لا يغيب عن الذهن ما للمرأة في الاسلام من أدوار رائدة في جوانب عديدة من الحياة، فهي تعد بحق صانعة الأجيال وسند كل عظيم، وليس هناك دور خاص بها ومقيدة فيه بل إن الساحة امامها واسعة فهي الأم والأخت والزوجة والمربية، وقد تكون منبراً للحق وداعية من دعاة الله عندما تقتضي الضرورة ويفرض عليها الباطل مواجهته.
العقيلة أنموذج المرأة الرسالية:
اذا كان الإمام الحسين إنموذجاً للأبطال في مسيرة الرسالة ومشعلاً لكل من أراد للحق أن ينتصر، فزينب (ع) إنموذج للنساء الرساليات. وكما أن الرجل يمكن أن يكون بطلاً ومجاهداً ويضع له بصمات في التاريخ، كذلك المرأة بإمكانها أن تكون بطلة ومجاهدة وتحفر اسمها على صفحات التاريخ.
فهذه الحوراء عليها السلام، التي خرجت من بين النورين الفاطمي والعلوي لتكرس دور المرأة في المجتمع، فأعطت لنسائنا رسالة في الحجاب حتى ان جار البيت العلوي لم يسمع لها صوتاً، ولم ير لها شخصاً، وأعطت درساً في حسن التبعل وفي الأمومة ومثالاً للأخت الفاضلة، فضلاً عن دورها في تثبيت دعائم الإسلام، فما كان من زينب عليها السلام، إلا أنها تصدت لهذه المهمة الكبيرة بدافع الإيمان ونصرة الدين والمذهب، فالإمام الحسين عليه السلام كان يمثل لها إماماً مفترض الطاعة، وإن نصرته هي نصرة للحق ولله، ولولا تلك الواقعة التي انتهت باراقة دماء الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه ووجود الإمام زين العابدين عليه السلام، ودور العقيلة في إيضاح اهداف رسالة واقعة الطف لما كان للدين من اسم في وقتنا الحالي.
فكانت واقعة كربلاء والإعلام الزينبي ممهداً لدور الأئمة الذين جاءوا فيما بعد.
مصاعب الرساليين
من ابرز الضغوط التي تواجه الرسالة والرسالي هو خط الطاغوت وخط الدعايات المضادة وتشويه الحقائق وخط المجتمع الراكد، وهذا ما واجهه الإمام الحسين عليه السلام والذي امتد الى ما بعد المعركة واستشهاده.
1 – خط الطاغوت.. هذا الخط مثله يزيد والمجتمع الراكد الذي كان بين عارف للحق ومائل بشهواته الى الباطل، وبين من دفعه جهله بعدم معرفة الحق، وبين من وصف الأمر معركةً على المناصب، فقال: (ما لنا والدخول بين السلاطين)، وهنا يأتي دور الرسالي في إيقاظ المجتمع عن غفلته وليبين الحقائق والحق الصحيح ثم زيف الطغاة وضرب الإعلام الفاسد بالإعلام الصحيح.
2 - المجتمع الراكد.. كلما كان المجتمع أكثر ركوداً، كلما كان أكثر حاجة الى من يحركه، ولأنه راكد فهو يشبه الصخرة الصماء التي تتكسر عليها الأمواج في البداية ومع تكرار الامواج تتحطم الصخرة. وهكذا يتحرك المجتمع الراكد مع استمرار امواج الثورة، وهذا ما لمسناه عند ثورة الإمام الحسين عليه السلام فلم يرجع المجتمع بعد مقتله الى رشده لولا إكمال المسيرة الثورية من خلال الإمام السجاد وعمته العقيلة زينب عليهما السلام بتلك الخطب اللاهبة والعصماء التي قلبتهم رأساً على عقب فمهدت كل تلكم الثورات التي شهدتها البلاد الاسلامية في تلك الفترة، فبدأت الثورات من الأنفس ثم خرجت الى الميدان انتقاماً من الطغاة والظالمين، فكانت البداية بثورة التوابين وبعدها ثورة المختار، وغيرها من الثورات فكانت الصرخة الزينبية نداء لتعبئة الجماهير.
