ليت شعري اين استقرت بك النوى .. بل اي ارض تقلك او ثرى
بقلم حسين العجرشي
كاتب واعلامي
انها العقيدة التي جعلت من دعاء الندبة منطلقاً يقتدي به الكثير ويرتل كلماته وسط اجواء الافتقاد والاشتياق لصاحب العصر والزمان عليه السلام .
حروف آلت على نفسها ان تكون مرتعاً للطلعة البهية والدوحة الهاشمية عندما تتلاشى معانيها وتذوب بين صرخات القلوب الحزينة والندبات التي خلفتها تجاعيد الزمان ، ما علنا ان نقول عندما يفقد الحبيب حبيبه ؟ أوليس الاشتياق الطريق الوحيد الذي يسلكه المقابل من اجل ان يشعر بتواجد من يفقده بينه ويتعايش معه في عالم آخر ، وهذه المعان التي ذكرت آنفا تستقر وسط مفردات دعاء الندبة المبارك لما له من قدسية عظيمة حيث كان منعطفه منعطف الاشتياق بعد سنوات من الرحيل الفراق ولعل المتتبع لقصص الانبياء تكمن له قضية الوعد الالهي من خلال ما حدث في قصة نبي الله يوسف عليه السلام حيث طال به الفراق ثلاثين سنة وكل هذا الفراق لم يجعل يعقوب قاطعا لرحمة الله تعالى او آيسا منها بل تجده فب كل يوم يتخيل تلك الصورة الجميلة ليوسف تجلس بين يديه فتراه يبكي ويبكي حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كضيم كما عبر عنه القرآن الكريم والصفة الاخرى التي ميزته هي قوله فصبرٌ جميل والله المستعان وهذه الصفة هي شيمة المؤمنين في عصر الغيبة الكبرى لان المغذي الذي يشعر الجميع بتناوله الراحة هو دعاء الندبة لما له من فضل كبير وعظيم حتى ان البعض يعبر عن قوله ( نحن نشعر بوجود الامام معنا حينما نقرأ دعاء الندبة ) وهذا ليس بعجيب فالكثير من الروايات التي تؤكد ان الامام عليه السلام يحضر مع المؤمنين ويستمع الى مجالسهم ولكن هنالك اختلاف بين مفهومي الهدف والطريق فدعاء الندبة والامام المهدي عليه السلام لهما هدف واحد وطريقان مختلفان فالندبة كان مهمته هي ترويض النفس وحثها على تعلم الصبر والانتظار والاستغاثة بالامام المهدي عليه السلام والامام المهدي هدفه الكبير هو ملئ الارض بالعدل والنصرة للمؤمنين فيتضح الى الجميع ان قمة الجبل لا يمكن الوصول اليها الا بوجود طريق مؤدي الى ذلك والندبة كذلك هي الطريق التي يسلكه المؤمنون كي ينالوا الرقي والكمال والنصرة الحقيقية مع صاحب الامر وجدير بالذكر ان هنالك عبارات تخللت الدعاء فيها روحية مختلفة بكثير عن الاخرى فعندما يصل الفرد الى كلمة ( ليت شعري اين استقرت بك النوى ) ترى الدموع تنهمر وهذا ما اكد عليه علماء النفس حيث قالوا ان هذه العبارة فيها استقرار وهوى لدى نفوس الجميع حتى ان من فقد صديق او عزيز ترتبط ماهية نفسه بهذا الاشتياق فتكون الدموع قد حكت عن واقعها وكما تقول الحكمة للصمت كلام جميع اذا فللدموع كلام جميل ايضا يفسره من يفهمه من خلال نواة القلب فالندبة سلاح المؤمنين في زمن الغيبة الكبرى وهنيئا لمن استعمله في محله كي ينال الفوز والفلاح.