11) شرى ... و ... اشترى :
كلمتان متقاربتان أصلهما واحد،
لكنْ بينهما تضادّ في المعنى
بحسب التعبير والأسلوب القرآني المعجز
فما الفرق بينهما ؟
نلاحظ أن ( شرى ) قد وردت في القرآن الكريم أربع مرات،
كلها بمعنى (باع) ،
منها قوله تعالى :
1 - { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }
[ يوسف:20 ] أي : باعوه مقابل ثمن .
2 - وقوله تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ }
[ البقرة : 207 ] أي : يبيع نفسه لله ، لنيل مرضاته .
أما فعل ( اشترى ) فإنها بمعنى أخذ،
أي قبض المادة المشتراة، ودفع الثمن الذي معه.
وقد وردت اشتقاقات هذه المادة إحدى وعشرين مرة في القرآن الكريم ،
وكلها وردت فيها بهذا المعنى . فمن ذلك :
1 - قوله تعالى :
{ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ .. }
[ يوسف : 21 ] أي : الذي اشترى يوسف من الذين شروه .
2 - وقوله :
{ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْأِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }
[ آل عمران : 177 ] أي : أخذوا الكفر، وباعوا الإيمان .
سبحانك ماأعظمك
12) الجسم ... و ... الجســد
الجسم والجسد كلمتان متقاربتان في الحروف وفي المعنى ،
و المتدبر لكتاب الله يجد أن القرآن يفرق بين هاتين الكلمتين تفرقة بالغة الدقة ...
فلكل منهما معنى يغاير معنى الآخر فهما ليسا مترادفين كما يرى البعض ،
فالجسم يُطلقُ بحسب السياق القرآني على البدن الذي فيه
حياةٌ وروحٌ وحركة.
وأما الجسدُ فيطلق على التمثالِ الجامد، أو بدن الإنسان بعدَ وفاته
وخروجِ روحه!
وتوضيح ذلك بالآتي :
وردت كلمة الجسم مرتين في القرآن :
قال تعالى عن ( طالوت ) مبيناً مؤهلاته ليكون ملكاً على بني إسرائيل:
{ إنَّ الله اصطفاه عليكم وزادهُ بسطةً في العلم والجسم }. [ البقرة : 247 ]
وقال تعالى عن اهتمام المنافقين بأجسامهم على حساب قلوبهم ،
واهتمامهم بالصورة والشكل على حساب المعنى والمضمون
{ وإذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشُبٌ مُّسَنَّدةٌ }
[ المنافقون : 4 ]
ونلاحظ من الآيتين أنهما تتحدثان عن الأحياء، فطالوت ملك حي،
والمنافقون أحياء يتكلمون .
أما كلمة { جَسَد } فقد وردت أربع مرات في القرآن.
وردت مرتين في وصف العجل ( التمثال ) الذي صنعه ( السّامِرِيّ ) من الذهب
لبني إسرائيل، ودعاهم إلى عبادته، مستغلاً غَيبة موسى عليه السلام.
قال تعالى :
{ واتَّخذ قومُ مُوسى من بعده من حُلِيِّهِم عِجلاً جَسَداً له خوارٌ } [ الاعراف : 148 ]
وقال تعالى :
{ فأخرج لهم عِجلاً جَسَداً له خوارٌ فقالوا هذا إلاهكم وإلاه موسى فَنَسِىَ *
ألا يرون ألا يرجع إليهم قولاً }. [ طه : 88 ]
«الجسد» لها مفهوماً أكثر محدودية من مفهوم الجسم،
لأنّ كلمة الجسد لا تطلق على غير الإنسان إلاّ نادراً،
ولكن كلمة الجسم لها طابع عام.
سبحانك ماأعظمك