3 – خط الدعايات المضادة.. إن الرسالي يجاهد من أجل الله ويعمل لصالح الأمة ويتحمل الأذى لراحة الآخرين ومع ذلك فإن الطاغوت وجلاوزته بما يمتلكون من وسائل الإعلام يستطيعون تحويل الحق الرسالي الى باطل وتحويل باطلهم الى حق. وقد ثار الإمام الحسين عليه السلام من أجل الرسالة ومن أجل التوحيد، ولكن الطاغوت يزيد بن معاوية حوّله من حيث الإعلام من ثائر الى (متمرد)! ومن مؤمن الى (مرتد)! فقيل بحقه: (قُتِلَ بسيف جده)!
هنا جاء دور العقيلة زينب عليها السلام في تصحيح المفاهيم عن طريق الثورة الإعلامية التي أعلنتها والتي قادت الى كشف زيف يزيد والحق الذي كان مع الحسين واصحابه.
صفات حسينية في زينب (ع)
هنالك صفات حسينية تحلّت بها العقيلة زينب الكبرى عليها السلام للإبقاء على جذوة النهضة الحسينية متّقدة على مر الاجيال:
أولاً: الإرادة
إن الفرد أمام البلاء ومواجهة الظلم أمام اختبارين أو قل؛ تمحيصين: التمحيص الأول: الاضطراري، وهو أن ينال الفرد الظلم من الطغاة وانواع البلاء لا بأختياره بل هو ضمن إرادة الله تعالى لكي يرفع من مستوى الانسان الإيماني، وهذا هو التمحيص الأكثر الذي يتعرض له المؤمنون لأن الفرد بطبيعته يميل الى حب الراحة ولا يميل عادة بأختياره لسلوك الطريق الصعب في مواجهة الظلم الذي عادة ما يكون محفوفاً بالمخاطر، لذلك من حكمة الله ونعمته يختبره بالبلاء لكي يرتفع إيماناً. أما التمحيص الثاني: الاختياري، وهو أن يواجه المؤمن الظلم والطغاة ويتحمل البلاء والمصاعب في ذلك الطريق بأختياره طلباً لسموه الايماني ولتكامله وهذه الدرجة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
وقد عكست السيدة العقيلة سلام الله عليها في دورها الإعلامي هذه الحقيقة في العقيدة الراسخة والإيمان المتكامل حينما قالت: (اللهم تقبّل منّا هذا القربان)، وحينما سألها ابن زياد: (كيف رأيتِ صنع الله بأخيك؟) قالت: (ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء رجال كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم). أي إننا جئنا هنا ونعرف ماذا نصنع وما سيحل بنا، أردناها وسعينا اليها بكل ارتياح مع توقع جميع هذه النتائج ونحن نطلب من الله القبول. واذا تطلبت المعركة مزيداً من هذه الضحايا فنحن مستعدون أن نقدم، فأي مشهد أنبل من هذا؟
ثانياً: اظهار العز والكرامة
هذه الصفة يجب ان ترافق الانسان الرسالي على طول الخط، وهو ما شهدناه في واقعة الطف، حيث أظهر الامام الحسين عليه السلام المعركة بمظهر العز والكرامة، وجسدها بقوله: (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد) وقال: (هيهات منا الذلة) فصرخات الحسين عليه السلام انعكست في الحال في شخصية اخته العقيلة زينب عليها السلام.
ثالثاً: كشف الحقائق
أريد لواقعة الطف التحريف والتزوير بقتل العترة الطاهرة ثم الصاق تهمة الخوارج بهم ومن ثم إلغاء الصورة الحقيقة من الاذهان، ولكن العقيلة عليها السلام احبطت هذه المؤامرة وأبطلتها وبينت المأساة والظلم البشع لبني أمية بحق أهل البيت عليهم السلام بخطبتها العصماء، فزال الإبهام والغموض، بل جعلت من أهل الشام يُطأطئون رؤوسهم، وفي الكوفة الهبت الحماس في النفوس واثارت الحسرة الكبيرة على عدم نصرة الإمام الحسين وهو ما مهد الطريق لكثير من الثورات التي حصلت فيما بعد.
