الفلاّحُ وصانعُ الجِرار
عاشَ في إحدى القرى البعيدة رَجُلان، كانا مُولَعَينِ بأخبارِ الطَّقس.قد يَظُنُّ البعضُ أنّهما كانا صديقَينِ بسببِ ذلك. ولكنّ ما حَصلَ هو العكس، فقد كانَ كلٌّ يُضمِرُ الكراهيةَ للآخَر.
والسببُ بسيطٌ جدّاً؛ لأنّ أحدَهُما كان فلاّحاً، أمّا الآخَرُ فقد كانَ صانِعَ جِرار.
كان الفلاّحُ يتطلّعُ إلى السماءِ كلَّ يومٍ وينَتظِرُ هُطولَ المطر، وكانَ صانعُ الجِرارِ يَشعُرُ بالفَرحةِ كلّما شاهَدَ أشعّةَ الشمسِ وهي تَغمُرُ الآنيةَ الطينيةَ بالنورِ والدِّفء.
وذاتَ يومٍ ألقى الفلاّحُ نظرةً على الأُفق وأكّدَ لِمَن حَولَهُ في المَقهى بأنّ الغَدَ سيكونَ مُمطِراً، وقال بثقة: إنني أشمُّ رائحةَ المَطرِ مُنذُ الآن.
غَضِبَ صانِعُ الجِرارِ وقالَ بعصبيّة: أُراهِنُ على أنّ الغَدَ سيكونُ صَحْواً، وسَتُلهِبُ أشعَّةُ الشمسِ ظَهرَ هذا الفلاّحِ الأحمَق !
وجاءَ الغَد، كانَت قِطَعُ الغُيومِ الصغيرةِ تَعبُرُ السماءَ كسُفُنٍ مُبحِرَة.
وكانت الشمسُ تُشرِقُ حيناً وتَختَفي خلفَ السُّحُبِ حيناً آخر، وهكذا خَسِرَ الاثنانِ الرِّهان.
وسَمِعا وهما يَعودانِ أدراجَهُما نحوَ المنزِلِ تَهكُّماتِ رجالِ القريةِ وفِتيانها.
ومَرَّتِ الأيّام.. وذاتَ صباحٍ فُوجئ أهلُ القريةِ بالفلاّحِ وصانعِ الجِرارِ وهما يَتَحدّثانِ مَعاً بوُدّ.
تَعجَّبَ الجميعُ وتَهامَسوا فيما بَينَهُم عن السرِّ الذي يَكمُنُ وراءَ هذهِ العَلاقةِ الحَميمة.
وسُرعانَ ما عَرَفوا السرَّ عندما شُوهِدَ الفلاّحُ وصانعُ الجِرارِ وهما يَعملانِ معاً.
كانَ الفلاّح يُساعِدُ جارَهُ صانعَ الجِرارِ في أيّامِ الصَّحوِ فيَرصفُ الآنيةَ الطينيةَ في الفِناءِ تحتَ أشعّةِ الشمس، وفي الأيّام المُمطِرةِ كانَ صانعُ الجرارِ يُشارِكُ الفلاّحَ في عملهِ في الأرض.
وتساءل الناسُ عمّن أوحى لهما بهذهِ الفكرةِ، لكنّ أحداً لَم يَعرِفْ ذلك.
تعليق