آلسَيِّدة حميِّدة آلمغرٍبيِّه ( عليِّهآ آلسَلام ) وٍآلدة آلامآم موٍسَى آلكـَآظم ( ع)
‗۩‗°¨_‗ـ موٍسَوٍعه نسَآء خآلدآت ـ‗_¨°‗۩
آلسَيِّدة حميِّدة آلمغرٍبيِّه ( عليِّهآ آلسَلام ) وٍآلدة آلامآم موٍسَى آلكـَآظم ( عليِّه آلسَلام)
نسبها
هي السيدة حميدة المغربية (البربرية) بنت صاعد البربري.
لقبها: لؤلؤة.
وقد لقبها الإمام الباقر (عليه السلام) بالمحمودة، حيث قال لها: «أنت حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة»(1).
ولقبها الإمام الصادق (عليه السلام) بالمصفاة من الأدناس(2).
والسيدة حميدة من أهل بربر، وقيل: إنها أندلسية.
وكانت من المتّقيات الثقاة.
وكانت الملائكة تحرسها، كما في الحديث الشريف(3).
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يرسلها مع اُمّ فروة لقضاء حقوق أهل المدينة.
وكانت من أشراف العجم(4).
قصة زواجها
وقصة زواج السيدة حميدة (عليها السلام) بالإمام الصادق (عليه السلام) تتضمّن كرامات عديدة، حيث ورد أنّ ابن عكاشة بن محصن الأسدي دخل على أبي جعفر(عليه السلام)، وكان أبو عبد الله (عليه السلام) قائماً عنده، فقدّم إليه عنباً، فقال: حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنه لايشبع، وكله حبّتين حبّتين فإنه يستحب.
فقال لأبي جعفر (عليه السلام): لأي شيء لا تزوّج أبا عبد الله (عليه السلام)، فقد أدرك التزويج؟
قال: وبين يديه صرّة مختومة.
فقال: سيجيء نخّاس(5) من أهل بربر فينزل دار ميمون فنشتري لـه بهذه الصرّة جارية.
قال: فأتى لذلك ما أتى.
فدخلنا يوماً على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «ألا اُخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم؟ قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرّة منه جارية».
قال: فأتينا النخّاس، فقال: قد بعت ما كان عندي، إلاّ جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الاُخرى.
قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إليهما، فأخرجهما.
فقلنا: بكم تبيع هذه الجارية المتماثلة؟
قال: بسبعين ديناراً.
قلنا: أحسن.
قال: لا أنقص من سبعين ديناراً.
قلنا: نشتريها منك بهذه الصرّة ما بلغت ولا ندري ما فيها، وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال: فكّوا وزنوا.
فقال: النخّاس: لا تفكّوا فإنّها إن نقصت حبّة من سبعين ديناراً لم اُبايعكم.
فقال الشيخ: ادنوا.
فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص.
فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر (عليه السلام) وجعفر (عليه السلام) قائم عنده، فأخبرنا أبا جعفر (عليه السلام) بما كان.
فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال لها: ما اسمك؟
قالت: حميدة.
فقال: حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة، أخبريني عنك، أبكر أنت أم ثيّب؟
قالت: بكر.
قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخّاسين شيء إلاّ أفسدوه؟
فقالت: قد كان يجيئني فيقعد منّي مقعد الرجل من المرأة فيسلّط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي، ففعل بي مراراً، وفعل الشيخ به مراراً.
فقال (عليه السلام): يا جعفر خذها إليك، فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر(عليه السلام)(6).
المولود المبارك
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها، حتى أدّت إليّ كرامة من الله لي، والحجّة من بعدي»(7).
وعن أبي بصير قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى(عليه السلام)، فلمّا نزلنا الأبواء، وضع لنا أبو عبد الله (عليه السلام) الغداء ولأصحابه، وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدى إذ أتاه رسول حميدة: أنّ الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.
فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فرحاً مسروراً، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه، ضاحكاً سنُّه.
فقلنا: أضحك الله سنّك، وأقرّ عينك ما صنعت حميدة؟
فقال: «وهب الله لي غلاماً، وهو خير مَن برأ الله (أي خلق الله من العدم) ولقد خبّرتني بأمر كنت أعلم به منها».
