ما جاء في قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأرض كربلاء
ما جاء في قبر الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأرض كربلاء
روي عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : خلق الله تبارك وتعالى أرض كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام ، وقدَّسها وبارك عليها ، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدَّسة مباركة ، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة ، وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة (1).
وعن أبي الجارود قال : قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) : اتّخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرماً بأربعة وعشرين ألف عام ، وإنه إذا زلزل الله تبارك وتعالى الأرض وسيَّرها رفعت كما هي بتربتها نورانية صافية ، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة ، وأفضل مسكن في الجنة ، لا يسكنها إلاّ النبيون والمرسلون ، أو قال : أولو العزم من الرسل ، فإنها لتزهر بين رياض الجنة كما يزهر الكوكب الدريّ بين الكواكب لأهل الأرض ، يغشي نورها أبصار أهل الجنة جميعاً ، وهي تنادي : أنا أرض الله المقدَّسة الطيِّبة المباركة ، التي تضمَّنت سيِّد الشهداء وسيِّد شباب أهل الجنة (2).
قال : وروي قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : الغاضرية هي البقعة التي كلَّم الله فيها موسى بن عمران ، وناجى نوحاً فيها ، وهي أكرم أرض الله عليه ، ولولا ذلك ما
1 ـ كامل الزيارات ، ابن قولويه : 450 ، وعنه بحار الأنوار ، المجلسي : 98/107 ح 5.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/108 ح 10 عن كامل الزيارات : 451 ح 5.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/108 ح 10 عن كامل الزيارات : 451 ح 5.
استودع الله فيها أولياءه وأبناء نبيه ، فزوروا قبورنا بالغاضرية (1).
وعن حماد بن أيوب ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يقبر ابني في أرض يقال لها كربلاء ، هي البقعة التي كانت فيها قبة الإسلام ، التي نجَّى الله عليها المؤمنين الذين آمنوا مع نوح في الطوفان (2).
وعن الفضل بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : زوروا كربلاء ، ولا تقطعوه ، فإن خير أولاد الأنبياء ضمنته ، ألا وإن الملائكة زارت كربلاء ألف عام من قبل أن يسكنه جدي الحسين ( عليه السلام ) ، وما من ليلة تمضي إلاّ وجبرئيل وميكائيل يزورانه ، فاجتهد ـ يا يحيى ـ أن لا تُفقد من ذلك الموطن.
وعن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : إن لموضع قبر الحسين بن علي ( عليهما السلام ) حرمة معلومة ، من عرفها واستجار بها أُجير ، قلت : فصف لي موضعها جعلت فداك ، قال : امسح من موضع قبره اليوم ، فامسح خمسة وعشرين ذراعاً من ناحيةِ رجليه ، وخمسة وعشرين ذراعاً من خلفه ، وخمسة وعشرين ذراعاً مما يلي وجهه ، وخمسة وعشرين ذراعاً من ناحية رأسه ، وموضع قبره منذ يوم دفن روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج يعرج فيه بأعمال زوّاره إلى السماء ، فليس ملك ولا نبيٌّ في السموات إلاَّ وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) ففوج ينزل وفوج يعرج. وفي رواية قال ( عليه السلام ) : موضع قبر الحسين ترعة من ترع الجنة (3).
وعن منصور بن العباس يرفعه إلى أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : حريم قبر
1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/108 ـ 109 ح 13.
2 ـ كامل الزيارات ، ابن قولويه : 452 ح 7 و9 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 98/108.
3 ـ بحار الأنوار ، الملجسي : 98/108 ـ 111 عن كامل الزيارات.
2 ـ كامل الزيارات ، ابن قولويه : 452 ح 7 و9 ، بحار الأنوار ، المجلسي : 98/108.
3 ـ بحار الأنوار ، الملجسي : 98/108 ـ 111 عن كامل الزيارات.
الحسين ( عليه السلام ) خمس فراسخ من أربعة جوانب القبر (1).
