إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

انتظار الخطوبة اذاب قلبي - تاليف سيد جلال الحسيني

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #51
    الفصل 16

    (مرحلة التعمم)

    فكرت ان اذهب الى الحوزة في النجف الاشرف لكي اتخلص من اعتراضات والدي واستطيع ان اعيش بالكفاف ؛ وبالضمن اتعلم ديني؛.فتكلمت مع الشيخ حسين اليعقوبي وكان تلميذا عند السيد احمد المستنبط صاحب كتاب ضياء الصالحين وكتاب القطرة في مناقب العترة وكتب اخرى رائعة في موضوعاتها – فقال:عندنا في مدرسة المرحوم الشيخ كاشف الغطاء غرف فارغة تعال معي لكي ارتب لك الامر.وبلفعل جزاه الله سبحانه خيرا اعطاني غرفة ؛ وكانت المدرسة مخيفة جدا لانه ليس فيها سوى الخادم وهو كبير السن ؛ حيث كان بعض الرجال الذين يبلغ بهم السن مبلغا كبيرا ياتوا الى النجف الاشرف من اطراف العراق ليعيشوا في المساجد والحسينيات منتظرين ان ياتيهم الاجل وهم في النجف الاشرف؛ وكان هذا الخادم واسمه " حجي نعمة" من هؤلاء الرجال البرزخيين الذين ان رايتهم تصورتهم موتى يمشون امامك وانا في ريعانة الشباب ناعم الاحلام رهيف الاحساس بين توابيت خاوية وابدان من الروح منتظرة للخروح لتدخل تلك التوابيت فتملئ فراغها ؛ والمدرسة فارغة سوى هؤلاء ومجموعة كبيرة من تلك التوابيت التي كان اصحاب الجنائز بعد دفن موتاهم يلقونها هنا وهناك وكان سهم مدرستنا لاباس به من هذه التوابيت .فكنت في هذه المدرسة وحيدا فريدا بين ظلمات الغربة ووحشت التوابيت والم الجوع وذكريات الماضي بمفارقة الاصدقاء والخلان ؛ وخوف المستقبل المجهول وليس لي انس الا زقزقة العصافير على شجرة السدرة الكبيرة والتي ملئت سماء مدرستنا.آه .... ياأمي ..........الآن عرفت قدرك بعد ان فقدتك وانا طفل فهل كان يجرء احد ان كنتِ موجودة ان يطردني يااماه؟؟!!واخذني السيد ياسين حفظه الله تعالى وهو الان من علماء النجف الاشرف المعروفين الى سماحة السيد محمد باقر الصدر رحمة الله عليه واسكنه فسيح جنته فالبسني العمامة بيده الشريفة واعطاني مبلغا من المال كهدية وخرجت متعمما.الناس يرون ظاهري هادئا كهدوء نسيم الصباح على الرياض المزهرة ؛وصدري كفؤادي ام موسى يكاد ان يُخرج قلبي من غليانه لاني لا اعلم ما يكون مصيري لوخطبت قريبتي التي بات ذكرها انسي الوحيد في مدلهمات مصائبي التي طالما شكوتها لملاذي الوحيد امير المؤمنين عليه السلام . كانت العمامة على راسي تلوح لمن يراني باني مشغول البال بالعلم وقلبي مشغول الفكر بالخطيبة ...............كان لي صديق يوم كنت في الكلية من اصل باكستاني واسمه شمسي وابوه الان من خدمة الروضة الحسينية ادام الله بقاءه وكان سخياكريما ما جئته يوما الا واستقبلني بالابتسامات الجميلة الهشة البشه واول كلمة اسمعها منه للترحيب بي عندما ازوره هي اين كنت؟ وانا انتظرك من زمناهلا........ اهلا..رحمة الباري عليه -- فقد طحن في طاحونة الطاغوت الظالم للحكومة الظالمة كما سياتي الخبر عنه -- ؛ ثم يسرع بالمائدة قبل ان يسالني هل تحتاج الطعام ام لا؟فجائني يوما الى مدرسة كاشف الغطاء فوجدني جالسا على حصير بالي ؛خاسف اللون طاوي البطن ذابل الشفاه وكأن الخسوف والكسوف جمعت في جبيني وخدي !!فرثي لحالي وقال لي من سيزوجك؟وكيف تعيش وانت على هذا الحال؟؟--في تلكم الايام كان اكثر الطلبه امثالي في النجف الاشرف يعيشون في اضيق حال في حكم الطاغو ت ...

