في القرآن
« إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون »
سؤال: ما رأي الشيعة في القرآن الموجود المتداول حاليّاً ؟
جواب: الشيعة يعتقدون أنّ ما بين دفّتَي المصحف الشريف هو كلام الله تعالى، الذي أوحاه إلى رسوله محمّد صلّى الله عليه وآله. وهم عملاً يقرأون هذا القرآن ويتعبّدون لله به، ولا يقولون بوجود قرآن آخر غير هذا الكتاب المقدّس الذي لا يخلو بيت شيعيّ من نسخة منه أو أكثر.
ولقد تعهّد الله جلّ وعلا بحفظ القرآن وصيانته من التغيير والتبديل، أو الإضافة والحذف، بقوله تعالى: إنّا نحنُ نَزّلنا الذِّكرَ وإنّا لَهُ لَحافظون ، وقوله عزّوجل: وإنّهُ لَكتابٌ عزيز * لا يأتيهِ الباطلُ مِن بين يَدَيهِ ولا مِن خلفهِ تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميد .
وقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله تأمر بعرض الحديث على كتاب الله، ليُعرَف بذلك الصحيح منه فيُؤخذ به، والسقيم فيُترك ويُعرَض عنه، يضاف إلى ذلك أنّ القرآن هو المعجزة الكبرى التي جاء بها نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وآله، وهي معجزة باقية أبد الدهر؛ قال العلاّمة الحلّي ( ت 726 هـ ) ـ وهو من كبار علماء الشيعة: « إنّ القول بالتحريف يوجب التطرّق إلى معجزة رسول الله صلّى الله عليه وآله المنقولة بالتواتر » ( أجوبة المسائل المهناوية 121 )؛ وقال الشيخ الصدوق ( ت 381 هـ ): « اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلّى الله عليه وآله هو ما بين الدفّتَين، وهو ما في أيدي الناس » ( الاعتقادات 93 ).
وقد دلّت أخبار كثيرة على كون القرآن الكريم مجموعاً على عهد رسول الله صلّى الله عليه وآله، يؤيّد ذلك حديث الثقلَين « إنّي تاركٌ فيكم الثقلَين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي »، وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلّى الله عليه وآله بجميع آياته وسوره حتّى يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن مصوناً إلى يوم القيامة، لتتمّ به وبالعترة الهدايةُ
الأبديّة للأمّة الإسلاميّة والبشريّة جمعاء ما داموا متمسّكين بهما.
* * *
سؤال: ما هي الآية التي تدلّ على وجوب دفع الخُمس ؟
جواب: استُدلّ عليه بقوله تعالى في سورة الأنفال ( الآية 41 ): واعلَموا أنّما غَنِمتُم مِن شيء فأنّ للهِ خُمُسَه .. فإن الغنيمة بحسب اللغة لا تختص بالغنائم الحربية بل هي عبارة عن كل فائدة.
* * *
سؤال: سورة براءة ليس فيها بسملة، فإذا قرأتُ قسماً منها على أن أُكمل القسم الباقي في وقت آخر، فهل أبدأ بالبسملة أم لا ؟
جواب: يجوز بقصد ذكر الله تعالى، وهو حسن على كل حال.
* * *
سؤال: ارجو ذكر تفسير لبعض فواتح السور مثل « كهيعص ».
جواب: وردت آراء عديدة في معنى فواتح السور القرآنيّة « أي الحروف المقطّعة الواردة في مطلع بعض السور القرآنيّة »، ونُشير إلى بعض هذه الآراء:
1 ـ أنّها اسم الله الأعظم. روي ذلك عن ابن عبّاس.
2 ـ أنّها من أسماء القرآن الكريم.
3 ـ أنّ المراد بها أنّ هذا القرآن الذي عجزتم عن معارضته والإتيان بمثله هو من جنس هذه الحروف التي تتحاورون بها في خطبكم وكلامكم، فإذا عجزتم عن الإتيان بمثل القرآن فاعلموا أنّه من عند الله تبارك وتعالى. ( انظر هذه الآراء في تفسير الطبريّ 87:1 ـ 88 ).
