لماذا بكاء الامام الحسين عليه السلام يؤذي الرسول صلوات الله عليه واله
روى ابن عساكر بسنده قال : خرج النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم من بيت عائشة فمرّ ببيت فاطمة ، فسمع حُسيناً يبكي ،
فقال : ألم تعلمي أنّ بُكاءه يؤذيني (1).
وقال صلّى الله عليه واَله وسلّم لنسائه : لا تُبكوا هذا الصبيّ - يعني حسيناً -2 )
ولماذا يؤذيه بكاءُ هذا الطفل بالخصوص ? وكلّ طفلٍ لابُدّ أن يبكي ، وإذا كان إنسانٌ رقيقَ العاطفة ، فلابُدّ أن يتأذّى من بكاء كلّ طفلٍ ، أيّ طفل كان ، فلماذا يذكر النبيّ العطوف ، الحسينَ خاصّة ? لكنّ القضية التي جاءت في الحديث لا تتحدّث عن هذه العاطفة ، وإنّما تشير إلى معنىً آخر , فبكاء الحُسين ، يؤذي النبيّ لأنّه يذكّره بحزنٍ عظيمٍ سوف يلقاهُ هذا الطفل ، تبكي له العيون المؤمنة وتحزن له القلوب المستودعة حبّه , وإذا كان الرسولُ صلّى الله عليه واَله وسلّم يتأذّى من صوت بكاء هذا الطفل وهو في بيت أبويه ، فكيف به إذا وقف عليه يوم عاشوراء في صحراء كربلاء وقد كظّه الظمأُ ، يطلب جرعة من الماء ؟
وإذا كانت دمعةُ الحسين تعزّ على رسول الله أن تجريَ على خده فكيف بدمه الطاهر حين يُراقَ على الأرض ؟
إنّ أمثال هذا الحديث رموز تُشير إلى الغيب ، وإلى معانٍ أبعدَ من مجرّد العاطفة وأرقّ .
والأذى الذي يذكره النبيّ ، أعمقَ من مجرّد الوجع وأدقّ .
وللبكاء في سيرة الحسين منذ ولادته بل وقبلها ، وحتّى شهادته بل وبعدها ، مكانة متميّزة .
فقد بكتْهُ الأنبياء كلّهم حتّى جدّه الرسول قبل أن يولد الحسينُ , وبكاه أهلُ البيت بما فيهم جدّه الرسول يوم الولادة , وبكاه أهلُه وأصحابهُ يوم مقتله ، وبكى هو أيضاً على مصابه .
وبعد مقتله بكاهُ كلّ من سَمِعَ بنبأ شهادته : أُمّهات المؤمنين ، والصحابةُ المؤمنون .
وبكاهُ الأئمّة المعصومون ، ومن تبعهم ، مدى القرون حتّى جاء في رواية عن الحسين عليه السلام نفسه أنّه قال : أنا قتيلُ العَبْرة ، ما ذكرني مؤمن إلاّ وبكى . وعبّر عنه بعض الأئمّة بعَبْرة كلّ مؤمنٍ .
أنْ يُحبّ الإنسانُ أولاده ونَسْلَه ، فهذا أمر طبيعي جدّاً ، أمّا أنْ يربطَ حُبّهم بحبّه ، فهذا أمرٌ آخر ، فليس حبّهم ملازماً لحبّه ، وليس لازماً أو واجباً - في كلّ الأحوال - أن يحبَهم كلّ مَنْ أحبّ جدّهم .
لكنّ الرسولَ فرضَ الربْطَ بين الحبَيْنِ ، حبَ أولاده ، و عترته ، وحبّه هو صلّى الله عليه واَله وسلّم ، فكان يُشير إلى الحسن والحسين ، ويقول : مَنْ أحبَني فليُحبّ هذينِ .
إنّ عاطفة الحُبّ بين الرسول والأُمّة ، ليس هو العشق فحسبْ ، بل هو أيضاً حُبّ العَقيدة والتقديس والإجلال والسيادة ، لِما تمتّع به الرسولُ من ذاتيّات
جمالية وكمالية ، وأُبوّة ، وشرف ، وكرامة ، وجلال ، وعطف , وحنان ، وصفات متميّزة .
وإذا كان الحسنان ، قد استوفيا هذه الخصالَ ، وبلغا إلى هذه المقامات حَسَباً ونَسَباً ، فمن البديهيّ أنّ مُحِبّ الرسول ، سيحبّهما ، بنفس المستوى ، لِما يجد فيهما ممّا يجد في جدّهما الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم .
