ما معنى الألقاب التالية لأمير المؤمنين (عليه السلام):
-أبي تراب.
- الأنزع البطين.
- قائد الغر المحجلين.
وهل لقب أبي تراب والأنزع البطين مدح أم ذم لأمير المؤمنين عليه السلام ؟
الجواب:
معنى قائد الغرِّ المحجَّلين: ورد في الروايات عن الرسول وأهل بيته (عليه السلام) أن عليًا (عليه السلام) قائد الغرِّ المحجَّلين، والغُرُّ جمعٌ لأغر، والأغر وصف للفرس الذي يعلو وجهه البياض ثم استعير هذا الوصف للمؤمن لتنوُّر وجهه بنور الوضوء، فلانَّ معنى الغرة هو بياض الوجه لذلك ناسب أن يوصف المؤمن ببياض الوجه لمداومته على الوضوء الذي هو نور وضياء كما ورد في الروايات. والمُحجَّل وصف للفرس الذي يكون في أسفل يديه وقدميه بياض، واستعير هذا الوصف للمؤمن المداوم على الوضوء، فلأن مواضع الوضوء هي الوجه واليدان والقدمان، ولأنَّ الوضوء نور فكأنه يُضفي على المؤمن ضياء ونورًا في ذلك المواضع. إذن فالغرُّ المحجَّلين هم المؤمنون، وقائد الغرِّ المحجلين وليُّهم وسيدهم. معنى أبي تراب: ورد في الروايات أن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) هو مَن لقَّب عليًا (عليه السلام) بذلك وأنَّ هذا اللقب كان من أحب الألقاب إليه. روى القطب الراوندي في الخرائح والجرائح أن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) رأى عليًا نائمًا في بعض الغزوات في التراب فقال: يا أبا تراب ألا أحدثك بأشقى الناس، اُحيمر ثمود، والذي يضربك على هذا -ووضع يده على قرنه- حتى تبلَّ هذا من هذا وأشار إلى لحيته. وفي المناقب عن الطبري وابن إسحاق وابن مردويه أنَّه قال عمار: خرجنا مع النبي (صلى الله وعليه وآله) في غزوة العشيرة، فلما نزلنا منزلاً نمنا فما نبَّهنا إلا كلام رسول الله (صلى الله وعليه وآله) لعلي يا أبا تراب لما رآه ساجدًا معفرًا وجهه بالتراب أتعلم مَن أشقى الناس، أشقى الناس اثنان اُحيمر ثمود الذي عقر الناقة وأشقاها الذي يخضب هذه ووضع يده على لحيته.
معنى الأنزع البطين:
كلمة الأنزع لغةً يُوصف بها من انحسر الشعر عن جانبي جبهته، أي لم يكن على جانبي جبهته شعر. فلكِّل إنسان نزعتان وناصية، فالناصية هي الشعر الذي يكون في مقدم الرأس محاذيًا للجبهة التي تتوسط الجبينين، والنزعتان هما الموضعان اللذان يكونان عن يمين الناصية وشمالها في مقدم الرأس، فمن لم يكن على نزعتيه شعر يُقال له الأنزع ويُقابله الأغم، وهو من كان الشعر بالغًا حد جبينه. وأما كلمة البطين فُتطلق على أكثر من معنى، فمن موارد إطلاقها ما أفاده ابن منظور في لسان العرب أنَّه وصف للرجل العريض البطن وأن لم يكن منتفخ البطن. وكيف كان فقد ورد أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان أنزع الشعر وذلك من الصفات الممدوحة في الرجال، وكانت العرب تتيمن بالأنزع وكان بطينًا أي أنه كما قيل كان له بطن أو كان عريض البطن وهو الأقرب كما أفاد العلامة المجلسي نظرًا لكون جسد علي (عليه السلام) عظيمًا تناسبُ أن يكون بطنه كذلك، ومتناسب الأعضاء من صفات الكمال الجسدي. هذا وقد جاء في الروايات الواردة عن الرسول وأهل بيته (عليه السلام) أن منشأ وصف الأمام علي (عليه السلام) بالأنزع البطين هو أنه (عليه السلام) منزوع من الشرك بطين من العلم كما ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) فوصفه بالبطين كناية عن كثرة علمه لا عن ضخامة في البطن. وهذا الذي ذكرناه لا تختص الشيعةُ بقوله بل ذكره بعض أكابر علماء السنة مثل السبط بن الجوزي قال: (ويسمى علي (عليه السلام) البطين لأنه كان بطينًا من العلم، وكان يقول لو ثُنيت لي الوسادة لذكرتُ في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم حمل بعير، ويسمى