4 ـ أنّ هذه الحروف المقطّعة من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها، لا يعلم تأويلها إلاّ هو.
5 ـ أنّها أقسام أقسم الله تعالى بها، فكأنّه أقسم بهذه الحروف على أنّ القرآن كلامه.
6 ـ أنّها تسكين للكفّار الذين كانوا يَلْغون في القرآن ولا يُنصتون إليه، فكانوا إذا سمعوها استغربوا واستمعوا إليها.
7 ـ أنّها إشاراتٌ إلى آلائه تعالى تحمل مدّة الأقوام وأعمارهم وآجالهم، ( انظر تفسير مجمع البيان للطبرسيّ 465:8، وتفسير الميزان للطباطبائي 128:14 ).
8 ـ ويمكن جمع كلّ ما قيل في عبارة واحدة: أنّ هذه الحروف المقطّعة تحمل معاني رمزيّة ألقاها الله تعالى إلى رسوله الكريم ( انظر تفسير الميزان للطباطبائي 128:14 ).
وقد سُئل أئمّة أهل البيت عليهم السّلام عن تفسير هذه الحروف المقطّعة فذكروا أنّ:
« الم » في أوّل سورة البقرة معناها: أنا الله الملك.
« الم » في أوّل سورة آل عمران معناها: أنا الله المجيد.
« المص » معناه: أنا الله المقتدر الصادق.
« الر » معناها: أنا الله الرؤوف.
« المر » معناها: أنا الله المحيي المميت الرازق.
« كهيعص » معناها: أنا الكافي الهادي الوليّ العالِم الصادق الوعد.
« طه »: من أسماء النبيّ صلّى الله عليه وآله، ومعناه: يا طالب الحقّ، الهادي إليه.
« طس » معناها: أنا الطالب السميع.
« يس »: من أسماء النبيّ صلّى الله عليه وآله، ومعناه: يا أيّها السامع للوحي والقرآن الحكيم.
« حمعسق » معناها: الحليم المثيب العالم السميع القادر.
« ص » عينٌ تنبع من تحت العرش، وهي التي توضّأ منها رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا عُرج به.
( انظر: تفسير الميزان للطباطبائي 18 ـ 12 ـ 16 ).
* * *
سؤال: ورد في سورة الأحزاب قوله تعالى ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِن قَلبَينِ في جَوْفِه (1)، فما المقصود من هذه الآية ؟ وهل فيها إشارة إلى عدم إمكان حبّ الرجل لامرأتين في نفس الوقت ؟
الجواب: ورد في التفاسير عدّة معانٍ لهذه الآية الكريمة، نُشير فيما يلي إلى أهمّها:
نقل الشيخ الطبرسي في تفسير مجمع البيان عن الإمام الصادق عليه السّلام في تفسير هذه الآية، قال:
ما جعل اللهُ لرجلٍ من قلبَين في جوفه، يحبّ بهذا قوماً، ويحبّ بهذا أعداءهم (2).
والنتيجة هي أنّ الإنسان لمّا كان له قلب واحد لا غير، فإنّه لا يستطيع أن يجمع في قلبه بين محبّتَين متضادّتَين، كمحبّة أولياء الله ومحبّة أعدائه. أمّا محبّة زوجتَين، وابنَين، وأستاذَين وأمثال ذلك فليست من هذا القبيل، والله العالم.