من هنا فقد سطّرت عقيلة بني هاشم أروع ملامح الإيمان والبطولة والإباء في مواقف رسمت على صفحات الحضارة الانسانية لوحة زاهية الألوان، وأضحت الملامح لكل انسان يريد بيقين أن يختار طريقه في الحياة.
العقيلة أنموذج المرأة الرسالية:
اذا كان الإمام الحسين إنموذجاً للأبطال في مسيرة الرسالة ومشعلاً لكل من أراد للحق أن ينتصر، فزينب (ع) إنموذج للنساء الرساليات. وكما أن الرجل يمكن أن يكون بطلاً ومجاهداً ويضع له بصمات في التاريخ، كذلك المرأة بإمكانها أن تكون بطلة ومجاهدة وتحفر اسمها على صفحات التاريخ.
فهذه الحوراء عليها السلام، التي خرجت من بين النورين الفاطمي والعلوي لتكرس دور المرأة في المجتمع، فأعطت لنسائنا رسالة في الحجاب حتى ان جار البيت العلوي لم يسمع لها صوتاً، ولم ير لها شخصاً، وأعطت درساً في حسن التبعل وفي الأمومة ومثالاً للأخت الفاضلة، فضلاً عن دورها في تثبيت دعائم الإسلام، فما كان من زينب عليها السلام، إلا أنها تصدت لهذه المهمة الكبيرة بدافع الإيمان ونصرة الدين والمذهب، فالإمام الحسين عليه السلام كان يمثل لها إماماً مفترض الطاعة، وإن نصرته هي نصرة للحق ولله، ولولا تلك الواقعة التي انتهت باراقة دماء الحسين عليه السلام واهل بيته واصحابه ووجود الإمام زين العابدين عليه السلام، ودور العقيلة في إيضاح اهداف رسالة واقعة الطف لما كان للدين من اسم في وقتنا الحالي.
فكانت واقعة كربلاء والإعلام الزينبي ممهداً لدور الأئمة الذين جاءوا فيما بعد.
مصاعب الرساليين
من ابرز الضغوط التي تواجه الرسالة والرسالي هو خط الطاغوت وخط الدعايات المضادة وتشويه الحقائق وخط المجتمع الراكد، وهذا ما واجهه الإمام الحسين عليه السلام والذي امتد الى ما بعد المعركة واستشهاده.
1 – خط الطاغوت.. هذا الخط مثله يزيد والمجتمع الراكد الذي كان بين عارف للحق ومائل بشهواته الى الباطل، وبين من دفعه جهله بعدم معرفة الحق، وبين من وصف الأمر معركةً على المناصب، فقال: (ما لنا والدخول بين السلاطين)، وهنا يأتي دور الرسالي في إيقاظ المجتمع عن غفلته وليبين الحقائق والحق الصحيح ثم زيف الطغاة وضرب الإعلام الفاسد بالإعلام الصحيح.
2 - المجتمع الراكد.. كلما كان المجتمع أكثر ركوداً، كلما كان أكثر حاجة الى من يحركه، ولأنه راكد فهو يشبه الصخرة الصماء التي تتكسر عليها الأمواج في البداية ومع تكرار الامواج تتحطم الصخرة. وهكذا يتحرك المجتمع الراكد مع استمرار امواج الثورة، وهذا ما لمسناه عند ثورة الإمام الحسين عليه السلام فلم يرجع المجتمع بعد مقتله الى رشده لولا إكمال المسيرة الثورية من خلال الإمام السجاد وعمته العقيلة زينب عليهما السلام بتلك الخطب اللاهبة والعصماء التي قلبتهم رأساً على عقب فمهدت كل تلكم الثورات التي شهدتها البلاد الاسلامية في تلك الفترة، فبدأت الثورات من الأنفس ثم خرجت الى الميدان انتقاماً من الطغاة والظالمين، فكانت البداية بثورة التوابين وبعدها ثورة المختار، وغيرها من الثورات فكانت الصرخة الزينبية نداء لتعبئة الجماهير.