    تعليق


    • #52
      الفصل 17

      (حبيبي الاخ شمسي)

      قلت لصديقي شمسي : الا تقبل القرآن الكريم ؟؟
      قال: نعم .
      قلت له : الا تقرأ هذه الاية الكريمة
      فَاذْكُرُوني‏ أَذْكُرْكُمْ وَ اشْكُرُوا لي‏ وَ لا تَكْفُرُونِ[1]
      فقلت له: وردت الرواية عن اهل البيت عليهم السلام :
      عن مَجْمُوعَةُ الشَّهِيدِ، -ره- قَالَ قَالَ جَبْرَئِيلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه واله إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ أَعْطَيْتُ أُمَّتَكَ مَا لَمْ أُعْطِهِ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ فَقَالَ وَ مَا ذَاكَ يَا جَبْرَئِيلُ قَالَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَ لَمْ يَقُلْ هَذِهِ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ [2]
      وَ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه واله : خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: ارْتَعُوا فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ قَالَ مَجَالِسُ الذِّكْرِ اغْدُوا وَ رَوِّحُوا وَ اذْكُرُوا وَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ اللَّهِ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ عِنْدَهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ الْعَبْدَ حَيْثُ أَنْزَلَ الْعَبْدُ اللَّهَ مِنْ نَفْسِهِ وَ اعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَ أَزْكَاهَا وَ أَرْفَعَهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَ خَيْرَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي وَ قَالَ سُبْحَانَهُ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ يَعْنِي اذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ وَ الْعِبَادَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالنِّعَمِ وَ الْإِحْسَانِ وَ الرَّحْمَةِ وَ الرِّضْوَانِ[3].
      فهل من المعقول يا شمسي ان اذكر الله باحسن الذكر وهو ان أذكره عند المعصية ولا يذكرني ربي عند جوعي وعطشي؟!
      وقد ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام :
      مستدرك‏الوسائل 11 279 23- باب وجوب اجتناب المحارم .....
      عَنْ أَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام الذِّكْرُ ذِكْرَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِنْدَ الْمَعْصِيَةِ وَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَيَكُونُ حَاجِزاً .
      وكذلك عن الكافي 2 145 باب الإنصاف و العدل .....
      عَنِ الْحَسَنِ الْبَزَّازِ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَ لَا أُخْبِرُكَ بِأَشَدِّ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى خَلْقِهِ ثَلَاثٌ قُلْتُ بَلَى قَالَ إِنْصَافُ النَّاسِ مِنْ نَفْسِكَ وَ مُوَاسَاتُكَ أَخَاكَ وَ ذِكْرُ اللَّهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَ إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ ذَاكَ وَ لَكِنْ ذِكْرُ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ إِذَا هَجَمْتَ عَلَى طَاعَةٍ أَوْ عَلَى مَعْصِيَةٍ .
      فحينما سمع صديقي السيد شمسي كلامي هذا بكى رقة عليّ؛ وخرج من غرفتي و قد سالت دموعه متحسرا عليّ اشد حسرة...........
      ودارت الايام واذا بصاحبي الباكستاني يُقبض عليه في كلية الهندسة ويُذهب به للسجن وانقطعت اخباره الى ان هلك الطاغية ؛ وعلم اهله انه استشهد مع من استشهد على يد الطاغية عدو الحسين فرحمة الله عليه واسكنه فسيح جنته
      وهو اعزب ولم يوفق للزواج في حين كان يبكي لحالي خوف ان لا يزوجني احد لفقري وفاقتي بينما ببركة ذكر الله تعالى عند المعصية تزوجت انا كما ستقرؤن في الذكريات ؛كل ذلك ببركة الهجرة الى الله تعالى وهو القائل:
      وَ مَنْ يُهاجِرْ في‏ سَبيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثيراً وَ سَعَةً وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً [4]
      قارئي العزيز:
      لماذا لا نثق بالله بينما نهتز طربا ان وُعِدنا بصفقة من بشر ؛ او اي طُعمة فيها طمع مزيف؟؟
      وهكذا بقيت ادرس في الحوزه مجدّا اي جد؛ واذهب في ليالي الجمعة الى زيارة الامام الشهيد عليه السلام لكربلاء المقدسة ؛ وانا افكر بالتي اريد خطوبتها وادعو لها ولنفسي ؛ ان اظفر بها طائرا فاكمل بها ديني وكثيرا ما كنت اتصدق عنها ولسلامتها .



