استشهاد مولاتنا البتول فاطمة الزهراء (ع)
بقلم : مجاهد منعثر منشد
ان الذين يؤذّون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذاباً مهيناً | الاحزاب |57 .
جاء في معجم البلدان ج 3 / ص 161 :ـ تعريف بالزهراء هذا نصه : الزهراء ممدود تأنيث الأزهر ، وهو الابيض المشرق والمؤنثة زهراء ، والازهر : النيّر ومنه سمي القمر الازهر .
ذكر ابن شهر اشوب في المناقب من اسمائها : فاطمة ، البتول ، الحصان ، الحرة ، السيدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، الطاهرة ، الزكية ، مريم الكبرى ، النورية ، السماوية
جلاً من نور طلعتها وحيـاء من شمائـلها .. تتوارى الشمس في الافق يتغطى الغصن بالـورق
ولدت السيدة فاطمة الزهراء (ع) بعد مبعث الرسول (ص) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان لتكون رمز المرأة المسلمة وسيدة نساء العالمين وأم الأئمة حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والامامة. فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها. وان شهادتها (ع) 3 جمادى الاخرة عام 11 هـ و مكان الدفن مجهول عند الناس ...
ورغم أن من يكتب عن السيدة الزهراء فاطمة (ع) سيتجرع كأس ألمها الممزوج بحلاوة نورها الطاهر ,الا انه سيرى عظيم شأنها فهي الدليل الى الصراط المستقيم .
وعلى الانسان ان يحدد موقفه عندما يقرأ الشيء القليل من حياته المباركة فأما جنة أو نار في الاخرة ,فطريق سيدتنا الجهادي يجعل الانسان اكثر تعلقا في حب الله تعالى ..
فحياتها ليس ذكرى تاريخيه تمر علينا مرور الكرام وتنتهي بل الاقدام على أظهار حقها فيض نوراني يسهل الله سبحانه به الصعاب والعقبات .. ونعتقد كل من اراد رضى الله عز اسمه وشفاعة نبيه ونورها الطاهر عليه ان ينشر ويقصد كلمة معكم معكم لامع غيركم .
وكتبنا لكم بحثا بذكرى استشهاد النبي (ص) اغتيالا بالسم ..وستجدون بالرويات ادناه ماذا حدث بعد شهادة رسولنا الاكرم محمد (ص) حيث اتضح لدينا أن استشهاد مولاتنا الزهراء بعده (ص) بخمسة وسبعون يوما كما قال لها (ص) انها اول أهل بيته لحوقا به .
احاديث رسول الله (ص) في فضل السيدة فاطمة الزهراء (ع) :ـ
قال (ص) :ـ كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة 1.
وقال (ص) :ـ ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة 2.
وعنه (ص) :ـ اذاكانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة 3 .
وخاطب أمير المؤمنين قائلا (ص) :ـ يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة 4.ويوجد احاديث كثيرة حول تزويج فاطمة من علي (عبيهما السلام ).5.
وقال (ص) :ـ أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة 6.
وقال ايضا (ص) :ـ سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة 7.
و :ـ إذا إشْتَقْتُ إلى ثِمارِ الجنَّةِ قَبَّلتُ فاطِمَة 8 .
و :ـ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ: عَليٌّ وَفاطِمَة 9.
وقال (ص) مخاطبا الزهراء (ع) :ـ فاطِمَة إِنّ اللّهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلا أَحَدٍ مِنْ وُلْدِكِ 10.
وقال (ص) :ـ إنّ اللّهَ عَزَّوَجَلَّ فَطـــَمَ ابْنَتِي فاطِمَـــة وَوُلدَهـــا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة 11.
و:ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا 12.
وقال (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها 13.
و :ـ فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي 14.
وعنه (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيِني ما آذاها وَيَنَصُبَني ما أنَصَبَها 15.
و :ـ فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها 16.
وقال ايضا (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ 17.
وقال (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤلِمُها ما يُؤْلِمُنِي وَيَسَرُّنِي ما يَسُرُّها 18 .
و:ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي 19.
و:ـ فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي 20.
و:ـ فاطِمَة إِنّ اللّهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ 21.
وقال عنها (ص) :ـ فاطِمَة خُلِقَتْ حورِيَّةٌ فِيْ صورة إنسيّة 22.
و:ـ فاطِمَة حَوْراءُ آدَميّةَ لَم تَحضْ وَلَمْ تَطْمِث 23.
و:ـ فاطِمَة لَيْسَتْ كَنِساءِ الآدَميّين 24.
وقال (ص) :ـ فاطِمَة سِيِّدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنِّة 25.
و:ـ فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقاً بِي 26.
وبعد هذه الاحاديث التي نطقها رسول الله (ص) بحق مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء (ع) لنقرأ أقول واحاديث زوجة النبي (ص) عائشة حيث تقول :ـ "ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها قالت: وكان بينهما شيء فقالت: يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب. " رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى إلا أنها قالت: ما رأيت أحداً أصدق من فاطمة، ورجالهما رجال الصحيح.
وعن عائشة: ان رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم- دعا فاطمة ابنته فسارّها فبكت ثم سارّها فضحكت، فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارَّك به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبكيت، ثم سارَّك فضحكت؟ قالت: سارَّني فأخبرني بموته فبكيت، ثم سارَّني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت" إسناده صحيح وهو في المسند .27.
وعن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت إذا دخلت عليه رحَّب بها، وقام فأخذ بيدها فقبَّلها وأجلسها في مجلسه ..28.
وعن جميع بن عمير التميمي ه قال: دخلتُ مع عمتي على عائشة فسُئلت: (أي الناس كان أحبَّ إلى رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم-؟ قالت: فاطمة، قيل: من الرجال؟ قالت: زوجها. إن كان ما علمتُ صواماً قواماً).29.
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر ص 190 أن النبي (ص) قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش " ياأهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق 30
قالت عائشة ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله من فاطمة كرم الله وجهها , كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه , وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخت بيده قبلته وأجلسته في مجلسها . 31.
عصمة الزهراء (ع) :ـ
نلاحظ أن مكانة مولاتنا فاطمة الزهراء (ع) لاتدركها العقول فما معنى قول الرسول (ص) " إن الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها " فمن المستحيل أن يغضب الله لغضب فاطمة وهي غير معصومه من الخطأ يعني أن الزهراء (ع) لن تغضب إلا لشيء يغضب الله بسببه ومن كان غضبه يعني غضب الله فهو لن يفعل إلا الحق ولن يخطئ أو يميل إلى الباطل طرفة عين .
وإن الرسول (ص) عندما يتحدث عن شخص أو يدلى بأي حديث فمن منطلق مسؤوليته تجاه الرسالة وبالتالي يستبعد أي مجاملات أو تقريظ بلا حق والمتفق عليه أن قول الرسول (ص) وفعله وتقريره حجة يعني شرع نتعبد به قربة الى الله تعالى وقد قال عليه وآله الصلاة والسلام فاطمة بضعة مني يعني هي جزء لا يتجزأ من كيانه وروحه وهو كما قلنا محور الحق والشرع .
وبعد سرد الاحاديث اعلاه ونطلق الرسول (ص) انما ينطق عن الوحي فانه وحيا يوحى يدل دلاالة واضحة على أن فاطمة الزهراء (ع) معصومه .
فاطمة (ع) ومريم (ع)
أن فاطمة الزهراء (ع) هي سيدة نساء العالمين وهي سيدة نساء الجنة وما إليه من أحاديث تثبت أن الزهراء (ع) أفضل النساء من الأولين والآخرين ومن جملة النساء الكمل مريم الصديقة (ع) أم النبي عيسى (ع) لقد ارتقت مريم سلم الكمال حتى اصطفاها الله تعالى وطهرها بل وخاطبها الوحي كما جاء في القرآن الكريم يقول تعالى (وإذ قالت الملائمة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) 32 ,لقد طهر الله مريم واصطفاها وهذه هي العصمة بعينها ولا يمكن بمجال أن يكون الفاضل أقل درجة من المفضول فإذا ثبتت عصمة مريم (ع) فبالأولى إثبات عصمة الزهراء (ع) لأنها أعلى رتبة وأخص درجة بما عرفت عنها ومدح الرسول (ص) لها .