وعن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت على أبي الحسن علي بن محمد ( عليه السلام ) وهو محموم عليل فقال لي : يا أبا هاشم ، ابعث رجلا من موالينا إلى الحير (2) يدعو الله لي ، فخرجت من عنده فاستقبلني علي بن بلال ، فأعلمته ما قال لي وسألته أن يكون الرجل الذي يخرج ، فقال : السمع والطاعة ، ولكنني أقول : إنه أفضل من الحير إذا كان بمنزلة من في الحير ، ودعاؤه لنفسه أفضل من دعائي له بالحير ، فأعلمته صلوات الله عليه ما قال ، فقال لي : قل له : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أفضل من البيت والحجر ، وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر ، وإن لله تبارك وتعالى بقاعاً يحبّ أن يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه ، والحير منها (3).
وفي رواية قال ( عليه السلام ) : ألا قلت له : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يطوف بالبيت ويقبّل الحجر ، وحرمة النبي ( صلى الله عليه وآله ) والمؤمن أعظم من حرمة البيت ، وأمره الله أن يقف بعرفة ، إنما هي مواطن يحبّ الله أن يُذكر فيها ، فأنا أحبّ أن يُدعى لي حيث يُحبّ الله أن يُدعى فيها ، والحير من تلك المواضع (4).
وفي لفظ ثالث عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت أنا ومحمد بن حمزة عليه نعوده وهو عليل ، فقال لنا : وجّهوا قوماً إلى الحير من مالي ، فلمّا خرجنا من عنده قال لي محمد بن حمزة : المشير يوجِّهنا إلى الحير وهو بمنزلة من في الحير ، قال : فعدت إليه فأخبرته ، فقال لي : ليس هو هكذا ، إن لله مواضع يحب أن يعبد فيها ، وحائر الحسين ( عليه السلام ) من تلك المواضع.
وروي عن الإمام الرضا ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال علي بن الحسين ( عليهما السلام ) :
1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/111 ح 27 عن كامل الزيارات.
2 ـ يعني قبر الحسين ( عليه السلام ) وسمي بالحائر الحسيني لأن الماء حار حوله لما اُجرى بأمر المتوكل العباسي.
3 ـ بحار الأنوار ، المجلسي 98/113 ح 34.
4 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/112 ـ 113 ح 32 و 33 و 36.
2 ـ يعني قبر الحسين ( عليه السلام ) وسمي بالحائر الحسيني لأن الماء حار حوله لما اُجرى بأمر المتوكل العباسي.
3 ـ بحار الأنوار ، المجلسي 98/113 ح 34.
4 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/112 ـ 113 ح 32 و 33 و 36.
كأني بالقصور وقد شيدت حول قبر الحسين ( عليه السلام ) ، وكأني بالأسواق قد حفّت حول قبره ، فلا تذهب الأيام والليالي حتى يسار إليه من الآفاق ، وذلك عند انقطاع ملك بني مروان.
ولله درّ الحجّة الشيخ فرج العمران عليه الرحمة إذ يقول :
قُبّةٌ كان زينةُ العرشِ فيهاكان فيها الحسينُ ربُّ المعاليهو مَنْ كانت الأئمَّةُ منهفعليه ربُّ السماواتِ صلَّى | بل هو العرشُ لا الذي في سماهاوارثُ العلم مِن لَدُنْ أنبياهاوَهُمُ سادةُ الورى شُفَعَاهاصلاةً لا منتهى لمداها (1) |
وعن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في حديث طويل قال : قلت له : فما لمن أقام عنده ـ يعني الحسين ( عليه السلام ) ؟ قال : كل يوم بألف شهر ، قال : فما للمنفق في خروجه إليه والمنفق عنده ؟ قال : درهم بألف درهم (2).
وعن قدامة بن زائدة ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، عن زينب بنت علي ( عليه السلام ) ، عن أم أيمن ، قالت في حديث طويل عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : أتى جبرئيل فأومى إلى الحسين ( عليه السلام ) وقال : إن سبطك هذا مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك ، بضفة الفرات ، بأرض تُدعى كربلاء ، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذرّيّتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تُفنى حسرته ، وهي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة ، وإنها لمن بطحاء الجنة.