ولأجل هذا المعنى بالذات ، نجد الرسولَ يعكسُ تلك الملازمة ، فيقول : في نصوص أُخرى : من أحبّهما فقد أحبّني , فيجعل حُبَهُ متفرعاً من حبّهما ، بعد أن جعل في النصّ الأول حبّهما متفرّعاً من حبّهِ .
فإذا كان سببُ الحُبّ ومنشؤُه واحداً ، فلا فرق بين الجملتين : مَنْ أحَبّني فليُحِبَ هذيْنِ , و مَنْ أحَبَهما فقد أحبّني .
والنصوص التي أكّد فيها الرسولُ صلّى الله عليه واَله وسلّم على حُبّ آل محمّد , ومنهم الحسين عليه السلام ، كثيرة جدّاً ، روى منها ابن عساكر قسماً كبيراً(3 ).
ويتراءى هذا السؤالُ : :لماذا كلّ هذه التصريحات ، مع كلّ ذلك التأكيد ? وإنّ المؤمنين بالرسالة والرسول ، لابُدّ وأنّهم يُكرمون آل الرسول , ويودّونهم ، ويحبّونهم حبّ العقيدة والإيمان وعلى أقلّ التقادير ، مشياً على أعرافٍ من قبيل :لأجْل عَيْنٍ ألْفُ عَيْنٍ تُكْرَمُ .
و المَرْءُ يُحفظ في وُلدهِ , تلك الأعراف التي كانت سائدةً بين أجهْل البشر في ذلك العصر ، فكيف بالّذين ملأتهم تعاليم الإسلام وَعْياً ؟
هذا ، مع الغضّ عمّا كان لأهل البيت النبويّ ، من الكرامة والشرف والمكانة العلميّة والعمليّة ، ممّا لا يخفى على أحدٍ من المسلمين .
فإذا نظرنا إلى آثارهم ومآثرهم ، فهل نجد أحداً أحقّ بالحبّ والتكريم منهم ? وأَوْلى بالتفضيل والتقديم ؟
فلماذا كلّ ذلك التأكيد من جدّهم الرسول على حُبّهم , وربط ذلك بحبّه هو ؟ إنّ هذا السؤال تسهل الإجابة عنه ، إذا لاحظنا أنّ الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم قد أضاف على نصوص الملازمة الثانية : من أحبّهما فقد أحبّني , قوله :[ 118- 123] ومن أبغضهما فقد أبغضني (4)
عجباً ، فكيف يُفترضُ وجود من يُبغض الحسن والحسين ؟ ولماذا يُريدُ أحدٌ ممّن ينتمي إلى دين الإسلام ، أن يُبغض الحسنَ أو الحسين ؟ وهذه الأسئلة أصعب من السؤال السابق ، قطعاً ، إذ يلاحَظ فيها : أنّ الرسولَ صلّى الله عليه واَله وسلّم قد فرضَ وجود من يُبغض الحسنين ، ورَبَطَ بين بُغضهما ، وبُغضه هو ثمّ هناك ملاحظة في مسألة البُغض ، وهي أنّ الملازمة فيه ، من طرف واحد ، وقد كان في الحبّ من الطرفين
فلم يَرِد في البغض : من أبغضني فقد أبغضهما ؟ وقد يكون السببُ في الملاحظة الثانية : أنّ فرض بُغض النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم ، في المجتمع الإسلاميّ ، أمر لا يمكن تصوُّره ولا افتراضُه ، إذ هو يساوي الكفر بالرسالة ذاتها ، وبالمرسِل والمرسَل أيضاً .
لكن بُغْض آل الرسول , فهو على فظاعته , قد تحقّق على أرض الواقع ، فقد كان في أُمّة الرسول بالذات مَن أبغضَ الحسنين ، ولعنَهما على منابر الإسلام ، بل وُجِدَ في الأُمّة مَنْ شهر السيفَ في وجهيهما ، وقاتلهما .