وللعصمة آثار ، منها حجيّة القول والفعل والتقرير ، ومنها الصلاحية التامة للهداية للاُمّة ، والاقتداء المطلق ، والإطاعة في كلّ شيء ... ومنها غير ذلك
السيدة فاطمة الزهراء تكون معصومة بدلالة آية التطهير ، وكفى بها على عصمتها مستنداً ودليلاً ، والمقصود منها هم : الخمسة الطيبة من أهل العباء ، المجتمعون خاصة تحت الكساء ، ونكتفي بما قاله الحداد الحضرمي في القول الفصل :: إن حديث آية التطهير من الأحاديث الصحيحة المشهورة المتواترة واتفقت عليه الاُمّة وقال بصحته سبعة عشر حافظاً من كبار حفاظ الحديث ، ويصل مجموع طرق الحديث ما يقرب من خمسين طريق ، وعصمتها سلام الله عليها لا غبار عليها وليس في ما تلته من البيت :
وأبيض يستسقي الغمام بوجه * ثمال اليتامى عصمة الأرامل ..
كرامات الزهراء (ع) وتفسير بعض الايات :ـ
1.قال رسول الله ( ص ) لفاطمة (ع ) ::ـ
يَا بُنَيَّة هَلْ عندك شيء آكل ؟ فإني جائع
فقالت ( ع ) : لا والله ، بأبي أنت وأمي .
فلما خرج رسول الله ( ص ) من عندها ، بَعَثَت إِليها جارةٌ لها بِرَغِيفَيْنِ ، وبضعة لحم .
فأخذَتْهُ ( ع ) منها ، ووضعته في جفنة ، وغطت عليه ، وقالت : ( لأُوثِرَنَّ بها رسول الله ( ص) على نفسي ، ومن عندي ) وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبْعَة من طعام .
فبعثت حَسَناً وحسيناً إلى جَدِّهِما ( ص ) ، فرجع ( ص) إليها ، فقالت ( ع ) : ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قد أتانا الله بشيء فخبأتُه لك .
فقال ( ص ) : ( فَهَلُمِّي به ( فَأْتِي به ، فكشفت ( ع ) عن الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً .
فلما نظرَتْ ( ع ) إليه بهتَت ، وعرفت أنها بركة من الله تعالى ، فحمدت الله تعالى ، وصلّت على نبيه ( ص) .
فقال ( ص ) : ( من أين لك هذا يا بُنَيَّة ؟( .
قالت ( ع ) : ( هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب(.
فقال رسول الله(ص): ( الحمد لله ، جعلك شبيهة بسيِّدة نساء بني إسرائيل ، فإنها كانت إذا رَزَقها الله رزقاً حسناً ، فسُئلت عنه ، قالت : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب(.
فبعث الرسول ( ص ) إلى علي ( ع ) ، فَأتَى .
فأكل الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين( صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) ، وجميع أزواج النبي ( ص ) حتى شبعوا ، وبقيت الجفنة كما هي .
فقالت فاطمة ( ع) : ( وأوسعت منها على جميع جيراني ، وجعل الله فيها بركة ، وخيراً طويلاً (
وكان أصل الجفنة رغيفين ، وبضعة لحم ، والباقي بركة من الله تعالى .
وعن الحسن البصري ، وابن إسحاق ، عن ميمونة قالت :
وَجدتُ فاطمة ( ع ) نائمة ، والرَحى تدور ، فأخبرتُ رسول الله ( ص ) بذلك فقال :
) إن اللهَ عَلِمَ ضَعفَ أَمَتِهِ ، فَأوحى إِلى الرَّحى أَن تدورَ ، فَدَارَتْ(.
ورهنت ـ مرَّةً ـ فاطمة ( ع ) كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة ، واستقرضت الشعير ، فلما دخل زيد داره ، قال : ما هذه الأنوار في دارنا ؟!
قالت : لِكِسوَةِ فاطمة ( ع).
فأسلَمَ في الحال ، وأسلَمَت امرأتُه وجيرانُه ، حتى أسلم ثمانون نفساً .
وعن علي بن معمر ، قال : خرجَتْ أمُّ أَيمَن إلى مكة ، بعد وفاة فاطمة ( ع) ، وقالت : لا أرى المدينة بعدها .
فأصابها عطش شديد في الجحفة ، حتى خافت على نفسها ، فكسرت عَينَيها نحو السماء ، ثم قالت : يَا ربِّ ، أَتَعَطِّشَنِي ، وأنا خَادمة بنت نبيك ) ص ( .قال : فنزل إليها دَلوٌ من ماء الجنَّة ، فَشَرِبَتْ ، ولم تَجُعْ ، وَلَمْ تَعطَشْ سَبع سِنين .34.
2. جاء في كتاب (تزويج فاطمة بنت الرسول (ص)عن الإمام الباقر (ع)) في حديث طويل جاء فيه:
أن النبي (ص) أهدى خادمة إلى ابنته فاطمة الزهراء (ع) وأوصاها بها، إلى أن قال:
فقالت فاطمة: يا رسول الله، عليّ يوم، وعليها يوم.
ففاضت عينا رسول الله (ص) بالبكاء وقال: (الله أعلم حيث يجعل رسالة) (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) 35.
3.
وروى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو سعد السعدي (بإسناده المذكور) عن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت على رسول الله (ص): (وآت ذا القربى حقّه) دعا فاطمة فأعطاها فدكاً والعوالي، وقال (ص): هذا قسم قسمه الله لك ولعقبك 36.
وروى الحافظ الحسكاني الحنفي قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن عطاء، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كل حسب ونسب يوم القيامة منقطع إلاّ حسبي ونسبي إن شئتم اقرأوا: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) فالسيدة فاطمة الزهراء (ع) هي سيّدة الحسب والنسب المتصلين برسول الله (ص) فهي طليعة المستثنين من هذه الآية الكريمة 37.
4. سورة الكوثر بحقها (ع) انا اعطيناك الكوثر 38.
نتيجة حب فاطمة (ع) :ـ
روى الخوارزمي بإسناده عن سلمان قال: (قال رسول الله (ص): (يا سلمان، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن: الموت، والقبر، والميزان، والمحشر، والصراط، والمحاسبة فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، رضيت عنه، ومن رضيت عنه (رضي الله عنه)، ومن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه، يا سلمان، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليا، وويل لمن يظلم ذرّيتها وشيعتها .39.
روى ابن حجر بإسناده عن أبي هريرة قال : قال (ص) : (أتاني جبرئيل فقال: يا محمد، ان ربّك يحبّ فاطمة فاسجد، فسجدت، ثم قال: ان الله يحب الحسن والحسين فسجدت، ثم قال: ان الله يحبّ من يحبهما 40.
حقيقة مصحف المحدثه فاطمة (ع) :ـ
أن الحديث مع الملائكة رغم أهميته وعظمته فهو ليس من علامات النبوة وخصائصها ، فمن سنذكرهن لسن من جملة الأنبياء ، لكن الملائكة تحدثت إليهن ، والى هذا يشير محمد بن أبي بكر قائلاً :
إن مريم لم تكن نبية وكانت محدّثة ، وأم موسى بن عمران كانت محدّثة ولم تكن نبية ، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية ، وفاطمة بنت رسول الله ( ص ) كانت محدّثة ولم تكن نبية .
معنى المصحف في اللغة: المصحف - مثلثة الميم، - من اصحف بالضم - اي جعلت فيه الصحف 41, و سمي المصحف مصحفا لانه اصحف اي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين 42. فالمصحف ليس اسما مختصا بالقران الكريم. و يشهد لذلك ما رووه في وجه تسمية المصحف مصحفا، فالمصحف كل كتاب اصحف و جمع بين دفّتين، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم اوجبت انصراف الاذهان اليه، و هو لا يكفي لحمل ما ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام التي تتحدث عن مصحف فاطمة على المصحف المعروف، خاصة مع وجود التقييد باضافته اليها (ص) .
وقال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية : " الفرق بين الكتاب والمصحف ، أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق ، والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت ، أي جمع بعضها إلى بعض "
اخبار أهل البيت (ع) في مصحف فاطمة (ع) :ـ
عن ابي عبد الله عليه السلام «... ان فاطمة مكثتبعد رسول الله (ص) خمسة و سبعين يوما، و كان دخلها حزن شديد على ابيها، و كان جبرئيل (ع) ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، و يطيّب نفسها، و يخبرها عن ابيها و مكانه، و يخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، و كان علي (ع) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (ع) 43.
ان ابا عبد الله (ع) قال: «مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله و انما هو شيء القى اليها بعد موت ابيها صلوات الله عليهما»44.
و عن ابي عبد الله (ع) انه قال: «و ان عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، و ما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: و ما مصحف فاطمة (ع)؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، و الله ما فيه من قرآنكم حرف واحد»45.
• وقال ابن بابويه : صحيفة فاطمة ، أو مصحف فاطمة ، أو كتاب فاطمة ، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها ( ع)
هذه الروايات تدل على ان مصحف فاطمة الذي يعتقد الامامية انه عند ائمتهم و ضمن ميراثهم العلمي ليس المصحف الذي فيه القرآن الكريم، و انه كتاب آخر يتضمن علم .
