بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمد وعجلّ فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة الخطبة ( 122 ) .
(2) وهي عريض طويل يشد به الرحال .
(3) المصدر : ( ج 41 ، ص 10 ) .
(4) المصدر .
(5) سيرة الأئمة : ( ج 1 ، ص 124 ) .
(6) الخطبة ( 200 ) من نهج البلاغة .
(7) نهج البلاغة الخطبة ( 37 ) .
(8) المصدر .
(9) المصدر .
(10) أي ارتكب ما يوجب عليه الحد فلامه الناس أو آلمه إقامة الحد عليه .
(11) المصدر : ( ج 41 ، ص 10
الكاتب :السيد محمد تقي المدرسي
اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمد وعجلّ فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان حبه الشديد لربه سبحانه يجعله فوق كل وشيجة مادية، وكل ضغط اجتماعي ، وكل مصلحة دنيوية زائلة. فقد حدثنا (عليه السلام) بنفسه عن أسباب نصر اللـه للمسلمين. وجعل أعظمها التعالي عن علاقاتهم النسبية والتمسك بقيم الحق |
|
فقال: “ فلقد كنا مع رسول اللـه (صلى الله عليه وآله) وإنّ القتل ليدور على الآباء والأبناء والأخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلاّ إيماناً ومضيّاً على الحق “ [1]. ويروي التاريخ أن الإمام علي (عليه السلام) رأى يوم بدر عقيلاً أخاه وكان في معسكر الأعداء يومئذ ، رآه مقيداً فصدَّ عنه ، وصاح به عقيل: يا علي ، أما واللـه لقد رأيت مكاني ، ولكن عمداً تصدُّ عني . وكان حبه الشديد لربه سبحانه يجعله فوق كل وشيجة مادية، وكل ضغط اجتماعي ، وكل مصلحة دنيوية زائلة . فقد حدثنا (عليه السلام) بنفسه عن أسباب نصر اللـه للمسلمين . وجعل أعظمها التعالي عن علاقاتهم النسبية والتمسك بقيم الحق ، فقال : “ فلقد كنا مع رسول اللـه (صلى الله عليه وآله) وإنّ القتل ليدور على الآباء والأبناء والأخوان والقرابات ، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلاّ إيماناً ومضيّاً على الحق “ [1] . ويروي التاريخ أن الإمام علي (عليه السلام) رأى يوم بدر عقيلاً أخاه وكان في معسكر الأعداء يومئذ ، رآه مقيداً فصدَّ عنه ، وصاح به عقيل : يا علي ، أما واللـه لقد رأيت مكاني ، ولكن عمداً تصدُّ عني .فأتـى علي (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال : “ يا رسول اللـه هل لك في أبي يزيد ، مشدودة يده في عنقه بنسعه [2] فقال انطلق بنا إليه “ [3] وهكذا كان موقفه من أخته أم هاني يوم فتح مكة حيث أوت رجالاً من قريش كما يروي التاريخ فلم يجرهم حتى أجارهم النبي (صلى الله عليه وآله) [4] . ومن هنا كان الإمام (عليه السلام) يعيش أبداً فوق الضغوط وكان الناس يعرفون منه ذلك ، ولذلك تعاونت ضده أصحاب المصالح ، وقوى الضغط الإجتماعية ، كما تخبرنا عن ذلك زوجته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليه السلام) : “ وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه واللـه نكير سيفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمُّره في ذات اللـه “ [5] . لقد عرفوا أنه لايبالي ، ولا يداهن فيما يرتبط بربه . وهكذا شهدت حوادث التاريخ . فحينما مد إليه عبد الرحمن ليبايعه علــــى كتاب اللـه وسنّة رسوله وسيرة الشيخين رفض الإستجابة إلاّ لكتاب اللـه وسنّة رسوله ، ولم يبال أن الخلافة بكل ما فيها من عظمة وجلال تزوى عنه . بل إن نظراته إلى الحكم كانت أبداً من خلال ما يمكن أن ينفع دينه . فهو الذي قال مرة لابن عباس وقد استعجله لاستقبال الوفود وكان مشغولاً باصلاح نعله ، قال له : يابن عباس ، كم تسوى هذه النعل عندكم ؟ قال : درهماً أو بعض درهمٍ . قال : “ لأمْرَتُكم هذه أزهدُ عندي منها ، إلاّ أن أُقيم حقّاً أو أَدفع باطلاً “ . أولم يرفض إبقاء معاوية على إمارة الشام مدة من الزمن يستقر فيها الأمر له ثم يعزله كما أشار عليه البعض ، لانه كان يرفض الغدر ؟. وقد قال مرة : “ وما معاوية بأدهى مني ، ولكنه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس “ [6] . ويروي التاريخ أن كل الملتحقين بمعاوية ممن كان مع الإمام علي (عليه السلام) هربوا من عدالته ، واستراحوا إلى محاباة معاوية ومداراته . وكذلك فقل والذين أثروا على عهد الخليفة الثالث ومثلهم ثراء فاحشاً على حساب المحرومين ، وخشوا من محاسبة الإمام علي لهم . الذين كانت بأيديهم ثروات المسلمين ، مـــن بيت المال ، وأرادوا الاستئثار بها . وكذلك الذين كانوا يتصورون المجتمع الإسلامي كالجاهلية يأكل القويُّ العزيزُ فيه الضعيفَ الذليلَ ، ولم يُعجبهم شعار الإمام (عليه السلام) : “ الذليلُ عندي عزيز حتى آخذ الحق له ، والقويُّ عندي ضعيفٌ حتى آخذ الحق منه “ [7] . وكذلك هرب من عدله الذين كانوا يرتكبون جرائم يستحقون عليها الحد . والذين كانوا يبحثون عن جو التسامح في دين اللـه ، يسمح لهم ارتكاب بعض الجرائم كإقامة الحفلات الماجنة ومعاقرة الخمور . كل أولئك كانوا يتسللون إلى معاوية ويشفق عليهم الإمام (عليه السلام) ، لأنهم يهربون من النور إلى الظلام ، ومن العدالة الشاملة إلى مجتمع الظلم الزائل . ولكنه لم يغير سياسته من أجل استمالتهم . والتاريخ يحفل بمئات الحوادث التي تروي لنا قصة ذلك الركن الشديد ، الذي تتراجع عنه عواصف الضغط الإجتماعية ، قصة ذلك الصلد الأصم الذي تتكسر عنده كل أمواج الإغراء والإرهاب .. فليجتمعوا حول معاوية ، ثم يزيد ثم من يأتي من سلاطين بني أمية ، وليرفعوا عقيرتهم ألف شهر ، بسب عليٍّ وذريته عليهم السلام ، ويتفاخرون بقتل أولاده وشيعته .. وليفعلوا ما شاؤوا أن يفعلوا .. فالحق أغلى .. واللـه أكبر ، وأمير المؤمنين (عليه السلام) يصبر محتسباً ثواب ربِّه عزَّ وجلَّ . ولقد قال مرة : “ كنت أحسب الأمراء يظلمون الناس ، فإذا الناس يظلمون الأمراء “ [8] أجل ، إن انعدام الوعي عند الناس وكثرة القوى المصلحية كانت وراء ظلمهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) . فقد كان يريد إقامة مجتمع القانون ، والناس يرغبون في الفوضى والمحاباة ، وأن ينفَّذ القانونُ أبداً على غيرهم . أما هم فالأفضل أن تمشي لهم الوساطات . لقد أخذ الإمام علي (عليه السلام) رجلاً من بني أسد في حدٍّ ، فاجتمع قومه ليكلِّموا فيه ، وطلبوا إلى الحسن (عليه السلام) أن يصحبهم ، فقال : ائتوه فهو أعلى بكم عيناً ، فدخلوا عليه