلا لله تعالى حتى لو كان ذلك بغرض التقرب إلى الله، أي أن الشرك إنما يكون في التعظيم الذي هو كتعظيم الله تعالى.
و شدد على أنه إذا حصل خلاف في بعض أنواع الوسيلة كالتوسل بالصالحين والدعاء عند قبورهم مثلاً أو حصل خطأ فيها من بعض المسلمين فيما لم يشرع كونه وسيلة كالسجود للقبر أو الطواف به، فإنه لا يجوز أن ننقل هذا الخطأ أو ذلك الخلاف من دائرة الوسيلة إلى دائرة الشرك والكفر، لأننا نكون بذلك قد خلطنا بين الأمور وجعلنا التعظيم بالله كالتعظيم مع الله.
و أما الأصل الثالث فهو أن هناك فارقاً أيضاً ما بين كون الشيء سبباً واعتقاده خالقاً ومؤثراً بنفسه، تماماً كمثل اعتقاد المسلم أن المسيح عليه السلام سبب في إحياء الموتى بإذن الله في مقابلة اعتقاد النصراني أنه يفعل ذلك بنفسه، فإذا رأينا مسلماً يطلب أو يسأل أو يستعين أو يرجو نفعاً أو ضراً من غير الله فإنه يجب عليه قطعاً أن نحمل ما يصدر عنه على ابتغاء السببية لا على التأثير والخلق، لما نعلمه من اعتقاد كل مسلم أن النفع والضر الذاتيين إنما هما بيد الله وحده وأن هناك من المخلوقات ما ينفع أو يضر بإذن الله، ويبقى بعد ذلك في صحة كون هذا المخلوق أو ذلك سبباً من عدمه.
و أكد أنه إذا ما تقررت هذه الأصول الثلاثة فإنه يجب استحضارها في الكلام على حكم الطواف بالقبور، فإذا علمنا أننا نتكلم عن أفعال تصدر من مسلمين وأن هؤلاء المسلمين يزورون هذه الأضرحة والقبور اعتقاداً بصلاح أهلها وقربهم من الله تعالى وأن زيارة القبور عمل صالح يتقرب ويتوسل به المسلم إلى الله تعالى، وأن الكلام إنما في جواز بعض ما يصدر من هؤلاء المسلمين من عدمه. وأن في بعض أفعالهم خلافاً بين العلماء وفي بعضها خطأ محضاً لا خلاف فيه فإذا علمنا ذلك كله يتبين لنا بجلاء أنه لا مدخل للشرك أو للكفر في الحكم على أفعال هؤلاء المسلمين في قليل أو كثير، بل ما تم إلا الخلاف في بعض الوسائل والخطأ المحض في بعضها الآخر من غير ما يستوجب شيء من ذلك تكفيراً لمن ثبت إسلامه بيقين.
و أكد أنه لا يجوز للمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بمثل هذه المسائل ويجعلوها قضايا يحمل بعضهم فيها سيف الكلام على صاحبه، فيكون جهاد في غير وغى ويكون سبباً في تفريق الصفوف وبعثرة الجهود ويشغلنا عن بناء مجتمعاتنا ووحدة أمتنا.
و أكد أن زيارة آل بيت النبوة من أقرب القربات وأرجى الطاعات قبولاً عند الله. وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصى أمته بآل بيته كما حث على زيارة القبور فقال: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت» وأولى القبور بالزيارة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبور آل البيت النبوي الكريم لأن في زيارتهم ومودتهم براً وصلة لرسول الله.
ومن خلال هذه الادلة عن الكتاب والسنة الشريفة يتضح مدى ضعف وهزل اتباع محمد بن عبد الوهاب في محاربة هذه الشعيرة الاسلامية المهمة
بقلم العبد الفقير لله
عمارالطائي
شعبان الخير