و ليس هناك اي رواية توهم كونه قرآنا، فضلا عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسك بها من يفتش عن المطاعن، و على فرض وجودها فان الروايات المستفيضة الواضحة و الصريحة و التي قدمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهم او الظهور لو تم و سلم.
ان مصحف فاطمة كبقية الصحف و الكتب لم تنتقل الى غيرهم و لم تصل الى شيعتهم ان المصحف المذكور بقى عند ائمة اهل البيتيتوارثون مع بقية الكتب المتضمنه لعلوم الانبياء و الرسل الماضين و مع صحيفة الاحكام الجامعة التى املاها رسول لله (ص)على علي (ع) ..
ومصحف فاطمة ( ع ) يُعتبر من جملة ودائع الإمامة ، قال الإمام الرضا(ع) ـ وهو يَعُّد علامات الإمام المعصوم ( ع ) ـ : " .. ويكون عنده مصحف فاطمة (ع) .
وعن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليها السلام عن مصحف فاطمة ، فقال : أنزل عليها بعد موت أبيها . قلت : ففيه شيء من القرآن ؟ فقال : ما فيه شيء من القرآن . قلت فصفه لي ، قال : له دفّتان من زبرجدتين على طول الورق ، وعرضه حمراوين . قلت : جعلت فداك فصف لي ورقه ، قال : وروقه من درّ أبيض ، قيل له : كن فكان . قلت : جعلت فداك فما فيه ؟ قال : في خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة ، وفيه خبر سماءٍ سماءٍ ، وعدد ما في السموات من الملائكة ، وغير ذلك ، وعدد كلّ م خلق الله مرسلاً وغير مرسل وأسماؤهم ، وأسماء من أرسل إليهم ، وأسماء من كذّب ومن أجاب ، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولّين والآخرين ، وأسماء البلدان ، وصفة كلّ بلد في شرق الأرض وغربها ، وعدد ما فيها من المؤمنين ، وعدد ما فيها من الكافرين ، وصفة كلّ من كذّب ، وصفة القرون الاولى وقصصهم ، ومن ولي من الطواغيت ومدّة ملكهم وعددهم . وأسماء الأئمّة وصفتهم ، وما يملك كلّ واحدٍ واحدٍ ، وصفة كبرائهم ، وجميع من ترددّ في الأدوار .
قلت : جعلت فداك وكم الأدوار ؟ قال : خمسون ألف عام . وهي سبعة أدوار ، فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم ، وصفة أهل الجنّة ، وعدد من يدخلها ، وعدد من يدخل النار ، وأسماء هؤلاء وهؤلاء ، وفيه علم القرآن كما أنزل ، وعلم التوراة كما انزلت ، وعلم الإنجيل كما انزل كما انزل ، وعلم الزبور ، وعدد كلّ شجرة ومدرة في جميع البلاد .46
ويُعتبر هذا المصحف أول مصنف في الإسلام ، حيث أن الزهراء ( عليها السلام ) توفيت في الثالث من شهر جمادى الأولى عام 11 هـ
، ولم يكتب قبل هذا التاريخ كتاب في عصر الإسلام .
أما بالنسبة إلى مكان وجود هذا المصحف في الوقت الحاضر فهو اليوم موجود عند الإمام بقية الله المهدي المنتظر ( عجل ) (روحي لتراب مقدمه فداء ).
الحوادث التي جرت على الزهراء بعد استشهاد ابيها محمد (ص) :ـ
لقد كانت الفترة ما بين وفاة الرسول (ص) إلى حين وفاة ابنته فاطمة الزهراء (ع) منحنى خطيراً في تاريخ الأمة الاسلامية ترك بصمات واضحة لمن ألقى السمع وهو شهيد .
وكان لفاطمة (ع) الدور الرئيسي في هذه الفترة وفي مقابل ذلك لم يسكت أصحاب السقيفة مكتوفي الأيدي وهم يرون الزهراء (ع) تفعل ما تفعل فكان لا بد لهم من محاولة إسكات هذه الصرخة فجرت الأحداث ساخنة كما تذكرها كتب التاريخ والسير
وبعد وفاة الرسول (ص) مباشرة حدث الاختلاف حول الخلافة البعض ينادي بخلافة علي (ع) وأهل البيت وآخرون يرون شرعية ما جرى في السقيفة من تولية لأبي بكر إن الأحداث بعد وفاة الرسول (ص) أخذت بعداً آخر ولم تكن فدك فيها إلا حلقة من حلقات الصراع بين أصحاب السقيفة وأهل البيت (ع) المعارضين لها بقيادة علي وفاطمة (ع) وكان بيت فاطمة هو ملتقى المعارضة يقول ابن قتيبة في تاريخه " إن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوماً تخلفوا عن بيعة في دار علي " وفاطمة " فأبوا أن يخرجوا فدعا عمر بالحطب يريد منهم أن يبايعوا بالإكراه والقوة وقال والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها فقيل له يا أبا حفص إن فيها فاطمة وإن فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها فقالت لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم تركتم رسول الله (ص) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقنا 47.
لقد أطلعت فاطمة (ع) صوت المعارضة وحملت مشعل الحقيقة لتبين للجماهير التي اشتبه عليها الأمر وطالبت بفدك وأثبتت بذلك للتاريخ كله أن خلافة تقوم في أول خطوة لها بالاعتداء على أملاك رسول الله ليست امتداداً له بقدر ما هي انقلاب عليه كما هو الشأن في كل الانقلابات التي تتم في العالم حيث تم مصادرة أملاك السابقين وأي شخص يتجرد من العصبية المذهبية ويفهم أوليات السياسة يدرك مغزى مصادرة فدك وإخراج عمال فاطمة منها وبالقوة أو كما يعبر صاحب الصواعق المحرقة " انتزاع فدك من فاطمة " ولم تكن فدك قطعة الأرض هي مقصد فاطمة (ع) بل الخلافة الإسلامية التي كانت حقاً لزوجها علي بن أبي طالب .
ماذا أرادت الزهراء ان تبين في فدك :ـ
1. حقها الشرعي بعد أن استولى الحاكم الجديد( حكم السقيفة ) على جميع امتيازات الهاشميين فاي تحرك من الهاشميين يعني اعطاء مبرر لقادة الحكم بتصفيتهم حيث كانوا يريدون أي قضية يجبرون بها الهاشميين وعلى رأسهم علي (ع) على البيعة المشئومة .
2. ارادت سلام الله عليها الادلاء برأيها عن الخلافة امام الجماهير لتبين لاصحاب العقول ان خلافة السقيفة باطلة ولا تعرف من حكم الله شيء
3. .وأصبحت فدك ترتبط بالخلافة بلا فاصل كما تحول محتواها وكبر معناها فلم ينحصر في قطعة الأرض المحدودة بل صار معناها الخلافة والبلاد الإسلامية كاملة ..
وذلك ما وضحه حفيدها الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) حينما ألح عليه الرشيد العباسي في أخذ فدك, قال له الإمام : ما آخذها إلا بحدودها قال الرشيد وما حدودها قال (ع) الحد الأول عدن والحد الثاني سمرقند والحد الثالث أفريقية والحد الرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية فقال له الرشيد فلم يبق لنا شيء فتحول من مجلسي - أي إنك طالبت بالرقعة الإسلامية في العصر العباسي بكاملها - فقام الإمام قد أعلمتك أني إن حددتها لم تردها فدك إذاً هي التعبير الثاني عن الخلافة الإسلامية والزهراء (ع) جعلت فدك مقدمة للوصول إلى الخلافة .
ذكر ابن أبي الحديد في شرحه قال : سألت علي بن الفارقي مدرس مدرسة الغربية ببغداد فقلت له أكانت فاطمة صادقة ؟ قال نعم قلت فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحومته وقلة دعابته قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقام ولم يكن يمكنه الاعتذار والمدافعة بشيء لأنه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود 48.
وكيف يمكن أن تكذب وهي المطهرة بنص القرآن والمعصومة والصادقة في سيرتها كما جاء في الروايات وهي التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ؟ إنها الزهراء (ع) ميزان الحق الذي به يعرف الباطل وأي خطأ وخطل يرتكب من يحاول أن يشكك في حقها الذي طالبت به ؟ لأن ذلك يعني الشك في قول الله تعالى وقول رسوله
يقول ياقوت في فدك هي قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة وفيها عين فوارة ونخيل كثير (بمادة (فدك ) من معجم البلدان)
وفي كتاب فتوح البلدان : فكان نصف فدك خالصاً لرسول الله لأنه لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب .
و أن من حقه التصرف في ملكه وقد كان ذلك حينما منحها لقرة عينيه فاطمة كما جاء في شواهد التنزيل للحسكاني وميزان الاعتدال للذهبي ومجمع الزوائد للهيثمي والدر المنثور للسيوطي واللفظ للأول عن أبي سعيد الخدري لما نزلت ( وآت ذا القربى حقه ) دعا النبي (ص) فاطمة وأعطاها فدك 49.