وهل قُتِلَ الحسينُ عليه السلام على يدِ أناسٍ من غير أُمّة جدّه الرسول محمّد ? ولماذا ؟
إنّ الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم أعلنَ بالنّص المذكور - الذي هو من دلائل النبوّة - أنّ بُغضه , وإنْ لم يفترضه المسلم مُباشرةً ، ولا يتمكّن المنافق
والكافر من إظهاره علانيةً ، إلاّ أنّه يتحقّق من خلال بُغْض الحسن والحسين ، لأنّ : مَنْ أبغضهما فقد أبغض النبيّ , لِما في بغضها من انتهاك المُثُل التي يحتذيانها ، ونبذ المكارم التي يحتويانها ، ورفض الشرائع التي يتّبعانها , وهي نفس المُثُل ، والمكارم ، والشرائع ، التي عند الرسول نفسه صلّى الله عليه واَله وسلّم فبغضهما ليس إلاّ بغضاً له صلّى الله عليه واَله وسلّم ولرسالته .
ولقد رَتَبَ النتائج الوخيمة على بُغضهما في قوله صلّى الله عليه واَله وسلّم : مَنْ أحبّهما أحببتُه ، ومَنْ أحببتُه أحبَه الله ، ومَنْ أحبَه الله أدخلهُ جنّات النعيم . ومَنْ أبغضهما أو بغى عليهما ، أبغضتُه ، ومَنْ أبغضتُه أبغضَه اللهُ ، ومَنْ أبغضَه اللُه أدخله نارَ جهنّم ، وله عذاب مقيم ( 5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور( 7 / 125).
(2 ) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور(7 / 134).
(3) لاحظها في الصفحات (79 - 100) من تاريخ دمشق ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام .
(4) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور( 7 / 120).
5) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( 7 /121).
**********
*******************
من احب المزيد عليه مراجعة كتاب
الحُسَيْنُ عليه السلام
سِماتُهُ و سِيْرَتُهُ
ترجمة شارحة اعتماداً على ما أورده المحدّثُ المؤرّخ الشاميّ ابنُ عساكر في كتابه الكبير ( تاريخ دمشق )
تأليف : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
http://gadir.free.fr/Ar/Ehlibeyt/Huseyin/book12/index.htm
فهرس الكتاب
gadir.free.frترجمة شارحة اعتماداً على ما أورده المحدّثُ المؤرّخ الشاميّ ابنُ عساكر في كتابه الكبير ( تاريخ دمشق )
روى ابن عساكر بسنده قال : خرج النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم من بيت عائشة فمرّ ببيت فاطمة ، فسمع حُسيناً يبكي ،
فقال : ألم تعلمي أنّ بُكاءه يؤذيني (1).
وقال صلّى الله عليه واَله وسلّم لنسائه : لا تُبكوا هذا الصبيّ - يعني حسيناً -2 )
ولماذا يؤذيه بكاءُ هذا الطفل بالخصوص ? وكلّ طفلٍ لابُدّ أن يبكي ، وإذا كان إنسانٌ رقيقَ العاطفة ، فلابُدّ أن يتأذّى من بكاء كلّ طفلٍ ، أيّ طفل كان ، فلماذا يذكر النبيّ العطوف ، الحسينَ خاصّة ? لكنّ القضية التي جاءت في الحديث لا تتحدّث عن هذه العاطفة ، وإنّما تشير إلى معنىً آخر , فبكاء الحُسين ، يؤذي النبيّ لأنّه يذكّره بحزنٍ عظيمٍ سوف يلقاهُ هذا الطفل ، تبكي له العيون المؤمنة وتحزن له القلوب المستودعة حبّه , وإذا كان الرسولُ صلّى الله عليه واَله وسلّم يتأذّى من صوت بكاء هذا الطفل وهو في بيت أبويه ، فكيف به إذا وقف عليه يوم عاشوراء في صحراء كربلاء وقد كظّه الظمأُ ، يطلب جرعة من الماء ؟
وإذا كانت دمعةُ الحسين تعزّ على رسول الله أن تجريَ على خده فكيف بدمه الطاهر حين يُراقَ على الأرض ؟
إنّ أمثال هذا الحديث رموز تُشير إلى الغيب ، وإلى معانٍ أبعدَ من مجرّد العاطفة وأرقّ .
والأذى الذي يذكره النبيّ ، أعمقَ من مجرّد الوجع وأدقّ .
وللبكاء في سيرة الحسين منذ ولادته بل وقبلها ، وحتّى شهادته بل وبعدها ، مكانة متميّزة .
