بين الخيبة والنجاح .. فضائياتنا في رمضان
هناك من يعمل جاهداً وباذلاً أقصى مايملك لكي يلفت انتباه الأخرين ولكنه يقع في مأزق الفشل ، وهناك من يريد ان يفشل فينال الدرجة الكاملة لأن هذا هو استحقاقه وبكل جدارة ، وآخرين يواصلون السير بخطى حثيثة لتحقيق النجاح ، هذا هو حال بعض فضائياتنا وبعض برامجها( الهزيلة) في شهر رمضان المبارك.البعض أراد ان يقول من حيث لايشعر إذا لم تستحي فأصنع ماشئت ولكن يامن تنعتون انفسكم بــــ (الإعلاميين) هذا الأمر غير مقبول إطلاقا في شهر رمضان الفضيل حيث جعلتم من المحطات التي تعملون بها فاصل مثير من السخرية والهزل.فأحد المقدمين يرتدي قميصاً مبتذلاً يحتوي على عبارة انكليزية تقول(لاتُهدر الخمر .. بل اشربه)!! جاعلاً من جسده لوحة إعلانية متنقلة أمام الملأ وفي طريقة (مودرن) ربما لم يسبق لأحد ان راودت أفكاره ، هذا المقدم(الفلتة) اراد ان يقول لكل عشاق الخمر بإن التبذير شئ مذموم وهى إحدى وصايا الشيطان الرجيم لان النار قطعاً بإنتظاركم لكي يكتمل النصاب.وأخر يرتدي قميص ربما لايرتديه طفل في الروضة لم يتجاوز السادسة من عمره مدون عليه أرقام انكليزية ، ومقدم أخر ادمن على الفشل وللسنة الثانية على التوالي حيث حطم مجموعة من الأرقام القياسية في اسلوب الإبتذال والتدني من خلال برامج لاتغني من جوع.ومحطة فضائية لم تتعب نفسها كثيراً فقررت سرقة فكرة( مستهلكة) لبرنامج يقدم في محطة أخرى ولكنها اصطادت الفشل بسنارة خيبتها ولم تفلح حتى في فكرة مسروقة.ومحطة أخرى تخرج إلينا بمقدمين يرتدون ملابس أشبه بملابس أفراد العائلة الحاكمة في النيبال ، فيصنعون (حزورة) لايقوى على حلها(اينشتاين) لا لغرض المتعة وإنما لتمطية الإتصال والتلاعب بمشاعر الناس.ولكن لكي يأخذ كل ذي حق حقه لابد من الإشارة إلى ايجابيات إحدى البرامج التي نالت استحسان الكثير من المشاهدين وهو برنامج( موناسين) الذي يقدمه الفنان الجميل( ماجد ياسين) عبر فضائية الرشيد ، حيث تمكنت أسرة هذا البرنامج من اقتحام قلوب المشاهدين بفكرة بسيطة وتحمل طابعاً إنسانيا كبيراً من خلال مد يد المساعدة لعوائل كابدت الصعاب وعانت كثيراً من وحش الفقر المدقع ولكن القدر شاء ان يضعها في طريق (أبو ياسين) الذي نقول له شكراً لك ولعدسة الكاميرا التي سرقت لنا من ثنايا الزمن لقطات مؤلمة لعوائل عراقية طفح العوز من أرواحها وشاهدناها في موقف لايحسد عليه وكأنها تذوق مرارة الفرح بين شفاهها لأول مرة. وبرنامج جميل أخر أثرى المشاهدين بالمعلومة وهو البرنامج الذي يقدمه الزميل(سامر الأنباري) من خلال فضائية الفرقان بطرحه أسئلة تتعلق بكتاب الله المجيد ، حيث ظهر الأنباري كعادته بأناقة بدلته وربطة عنقه ونظارته الشفافة يسأل ويحاور وتتفجر من أحاسيسه شذرات الإبداع يصوغها كيفما شاء فأستطاع ان يخطف اعجاب المشاهد ببراعة الاستثمار الحقيقي للوقت.لايزال البعض ممن يجهل الكثير من أسرار العمل في المجال الإعلامي يعتقد بأن الولوج الى قلب المشاهد ربما يأتي من جرح مشاعر الناس والأصدقاء واستفزازهم والنيل من كرامتهم وارتداء القمصان والبنطلونات و(نفش) الشعر والظهور بمشهد الـــ ( السبايكي) وطلي فروة الرأس بشتى أنواع( الدهون والجل) لكي يقف الشعر شامخاً ابتداءاً من جذوره ، وكل هذا وغيره _ اذا كانت هناك ثمة أفكار عبثية تدور في خيالات صناع البرامج _ لايعني شيئاً في مجالات الإبداع ومنها مجال الإعلام.في هذا الشهر الفضيل تابع المشاهد العراقي العديد من البرامج الترفيهية عبر المحطات الفضائية العربية ونالت رضاهم ليس بسبب ألوان الملابس البراقة والديكور والميك _ أب وإنما من خلال الفكرة التي يقوم عليها البرنامج والإعداد الصحيح الذي يدرس بشكل علمي لأنه يلبي حاجة المشاهدين وعلى اختلاف أعمارهم وهذه هو الخطاب الذي يهدف الى جعل المشاهد يتابع بشغف كل البرامج وان كانت غير ترفيهية ، فنجد أجواء تنافسية رائعة بين المحطات لجلب المشاهد وخطف الأضواء ، وهذا النجاح لايقف عند هذا الحد بل يتعداه الى الرقي ، ولكن مايحصل عبر شاشات المحطات الفضائية العراقية يجعلنا نضع الأسف بكل تفاصيله وملامحه في مدفع الإفطار لنسمع دويه في كل يوم من أيام شهر رمضان بعد ان فاضت نفوسنا ببؤس نوعية البرامج المقدمة في وقت لايوجد فيه محطتان للبث كما عهدناه سابقاً لكي نضطر ان نتابع البؤس ، ولكن في خضم ثورة من النهوض الإعلامي عبر محطات فضائية عديدة تبدع في صنع البرنامج ، وهذه المحطات تسعى في كل عام الى طرح كل ماهو جديد وممتع فنجدها تأخذ فرصتها في شهر رمضان لعرض بضاعتها التي توازي مجهود سنة كاملة اما محطاتنا وبكل بسالة وإقدام تزرع النفور في قلب المشاهد لكي يدير وجهه سنة كاملة.
تعليق