كانت تطالب بملكاً لها أو حقاً شرعياً خاصاً بها ..وأن ملكيتها آلت إليها بوجود الرسول (ص) وقبل وفاته و. أن فدكا كانت ميراثاً وكذلك سهم ذي القربى في حين أن كل ذلك غير الميراث وحتى تتضح الرؤية دعنا نفصل بعض الشيء في هذا الأمر .
جاء في فتوح البلدان : إن فاطمة (ع) قالت لأبي بكر الصديق (رض) أعطني فدك فقد جعلها رسول الله لي فسألها البينة فجاءت بأم أيمن ورباح مولى النبي (ص) فشهدا لها بذلك فقال إن هذا الأمر لا تجوز فيه إلا شهادة رجل وامرأتين 50.
وفي رواية أخرى " شهد لها علي بن أبي طالب فسألها شاهداً أخر فشهدت لها أم أيمن وإن عشت أراك الدهر عجباً فاطمة (ع) التي نزلت آيات القرآن تطهرها وتعصمها تكذب وتسأل البينة إنها سيدة نساء العالمين الصديقة الطاهرة التي بلعت درجة من العصمة والطهارة حتى صار غضبها غضب الرب ورضاها رضاه لقد قبل المسلمون شهادة أبي بكر في حديث الرسول (ص) نحن معاشر الأنبياء لا نورث فكيف لا يقبلون ادعاء الزهراء بأن فدكاً ملكها لقد تجلت حكمة الرسول (ص) حينما أكد على مكانة الزهراء وصدقها في الأحاديث المتقدمة خاصة ما جاء على لسان عائشة بنت أبي بكر لقد قالت ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها أي فاطمة (ع) .
لقد استولى أبوبكر على فدك كما استولى على غيرها من الأملاك والحقوق الخاصة بالرسول (ص) ولا أرى مبرراً وجيهاً يدعوه لمنع الحق عن أصحابه إلا أن يكون هناك أمر آخر.
عن أبي الطفيل بمسند أحمد بن حنبل وسنن أبي داوود وتاريخ الذهبي وتاريخ ابن كثير وشرح النهج واللفظ للأول قال: لما قبض رسول الله (ص) أرسلت فاطمة إلى أبي بكر : أنت وارث رسول الله (ص) أه أهله ؟
قال : فقال : لا بل أهله قالت : فأين سهم رسول الله (ص )51.
لقد منعوها ملكها الخاص " فدك" وجاؤوها بحديث " الأنبياء لا يورثون " الذي قال فيه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة " المشهور أنه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلا أبو بكر وحده وقال " إن أكثر الروايات أنه لم يرو هذا الخبر إلا أبو بكر وحده ذكر ذلك أعظم المحدثين حتى أن الفقهاء في أصول الفقه اطبقوا على ذلك في احتجاجهم بالخبر برواية الصحابي الواحد وقال شيخنا أبو علي : لا
يقبل في الرواية إلا رواية اثنين كالشهادة فخالفه المتكلمون والفقهاء كلهم واحتجوا بقبول الصحابة رواية أبي بكر وحده " نحن معاشر الأنبياء لا نورث 52.
و طالبتهم بسهم ذي القربى فقد جاء عن أنس بن مالك أن فاطمة أتت أبا بكر فقالت لقد علمت الذي ظلمتنا أهل البيت من الصدقات وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربى ثم قرأت عليه قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) فقال لها أبو بكر بأبي أنت وأمي السمع والطاعة لكتاب الله ولحق رسول اله (ص) وحق قرابته وأنا أقرأ من كتاب الله الذي تقر أين منه ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس مسلم إليكم كاملاً قالت : فلك هو ولأقربائك ؟! قال : لا بل أنفق عليكم منه وأضرف الباقي في مصالح المسلمين قالت : ليس هذا حكم الله 53.
وقد أكد علي (ع) دعوى فاطمة (ع) حينما قال أبو بكر : قال رسول الله " لا نورث ما تركناه صدقة " فقال علي ( وورث سليمان داوود ) وقال ( يرثني ويرث من آل يعقوب )
قال أبو بكر هو هكذا وأنت والله تعلم مثل ما أعلم فقال علي : هذا كتاب الله
ينطق ! فسكتوا وانصرفوا 54.
جاء في شرح النهج وبلاغات النساء لأحمد بن طاهر البغدادي لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر منعها فدك لآثت حمارها على رأسها واشتملت جلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (ص) حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة ثم أنت أنه أجهش لها القول بالبكاء وارتج المجلس ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيخ القول وهدأت فورتهم افتتحت كلامها بالحمد لله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله ثم قالت : أنا فاطمة بنت محمد أقول عوداً بدء لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم ثم استرسلت في خطبتها إلى قولها
ثم أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقد يوقنون يا ابن أبي قحافة ! أترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئاً فريا فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون .
وفي معرض خطبتها الغراء تواصل الزهراء احتجاجها بما جاء من القرآن عن ميراث الأنبياء فقالت : أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول الله تبارك وتعالى : ( وورث سليمان داوود ) ووقال ونبذتموه وراء ظهوركم إذا يقول الله تبارك وتعالى ( وورث سليمان داوود ) وقال الله عز وجل في ما قص من خير زكريا ( رب هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب ) وقال عز ذكره ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله ) وقال ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وقال ( إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين ) وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي أفخصكم الله بآية أخرج نبيه (ص) منها أم تقولون أهل ملتي لا يتوارثان أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن من أبي وابن عمي أفحكم الجاهلية تبغون 55.
الخطبة الفدكية
روى عبد الله بن الحسن (عليه السلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) أنه لما أجمع , أبو بكر على منع فاطمة (عليها السلام) فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها, واشتملت بجلبابها, وأقبلت في لمة , من حفدتها , ونساء قومها، تطأ ذيولها , ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله , حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد , من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة , فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء. فارتجّ المجلس . ثم أمهلت هنيةً حتى إذا سكن نشيج القوم , وهدأت فورتهم , افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليها السلام:
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها , وسبوغ آلاء أسداها , وتمام منن والاها، جم عن الإحصاء عددها ، ونأى عن الجزاء أمدها, وتفاوت عن الإدراك أبدها, لاستزادتها بالشكر لاتصالها, واستحمد إلى الخلائق بإجزالها , وثنّى بالندب إلى أمثالها ,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها , وضمّن القلوب موصولها , وأنار في الفكر معقولها , الممتنع من الأبصار رؤيته , ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها , وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها , كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته, وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته , وإعزازاً لدعوته ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته , وحياشة منه إلى جنته .
وأشهد أن أبي محمد (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة , وبنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور , وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور
ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره , وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه.
فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها, عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها فأنار الله محمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها, وكشف عن القلوب بهمها وجلى عن الأبصار غممها , وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم.
ثم قبضه الله إليه رأفة واختيار ورغبة وإيثار بمحمدٍ صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت:
يتبع لطفا
بقلم : مجاهد منعثر منشد
ان الذين يؤذّون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذاباً مهيناً | الاحزاب |57 .
جاء في معجم البلدان ج 3 / ص 161 :ـ تعريف بالزهراء هذا نصه : الزهراء ممدود تأنيث الأزهر ، وهو الابيض المشرق والمؤنثة زهراء ، والازهر : النيّر ومنه سمي القمر الازهر .
ذكر ابن شهر اشوب في المناقب من اسمائها : فاطمة ، البتول ، الحصان ، الحرة ، السيدة ، العذراء ، الزهراء ، الحوراء ، الطاهرة ، الزكية ، مريم الكبرى ، النورية ، السماوية
جلاً من نور طلعتها وحيـاء من شمائـلها .. تتوارى الشمس في الافق يتغطى الغصن بالـورق
ولدت السيدة فاطمة الزهراء (ع) بعد مبعث الرسول (ص) بخمس سنين في بيت الطهارة والإيمان لتكون رمز المرأة المسلمة وسيدة نساء العالمين وأم الأئمة حيث كانت القطب الجامع بين النبوة والامامة. فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها. وان شهادتها (ع) 3 جمادى الاخرة عام 11 هـ و مكان الدفن مجهول عند الناس ...
ورغم أن من يكتب عن السيدة الزهراء فاطمة (ع) سيتجرع كأس ألمها الممزوج بحلاوة نورها الطاهر ,الا انه سيرى عظيم شأنها فهي الدليل الى الصراط المستقيم .
