هجرة الظاهر.. وهجرة الباطن
والذينَ هاجَروا في سَبيلِ اللهِ، ثمّ قُتِلوا أو ماتُوا، لَيَرزُقَنّهُمُ اللهُ رزقاً حَسَناً، وإنّ اللهَ لَهُوَ خيرُ الرازقين * لَيُدخِلَنَّهُم مُدخَلاً يَرضَونه، وإنّ اللهَ لَعليمٌ حليم (1).
الهجرة هجرتان: هجرة الظاهر، وهجرة الباطن.
هجرة الظاهر: توديع الإنسان منزله وبلده، وهجرة الباطن: أن يودّع المرء الكونَين والعالَمَين.
هجرة الظاهر مؤقّتة، وهجرة الباطن دائمة.
هجرة الظاهر زادُها الطعام والشراب، وهجرة الباطن زادها لطف ربّ الأرباب.
المنزل في هجرة الظاهر: الغار (2)، والمنزل في هجرة الباطن: تَرك الاختيار.
هجرة الظاهر من مكة إلى المدينة، وهجرة الباطن من اضطراب النفس الهائجة إلى امتلاء الصدر بالسكينة.
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «المهاجر مَن هَجَر ما نهَى اللهُ عنه».
يقول صدر النبوّة والرسالة، دُرُّ صَدَف الشرف، سيّد الأوّلين والأخرين ورسول ربّ العالمين صلوات الله عليه: المهاجر مَن هاجَرَ مِن جبل الجفاء ليطوي طريق الصفاء والوفاء. ينفلت من الشرّ والأشرار، ليرتبط بالخير والأخيار. ينتهي عن مَناهي الشريعة ويجتنب مواضع التهمة. معقود في قلبه الحزن والندم، ذارف لدموع الحسرة والأسف.
ترى.. ما الذي يُعطى مِثلُ هذا الإنسان من الهدايا والتُّحَف ؟! وما الذي يتنزّل عليه من الرزق ؟! لَيَرزُقَنَّهُمُ اللهُ رزقاً حَسَناً .
إنّه يُوهَب رزقاً جميلاً.. رزقاً في هذا اليوم، ورزقاً في غدٍ:
اليوم.. حلاوة المعرفة، وغداً.. لذّة المُشاهَدة.
اليوم يمضي في درب الحبيب خطوة، وغداً يفوز من الحبيب بالخلوة.
اليوم رقّة القلب وذِكر اللسان، وغداً يكون العِيان.
وهذا هو قول الله جلّ جلاله: لَيُدخِلَنَّهُم مُدخَلاً يَرضَونَه .. إدخالاً فوق ما يتمنّونَه، وإبقاءً على الوصف الذي يَهوونَه، إدخالاً لهم إلى ما وراء الحجاب والسِّتر.. فائزين بالأمل القديم، مُرتَدِين خِلعةَ الرضا، وهم يستمعون إلى خطاب الكرامة يخاطبهم بالرأفة والرحمة : كنتُ أرى نَصَبكم وتعبكم في سبيلي، وأكتب لكم خطواتكم في الطريق إليّ، وأرى قطرات دموع الحسرة التي تَذرفها مدامعكم.
جاء الأمر إلى داود.. أنْ: «قُم يا داود فمَجِّدْني بذلك الصوت الرّخيم». قم داود لتستضيف أحبائي في بستان اللطف بنغمات صوتك الرقيق.
سبحان الله! ما أروعها مِن مائدة ضيافة! وما أحبَّها مِن دعوةٍ إلى ضيافة الرحمن!
لقد بلغ المريد مُراده، وأسرع الطائر إلى عشّه.. وأزاح الحبيبُ الأزليّ السِّتار.. «الربّ والعبد، والعبد والربّ»! (407:6 ـ 408)
والذينَ هاجَروا في سَبيلِ اللهِ، ثمّ قُتِلوا أو ماتُوا، لَيَرزُقَنّهُمُ اللهُ رزقاً حَسَناً، وإنّ اللهَ لَهُوَ خيرُ الرازقين * لَيُدخِلَنَّهُم مُدخَلاً يَرضَونه، وإنّ اللهَ لَعليمٌ حليم (1).
الهجرة هجرتان: هجرة الظاهر، وهجرة الباطن.
هجرة الظاهر: توديع الإنسان منزله وبلده، وهجرة الباطن: أن يودّع المرء الكونَين والعالَمَين.
هجرة الظاهر مؤقّتة، وهجرة الباطن دائمة.
هجرة الظاهر زادُها الطعام والشراب، وهجرة الباطن زادها لطف ربّ الأرباب.
المنزل في هجرة الظاهر: الغار (2)، والمنزل في هجرة الباطن: تَرك الاختيار.
هجرة الظاهر من مكة إلى المدينة، وهجرة الباطن من اضطراب النفس الهائجة إلى امتلاء الصدر بالسكينة.
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله: «المهاجر مَن هَجَر ما نهَى اللهُ عنه».
يقول صدر النبوّة والرسالة، دُرُّ صَدَف الشرف، سيّد الأوّلين والأخرين ورسول ربّ العالمين صلوات الله عليه: المهاجر مَن هاجَرَ مِن جبل الجفاء ليطوي طريق الصفاء والوفاء. ينفلت من الشرّ والأشرار، ليرتبط بالخير والأخيار. ينتهي عن مَناهي الشريعة ويجتنب مواضع التهمة. معقود في قلبه الحزن والندم، ذارف لدموع الحسرة والأسف.
ترى.. ما الذي يُعطى مِثلُ هذا الإنسان من الهدايا والتُّحَف ؟! وما الذي يتنزّل عليه من الرزق ؟! لَيَرزُقَنَّهُمُ اللهُ رزقاً حَسَناً .
إنّه يُوهَب رزقاً جميلاً.. رزقاً في هذا اليوم، ورزقاً في غدٍ:
اليوم.. حلاوة المعرفة، وغداً.. لذّة المُشاهَدة.
اليوم يمضي في درب الحبيب خطوة، وغداً يفوز من الحبيب بالخلوة.
اليوم رقّة القلب وذِكر اللسان، وغداً يكون العِيان.
وهذا هو قول الله جلّ جلاله: لَيُدخِلَنَّهُم مُدخَلاً يَرضَونَه .. إدخالاً فوق ما يتمنّونَه، وإبقاءً على الوصف الذي يَهوونَه، إدخالاً لهم إلى ما وراء الحجاب والسِّتر.. فائزين بالأمل القديم، مُرتَدِين خِلعةَ الرضا، وهم يستمعون إلى خطاب الكرامة يخاطبهم بالرأفة والرحمة : كنتُ أرى نَصَبكم وتعبكم في سبيلي، وأكتب لكم خطواتكم في الطريق إليّ، وأرى قطرات دموع الحسرة التي تَذرفها مدامعكم.
جاء الأمر إلى داود.. أنْ: «قُم يا داود فمَجِّدْني بذلك الصوت الرّخيم». قم داود لتستضيف أحبائي في بستان اللطف بنغمات صوتك الرقيق.
سبحان الله! ما أروعها مِن مائدة ضيافة! وما أحبَّها مِن دعوةٍ إلى ضيافة الرحمن!
لقد بلغ المريد مُراده، وأسرع الطائر إلى عشّه.. وأزاح الحبيبُ الأزليّ السِّتار.. «الربّ والعبد، والعبد والربّ»! (407:6 ـ 408)
تعليق