فقد بكتْهُ الأنبياء كلّهم حتّى جدّه الرسول قبل أن يولد الحسينُ , وبكاه أهلُ البيت بما فيهم جدّه الرسول يوم الولادة , وبكاه أهلُه وأصحابهُ يوم مقتله ، وبكى هو أيضاً على مصابه .
وبعد مقتله بكاهُ كلّ من سَمِعَ بنبأ شهادته : أُمّهات المؤمنين ، والصحابةُ المؤمنون .
وبكاهُ الأئمّة المعصومون ، ومن تبعهم ، مدى القرون حتّى جاء في رواية عن الحسين عليه السلام نفسه أنّه قال : أنا قتيلُ العَبْرة ، ما ذكرني مؤمن إلاّ وبكى . وعبّر عنه بعض الأئمّة بعَبْرة كلّ مؤمنٍ .
أنْ يُحبّ الإنسانُ أولاده ونَسْلَه ، فهذا أمر طبيعي جدّاً ، أمّا أنْ يربطَ حُبّهم بحبّه ، فهذا أمرٌ آخر ، فليس حبّهم ملازماً لحبّه ، وليس لازماً أو واجباً - في كلّ الأحوال - أن يحبَهم كلّ مَنْ أحبّ جدّهم .
لكنّ الرسولَ فرضَ الربْطَ بين الحبَيْنِ ، حبَ أولاده ، و عترته ، وحبّه هو صلّى الله عليه واَله وسلّم ، فكان يُشير إلى الحسن والحسين ، ويقول : مَنْ أحبَني فليُحبّ هذينِ .
إنّ عاطفة الحُبّ بين الرسول والأُمّة ، ليس هو العشق فحسبْ ، بل هو أيضاً حُبّ العَقيدة والتقديس والإجلال والسيادة ، لِما تمتّع به الرسولُ من ذاتيّات
جمالية وكمالية ، وأُبوّة ، وشرف ، وكرامة ، وجلال ، وعطف , وحنان ، وصفات متميّزة .
وإذا كان الحسنان ، قد استوفيا هذه الخصالَ ، وبلغا إلى هذه المقامات حَسَباً ونَسَباً ، فمن البديهيّ أنّ مُحِبّ الرسول ، سيحبّهما ، بنفس المستوى ، لِما يجد فيهما ممّا يجد في جدّهما الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم .
ولأجل هذا المعنى بالذات ، نجد الرسولَ يعكسُ تلك الملازمة ، فيقول : في نصوص أُخرى : من أحبّهما فقد أحبّني , فيجعل حُبَهُ متفرعاً من حبّهما ، بعد أن جعل في النصّ الأول حبّهما متفرّعاً من حبّهِ .
فإذا كان سببُ الحُبّ ومنشؤُه واحداً ، فلا فرق بين الجملتين : مَنْ أحَبّني فليُحِبَ هذيْنِ , و مَنْ أحَبَهما فقد أحبّني .
والنصوص التي أكّد فيها الرسولُ صلّى الله عليه واَله وسلّم على حُبّ آل محمّد , ومنهم الحسين عليه السلام ، كثيرة جدّاً ، روى منها ابن عساكر قسماً كبيراً(3 ).
ويتراءى هذا السؤالُ : :لماذا كلّ هذه التصريحات ، مع كلّ ذلك التأكيد ? وإنّ المؤمنين بالرسالة والرسول ، لابُدّ وأنّهم يُكرمون آل الرسول , ويودّونهم ، ويحبّونهم حبّ العقيدة والإيمان وعلى أقلّ التقادير ، مشياً على أعرافٍ من قبيل :لأجْل عَيْنٍ ألْفُ عَيْنٍ تُكْرَمُ .
و المَرْءُ يُحفظ في وُلدهِ , تلك الأعراف التي كانت سائدةً بين أجهْل البشر في ذلك العصر ، فكيف بالّذين ملأتهم تعاليم الإسلام وَعْياً ؟
هذا ، مع الغضّ عمّا كان لأهل البيت النبويّ ، من الكرامة والشرف والمكانة العلميّة والعمليّة ، ممّا لا يخفى على أحدٍ من المسلمين .