* * *
سؤال: لماذا يستخدم القرآن الكريم في بعض الآيات ضمير الجمع بالنسبة إلى الله تعالى ؟
الجواب: من الأسباب التي يُعبرّ القرآن لأجلها عن الله تعالى بضمير الجمع: الإشارة إلى عظمة الله تبارك وتعالى، من أجل إيصال المعنى المراد إلى المخاطَب كما ينبغي، وذلك من خلال التفاته إلى عظمة المتكلّم. من ذلك قوله تعالى إنّا نَحنُ نَزَّلْنا الذِّكرَ وإنّا لَهُ لَحَافِظُونَ وهي آية كريمة تشتمل على تعبير مشحون بالإعجاز، وتتضمّن خمسة ضمائر جمع، تشير إلى أنّ الله تعالى نزّل القرآن وأنّه سيحفظه بحفظه، وهو تعبير يختلف في بلاغته وبيانه عن قول « إنّي نزّلتُ الذِكر وإنّي له لحافظ ».
ومن الأسباب الأخرى أنّ بعض الأمور التي تحصل بمشيئة الله عزّوجلّ وأمره، تحصل بواسطة الملائكة ـ وهم جنود الله تعالى الذين لا يُحصيهم ولا يعلم عدَدَهم إلاّ هو ـ وقد قال تعالى: وما يَعلم جُنودَ ربِّكَ إلاّ هو (3)، وهذه الملائكة المُدبِّرة والمقسِّمة تعمل كواسطة. ولذلك يُعبّر بضمير الجمع للدلالة على أنّ ذلك العمل قد حصل بالواسطة، أي بواسطة الملائكة التي تنفّذ أمر الله تعالى.
ونلاحظ ـ في المقابل ـ أنّ في القرآن الكريم آيات كريمة ورد فيها التعبير عن الله عزّوجلّ بضمير المفرد، كما في قوله تعالى يا موسى إنّني أنا الله ؛ لأنّ استعمال ضمير الجمع في مثل هذه الموارد يتنافى مع القصد، إذ القصد تثبيت توحيد الله تعالى.
* * *
عن الفضائل و المناقب
السؤال: ارجو تزويدنا بآيات تخصّ الإمام الحسن عليه السّلام، وشكراً.
الجواب: وردت في الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام طائفة من الآيات القرآنيّة المباركة، نُجمل منها بالذِكر:
1 ـ قوله تعالى: يَخْرجُ مِنهما اللؤلؤُ والمَرجان (4)، حيث ورد في التفسير عن ابن عبّاس أنّ المراد باللؤلؤ والمرجان: الحسن والحسين عليهما السّلام (5).
2 ـ آية التطهير، وهي الآية 33 من سورة الأحزاب، حيث روي أنّ الآية نزلت في شأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام وفاطمة عليها السّلام والحسن والحسين عليهما السّلام (6).
3 ـ سورة هل أتى، فقد روي أنّها نزلت حين صام أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام وجاريتهم فضّة ثلاثة أيّام، فأعطَوا إفطارهم كلّ يوم من الأيام الثلاثة لمسكين ويتيم وأسير، ومكثوا يومين وليلتَين لم يذوقوا شيئاً إلاّ الماء (7).
4 ـ آية المباهلة وهي الآية 61 من سورة آل عمران، حيث استصحب النبيّ صلّى الله عليه وآله أميرَ المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام معه إلى مُباهلة نصارى نجران، فنزل فيهم قوله تعالى: فقُل تعالَوا ندعُ أبناءَنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسَنا وأنفسَكم (8).
5 ـ آية المودّة وهي الآية 23 من سورة الشورى، أوجب الله فيها على المسلمين مودّة أمير المؤمنين عليه السّلام وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين عليهم السّلام (9). 6 ـ الآية 36 من سورة النور، وهي قوله تعالى: في بُيوتٍ أذِن اللهُ أن تُرفَعَ ويُذكَرَ فيها اسمُه ، فقد سُئل النبيّ صلّى الله عليه وآله عن هذه البيوت، فقال: بيوت الأنبياء، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله، هذا البيت منها ؟
ـ يعني بيت عليّ وفاطمة ـ قال: نعم، من أفاضلها (10).
ء الخالد.
((يتبع ))
تعليق