وعلى الانسان ان يحدد موقفه عندما يقرأ الشيء القليل من حياته المباركة فأما جنة أو نار في الاخرة ,فطريق سيدتنا الجهادي يجعل الانسان اكثر تعلقا في حب الله تعالى ..
فحياتها ليس ذكرى تاريخيه تمر علينا مرور الكرام وتنتهي بل الاقدام على أظهار حقها فيض نوراني يسهل الله سبحانه به الصعاب والعقبات .. ونعتقد كل من اراد رضى الله عز اسمه وشفاعة نبيه ونورها الطاهر عليه ان ينشر ويقصد كلمة معكم معكم لامع غيركم .
وكتبنا لكم بحثا بذكرى استشهاد النبي (ص) اغتيالا بالسم ..وستجدون بالرويات ادناه ماذا حدث بعد شهادة رسولنا الاكرم محمد (ص) حيث اتضح لدينا أن استشهاد مولاتنا الزهراء بعده (ص) بخمسة وسبعون يوما كما قال لها (ص) انها اول أهل بيته لحوقا به .
احاديث رسول الله (ص) في فضل السيدة فاطمة الزهراء (ع) :ـ
قال (ص) :ـ كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة 1.
وقال (ص) :ـ ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة 2.
وعنه (ص) :ـ اذاكانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة 3 .
وخاطب أمير المؤمنين قائلا (ص) :ـ يا عَلِي هذا جبريلُ يُخْبِرنِي أَنَّ اللّهَ زَوَّجَك فاطِمَة 4.ويوجد احاديث كثيرة حول تزويج فاطمة من علي (عبيهما السلام ).5.
وقال (ص) :ـ أَحَبُّ أَهْلِي إِليَّ فاطِمَة 6.
وقال ايضا (ص) :ـ سيّدَةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنَّةِ فاطِمَة 7.
و :ـ إذا إشْتَقْتُ إلى ثِمارِ الجنَّةِ قَبَّلتُ فاطِمَة 8 .
و :ـ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ: عَليٌّ وَفاطِمَة 9.
وقال (ص) مخاطبا الزهراء (ع) :ـ فاطِمَة إِنّ اللّهَ غَيْرُ مُعَذِّبِكِ وَلا أَحَدٍ مِنْ وُلْدِكِ 10.
وقال (ص) :ـ إنّ اللّهَ عَزَّوَجَلَّ فَطـــَمَ ابْنَتِي فاطِمَـــة وَوُلدَهـــا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة 11.
و:ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي، يُريبُنِي ما رابَها، وَيُؤذِيني ما آذاهَا 12.
وقال (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها 13.
و :ـ فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي 14.
وعنه (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤْذيِني ما آذاها وَيَنَصُبَني ما أنَصَبَها 15.
و :ـ فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي يُغْضِبُني ما يُغْضِبُها وَيَبْسُطُني ما يَبْسَطُها 16.
وقال ايضا (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ 17.
وقال (ص) :ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يُؤلِمُها ما يُؤْلِمُنِي وَيَسَرُّنِي ما يَسُرُّها 18 .
و:ـ فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي مَنْ آْذاهَا فَقَدْ آذانِي 19.
و:ـ فاطِمَة بَهْجَةُ قَلْبِي وَابْناها ثَمْرَةُ فُؤادِي 20.
و:ـ فاطِمَة إِنّ اللّهَ يَغْضِبُ لِغَضَبَكِ 21.
وقال عنها (ص) :ـ فاطِمَة خُلِقَتْ حورِيَّةٌ فِيْ صورة إنسيّة 22.
و:ـ فاطِمَة حَوْراءُ آدَميّةَ لَم تَحضْ وَلَمْ تَطْمِث 23.
و:ـ فاطِمَة لَيْسَتْ كَنِساءِ الآدَميّين 24.
وقال (ص) :ـ فاطِمَة سِيِّدةُ نِساءِ أَهْلِ الجَنِّة 25.
و:ـ فاطِمَة أَنْتِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتي لُحُوقاً بِي 26.
وبعد هذه الاحاديث التي نطقها رسول الله (ص) بحق مولاتنا السيدة فاطمة الزهراء (ع) لنقرأ أقول واحاديث زوجة النبي (ص) عائشة حيث تقول :ـ "ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها قالت: وكان بينهما شيء فقالت: يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب. " رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى إلا أنها قالت: ما رأيت أحداً أصدق من فاطمة، ورجالهما رجال الصحيح.
وعن عائشة: ان رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم- دعا فاطمة ابنته فسارّها فبكت ثم سارّها فضحكت، فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارَّك به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبكيت، ثم سارَّك فضحكت؟ قالت: سارَّني فأخبرني بموته فبكيت، ثم سارَّني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت" إسناده صحيح وهو في المسند .27.
وعن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت إذا دخلت عليه رحَّب بها، وقام فأخذ بيدها فقبَّلها وأجلسها في مجلسه ..28.
وعن جميع بن عمير التميمي ه قال: دخلتُ مع عمتي على عائشة فسُئلت: (أي الناس كان أحبَّ إلى رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم-؟ قالت: فاطمة، قيل: من الرجال؟ قالت: زوجها. إن كان ما علمتُ صواماً قواماً).29.
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر ص 190 أن النبي (ص) قال إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش " ياأهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد على الصراط فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كمر البرق 30
قالت عائشة ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله من فاطمة كرم الله وجهها , كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه , وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخت بيده قبلته وأجلسته في مجلسها . 31.
عصمة الزهراء (ع) :ـ
نلاحظ أن مكانة مولاتنا فاطمة الزهراء (ع) لاتدركها العقول فما معنى قول الرسول (ص) " إن الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها " فمن المستحيل أن يغضب الله لغضب فاطمة وهي غير معصومه من الخطأ يعني أن الزهراء (ع) لن تغضب إلا لشيء يغضب الله بسببه ومن كان غضبه يعني غضب الله فهو لن يفعل إلا الحق ولن يخطئ أو يميل إلى الباطل طرفة عين .
وإن الرسول (ص) عندما يتحدث عن شخص أو يدلى بأي حديث فمن منطلق مسؤوليته تجاه الرسالة وبالتالي يستبعد أي مجاملات أو تقريظ بلا حق والمتفق عليه أن قول الرسول (ص) وفعله وتقريره حجة يعني شرع نتعبد به قربة الى الله تعالى وقد قال عليه وآله الصلاة والسلام فاطمة بضعة مني يعني هي جزء لا يتجزأ من كيانه وروحه وهو كما قلنا محور الحق والشرع .
وبعد سرد الاحاديث اعلاه ونطلق الرسول (ص) انما ينطق عن الوحي فانه وحيا يوحى يدل دلاالة واضحة على أن فاطمة الزهراء (ع) معصومه .
فاطمة (ع) ومريم (ع)
أن فاطمة الزهراء (ع) هي سيدة نساء العالمين وهي سيدة نساء الجنة وما إليه من أحاديث تثبت أن الزهراء (ع) أفضل النساء من الأولين والآخرين ومن جملة النساء الكمل مريم الصديقة (ع) أم النبي عيسى (ع) لقد ارتقت مريم سلم الكمال حتى اصطفاها الله تعالى وطهرها بل وخاطبها الوحي كما جاء في القرآن الكريم يقول تعالى (وإذ قالت الملائمة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين ) 32 ,لقد طهر الله مريم واصطفاها وهذه هي العصمة بعينها ولا يمكن بمجال أن يكون الفاضل أقل درجة من المفضول فإذا ثبتت عصمة مريم (ع) فبالأولى إثبات عصمة الزهراء (ع) لأنها أعلى رتبة وأخص درجة بما عرفت عنها ومدح الرسول (ص) لها .
وللعصمة آثار ، منها حجيّة القول والفعل والتقرير ، ومنها الصلاحية التامة للهداية للاُمّة ، والاقتداء المطلق ، والإطاعة في كلّ شيء ... ومنها غير ذلك
السيدة فاطمة الزهراء تكون معصومة بدلالة آية التطهير ، وكفى بها على عصمتها مستنداً ودليلاً ، والمقصود منها هم : الخمسة الطيبة من أهل العباء ، المجتمعون خاصة تحت الكساء ، ونكتفي بما قاله الحداد الحضرمي في القول الفصل :: إن حديث آية التطهير من الأحاديث الصحيحة المشهورة المتواترة واتفقت عليه الاُمّة وقال بصحته سبعة عشر حافظاً من كبار حفاظ الحديث ، ويصل مجموع طرق الحديث ما يقرب من خمسين طريق ، وعصمتها سلام الله عليها لا غبار عليها وليس في ما تلته من البيت :
وأبيض يستسقي الغمام بوجه * ثمال اليتامى عصمة الأرامل ..