وروى محمد بن سنان ، عمّن حدثه ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : خرج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يسير بالناس ، حتى إذا كان من كربلاء على مسيرة ميل أو ميلين فتقدَّم بين أيديهم حتى إذا صار بمصارع الشهداء قال : قُبض فيها مائتا نبي ، ومائتا
وعن قدامة بن زائدة ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، عن زينب بنت علي ( عليه السلام ) ، عن أم أيمن ، قالت في حديث طويل عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : أتى جبرئيل فأومى إلى الحسين ( عليه السلام ) وقال : إن سبطك هذا مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك ، بضفة الفرات ، بأرض تُدعى كربلاء ، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذرّيّتك في اليوم الذي لا ينقضي كربه ولا تُفنى حسرته ، وهي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة ، وإنها لمن بطحاء الجنة.
وروى محمد بن سنان ، عمّن حدثه ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : خرج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يسير بالناس ، حتى إذا كان من كربلاء على مسيرة ميل أو ميلين فتقدَّم بين أيديهم حتى إذا صار بمصارع الشهداء قال : قُبض فيها مائتا نبي ، ومائتا
1 ـ شعراء القطيف ، الشيخ علي المرهون : 2/29.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/114 ح 37 و 38.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/114 ح 37 و 38.
وصي ، ومائتا سبط ، شهداء بأتباعهم ، فطاف بها على بغلته خارجاً رجليه من الركاب ، وأنشأ يقول : مناخ ركاب ومصارع شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ، ولا يلحقهم من كان بعدهم (1).
وعن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : قبر الحسين بن علي ( عليه السلام ) عشرون ذراعاً في عشرين ذراعاً مكسّراً ، روضة من رياض الجنة ، منه معراج إلى السماء ، فليس من ملك مقرَّب ولا نبيٍّ مرسل إلاَّ وهو يسأل الله أن يزوره ، وفوج يهبط وفوج يصعد (2).
وعن أبي الجارود قال : قال لي أبو جعفر ( عليه السلام ) : كم بينك وبين قبر أبي عبدالله ( عليه السلام ) ؟ قال : قلت : يوم وشيء فقال له : لو كان منا على مثل الذي هو منكم لا تخذناه هجرة (3). ولله درّ الشاعر إذ يقول :
إذا شئتَ النجاة فزر حسيناًفإن النارَ ليس تمسُّ جسماً | لكي تلقى الإلهَ قريرَ عينِعليه غُبارُ زوَّارِ الحسينِ |
ومما جاء في فضل زيارة الحسين ( عليه السلام ) ما روي عن الإمام الرضا ، عن أبيه ( عليهما السلام ) قال : سئل الصادق ( عليه السلام ) عن زيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) فقال : أخبرني أبي ( عليه السلام ) أن من زار قبر الحسين ( عليه السلام ) عارفاً بحقه كتبه الله في عليين ، ثم قال : إن حول قبر الحسين ( عليه السلام ) سبعين ألف ملك شعثاً غبراً ، يبكون عليه إلى يوم القيامة (4).
وروى ابن قولويه عليه الرحمة عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : يا حسين ، من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي ( عليه السلام ) إن كان ماشياً كتب له بكل خطوة حسنة ، ومحي عنه سيئة ، حتى إذا صار
وروى ابن قولويه عليه الرحمة عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : يا حسين ، من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي ( عليه السلام ) إن كان ماشياً كتب له بكل خطوة حسنة ، ومحي عنه سيئة ، حتى إذا صار
1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/116 ح 42 و 44.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/106 ح 1.
3 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/115 ح 39.
4 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 89/69 ح 1.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/106 ح 1.
3 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 98/115 ح 39.
4 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 89/69 ح 1.
(186)
في الحير كتبه الله من المفلحين المنجحين ، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين ، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرئك السلام ويقول لك : استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى.