قلت: جعلت فداك وما خبّرتك عنه حميدة؟
قال: «ذكرت أنه لمّا وقع من بطنها، وقع واضعاً يديه على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ تلك أمارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمارة الإمام (عليه السلام) من بعده(8)، الحديث.
وفي رواية أخرى:
عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى (عليه السلام) فلما نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا.
فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فانطلق مع الرسول.
فلما انصرف قال لـه أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة؟
قال: «سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه، ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرفه ولقد كنت أعلم به منها».
فقلت: جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟
قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأمارة الوصي من بعده.
فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأمارة الوصي من بعده؟
فقال لي: «إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن فسقاه إياه وأمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم، فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي فجامعت فعلق بابني هذا المولود، فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، إن نطفة الإمام مما أخبرتك، وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال لـه حيوان فكتب على عضده الأيمن (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم((9) وإذا وقع من بطن أمه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأما وضعه يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض، وأما رفعه رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الأعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي، فإذا انقضى الصوت صوت المنادي أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم((10)».
قال: «فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر».
قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟
قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: (تنزل الملائكة والروح((11)»(12).
بخ بخ لك
وقالوا: لما ولد موسى بن جعفر (عليه السلام) دخل أبو عبد الله (عليه السلام) على حميدة البربرية أم موسى (عليه السلام) فقال لها: «يا حميدة بخ بخ حل الملك في بيتك»(13).
راعيتها لزوجها
وكانت السيدة حميدة مهتمة برعاية زوجها الإمام الصادق (عليه السلام).
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ولقد آذاني أكل الخل والزيت حتى إن حميدة أمرت بدجاجة مشوية فرجعت إلي نفسي»(14).
أولادها
وقد رزقها الله من الإمام الصادق (عليه السلام)، مضافاً إلى الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام): إسحاق ومحمد وفاطمة(15).
فقهها
كانت السيدة حميدة فقيهة بمذهب أهل البيت (عليهم السلام)وكان الإمام الصادق(عليه السلام) يرجع النساء إليها في تعلم الأحكام الشرعية والسؤال عن المسائل الفقهية وما أشبه.
عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: قلت له: إن معنا صبيا مولوداً فكيف نصنع به؟
فقال (عليه السلام): «مر أمه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها».
فأتتها فسألتها كيف تصنع؟
فقالت: (إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم، وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النحر فارموا عنه واحلقوا رأسه، ثم زوروا به البيت، ومري الجارية أن تطوف به بين الصفا والمروة)(16).
روايتها
وكانت السيدة حميدة (عليها السلام) من رواة أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
روى أبو بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه ثم قال: «اجمعوا كل من بيني وبينه قرابة» قالت: فما تركنا أحداً إلا جمعناه، فنظر إليهم ثم قال: «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة»(17).
وفي حديث آخر: قال (عليه السلام): «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة ولم يرد علينا الحوض من يشرب من هذه الأشربة» فقال لـه بعضهم: أي أشربة هي؟ فقال: «كل مسكر»(18).
تزويج ابنها
كانت السيدة حميدة (عليها السلام) ذات مكانة عالية عند أهل البيت (عليهم السلام)، وقد اهتمت بأمر تزويج ولدها الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وهي التي اشترت السيدة نجمة (تكتم) والدة الإمام الرضا (عليه السلام) لولدها وزوجته منه بأمر الإمام الصادق(عليه السلام)، بل بأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أيضاً.
عن علي بن ميثم عن أبيه قال: (لما اشترت حميدة أم موسى بن جعفر (عليه السلام) أم الرضا (عليه السلام) نجمة ذكرت حميدة أنها رأت في المنام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول لها: «يا حميدة هي نجمة لابنك موسى، فإنه سيولد لـه منها خير أهل الأرض» فوهبتها له، فلما ولدت لـه الرضا (عليه السلام) سماها الطاهرة، وكانت لها أسماء منها: نجمة وأروى وسكن وسمان وتكتم وهو آخر أساميها)(19).
وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) عن عون بن محمد الكندي قال: سمعت أبا الحسن علي بن ميثم يقول: ما رأيت أحداً قط أعرف بأمر الأئمة (عليهم السلام)وأخبارهم ومناكحهم منه، قال: اشترت حميدة المصفاة وهي أم أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وكانت من أشراف العجم جارية مولدة واسمها تكتم، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة حتى أنها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالا لها، فقالت لابنها موسى (عليه السلام): يا بني إن تكتم جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها ولست أشك أن الله تعالى سيطهر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك فاستوص بها خيرا، فلما ولدت لـه الرضا ع سماها الطاهرة)(20).
بكاؤها على زوجها
وقد بكت السيدة حميدة على زوجها في وفاته وكلما كانت تذكره، كما مر في رواية أبي بصير قال: (دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها)(21).
(1) راجع الكافي: ج1 ص476 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ضمن ح1.
(2) الكافي: ج1 ص477 ح2.
(3) الكافي: ج1 ص477 ح2.
(4) انظر بحار الأنوار: ج49 ص4 ب1.
(5) النخّاس: بائع الرقيق، (لسان العرب) مادّة نخس.
(6) الكافي: ج1 ص477 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ح1.
(7) الكافي: ج1 ص477 ح2.
(8) بصائر الدرجات: ص440 ب12 ح4.
(9) سورة الأنعام: 115.
(10) سورة آل عمران: 18.
(11) سورة القدر: 4.
(12) الكافي: ج1 ص385 باب مواليد الأئمة ? ح1.
(13) بحار الأنوار: ج37 ص15 ب49.
(14) وسائل الشيعة: ج25 ص47 ب16 ح31133.
(15) بحار الأنوار: ج48 ص7 ب1ضمن ح10.
(16) وسائل الشيعة: ج11 ص286 ب17 ح14817.
(17) وسائل الشيعة: ج4 ص26 ب6 ح4423.
(18) مستدرك الوسائل: ج17 ص57 ب11 ح20738.
(19) بحار الأنوار: ج49 ص7 ب1 ح8.
(20) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : ج1 ص14 ب2 ح2.
(21) وسائل الشيعة: ج4 ص26 ب6 ح4423.
آلسَيِّدة حميِّدة آلمغرٍبيِّه ( عليِّهآ آلسَلام ) وٍآلدة آلامآم موٍسَى آلكـَآظم ( عليِّه آلسَلام)
نسبها
هي السيدة حميدة المغربية (البربرية) بنت صاعد البربري.
لقبها: لؤلؤة.
وقد لقبها الإمام الباقر (عليه السلام) بالمحمودة، حيث قال لها: «أنت حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة»(1).
ولقبها الإمام الصادق (عليه السلام) بالمصفاة من الأدناس(2).
والسيدة حميدة من أهل بربر، وقيل: إنها أندلسية.
وكانت من المتّقيات الثقاة.
وكانت الملائكة تحرسها، كما في الحديث الشريف(3).
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يرسلها مع اُمّ فروة لقضاء حقوق أهل المدينة.
وكانت من أشراف العجم(4).
قصة زواجها
وقصة زواج السيدة حميدة (عليها السلام) بالإمام الصادق (عليه السلام) تتضمّن كرامات عديدة، حيث ورد أنّ ابن عكاشة بن محصن الأسدي دخل على أبي جعفر(عليه السلام)، وكان أبو عبد الله (عليه السلام) قائماً عنده، فقدّم إليه عنباً، فقال: حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير، وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنه لايشبع، وكله حبّتين حبّتين فإنه يستحب.
فقال لأبي جعفر (عليه السلام): لأي شيء لا تزوّج أبا عبد الله (عليه السلام)، فقد أدرك التزويج؟
قال: وبين يديه صرّة مختومة.
فقال: سيجيء نخّاس(5) من أهل بربر فينزل دار ميمون فنشتري لـه بهذه الصرّة جارية.
قال: فأتى لذلك ما أتى.
فدخلنا يوماً على أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: «ألا اُخبركم عن النخّاس الذي ذكرته لكم؟ قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرّة منه جارية».
قال: فأتينا النخّاس، فقال: قد بعت ما كان عندي، إلاّ جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الاُخرى.
قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إليهما، فأخرجهما.
فقلنا: بكم تبيع هذه الجارية المتماثلة؟
قال: بسبعين ديناراً.
قلنا: أحسن.
قال: لا أنقص من سبعين ديناراً.
قلنا: نشتريها منك بهذه الصرّة ما بلغت ولا ندري ما فيها، وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال: فكّوا وزنوا.