كرامات الزهراء (ع) وتفسير بعض الايات :ـ
1.قال رسول الله ( ص ) لفاطمة (ع ) ::ـ
يَا بُنَيَّة هَلْ عندك شيء آكل ؟ فإني جائع
فقالت ( ع ) : لا والله ، بأبي أنت وأمي .
فلما خرج رسول الله ( ص ) من عندها ، بَعَثَت إِليها جارةٌ لها بِرَغِيفَيْنِ ، وبضعة لحم .
فأخذَتْهُ ( ع ) منها ، ووضعته في جفنة ، وغطت عليه ، وقالت : ( لأُوثِرَنَّ بها رسول الله ( ص) على نفسي ، ومن عندي ) وكانوا جميعاً محتاجين إلى شبْعَة من طعام .
فبعثت حَسَناً وحسيناً إلى جَدِّهِما ( ص ) ، فرجع ( ص) إليها ، فقالت ( ع ) : ( بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، قد أتانا الله بشيء فخبأتُه لك .
فقال ( ص ) : ( فَهَلُمِّي به ( فَأْتِي به ، فكشفت ( ع ) عن الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً .
فلما نظرَتْ ( ع ) إليه بهتَت ، وعرفت أنها بركة من الله تعالى ، فحمدت الله تعالى ، وصلّت على نبيه ( ص) .
فقال ( ص ) : ( من أين لك هذا يا بُنَيَّة ؟( .
قالت ( ع ) : ( هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب(.
فقال رسول الله(ص): ( الحمد لله ، جعلك شبيهة بسيِّدة نساء بني إسرائيل ، فإنها كانت إذا رَزَقها الله رزقاً حسناً ، فسُئلت عنه ، قالت : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب(.
فبعث الرسول ( ص ) إلى علي ( ع ) ، فَأتَى .
فأكل الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين( صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) ، وجميع أزواج النبي ( ص ) حتى شبعوا ، وبقيت الجفنة كما هي .
فقالت فاطمة ( ع) : ( وأوسعت منها على جميع جيراني ، وجعل الله فيها بركة ، وخيراً طويلاً (
وكان أصل الجفنة رغيفين ، وبضعة لحم ، والباقي بركة من الله تعالى .
وعن الحسن البصري ، وابن إسحاق ، عن ميمونة قالت :
وَجدتُ فاطمة ( ع ) نائمة ، والرَحى تدور ، فأخبرتُ رسول الله ( ص ) بذلك فقال :
) إن اللهَ عَلِمَ ضَعفَ أَمَتِهِ ، فَأوحى إِلى الرَّحى أَن تدورَ ، فَدَارَتْ(.
ورهنت ـ مرَّةً ـ فاطمة ( ع ) كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة ، واستقرضت الشعير ، فلما دخل زيد داره ، قال : ما هذه الأنوار في دارنا ؟!
قالت : لِكِسوَةِ فاطمة ( ع).
فأسلَمَ في الحال ، وأسلَمَت امرأتُه وجيرانُه ، حتى أسلم ثمانون نفساً .
وعن علي بن معمر ، قال : خرجَتْ أمُّ أَيمَن إلى مكة ، بعد وفاة فاطمة ( ع) ، وقالت : لا أرى المدينة بعدها .
فأصابها عطش شديد في الجحفة ، حتى خافت على نفسها ، فكسرت عَينَيها نحو السماء ، ثم قالت : يَا ربِّ ، أَتَعَطِّشَنِي ، وأنا خَادمة بنت نبيك ) ص ( .قال : فنزل إليها دَلوٌ من ماء الجنَّة ، فَشَرِبَتْ ، ولم تَجُعْ ، وَلَمْ تَعطَشْ سَبع سِنين .34.
2. جاء في كتاب (تزويج فاطمة بنت الرسول (ص)عن الإمام الباقر (ع)) في حديث طويل جاء فيه:
أن النبي (ص) أهدى خادمة إلى ابنته فاطمة الزهراء (ع) وأوصاها بها، إلى أن قال:
فقالت فاطمة: يا رسول الله، عليّ يوم، وعليها يوم.
ففاضت عينا رسول الله (ص) بالبكاء وقال: (الله أعلم حيث يجعل رسالة) (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) 35.
3.
وروى الحافظ الحسكاني (الحنفي) قال: أخبرنا أبو سعد السعدي (بإسناده المذكور) عن أبي سعيد الخدري قال: لمّا نزلت على رسول الله (ص): (وآت ذا القربى حقّه) دعا فاطمة فأعطاها فدكاً والعوالي، وقال (ص): هذا قسم قسمه الله لك ولعقبك 36.
وروى الحافظ الحسكاني الحنفي قال: أخبرنا عقيل بن الحسين (بإسناده المذكور) عن عطاء، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كل حسب ونسب يوم القيامة منقطع إلاّ حسبي ونسبي إن شئتم اقرأوا: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) فالسيدة فاطمة الزهراء (ع) هي سيّدة الحسب والنسب المتصلين برسول الله (ص) فهي طليعة المستثنين من هذه الآية الكريمة 37.
4. سورة الكوثر بحقها (ع) انا اعطيناك الكوثر 38.
نتيجة حب فاطمة (ع) :ـ
روى الخوارزمي بإسناده عن سلمان قال: (قال رسول الله (ص): (يا سلمان، من أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حبّ فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر تلك المواطن: الموت، والقبر، والميزان، والمحشر، والصراط، والمحاسبة فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، رضيت عنه، ومن رضيت عنه (رضي الله عنه)، ومن غضبت عليه ابنتي فاطمة غضبت عليه، ومن غضبت عليه غضب الله عليه، يا سلمان، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين عليا، وويل لمن يظلم ذرّيتها وشيعتها .39.
روى ابن حجر بإسناده عن أبي هريرة قال : قال (ص) : (أتاني جبرئيل فقال: يا محمد، ان ربّك يحبّ فاطمة فاسجد، فسجدت، ثم قال: ان الله يحب الحسن والحسين فسجدت، ثم قال: ان الله يحبّ من يحبهما 40.
حقيقة مصحف المحدثه فاطمة (ع) :ـ
أن الحديث مع الملائكة رغم أهميته وعظمته فهو ليس من علامات النبوة وخصائصها ، فمن سنذكرهن لسن من جملة الأنبياء ، لكن الملائكة تحدثت إليهن ، والى هذا يشير محمد بن أبي بكر قائلاً :
إن مريم لم تكن نبية وكانت محدّثة ، وأم موسى بن عمران كانت محدّثة ولم تكن نبية ، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية ، وفاطمة بنت رسول الله ( ص ) كانت محدّثة ولم تكن نبية .
معنى المصحف في اللغة: المصحف - مثلثة الميم، - من اصحف بالضم - اي جعلت فيه الصحف 41, و سمي المصحف مصحفا لانه اصحف اي جعل جامعا للصحف المكتوبة بين الدفتين 42. فالمصحف ليس اسما مختصا بالقران الكريم. و يشهد لذلك ما رووه في وجه تسمية المصحف مصحفا، فالمصحف كل كتاب اصحف و جمع بين دفّتين، لكن كثرة استعماله في القرآن الكريم اوجبت انصراف الاذهان اليه، و هو لا يكفي لحمل ما ورد في روايات اهل البيت عليهم السلام التي تتحدث عن مصحف فاطمة على المصحف المعروف، خاصة مع وجود التقييد باضافته اليها (ص) .
وقال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية : " الفرق بين الكتاب والمصحف ، أن الكتاب يكون ورقة واحدة ويكون جملة أوراق ، والمصحف لا يكون إلا جماعة أوراق صحفت ، أي جمع بعضها إلى بعض "
اخبار أهل البيت (ع) في مصحف فاطمة (ع) :ـ
عن ابي عبد الله عليه السلام «... ان فاطمة مكثتبعد رسول الله (ص) خمسة و سبعين يوما، و كان دخلها حزن شديد على ابيها، و كان جبرئيل (ع) ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، و يطيّب نفسها، و يخبرها عن ابيها و مكانه، و يخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، و كان علي (ع) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (ع) 43.
ان ابا عبد الله (ع) قال: «مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله و انما هو شيء القى اليها بعد موت ابيها صلوات الله عليهما»44.
و عن ابي عبد الله (ع) انه قال: «و ان عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، و ما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: و ما مصحف فاطمة (ع)؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، و الله ما فيه من قرآنكم حرف واحد»45.
• وقال ابن بابويه : صحيفة فاطمة ، أو مصحف فاطمة ، أو كتاب فاطمة ، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها ( ع)
هذه الروايات تدل على ان مصحف فاطمة الذي يعتقد الامامية انه عند ائمتهم و ضمن ميراثهم العلمي ليس المصحف الذي فيه القرآن الكريم، و انه كتاب آخر يتضمن علم .