3 – خط الدعايات المضادة.. إن الرسالي يجاهد من أجل الله ويعمل لصالح الأمة ويتحمل الأذى لراحة الآخرين ومع ذلك فإن الطاغوت وجلاوزته بما يمتلكون من وسائل الإعلام يستطيعون تحويل الحق الرسالي الى باطل وتحويل باطلهم الى حق. وقد ثار الإمام الحسين عليه السلام من أجل الرسالة ومن أجل التوحيد، ولكن الطاغوت يزيد بن معاوية حوّله من حيث الإعلام من ثائر الى (متمرد)! ومن مؤمن الى (مرتد)! فقيل بحقه: (قُتِلَ بسيف جده)!
هنا جاء دور العقيلة زينب عليها السلام في تصحيح المفاهيم عن طريق الثورة الإعلامية التي أعلنتها والتي قادت الى كشف زيف يزيد والحق الذي كان مع الحسين واصحابه.
صفات حسينية في زينب (ع)
هنالك صفات حسينية تحلّت بها العقيلة زينب الكبرى عليها السلام للإبقاء على جذوة النهضة الحسينية متّقدة على مر الاجيال:
أولاً: الإرادة
إن الفرد أمام البلاء ومواجهة الظلم أمام اختبارين أو قل؛ تمحيصين: التمحيص الأول: الاضطراري، وهو أن ينال الفرد الظلم من الطغاة وانواع البلاء لا بأختياره بل هو ضمن إرادة الله تعالى لكي يرفع من مستوى الانسان الإيماني، وهذا هو التمحيص الأكثر الذي يتعرض له المؤمنون لأن الفرد بطبيعته يميل الى حب الراحة ولا يميل عادة بأختياره لسلوك الطريق الصعب في مواجهة الظلم الذي عادة ما يكون محفوفاً بالمخاطر، لذلك من حكمة الله ونعمته يختبره بالبلاء لكي يرتفع إيماناً. أما التمحيص الثاني: الاختياري، وهو أن يواجه المؤمن الظلم والطغاة ويتحمل البلاء والمصاعب في ذلك الطريق بأختياره طلباً لسموه الايماني ولتكامله وهذه الدرجة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.
وقد عكست السيدة العقيلة سلام الله عليها في دورها الإعلامي هذه الحقيقة في العقيدة الراسخة والإيمان المتكامل حينما قالت: (اللهم تقبّل منّا هذا القربان)، وحينما سألها ابن زياد: (كيف رأيتِ صنع الله بأخيك؟) قالت: (ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء رجال كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم). أي إننا جئنا هنا ونعرف ماذا نصنع وما سيحل بنا، أردناها وسعينا اليها بكل ارتياح مع توقع جميع هذه النتائج ونحن نطلب من الله القبول. واذا تطلبت المعركة مزيداً من هذه الضحايا فنحن مستعدون أن نقدم، فأي مشهد أنبل من هذا؟
ثانياً: اظهار العز والكرامة
هذه الصفة يجب ان ترافق الانسان الرسالي على طول الخط، وهو ما شهدناه في واقعة الطف، حيث أظهر الامام الحسين عليه السلام المعركة بمظهر العز والكرامة، وجسدها بقوله: (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد) وقال: (هيهات منا الذلة) فصرخات الحسين عليه السلام انعكست في الحال في شخصية اخته العقيلة زينب عليها السلام.
ثالثاً: كشف الحقائق
أريد لواقعة الطف التحريف والتزوير بقتل العترة الطاهرة ثم الصاق تهمة الخوارج بهم ومن ثم إلغاء الصورة الحقيقة من الاذهان، ولكن العقيلة عليها السلام احبطت هذه المؤامرة وأبطلتها وبينت المأساة والظلم البشع لبني أمية بحق أهل البيت عليهم السلام بخطبتها العصماء، فزال الإبهام والغموض، بل جعلت من أهل الشام يُطأطئون رؤوسهم، وفي الكوفة الهبت الحماس في النفوس واثارت الحسرة الكبيرة على عدم نصرة الإمام الحسين وهو ما مهد الطريق لكثير من الثورات التي حصلت فيما بعد.
من هنا فقد سطّرت عقيلة بني هاشم أروع ملامح الإيمان والبطولة والإباء في مواقف رسمت على صفحات الحضارة الانسانية لوحة زاهية الألوان، وأضحت الملامح لكل انسان يريد بيقين أن يختار طريقه في الحياة.
الكاتبة: زهراء محمد علي
تعليق