فإذا نظرنا إلى آثارهم ومآثرهم ، فهل نجد أحداً أحقّ بالحبّ والتكريم منهم ? وأَوْلى بالتفضيل والتقديم ؟
فلماذا كلّ ذلك التأكيد من جدّهم الرسول على حُبّهم , وربط ذلك بحبّه هو ؟ إنّ هذا السؤال تسهل الإجابة عنه ، إذا لاحظنا أنّ الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم قد أضاف على نصوص الملازمة الثانية : من أحبّهما فقد أحبّني , قوله :[ 118- 123] ومن أبغضهما فقد أبغضني (4)
عجباً ، فكيف يُفترضُ وجود من يُبغض الحسن والحسين ؟ ولماذا يُريدُ أحدٌ ممّن ينتمي إلى دين الإسلام ، أن يُبغض الحسنَ أو الحسين ؟ وهذه الأسئلة أصعب من السؤال السابق ، قطعاً ، إذ يلاحَظ فيها : أنّ الرسولَ صلّى الله عليه واَله وسلّم قد فرضَ وجود من يُبغض الحسنين ، ورَبَطَ بين بُغضهما ، وبُغضه هو ثمّ هناك ملاحظة في مسألة البُغض ، وهي أنّ الملازمة فيه ، من طرف واحد ، وقد كان في الحبّ من الطرفين
فلم يَرِد في البغض : من أبغضني فقد أبغضهما ؟ وقد يكون السببُ في الملاحظة الثانية : أنّ فرض بُغض النبيّ صلّى الله عليه واَله وسلّم ، في المجتمع الإسلاميّ ، أمر لا يمكن تصوُّره ولا افتراضُه ، إذ هو يساوي الكفر بالرسالة ذاتها ، وبالمرسِل والمرسَل أيضاً .
لكن بُغْض آل الرسول , فهو على فظاعته , قد تحقّق على أرض الواقع ، فقد كان في أُمّة الرسول بالذات مَن أبغضَ الحسنين ، ولعنَهما على منابر الإسلام ، بل وُجِدَ في الأُمّة مَنْ شهر السيفَ في وجهيهما ، وقاتلهما .
وهل قُتِلَ الحسينُ عليه السلام على يدِ أناسٍ من غير أُمّة جدّه الرسول محمّد ? ولماذا ؟
إنّ الرسول صلّى الله عليه واَله وسلّم أعلنَ بالنّص المذكور - الذي هو من دلائل النبوّة - أنّ بُغضه , وإنْ لم يفترضه المسلم مُباشرةً ، ولا يتمكّن المنافق
والكافر من إظهاره علانيةً ، إلاّ أنّه يتحقّق من خلال بُغْض الحسن والحسين ، لأنّ : مَنْ أبغضهما فقد أبغض النبيّ , لِما في بغضها من انتهاك المُثُل التي يحتذيانها ، ونبذ المكارم التي يحتويانها ، ورفض الشرائع التي يتّبعانها , وهي نفس المُثُل ، والمكارم ، والشرائع ، التي عند الرسول نفسه صلّى الله عليه واَله وسلّم فبغضهما ليس إلاّ بغضاً له صلّى الله عليه واَله وسلّم ولرسالته .
ولقد رَتَبَ النتائج الوخيمة على بُغضهما في قوله صلّى الله عليه واَله وسلّم : مَنْ أحبّهما أحببتُه ، ومَنْ أحببتُه أحبَه الله ، ومَنْ أحبَه الله أدخلهُ جنّات النعيم . ومَنْ أبغضهما أو بغى عليهما ، أبغضتُه ، ومَنْ أبغضتُه أبغضَه اللهُ ، ومَنْ أبغضَه اللُه أدخله نارَ جهنّم ، وله عذاب مقيم ( 5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور( 7 / 125).
(2 ) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور(7 / 134).
(3) لاحظها في الصفحات (79 - 100) من تاريخ دمشق ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام .
(4) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور( 7 / 120).
5) مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ( 7 /121).
**********
*******************
من احب المزيد عليه مراجعة كتاب
الحُسَيْنُ عليه السلام
سِماتُهُ و سِيْرَتُهُ
ترجمة شارحة اعتماداً على ما أورده المحدّثُ المؤرّخ الشاميّ ابنُ عساكر في كتابه الكبير ( تاريخ دمشق )
تأليف : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي
http://gadir.free.fr/Ar/Ehlibeyt/Huseyin/book12/index.htm
فهرس الكتاب
gadir.free.frترجمة شارحة اعتماداً على ما أورده المحدّثُ المؤرّخ الشاميّ ابنُ عساكر في كتابه الكبير ( تاريخ دمشق )
تعليق