و ليس هناك اي رواية توهم كونه قرآنا، فضلا عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسك بها من يفتش عن المطاعن، و على فرض وجودها فان الروايات المستفيضة الواضحة و الصريحة و التي قدمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهم او الظهور لو تم و سلم.
ان مصحف فاطمة كبقية الصحف و الكتب لم تنتقل الى غيرهم و لم تصل الى شيعتهم ان المصحف المذكور بقى عند ائمة اهل البيتيتوارثون مع بقية الكتب المتضمنه لعلوم الانبياء و الرسل الماضين و مع صحيفة الاحكام الجامعة التى املاها رسول لله (ص)على علي (ع) ..
ومصحف فاطمة ( ع ) يُعتبر من جملة ودائع الإمامة ، قال الإمام الرضا(ع) ـ وهو يَعُّد علامات الإمام المعصوم ( ع ) ـ : " .. ويكون عنده مصحف فاطمة (ع) .
وعن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليها السلام عن مصحف فاطمة ، فقال : أنزل عليها بعد موت أبيها . قلت : ففيه شيء من القرآن ؟ فقال : ما فيه شيء من القرآن . قلت فصفه لي ، قال : له دفّتان من زبرجدتين على طول الورق ، وعرضه حمراوين . قلت : جعلت فداك فصف لي ورقه ، قال : وروقه من درّ أبيض ، قيل له : كن فكان . قلت : جعلت فداك فما فيه ؟ قال : في خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة ، وفيه خبر سماءٍ سماءٍ ، وعدد ما في السموات من الملائكة ، وغير ذلك ، وعدد كلّ م خلق الله مرسلاً وغير مرسل وأسماؤهم ، وأسماء من أرسل إليهم ، وأسماء من كذّب ومن أجاب ، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولّين والآخرين ، وأسماء البلدان ، وصفة كلّ بلد في شرق الأرض وغربها ، وعدد ما فيها من المؤمنين ، وعدد ما فيها من الكافرين ، وصفة كلّ من كذّب ، وصفة القرون الاولى وقصصهم ، ومن ولي من الطواغيت ومدّة ملكهم وعددهم . وأسماء الأئمّة وصفتهم ، وما يملك كلّ واحدٍ واحدٍ ، وصفة كبرائهم ، وجميع من ترددّ في الأدوار .
قلت : جعلت فداك وكم الأدوار ؟ قال : خمسون ألف عام . وهي سبعة أدوار ، فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم ، وصفة أهل الجنّة ، وعدد من يدخلها ، وعدد من يدخل النار ، وأسماء هؤلاء وهؤلاء ، وفيه علم القرآن كما أنزل ، وعلم التوراة كما انزلت ، وعلم الإنجيل كما انزل كما انزل ، وعلم الزبور ، وعدد كلّ شجرة ومدرة في جميع البلاد .46
ويُعتبر هذا المصحف أول مصنف في الإسلام ، حيث أن الزهراء ( عليها السلام ) توفيت في الثالث من شهر جمادى الأولى عام 11 هـ
، ولم يكتب قبل هذا التاريخ كتاب في عصر الإسلام .
أما بالنسبة إلى مكان وجود هذا المصحف في الوقت الحاضر فهو اليوم موجود عند الإمام بقية الله المهدي المنتظر ( عجل ) (روحي لتراب مقدمه فداء ).
الحوادث التي جرت على الزهراء بعد استشهاد ابيها محمد (ص) :ـ
لقد كانت الفترة ما بين وفاة الرسول (ص) إلى حين وفاة ابنته فاطمة الزهراء (ع) منحنى خطيراً في تاريخ الأمة الاسلامية ترك بصمات واضحة لمن ألقى السمع وهو شهيد .
وكان لفاطمة (ع) الدور الرئيسي في هذه الفترة وفي مقابل ذلك لم يسكت أصحاب السقيفة مكتوفي الأيدي وهم يرون الزهراء (ع) تفعل ما تفعل فكان لا بد لهم من محاولة إسكات هذه الصرخة فجرت الأحداث ساخنة كما تذكرها كتب التاريخ والسير
وبعد وفاة الرسول (ص) مباشرة حدث الاختلاف حول الخلافة البعض ينادي بخلافة علي (ع) وأهل البيت وآخرون يرون شرعية ما جرى في السقيفة من تولية لأبي بكر إن الأحداث بعد وفاة الرسول (ص) أخذت بعداً آخر ولم تكن فدك فيها إلا حلقة من حلقات الصراع بين أصحاب السقيفة وأهل البيت (ع) المعارضين لها بقيادة علي وفاطمة (ع) وكان بيت فاطمة هو ملتقى المعارضة يقول ابن قتيبة في تاريخه " إن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوماً تخلفوا عن بيعة في دار علي " وفاطمة " فأبوا أن يخرجوا فدعا عمر بالحطب يريد منهم أن يبايعوا بالإكراه والقوة وقال والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها فقيل له يا أبا حفص إن فيها فاطمة وإن فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها فقالت لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضراً منكم تركتم رسول الله (ص) جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقنا 47.
لقد أطلعت فاطمة (ع) صوت المعارضة وحملت مشعل الحقيقة لتبين للجماهير التي اشتبه عليها الأمر وطالبت بفدك وأثبتت بذلك للتاريخ كله أن خلافة تقوم في أول خطوة لها بالاعتداء على أملاك رسول الله ليست امتداداً له بقدر ما هي انقلاب عليه كما هو الشأن في كل الانقلابات التي تتم في العالم حيث تم مصادرة أملاك السابقين وأي شخص يتجرد من العصبية المذهبية ويفهم أوليات السياسة يدرك مغزى مصادرة فدك وإخراج عمال فاطمة منها وبالقوة أو كما يعبر صاحب الصواعق المحرقة " انتزاع فدك من فاطمة " ولم تكن فدك قطعة الأرض هي مقصد فاطمة (ع) بل الخلافة الإسلامية التي كانت حقاً لزوجها علي بن أبي طالب .
ماذا أرادت الزهراء ان تبين في فدك :ـ
1. حقها الشرعي بعد أن استولى الحاكم الجديد( حكم السقيفة ) على جميع امتيازات الهاشميين فاي تحرك من الهاشميين يعني اعطاء مبرر لقادة الحكم بتصفيتهم حيث كانوا يريدون أي قضية يجبرون بها الهاشميين وعلى رأسهم علي (ع) على البيعة المشئومة .
2. ارادت سلام الله عليها الادلاء برأيها عن الخلافة امام الجماهير لتبين لاصحاب العقول ان خلافة السقيفة باطلة ولا تعرف من حكم الله شيء
3. .وأصبحت فدك ترتبط بالخلافة بلا فاصل كما تحول محتواها وكبر معناها فلم ينحصر في قطعة الأرض المحدودة بل صار معناها الخلافة والبلاد الإسلامية كاملة ..
وذلك ما وضحه حفيدها الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) حينما ألح عليه الرشيد العباسي في أخذ فدك, قال له الإمام : ما آخذها إلا بحدودها قال الرشيد وما حدودها قال (ع) الحد الأول عدن والحد الثاني سمرقند والحد الثالث أفريقية والحد الرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية فقال له الرشيد فلم يبق لنا شيء فتحول من مجلسي - أي إنك طالبت بالرقعة الإسلامية في العصر العباسي بكاملها - فقام الإمام قد أعلمتك أني إن حددتها لم تردها فدك إذاً هي التعبير الثاني عن الخلافة الإسلامية والزهراء (ع) جعلت فدك مقدمة للوصول إلى الخلافة .
ذكر ابن أبي الحديد في شرحه قال : سألت علي بن الفارقي مدرس مدرسة الغربية ببغداد فقلت له أكانت فاطمة صادقة ؟ قال نعم قلت فلم لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحومته وقلة دعابته قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقام ولم يكن يمكنه الاعتذار والمدافعة بشيء لأنه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود 48.
وكيف يمكن أن تكذب وهي المطهرة بنص القرآن والمعصومة والصادقة في سيرتها كما جاء في الروايات وهي التي يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ؟ إنها الزهراء (ع) ميزان الحق الذي به يعرف الباطل وأي خطأ وخطل يرتكب من يحاول أن يشكك في حقها الذي طالبت به ؟ لأن ذلك يعني الشك في قول الله تعالى وقول رسوله
يقول ياقوت في فدك هي قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة وفيها عين فوارة ونخيل كثير (بمادة (فدك ) من معجم البلدان)
وفي كتاب فتوح البلدان : فكان نصف فدك خالصاً لرسول الله لأنه لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب .
