الفصل 16
(مرحلة التعمم)
(مرحلة التعمم)
فكرت ان اذهب الى الحوزة في النجف الاشرف لكي اتخلص من اعتراضات والدي واستطيع ان اعيش بالكفاف ؛ وبالضمن اتعلم ديني؛.فتكلمت مع الشيخ حسين اليعقوبي وكان تلميذا عند السيد احمد المستنبط صاحب كتاب ضياء الصالحين وكتاب القطرة في مناقب العترة وكتب اخرى رائعة في موضوعاتها – فقال:عندنا في مدرسة المرحوم الشيخ كاشف الغطاء غرف فارغة تعال معي لكي ارتب لك الامر.وبلفعل جزاه الله سبحانه خيرا اعطاني غرفة ؛ وكانت المدرسة مخيفة جدا لانه ليس فيها سوى الخادم وهو كبير السن ؛ حيث كان بعض الرجال الذين يبلغ بهم السن مبلغا كبيرا ياتوا الى النجف الاشرف من اطراف العراق ليعيشوا في المساجد والحسينيات منتظرين ان ياتيهم الاجل وهم في النجف الاشرف؛ وكان هذا الخادم واسمه " حجي نعمة" من هؤلاء الرجال البرزخيين الذين ان رايتهم تصورتهم موتى يمشون امامك وانا في ريعانة الشباب ناعم الاحلام رهيف الاحساس بين توابيت خاوية وابدان من الروح منتظرة للخروح لتدخل تلك التوابيت فتملئ فراغها ؛ والمدرسة فارغة سوى هؤلاء ومجموعة كبيرة من تلك التوابيت التي كان اصحاب الجنائز بعد دفن موتاهم يلقونها هنا وهناك وكان سهم مدرستنا لاباس به من هذه التوابيت .فكنت في هذه المدرسة وحيدا فريدا بين ظلمات الغربة ووحشت التوابيت والم الجوع وذكريات الماضي بمفارقة الاصدقاء والخلان ؛ وخوف المستقبل المجهول وليس لي انس الا زقزقة العصافير على شجرة السدرة الكبيرة والتي ملئت سماء مدرستنا.آه .... ياأمي ..........الآن عرفت قدرك بعد ان فقدتك وانا طفل فهل كان يجرء احد ان كنتِ موجودة ان يطردني يااماه؟؟!!واخذني السيد ياسين حفظه الله تعالى وهو الان من علماء النجف الاشرف المعروفين الى سماحة السيد محمد باقر الصدر رحمة الله عليه واسكنه فسيح جنته فالبسني العمامة بيده الشريفة واعطاني مبلغا من المال كهدية وخرجت متعمما.الناس يرون ظاهري هادئا كهدوء نسيم الصباح على الرياض المزهرة ؛وصدري كفؤادي ام موسى يكاد ان يُخرج قلبي من غليانه لاني لا اعلم ما يكون مصيري لوخطبت قريبتي التي بات ذكرها انسي الوحيد في مدلهمات مصائبي التي طالما شكوتها لملاذي الوحيد امير المؤمنين عليه السلام . كانت العمامة على راسي تلوح لمن يراني باني مشغول البال بالعلم وقلبي مشغول الفكر بالخطيبة ...............كان لي صديق يوم كنت في الكلية من اصل باكستاني واسمه شمسي وابوه الان من خدمة الروضة الحسينية ادام الله بقاءه وكان سخياكريما ما جئته يوما الا واستقبلني بالابتسامات الجميلة الهشة البشه واول كلمة اسمعها منه للترحيب بي عندما ازوره هي اين كنت؟ وانا انتظرك من زمناهلا........ اهلا..رحمة الباري عليه -- فقد طحن في طاحونة الطاغوت الظالم للحكومة الظالمة كما سياتي الخبر عنه -- ؛ ثم يسرع بالمائدة قبل ان يسالني هل تحتاج الطعام ام لا؟فجائني يوما الى مدرسة كاشف الغطاء فوجدني جالسا على حصير بالي ؛خاسف اللون طاوي البطن ذابل الشفاه وكأن الخسوف والكسوف جمعت في جبيني وخدي !!فرثي لحالي وقال لي من سيزوجك؟وكيف تعيش وانت على هذا الحال؟؟--في تلكم الايام كان اكثر الطلبه امثالي في النجف الاشرف يعيشون في اضيق حال في حكم الطاغو ت ...
تعليق