      [1] البقرة: 152.

      [2] مستدرك الوسائل: ج 5 ص 286

      [3] بحار الانوار ج 90 ص 163

      [4] النساء: 100.

      التعديل الأخير تم بواسطة الراصد; الساعة 01-10-2011, 08:15 AM. سبب آخر: حذف الروابط

      تعليق


      • #53
        من متابعين معكم
        الله يوفقكم في الدنيا والاخر
        اثابكم الله على جهاد النفس والهوى
        حياةً عصيبة مررتم بها ولكنها جميله بمعانيها وما ححققتموه
        بانتظار الباقي

        تعليق


        • #54
          هنيئاً لكم سيدنا الفاضل رضا الله وتوفيقه لكم
          أسال الله بحرمة محمد وآل محمد ان يبارك بعمركم ويجعلكم مع محمد وآله في الدنيا والاخرة
          وودت سؤالكم سيدنا:
          ما هو سبب أختياركم لقريبتكم وتمسككم بها لتكون زوجة فكنتم دائما تذكرونها وتتصدقون عنها؟؟
          اتمنى ان تجيبني على سؤالي بارك الله بك سيدنا
          متابعين بقية الفصول
          التعديل الأخير تم بواسطة ام الفواطم; الساعة 01-10-2011, 12:46 AM.
          sigpic

          تعليق


          • #55
            المشاركة الأصلية بواسطة المستشاره مشاهدة المشاركة
            من متابعين معكم
            الله يوفقكم في الدنيا والاخر
            اثابكم الله على جهاد النفس والهوى
            حياةً عصيبة مررتم بها ولكنها جميله بمعانيها وما ححققتموه
            بانتظار الباقي
            السلام عليكم
            اشكر متابعتكم وفقتم لرضا صاحب الامر الرقيب على اعمالنا وكل لمحة ونظرة منا

            تعليق


            • #56
              المشاركة الأصلية بواسطة ام الفواطم مشاهدة المشاركة
              هنيئاً لكم سيدنا الفاضل رضا الله وتوفيقه لكم
              أسال الله بحرمة محمد وآل محمد ان يبارك بعمركم ويجعلكم مع محمد وآله في الدنيا والاخرة
              وودت سؤالكم سيدنا:
              ما هو سبب أختياركم لقريبتكم وتمسككم بها لتكون زوجة فكنتم دائما تذكرونها وتتصدقون عنها؟؟
              اتمنى ان تجيبني على سؤالي بارك الله بك سيدنا
              متابعين بقية الفصول