و أن من حقه التصرف في ملكه وقد كان ذلك حينما منحها لقرة عينيه فاطمة كما جاء في شواهد التنزيل للحسكاني وميزان الاعتدال للذهبي ومجمع الزوائد للهيثمي والدر المنثور للسيوطي واللفظ للأول عن أبي سعيد الخدري لما نزلت ( وآت ذا القربى حقه ) دعا النبي (ص) فاطمة وأعطاها فدك 49.
كانت تطالب بملكاً لها أو حقاً شرعياً خاصاً بها ..وأن ملكيتها آلت إليها بوجود الرسول (ص) وقبل وفاته و. أن فدكا كانت ميراثاً وكذلك سهم ذي القربى في حين أن كل ذلك غير الميراث وحتى تتضح الرؤية دعنا نفصل بعض الشيء في هذا الأمر .
جاء في فتوح البلدان : إن فاطمة (ع) قالت لأبي بكر الصديق (رض) أعطني فدك فقد جعلها رسول الله لي فسألها البينة فجاءت بأم أيمن ورباح مولى النبي (ص) فشهدا لها بذلك فقال إن هذا الأمر لا تجوز فيه إلا شهادة رجل وامرأتين 50.
وفي رواية أخرى " شهد لها علي بن أبي طالب فسألها شاهداً أخر فشهدت لها أم أيمن وإن عشت أراك الدهر عجباً فاطمة (ع) التي نزلت آيات القرآن تطهرها وتعصمها تكذب وتسأل البينة إنها سيدة نساء العالمين الصديقة الطاهرة التي بلعت درجة من العصمة والطهارة حتى صار غضبها غضب الرب ورضاها رضاه لقد قبل المسلمون شهادة أبي بكر في حديث الرسول (ص) نحن معاشر الأنبياء لا نورث فكيف لا يقبلون ادعاء الزهراء بأن فدكاً ملكها لقد تجلت حكمة الرسول (ص) حينما أكد على مكانة الزهراء وصدقها في الأحاديث المتقدمة خاصة ما جاء على لسان عائشة بنت أبي بكر لقد قالت ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها أي فاطمة (ع) .
لقد استولى أبوبكر على فدك كما استولى على غيرها من الأملاك والحقوق الخاصة بالرسول (ص) ولا أرى مبرراً وجيهاً يدعوه لمنع الحق عن أصحابه إلا أن يكون هناك أمر آخر.
عن أبي الطفيل بمسند أحمد بن حنبل وسنن أبي داوود وتاريخ الذهبي وتاريخ ابن كثير وشرح النهج واللفظ للأول قال: لما قبض رسول الله (ص) أرسلت فاطمة إلى أبي بكر : أنت وارث رسول الله (ص) أه أهله ؟
قال : فقال : لا بل أهله قالت : فأين سهم رسول الله (ص )51.
لقد منعوها ملكها الخاص " فدك" وجاؤوها بحديث " الأنبياء لا يورثون " الذي قال فيه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة " المشهور أنه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلا أبو بكر وحده وقال " إن أكثر الروايات أنه لم يرو هذا الخبر إلا أبو بكر وحده ذكر ذلك أعظم المحدثين حتى أن الفقهاء في أصول الفقه اطبقوا على ذلك في احتجاجهم بالخبر برواية الصحابي الواحد وقال شيخنا أبو علي : لا
يقبل في الرواية إلا رواية اثنين كالشهادة فخالفه المتكلمون والفقهاء كلهم واحتجوا بقبول الصحابة رواية أبي بكر وحده " نحن معاشر الأنبياء لا نورث 52.
و طالبتهم بسهم ذي القربى فقد جاء عن أنس بن مالك أن فاطمة أتت أبا بكر فقالت لقد علمت الذي ظلمتنا أهل البيت من الصدقات وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربى ثم قرأت عليه قوله تعالى ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ) فقال لها أبو بكر بأبي أنت وأمي السمع والطاعة لكتاب الله ولحق رسول اله (ص) وحق قرابته وأنا أقرأ من كتاب الله الذي تقر أين منه ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس مسلم إليكم كاملاً قالت : فلك هو ولأقربائك ؟! قال : لا بل أنفق عليكم منه وأضرف الباقي في مصالح المسلمين قالت : ليس هذا حكم الله 53.
وقد أكد علي (ع) دعوى فاطمة (ع) حينما قال أبو بكر : قال رسول الله " لا نورث ما تركناه صدقة " فقال علي ( وورث سليمان داوود ) وقال ( يرثني ويرث من آل يعقوب )
قال أبو بكر هو هكذا وأنت والله تعلم مثل ما أعلم فقال علي : هذا كتاب الله
ينطق ! فسكتوا وانصرفوا 54.
جاء في شرح النهج وبلاغات النساء لأحمد بن طاهر البغدادي لما بلغ فاطمة إجماع أبي بكر منعها فدك لآثت حمارها على رأسها واشتملت جلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (ص) حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة ثم أنت أنه أجهش لها القول بالبكاء وارتج المجلس ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيخ القول وهدأت فورتهم افتتحت كلامها بالحمد لله عز وجل والثناء عليه والصلاة على رسول الله ثم قالت : أنا فاطمة بنت محمد أقول عوداً بدء لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تعزوه تجدوه أبي دون آبائكم وأخا ابن عمي دون رجالكم ثم استرسلت في خطبتها إلى قولها
ثم أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقد يوقنون يا ابن أبي قحافة ! أترث أباك ولا أرث أبي لقد جئت شيئاً فريا فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون .
وفي معرض خطبتها الغراء تواصل الزهراء احتجاجها بما جاء من القرآن عن ميراث الأنبياء فقالت : أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول الله تبارك وتعالى : ( وورث سليمان داوود ) ووقال ونبذتموه وراء ظهوركم إذا يقول الله تبارك وتعالى ( وورث سليمان داوود ) وقال الله عز وجل في ما قص من خير زكريا ( رب هب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب ) وقال عز ذكره ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله ) وقال ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) وقال ( إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين ) وزعمتم أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي أفخصكم الله بآية أخرج نبيه (ص) منها أم تقولون أهل ملتي لا يتوارثان أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن من أبي وابن عمي أفحكم الجاهلية تبغون 55.
الخطبة الفدكية
روى عبد الله بن الحسن (عليه السلام) بإسناده عن آبائه (عليهم السلام) أنه لما أجمع , أبو بكر على منع فاطمة (عليها السلام) فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها, واشتملت بجلبابها, وأقبلت في لمة , من حفدتها , ونساء قومها، تطأ ذيولها , ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله , حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد , من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة , فجلست، ثم أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء. فارتجّ المجلس . ثم أمهلت هنيةً حتى إذا سكن نشيج القوم , وهدأت فورتهم , افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسول الله، فعاد القوم في بكائهم، فلما أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليها السلام:
الحمد لله على ما أنعم وله الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدّم، من عموم نعم ابتدأها , وسبوغ آلاء أسداها , وتمام منن والاها، جم عن الإحصاء عددها ، ونأى عن الجزاء أمدها, وتفاوت عن الإدراك أبدها, لاستزادتها بالشكر لاتصالها, واستحمد إلى الخلائق بإجزالها , وثنّى بالندب إلى أمثالها ,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها , وضمّن القلوب موصولها , وأنار في الفكر معقولها , الممتنع من الأبصار رؤيته , ومن الألسن صفته، ومن الأوهام كيفيته. ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها , وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها , كوّنها بقدرته، وذرأها بمشيته، من غير حاجة منه إلى تكوينها، ولا فائدة له في تصويرها إلا تثبيتاً لحكمته، وتنبيهاً على طاعته, وإظهاراً لقدرته، وتعبّداً لبريته , وإعزازاً لدعوته ثم جعل الثواب على طاعته، ووضع العقاب على معصيته، ذيادةً لعباده عن نقمته , وحياشة منه إلى جنته .
وأشهد أن أبي محمد (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله، اختاره وانتجبه قبل أن أرسله، وسماه قبل أن اجتبله واصطفاه قبل أن ابتعثه، إذ الخلائق بالغيب مكنونة، وبستر الأهاويل مصونة , وبنهاية العدم مقرونة، علماً من الله تعالى بمآيل الأمور , وإحاطة بحوادث الدهور، ومعرفة بمواقع المقدور
ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره , وعزيمة على إمضاء حكمه، وإنقاذاً لمقادير حتمه.
فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكفاً على نيرانها, عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها فأنار الله محمدٍ صلى الله عليه وآله ظلمها, وكشف عن القلوب بهمها وجلى عن الأبصار غممها , وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية، وبصرهم من العماية وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم.
ثم قبضه الله إليه رأفة واختيار ورغبة وإيثار بمحمدٍ صلى الله عليه وآله عن تعب هذه الدار في راحة، قد حُفّ بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار، صلى الله على أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيّه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.
ثم التفتت إلى أهل المجلس وقالت:
يتبع لطفا
تعليق