وروي عن عبدالله بن الطمحان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سمعته وهو يقول : ما من أحد يوم القيامة إلاَّ وهو يتمنَّى أنه من زوَّار الحسين بن علي ( عليه السلام ) لما يرى مما يُصنع بزوَّار الحسين من كرامتهم على الله (1).
وعن عبدالله بن حماد البصري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : قال لي : إن عندكم ـ أو قال : في قربكم ـ لفضيلة ما أوتي أحد مثلها ، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها ، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها ، وإن لها لأهلا خاصة قد سمّوا لها ، وأعطوها بلا حول منهم ولا قوة ، إلاَّ ما كان من صنع الله لهم وسعادة حباهم الله بها ورحمة ورأفة وتقدم.
قلت : جعلت فداك ، وما هذا الذي وصفت ولم تسمِّه ؟ قال : زيارة جدي الحسين بن علي ( عليه السلام ) فإنه غريب بأرض غربة ، يبكيه من زاره ، ويحزن له من لم يزره ، ويحترق له من لم يشهده ، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجله ، في أرض فلاة ، لا حميم قربه ولا قريب ، ثم منع الحق ، وتوازر عليه أهل الردّة ، حتى قتلوه وضيَّعوه وعرَّضوه للسباع ، ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب ، وضيَّعوا حق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ووصيته به وبأهل بيته ، فأمسى مجفواً في حفرته ، صريعاً بين قرابته وشيعته ، بين أطباق التراب ، قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جدّه ، والمنزل الذي لا يأتيه إلاَّ من امتحن الله قلبه للإيمان وعرَّفه حقَّنا ، فقلت له : جعلت فداك ، قد كنت آتيه حتى بليت بالسلطان وفي حفظ أموالهم ، وأنا عندهم مشهور ، فتركت للتقية إتياته ، وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير ، فقال : هل
في الحير كتبه الله من المفلحين المنجحين ، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين ، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقرئك السلام ويقول لك : استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى.
وروي عن عبدالله بن الطمحان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سمعته وهو يقول : ما من أحد يوم القيامة إلاَّ وهو يتمنَّى أنه من زوَّار الحسين بن علي ( عليه السلام ) لما يرى مما يُصنع بزوَّار الحسين من كرامتهم على الله (1).
وعن عبدالله بن حماد البصري ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ، قال : قال لي : إن عندكم ـ أو قال : في قربكم ـ لفضيلة ما أوتي أحد مثلها ، وما أحسبكم تعرفونها كنه معرفتها ، ولا تحافظون عليها ولا على القيام بها ، وإن لها لأهلا خاصة قد سمّوا لها ، وأعطوها بلا حول منهم ولا قوة ، إلاَّ ما كان من صنع الله لهم وسعادة حباهم الله بها ورحمة ورأفة وتقدم.
قلت : جعلت فداك ، وما هذا الذي وصفت ولم تسمِّه ؟ قال : زيارة جدي الحسين بن علي ( عليه السلام ) فإنه غريب بأرض غربة ، يبكيه من زاره ، ويحزن له من لم يزره ، ويحترق له من لم يشهده ، ويرحمه من نظر إلى قبر ابنه عند رجله ، في أرض فلاة ، لا حميم قربه ولا قريب ، ثم منع الحق ، وتوازر عليه أهل الردّة ، حتى قتلوه وضيَّعوه وعرَّضوه للسباع ، ومنعوه شرب ماء الفرات الذي يشربه الكلاب ، وضيَّعوا حق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ووصيته به وبأهل بيته ، فأمسى مجفواً في حفرته ، صريعاً بين قرابته وشيعته ، بين أطباق التراب ، قد أوحش قربه في الوحدة والبعد عن جدّه ، والمنزل الذي لا يأتيه إلاَّ من امتحن الله قلبه للإيمان وعرَّفه حقَّنا ، فقلت له : جعلت فداك ، قد كنت آتيه حتى بليت بالسلطان وفي حفظ أموالهم ، وأنا عندهم مشهور ، فتركت للتقية إتياته ، وأنا أعرف ما في إتيانه من الخير ، فقال : هل
1 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 89/72.