فقال: النخّاس: لا تفكّوا فإنّها إن نقصت حبّة من سبعين ديناراً لم اُبايعكم.
فقال الشيخ: ادنوا.
فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير فإذا هي سبعون ديناراً لا تزيد ولا تنقص.
فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر (عليه السلام) وجعفر (عليه السلام) قائم عنده، فأخبرنا أبا جعفر (عليه السلام) بما كان.
فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال لها: ما اسمك؟
قالت: حميدة.
فقال: حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة، أخبريني عنك، أبكر أنت أم ثيّب؟
قالت: بكر.
قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخّاسين شيء إلاّ أفسدوه؟
فقالت: قد كان يجيئني فيقعد منّي مقعد الرجل من المرأة فيسلّط الله عليه رجلاً أبيض الرأس واللحية فلا يزال يلطمه حتّى يقوم عنّي، ففعل بي مراراً، وفعل الشيخ به مراراً.
فقال (عليه السلام): يا جعفر خذها إليك، فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر(عليه السلام)(6).
المولود المبارك
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «حميدة مصفّاة من الأدناس كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها، حتى أدّت إليّ كرامة من الله لي، والحجّة من بعدي»(7).
وعن أبي بصير قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى(عليه السلام)، فلمّا نزلنا الأبواء، وضع لنا أبو عبد الله (عليه السلام) الغداء ولأصحابه، وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدى إذ أتاه رسول حميدة: أنّ الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.
فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فرحاً مسروراً، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه، ضاحكاً سنُّه.
فقلنا: أضحك الله سنّك، وأقرّ عينك ما صنعت حميدة؟
فقال: «وهب الله لي غلاماً، وهو خير مَن برأ الله (أي خلق الله من العدم) ولقد خبّرتني بأمر كنت أعلم به منها».
قلت: جعلت فداك وما خبّرتك عنه حميدة؟
قال: «ذكرت أنه لمّا وقع من بطنها، وقع واضعاً يديه على الأرض، رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ تلك أمارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأمارة الإمام (عليه السلام) من بعده(8)، الحديث.
وفي رواية أخرى:
عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) في السنة التي ولد فيها ابنه موسى (عليه السلام) فلما نزلنا الأبواء وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لأصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذ أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا.
فقام أبو عبد الله (عليه السلام) فانطلق مع الرسول.
فلما انصرف قال لـه أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة؟
قال: «سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه، ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرفه ولقد كنت أعلم به منها».
فقلت: جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟
قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأمارة الوصي من بعده.
فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأمارة الوصي من بعده؟
فقال لي: «إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكأس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن فسقاه إياه وأمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم، فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي فجامعت فعلق بابني هذا المولود، فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، إن نطفة الإمام مما أخبرتك، وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال لـه حيوان فكتب على عضده الأيمن (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم((9) وإذا وقع من بطن أمه وقع واضعا يديه على الأرض رافعا رأسه إلى السماء، فأما وضعه يديه على الأرض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الأرض، وأما رفعه رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الأفق الأعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لأصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي، فإذا انقضى الصوت صوت المنادي أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم((10)».
قال: «فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر».
قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟
قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: (تنزل الملائكة والروح((11)»(12).
بخ بخ لك
وقالوا: لما ولد موسى بن جعفر (عليه السلام) دخل أبو عبد الله (عليه السلام) على حميدة البربرية أم موسى (عليه السلام) فقال لها: «يا حميدة بخ بخ حل الملك في بيتك»(13).
راعيتها لزوجها
وكانت السيدة حميدة مهتمة برعاية زوجها الإمام الصادق (عليه السلام).
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ولقد آذاني أكل الخل والزيت حتى إن حميدة أمرت بدجاجة مشوية فرجعت إلي نفسي»(14).
أولادها
وقد رزقها الله من الإمام الصادق (عليه السلام)، مضافاً إلى الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام): إسحاق ومحمد وفاطمة(15).
فقهها
كانت السيدة حميدة فقيهة بمذهب أهل البيت (عليهم السلام)وكان الإمام الصادق(عليه السلام) يرجع النساء إليها في تعلم الأحكام الشرعية والسؤال عن المسائل الفقهية وما أشبه.
عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: قلت له: إن معنا صبيا مولوداً فكيف نصنع به؟
فقال (عليه السلام): «مر أمه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها».
فأتتها فسألتها كيف تصنع؟
فقالت: (إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم، وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النحر فارموا عنه واحلقوا رأسه، ثم زوروا به البيت، ومري الجارية أن تطوف به بين الصفا والمروة)(16).
روايتها
وكانت السيدة حميدة (عليها السلام) من رواة أحاديث أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
روى أبو بصير قال: دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه ثم قال: «اجمعوا كل من بيني وبينه قرابة» قالت: فما تركنا أحداً إلا جمعناه، فنظر إليهم ثم قال: «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة»(17).
وفي حديث آخر: قال (عليه السلام): «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة ولم يرد علينا الحوض من يشرب من هذه الأشربة» فقال لـه بعضهم: أي أشربة هي؟ فقال: «كل مسكر»(18).
تزويج ابنها
كانت السيدة حميدة (عليها السلام) ذات مكانة عالية عند أهل البيت (عليهم السلام)، وقد اهتمت بأمر تزويج ولدها الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) وهي التي اشترت السيدة نجمة (تكتم) والدة الإمام الرضا (عليه السلام) لولدها وزوجته منه بأمر الإمام الصادق(عليه السلام)، بل بأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أيضاً.
عن علي بن ميثم عن أبيه قال: (لما اشترت حميدة أم موسى بن جعفر (عليه السلام) أم الرضا (عليه السلام) نجمة ذكرت حميدة أنها رأت في المنام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول لها: «يا حميدة هي نجمة لابنك موسى، فإنه سيولد لـه منها خير أهل الأرض» فوهبتها له، فلما ولدت لـه الرضا (عليه السلام) سماها الطاهرة، وكانت لها أسماء منها: نجمة وأروى وسكن وسمان وتكتم وهو آخر أساميها)(19).
وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام) عن عون بن محمد الكندي قال: سمعت أبا الحسن علي بن ميثم يقول: ما رأيت أحداً قط أعرف بأمر الأئمة (عليهم السلام)وأخبارهم ومناكحهم منه، قال: اشترت حميدة المصفاة وهي أم أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وكانت من أشراف العجم جارية مولدة واسمها تكتم، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفاة حتى أنها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالا لها، فقالت لابنها موسى (عليه السلام): يا بني إن تكتم جارية ما رأيت جارية قط أفضل منها ولست أشك أن الله تعالى سيطهر نسلها إن كان لها نسل، وقد وهبتها لك فاستوص بها خيرا، فلما ولدت لـه الرضا ع سماها الطاهرة)(20).
بكاؤها على زوجها
وقد بكت السيدة حميدة على زوجها في وفاته وكلما كانت تذكره، كما مر في رواية أبي بصير قال: (دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد الله (عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها)(21).
(1) راجع الكافي: ج1 ص476 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ضمن ح1.
(2) الكافي: ج1 ص477 ح2.
(3) الكافي: ج1 ص477 ح2.
(4) انظر بحار الأنوار: ج49 ص4 ب1.
(5) النخّاس: بائع الرقيق، (لسان العرب) مادّة نخس.
(6) الكافي: ج1 ص477 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) ح1.
(7) الكافي: ج1 ص477 ح2.
(8) بصائر الدرجات: ص440 ب12 ح4.
(9) سورة الأنعام: 115.
(10) سورة آل عمران: 18.
(11) سورة القدر: 4.
(12) الكافي: ج1 ص385 باب مواليد الأئمة ? ح1.
(13) بحار الأنوار: ج37 ص15 ب49.
(14) وسائل الشيعة: ج25 ص47 ب16 ح31133.
(15) بحار الأنوار: ج48 ص7 ب1ضمن ح10.
(16) وسائل الشيعة: ج11 ص286 ب17 ح14817.
(17) وسائل الشيعة: ج4 ص26 ب6 ح4423.
(18) مستدرك الوسائل: ج17 ص57 ب11 ح20738.
(19) بحار الأنوار: ج49 ص7 ب1 ح8.
(20) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : ج1 ص14 ب2 ح2.
(21) وسائل الشيعة: ج4 ص26 ب6 ح4423.
تعليق