              الفصل 6

              - ((براءة الفتاة )) -




              كانت احدى البنات من معارفنا الذين يسكنون قريب الجامعة ؛ كلما ذهبت لبيتهم ويصادف انها تفتح الباب لي ؛ اراها وقد أحمرّ وجهها ؛ وكأن لسان اللهيب القاسي يؤجج ما في كوامن وجودي من الشوق للمستقبل المترقب!
              ففكرت ان ارسل لها رسالة لتستعد ليوم خطوبتي منها.
              وكان الدافع الاساسي للرسالة عوامل شتى ؛
              منها وسوسة سماحة الزميل الملتهب بغريزته وسفرته الخاطئة ؛ والتي كان نتاجها العداء
              بينهما؛ وجاء اقارب البنت يتوسلون بي ان اجمع بينهما لان سماحته لم يقبل ان يتزوجها ابدا ويقول لم يعجبني عفافها وكيف هي خدعت بي ومن يقول انها لم تخدع بغيري وتسافر معه كما سافرت معي ؛ ومن بعدها اصبحت حياتها ماساة ومعانات شاقة وعظيمة وقصتهم طويلة عريضة ؛ بالضبط كمااخبرتك قرائي الاعزاء ؛

              وهو طبيعي لكل من لم يؤسس حياته على التقوى :
              *أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانهَارَبِه ِفِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[1]
              والعامل الاخر الذی دفعني لكتابة الرسالة؛ هو عامل مهم ؛ بل هو ام المصائب ل?ثير من الشابات وللاكثرية من الشباب المسا?ين!!!
              وهي الطامة الكبرى؟؟
              حمرت الوجنتين!!!
              حمرة كانت تعلو الوجنتين من خجل** خلتها حمرة عشق علت الخدين من فرط ا لوله
              ولحظة كُشف الوهم وبدد المرح


              ان الكثير من الشباب حينما يرى ان فتاة تنظر اليه ؛ فلا يشك انها عشقته ويسرح ويمرح بافكاره؛ويخطط ليل نهار لها؛ ساهرا ليله ؛ ولايشك هذا المسكين ان هذه الحورية كذلك ساهرة في حبه !!!!
              بينما هي لا تعلم ولا تحلم بهذا الطائر المسكين الذي القى بنفسه في قفص حبها ؛ وهي غافلة عنه ؛ وكانت نظراتها غير مقصودة بل هي سارحة بهمومها
              تفكر بقضاياها التي تنم عن برائتها .
              *إِنّ َالذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلاتِ المُؤْمِنَاتِ لعِنُوا فِي الدُنيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[2]
              قارئي العزيز:
              لا تنسى باني بدأت من اول يوم باحثا عن منبع الماء المعين لزوجة عفيفة تحتويني وتملئ مشاعري حنانا؛ واذا بي اجد نفسي قد رُبطت في قفص الشيطان وحبائله ؛
              الشيطان وما ادراك ما الشيطان ؛
              يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَ لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبينٌ [3]
              فانه ألقاني في متاهات بين هضاب وتلال من الاشواك المسمومة ؛فبدأت اركض وراء ما يروي الشهوة وينجيني من آلام الغريزة؛ مثل كثير من الشباب يبدء بريئا طاهرا
              ولكن بخطط شيطانيةي نسى الحقيقة فلا يجد نفسه الا وهو في شبك ابليس !!! وكل تلك الحبائل اجتمعت بهذه القصة التي وقعت فيها؛فان احمرار الوجنتين كان اكبر شبك ابليس في طريق برائتي
              وكان احمرار وجهها جمرة مشتعلة في قلبي لا اشعر معها أفي شتاء انا؛ أم في الصيف؟وكلما واجهتها؛ كأني حصلت لنفسي مفتخرااذهب الى صاحبي الدكتور واقول له:
              وانا ايضا حصلت على البغية الموعودة ؛ وهذه من آثار رفيق السوء كما ورد
              عن أبي موسى : النبي صلى الله عليه واله قال: إنما مثل الجليس الصالح و جليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير فحامل المسك إما أن يحدثك و إما أن تبتاع منه و إما أن تجد منه ريحا طيبة و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد ريحا خبيثة.[4]




              [1]التوبة : 109

              [2] النور: 23.

