تشكل الروايات المتعلقة بالأطعمة والأشربة وإرشاد الناس إلى التغذية السليمة، جانباً واسعاً من التعاليم الاسلامية العظيمة، فهناك نصوص كثيرة حول اللحوم المفيدة والمضرة والتوازن في استعمالها، وكذلك الدهنيات والسكريات والفواكه والحبوب والخضروات.
إن الحقائق التي توصل إليها علماء البشر عن طريق التجارب العلمية في هذا المضمار، سبقهم إلى كشفها أئمة الاسلام عن طريق الوحي والالهام ولقد طبقوها على أنفسهم وأرشدوا أتباعهم إلى العمل بها أيضاً وهنا نشير إلى زاويتين منها فقط على سبيل المثال.
أ- النخالة:
"تشكل نخالة الغلات كالقمح والشعير والرز وما شاكل ذلك مصدراً مهماً من مصادر الفيتامين ب"1.
"يظهر مرض الكساح مصحوباً بالاختلالات العصبية والمعدية والقلبية، ويمكن أن يؤدي إلى الموت. لقد أثبت العالمان (ايكمان) و(كريتس) أن هذا المرض يحدث من فقدان نوع من الفيتامين BI في الطعام. إن حبة الرز الكاملة (مع القشرة) واجدة للفيتامين B1. لكن الحبة المهبوشة لا تحتوي على هذا الفيتامين"2.
والآن لننتقل إلى سيرة أئمتنا عليهم السلام في الأطعمة، وبالنسبة إلى النخالة بالخصوص:
"يقول سويد بن غفلة: دخلت على الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يوماً وقد حان وقت تناول الغذاء فرأيته جالساً على جانب مائدة، وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه، فذهبت إلى خادمته وقلت لها: يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ ؟! ألا تنخلون له طعاماً مما أرى فيه من النخالة ؟ فقالت: قد تقدم الينا أن لا ننخل له طعاماً... فرجع سويد إلى الإمام ثانية وذكر قصته مع فضة، فتبين أن الامام عليه السلام قد تعلم هذا الأسلوب من النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم... ثم تذكر عظمة النبي قائلاً: بأبي وأمي من لم ينخل له طعام"3.
وها هو الامام الصادق عليه السلام يتحدث عن طعام سليمان فيقول: "ويأكل هو الشعير غير منخول"4.
إن جميع الأمراض ترتبط بسوء التغذية إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وإن علاج جميع الأمراض متوفر في المواد الغذائية
ب - الخضروات:"كان البحارة والمكتشفون والجنود المرابطون في الأماكن القاحلة يصابون ـ لعدم وجود الفيتامين C في طعامهم ـ بمرض خطير يسمى بـ "رقة الدم". إن حالة المصاب مؤلمة جداً، فالدم يجري من لثته، وأسنانه تسقط، يجري الدم من مؤخره، تلتهب رئتاه، تتفكك عظامه ويصاب بالإغماء الشديد والإعياء المذهل، ويموت بعد شهرين أو ثلاثة من معاناة الآلام الشديدة. إن الخضروات الطرية تعالج هذا المرض أو تمنع ظهوره. إن كيفية هذه المسألة قد اتضحت بفضل الاكتشافات الجديدة نسبياً في موضوع الفيتامينات"5.
وإذا ما تصفحنا سيرة أئمتنا عليهم السلام بهذا الصدد، نجد التأكيد الشديد على استعمال الخضروات مع الطعام. "عن أحمد بن هارون، قال: دخلت على الرضا عليه السلام فدعا بالمائدة، فلم يكن عليها بقل، فأمسك يده ثم قال: يا غلام أما علمت أني لا آكل على مائدة ليس عليها خضراء؟ فأت بها، قال: فذهب وأتى بالبقل، فمد يده فأكل وأكلت معه"6.
فهنا نجد الامام الرضا عليه السلام يمتنع عن أن يمد يده إلى مائدة ليس فيها شيء من الخضروات حتى تحضر له.
"إن جميع الأمراض ترتبط بسوء التغذية إما بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وإن علاج جميع الأمراض متوفر في المواد الغذائية. إن الغذاء الجيد لا يقتصر أثره على إشباع الانسان ووقايته من أشد الأمراض فقط، بل يمنحه عمراً طويلاً، ويجعله وسيماً ورشيقاً، وينشط دماغه ويقوي مواهبه"7.
-------------------------------------------------------------
المصادر:
1- إعجاز خوراكيها ص 95.
2-إعجاز خوراكيها ص 95.
3-بحار الأنوار للمجلسي ج 9-501.
4-مستدرك الوسائل للمحدث النوري ج 3-103.
5-جه ميدانيم ؟ تغذيه إنسان ص 22.
6-مكارم الأخلاق للطبرسي ص:90.
7- إعجاز خوراكيها لغياث الدين الجزائري ص:14.
تعليق