الأنزع لأنه كان أنزع من الشرك). و روى ابن المغازلي الشافعي في المناقب عن رسول الله (صلى الله وعليه وآله) (يا علي إن الله قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك فابشر فإنك الأنزع البطين المنزوع من الشرك البطين من العلم). وقال العلامة محمد بن طلحة الشافعي في وصف علي (عليه السلام): ((... وقد اشتهر بين المخبرين ... ان من صفاته التي تختص بإضافة نسبها إليه... الأنزع البطين حتى صارت عليه علمًا للناظرين، ومما يُستفتح به أبواب المسامع من واردات طلايع البدايع في معنى صفات البطين الأنزع ما هو ألذ عند السامع من حصول الغنى للبائس القانع. وهو أنه لما اشتمل عليه رسول الله (صلى الله وعليه وآله) بتربيته إيَّاه ومتابعته في هداه فكان بأوامره ونواهيه يروح ويغتذي وبشعاره يتجلَّب ويرتدي وباستبصاره في اتباعه يأَتمُ ويهتدي.. خصَّه الله عزّ وعلا من أنوار النبوة المنتشرة في الآفاق بنفس زكية مستنيرة الأشراق.... حيث اتضح ما آتاه من أنوار العلم وأقسام الحكمة، فباعتبار ذلك وصف بلفظ البطين، فإنها لفظة يُوصف بها مَن هو عظيم البطن متصف بامتلائه، ولما قد امتلأ علمًا وحكمة وتضلع من أنواع العلوم وأقسام الحكمة ما صار غذاء له مملوء به وصف باعتبار ذلك بطينًا فأطلقت هذه اللفظه نظرًا إلى ذلك، هذا هو المعنى الذي أهدته هداة الرواة...)).
معنى أمير النحل:
ذُكرت وجوهٌ لمنشأ تلقيب الإمام عليّ بن أبي طالبٍ (عليه السلام) بأمير النحل:
الوجه الأول:
ولعله الأشهر أنَّ رسول الله (صلى الله وعليه وآله) وصف عليًا (عليه السلام) بيعسوب المؤمنين، واليعسوب بحسب مدلوله اللّغوي هو أمير النَّحل، فهو ملاذُ النحل وهو الذي تجتمع النَّحل حوله وعنده، ثُمَّ أنَّ العرب استعملوا لفظ اليعسوب في سيِّد القوم ورئيسِهِم والمعظَّم عندهم والمقدَّم عليهم في جميع الأمور، والذي يرجعون إليه في شئونهم وما يطرأ عليهم من وقائع وحوادث. ولأن عليًا (عليه السلام) كان سَيِّد المؤمنين وإمامهم لذلك عبَّر عنه الرسول (صلى الله وعليه وآله) بيعسوب المؤمنين، وهذا التَّوصيف لم تختصّ الشّيعة بنقله عن الرّسول الكريم (صلى الله وعليه وآله) بل نقلته كُتُبُ العامّة أيضًا. فقد روى الطَّبري في ذخائر العقبى عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله (صلى الله وعليه وآله) يقول: (أنت الصدِّيق الأكبر وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل وأنت يعسوب المؤمنين)، ص56. ورواه الطَّبراني في المعجم الكبير بسنده إلى أبي ذر وسلمان الفارسيّ ورواه في كنز العمّال والسّيوطي في الجامع الصغير، ج2/269. قال الدميري في حياة الحيوان 2/412، وابن حجر العسقلاني في الصواعق المحرقة 75: (ومن هنا قيل لأمير المؤمنين أمير النحل)، أي لأنَّ رسول الله (صلى الله وعليه وآله) لقَّبه بيعسوب المؤمنين، واليعسوب هو أمير النَّحل لذلك ناسب إطلاق أمير النَّحل على أمير المؤمنين (عليه السلام).
الوجه الثاني:
ذكره السبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواصّ وذكره آخرون أيضًا، وحاصله أنَّ المؤمنين يتشبَّهون بالنَّحل، لأنَّ النَّحل تأكل طيبًا وتضع طيبًا وعلي أمير المؤمنين). تذكرة الخواص ص5.
الوجه الثالث:
ذكره ابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج2/143 وذكره آخرون. وهو أنَّ منشأ التَّسمية هو أنَّ النَّبي (صلى الله وعليه وآله) وجه عسكرًا إلى قلعة بني ثُعل فحاربهم أهلُ القلعة حتى نفذت أسلحتهم فأرسلوا إليهم كوار النّحل فعجز عسكرُ النبي (صلى الله وعليه وآله) عنها، فجاء علي (عليه السلام) فذلَّت له، فلذلك سُمِّي بأمير النحل.
منقول من موقع حوزة الهدى للدراسات الإسلامية
تعليق