              [3] البقرة: 208.

              [4] مجموعة ورّام: ج 2 ص 266.




              التعديل الأخير تم بواسطة الراصد; الساعة 01-10-2011, 08:19 AM. سبب آخر: حذف الروابط

              تعليق


              • #57
                الفصل 18

                (لا ترغب فيمن زهد فيك)

                كنت اذهب ليالي الجمعة الى كربلاء المقدسة لزيارة الامام الحسين عليه السلام وفي بعض الليالي كنت ابقى ساهرا في الحرم الشريف- معدن الخير والبركة ومهبط الملائكة والارواح المقدسة-
                واعود للبيت في الكوفة الى ان نصلي صلاة الصبح ثم نعود الى النجف الاشرف .
                ففي ليلة من الليالي ؛ قريب السحر اصابني النعاس الشديد وبدء الحرب الاهوج بين الجفون ولمح العيون ؛
                واُصارع نفسي لتحيى الليل لعلها تشم رائحة التفاح عند السحر؛ ولكن ذكريات الوسادة الناعمة والغرفة الدافئة تصيبني بالسكر والخمول ؛ وأخيرا فكرت ان اُجدد الوضوء لانتصر على الكسل والخمول كما قال الامام الرضا عليه السلام :
                إِنَّمَا أُمِرَ بِالْوُضُوءِ وَ بُدِئَ بِهِ لأَنْ يَكُونَ الْعَبدُ طَاهِراً إِذَا قَامَ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ عِنْدَ مُنَاجَاتِهِ إِيَّاهُ مُطِيعاً لَهُ فِيمَا أَمَرَهُ نَقِيّاً مِنَ الأَدْنَاسِ وَ النَّجَاسَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَابِ الْكَسَلِ وَ طَرْدِ النُّعَاسِ وَ تَزْكِيَةِ الْفُؤَادِ لِلْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيِ الْجَبَّارِ قَالَ وَ إِنَّمَا جَوَّزْنَا الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَ لَا سُجُودٌ وَ إِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي فِيهَا رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ[1] ......
                وعندما اردت ان اعود الى الحرم قلت في نفسي:
                لاشربن من الشاي الذي كان يباع في اطراف الحرم المبارك وكان احد الباعة رجل احدب واولاده مثله حسب ما اتذكر
                وكان النور يعلو محياه وله لحية بيضاء يرفرف عليها حب الحسين عليه السلام ؛
                وكان هناك جماعة من الزوار قد جلسوا محيطين بهذا الرجل ؛ منهم من قد شرب الشاي في عافية ومنهم من ينتظر
                فشربت مع الشاربين ثم قلت للرجل البائع باللهجة العراقية وانا في ريع الشباب
                (عمي انا ادفع كل افلوس الشاي بثواب امي)
                فقرء الحضور الفاتحة لروحها العلوي الطاهر ودفعت المبلغ ودخلت الحرم الشريف وعندما صليت صلاة الصبح وعدت الى البيت في الكوفة العلوية وطرقت الباب وكان الوقت عند الصباح الباكر؛ استيقظت اختي ام حسين - التي ربتنا بعد اُمي المرحومة؛ اطال الله بقائها واسعدها في الدارين -
                وهي مرتبكة بين الفرح والخوف وهواجس مبهمة ظاهرة على ملامحها فسألتها ما الخبر وما بك يا أختي؟
                قالت : رأيت في المنام الآن ان امي فرحة جدا ومن فرحها كأنها اصيبت بجنون حيث تاخذ بقايا الشاي من اقداح الشاي وتجعلها على وجهها متبركة بها
                فقلت لها:
                يا سبحان الله لقد ذهب الشاي لعالم البرزخ ببركة سيدي ومولاي الحسين الكريم الشهيد المظلوم حيث اشتريت الشاي قبل اذان الفجر لبعض الزوّار عند الصحن الحسيني المبارك واهديت ثوابها لروح امي وهي فرحة بهذا الاجر .
                وفي ليلة من ليالي الجمعة وانا خارج من الحرم المبارك بعد الزيارة عازما الى النجف الاشرف واذا باحد اقرباء البنت قال لي وهو ضاحك باستهزاء :
                ومن يعطيك ابنته بعد ان تركت الجامعة ولبست العمامة ؟؟؟
                وتكلم بشكل بحيث فهمت منه انهم لا يريدون زواجها مني .
                وبلفعل بعثوا لي من اخبرني بان اترك الموضوع كاملا .