تدري ما فضل من أتاه وما له عندنا من جزيل الخير ؟ فقلت : لا ، فقال : أمّا الفضل فيباهيه ملائكة السماء ، وأمّا ما له عندنا فالترحُّم عليه كل صباح ومساء ، ولقد حدَّثني أبي أنه لم يخل مكانه منذ قتل من مصل يصلّي عليه من الملائكة ، أو من الجنّ ، أو من الإنس ، أو من الوحش ، وما من شيء إلاَّ وهو يغبط زائره ، ويتمسَّح به ، ويرجو في النظر إليه الخير لنظره إلى قبره.
ثمَّ قال : بلغني أن قوماً يأتونه من نواحي الكوفة وناساً من غيرهم ، ونساء يندبنه ، وذلك في النصف من شعبان ، فمن بين قارىء يقرأ ، وقاصّ يقصّ ، ونادب يندب ، وقائل يقول المراثي ، فقلت له : نعم جعلت فداك ، قد شهدت بعض ما تصف ، فقال : الحمد لله الذي جعل في الناس من يفد إلينا ، ويمدحنا ويرثي لنا ، وجعل عدوَّنا من يطعن عليهم من قرابتنا وغيرهم ، يهدرونهم ويقبِّحون ما يصنعون (1).
وفي الأمالي عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمد ( عليهما السلام ) يقولان : إن الله تعالى عوَّض الحسين ( عليه السلام ) من قتله أن جعل الإمامة في ذرّيّته ، والشفاء في تربته ، وإجابة الدعاء عند قبره ، ولا تُعدّ أيام زائريه جائياً وراجعاً. قال محمد بن مسلم : فقلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ) : هذه الخلال تنال بالحسين ( عليه السلام ) فما له في نفسه ؟ قال : إن الله تعالى ألحقه بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) فكان معه في درجته ومنزلته ، ثم تلا أبو عبدالله ( عليه السلام ) : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » الآية (2).
ولله درّ ابن العرندس عليه الرحمة إذ يقول :
إمامُ الهدى سِبْطُ النبوَّةِ والدُ الـ | أئمةِ ربُّ النهيِ مولىً له الأَمْرُ |
1 ـ كامل الزيارات ، ابن قولويه : 537 ـ 539 ح 1.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 89/69 ح 2.
2 ـ بحار الأنوار ، المجلسي : 89/69 ح 2.
إمامٌ أبوه المرتضى عَلَمُ الهدىإمامٌ بكته الإنسُ والجنُّ والسَّمَاله القُبَّةُ البيضاءُ بالطفِّ لم تزلوفيه رسولُ اللهِ قال وقولُهُحُبِي بثلاث ما أحاطَ بمثلِهاله تُرْبةٌ فيها الشفاءُ وقُبَّةٌوذرّيّةٌ دريَّةٌ منه تسعةٌأيُقْتَلُ ظمآناً حسينٌ بكربلاووالدُهُ الساقي على الحوضِ في غَد | وصيُّ رسولِ اللهِ والصِّنْوُ والصِّهْرُوَوَحْشُ الفلا والطيرُ والبرُّ والبحرُتطوفُ بها طوعاً ملائكةٌ غُرُّصحيحٌ صريحٌ ليس في ذلكم نُكْرُوليٌّ فَمَنْ زيدٌ هناك وَمَنْ عمرويجابُ بها الداعي إذا مسَّه الضرُّأئمةُ حقٍّ لا ثمان ولا عَشْرُوفي كلِّ عُضْو من أنامِلِه بحرُوفاطمةٌ مَاءُ الفُرَاتِ لها مَهْرُ (1) |
وقال آخر عليه الرحمة :
مولى بتربته الشفاء وتحت قبتهفيه الإمام أبو الأئمة والذي | الدعاء من كل داع يسمعُهو للنبوة والإمامة مجمعُ |
تعليق