وسألوه ، فقال : لا تسألوني شيئاً أَملكه إلاّ أُعطيتم ، فخرجوا يرون أنهم قد نجحوا ؛ فسألهم الحسن (عليه السلام) فقالوا : أتينا خير مأتِيً ، وحكوا له قوله ، فقال : ما كنتم فاعلين إذا جلد صاحبكم فافعلوه .. فأخرجه علي (عليه السلام) فحدَّه ، ثم قال : “ هذا واللـه لستُ أَملكه “ [9] . وقد بيَّن فلسفة ذلك في قصة أخرى حيث بلغ معاوية أن شاعراً من أصحاب الإمام (عليه السلام) كان اسمه النجاشي قد هجاه . ولعل معاوية كان يعرف أنه يشرب الخمر ، فدسَّ قوماً شهدوا عليه عند الإمام أنه شرب الخمر ، فأخذه وحدّه . فغضب جماعة على الإمام (عليه السلام) في ذلك - وكان بينهم طارق بن عبد اللـه الفهدي - فقال : يا أمير المؤمنين مالنا نرى أن أهل المعصية والطاعة وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العقل ومعادن الفضل سِيَّانِ في الـجـــزاء ، حتى ما كان من صنيعك بأخي الحارث - يعني النجاشي - فأوغرت صدورنا ، وشتت أمورنـــا ، وحملتنا على الجادة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار ( أي اتِّباع معاوية ) . فقال علي (عليه السلام) : { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ } (البقرة/45) . يا أخا بني فهد !. هل هو إلاّ رجل من المسلمين انتهك حُرمة من حُرم اللـه ، فأقمنا عليه حدها زكاة له وتطهيراً ؟. يا أخا ابن فهد ، إنه من أتى حدّاً فأليم[10]كان كفارته . يا أخا ابن فهد ، إن اللـه عزَّ وجلَّ يقول في كتابه العظيم : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَانُ قَوْمٍ عَلَى اَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى } (المائدة/8) [11] . لقد كانت نظرة الإمام (عليه السلام) إلى العدل والمساواة مستوحاة من لب الوحي وروح الرسالة ، وقد انعكست على مواقفه ، وفي تأديبه لِوُلاته ، فهنا يوصي عامله على مصر مالك الأشتر فيقول له : “ أَنصف اللـه ، وأَنصف الناس من نفسك ، ومن خاصة أهلك ، ومن لك فيه هوى من رعيتك . فإنك إِلاَّ تفعل تَظلم ، ومن ظلم عباد اللـه كان اللـه خصمه دون عباده ، ومن خاصمه اللـه أَرخص حُجته ، وكان لله حرباً حتى يفزع ويتوب . وليس بشيء أدعى إلى تغيير نعمة اللـه ، وتعجيل نقمته من إقامةٍ على ظلم ، فإن اللـه سميع دعوة المضطهدين ، وهو للظالمين بالمرصاد “ . ثم يحذره من محاباة الخاصة ( وهم الأشراف وأولوا الوجاهات والوساطات ) فيقول: “ وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق ، وأعمّها في العدل ، وأجمعها لرضا الرعية ، فإن سخط العامة يجحف برضى الخاصة ، وإن سخط الخاصة يُغتفر مع رضى العامة “ [12] |
ــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة الخطبة ( 122 ) .
(2) وهي عريض طويل يشد به الرحال .
(3) المصدر : ( ج 41 ، ص 10 ) .
(4) المصدر .
(5) سيرة الأئمة : ( ج 1 ، ص 124 ) .
(6) الخطبة ( 200 ) من نهج البلاغة .
(7) نهج البلاغة الخطبة ( 37 ) .
(8) المصدر .
(9) المصدر .
(10) أي ارتكب ما يوجب عليه الحد فلامه الناس أو آلمه إقامة الحد عليه .
(11) المصدر : ( ج 41 ، ص 10
الكاتب :السيد محمد تقي المدرسي
تعليق