                زرت مرة السيد الجليل المجتهد زوج عمتي السيد احمد المستنبط صاحب كتاب الدعاء "ضياء الصالحين" الذي ذكرته لكم وكان معتزلا في بيته ولا يخرج الا لصلاة الليل وصلاة الفجر في حرم امير المؤمنين عليه السلام حيث كنس العتبة المباركة خمس وخمسين سنة بلحيته وكان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء في مسجد صغير قرب حرم امير المؤمنين عليه السلام ويصلي إمام جماعة في الصحن الحسيني ليلة الجمعة فعندما زرته في بيته قال لي من دون ان اتكلم بشيئ :
                قال امير المؤمنين عليه السلام:
                (لا ترغب فيمن زهد فيك[2])0
                فعرفت انه يريد ان اترك موضوع زواجي من قريبتي فانكسر قلبي كقارورة زجاجية ؛ وانا اجول وادور في ميدان افكاري في مصير الاستخارة ففكرت باستخارة السيد الكشمري رحمة الله عليه ولكني والحمد لله لست كبعض الناس اذا كانت الاستخارة في الظاهر خلاف مصالحه الدنيوية اساء الظن بالله تعالى بل فرحت لاني عرفت ان للاستخارة مصالح كبرى وانا انتظرها بلهفة مستعينا بحسن ظني بالله تعالى
                عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى:
                لَا يَتَّكِلِ الْعَامِلُونَ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا لِثَوَابِي فَإِنَّهُمْ لَوِ اجْتَهَدُوا وَ أَتْعَبُوا أَنْفُسَهُمْ أَعْمَارَهُمْ فِي عِبَادَتِي كَانُوا مُقَصِّرِينَ غَيْرَ بَالِغِينَ فِي عِبَادَتِهِمْ كُنْهَ عِبَادَتِي فِيمَا يَطْلُبُونَ عِنْدِي مِنْ كَرَامَتِي وَ النَّعِيمِ فِي جَنَّاتِي وَ رَفِيعِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي جِوَارِي وَ لَكِنْ بِرَحْمَتِي فَلْيَثِقُوا وَ فَضْلِي فَلْيَرْجُوا وَ إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِي فَلْيَطْمَئِنُّوا فَإِنَّ رَحْمَتِي عِنْدَ ذَلِكَ تُدْرِكُهُمْ وَ مَنِّي يُبَلِّغُهُمْ رِضْوَانِي وَ مَغْفِرَتِي تُلْبِسُهُمْ عَفْوِي فَإِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَ بِذَلِكَ تَسَمَّيْتُ[3]
                فاستخارتي ستبقى جيدة وانا منتظر ان ارى عاقبة الامر في استخارتي وبلفعل ستجدون النتيجة كم كانت جميلة والحمد لله الصادق الوعد!
                وبعد يأسي من الخطوبة صممت ان لا اتزوج؛ واريح نفسي ولا ازيد همّا على همّي .
                وواظبت على الدرس في تلك المدرسة المهجورة مع وجود المدارس الجديدة الجميلة البناء والعصرية التصميم ؛ ولكن من يُسكنني فيها وانا لا اعرف احدا يُسهّل لي الوصول اليها؛ ثم كنت استحي كثيرا لاني جديد على هذه الاجواء .
                كنت امر على الحرم الشريف واطرافه فاشم رائحة الجنّة ؛عطر مزيج بالروح والمعنى ويشوقك للايمان والصلاة ؛ بعكس روائح الغانيات الثملات في بغداد كان يوسوس لك عطرهن الفجور ويهيج لك الخبث في الصدور
                وحاولت ان اتناسى الزواج واعطل شوق الحنان الذي تحملت لاجله كل هذه المصائب .
                وكنت اكثر اوقاتي اقضيها بالتحصيل والدرس المتواصل .
                واقسى ما تحملته في العراق هو الراتب الذي كان نزرا يسيرا جدا وهو خمسة دنانير كنت اذهب الى بيت الخطيب المعروف في ايران والعراق وهو الشيخ عبد الحسين الخراساني رحمة الله عليه عند راس كل شهر عربي هجري اذهب لبيته واتناول وجبة الغذاء في الظهر ثم استلم الراتب الذي كان يجلبه لي من احد المراجع المعروفين في النجف الاشرف وبعد مدة قال لي ساتيك به الى حجرتك ولذلك كنت انتظر في كل شهر وكاني محتضر فاغر فاه لعل من يرحمني بقطرة من الماء او لقمة من الخبز وان كان يابسا وطالما جمعت الخبز الذي تزين احيانا بما القاه عليه العصافير المزقزقة وكنت اكله واحيانا كان يرحمني الشيخ الذي ساعدني باسكاني في الغرفة ؛ الى ان جاءني يوما سماحة الشيخ الخراساني وقال لي اذهب بنفسك لاستلام الراتب وهنا جاءت الطامة وزلزلت الزلزلة حيث كنت اذهب ذليلا محتقرا الى ان ياتي سماحة الشيخ الذي يوزع الراتب من جانب المرجع فاما ان يعطيني الراتب بعد ان اطلبها منه بصوت متكسر فيه قلبي ومتمنيا الموت لخجلتي واما كان يقول لي سماحة الشيخ تعال غدا و كأنه لا يلتفت لذبولة شفتيّ وصفرة لوني وكنت مرات آتيه غد ذلك اليوم ولم اجده فاكون حينها ضيفا على مأدبة الخبز اليابس في المدرسة .


                [1] وسائل‏ الشيعة: ج1 ص 367.

                [2] الكافي: ج 8 ص 22

                [3] الكافي: ج 2ص 71.

                التعديل الأخير تم بواسطة الراصد; الساعة 01-10-2011, 09:05 AM. سبب آخر: حذف الروابط

                تعليق


                • #58
                  اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم ياكريم
                  أخي الفاضل سيد جلال الحسيتي حفظكم الله ورعاكم
                  لازلت متابعة معكم سلسلة كتابكم واطمع في دعائكم
                  فأكملوا جزاكم الله خيراً
                  اباعبدالله اكل هذا الحنين للقياكَ
                  ام انني لااستحق رؤياكَ
                  ولذا لم يأذن الله لي بزيارتك ولمس ضريحك الطاهر

                  تعليق


                  • #59
                    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته مأجور اخي الكريم السيد الفاضل السيد جلال الحسيني على هذا الطرح وعلى هذه القصة الغاية في الروعة بارك الله فيك ونحن في انتظار نهاية القصة لاخذ العبرة والاستفادة من سيرة حياتكم الكريمة
                    اسألكم الدعاء امانة
                    اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
                    sigpic​

                    تعليق


                    • #60
                      المشاركة الأصلية بواسطة ياابا الفضل العباس مشاهدة المشاركة
                      اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم ياكريم
                      أخي الفاضل سيد جلال الحسيتي حفظكم الله ورعاكم
                      لازلت متابعة معكم سلسلة كتابكم واطمع في دعائكم
                      فأكملوا جزاكم الله خيراً
                      شكرا لمتابعتكم

                      تعليق

                      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                      حفظ-تلقائي
                      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                      x
                      يعمل...
                      X