تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم ..
كل شيء في الحياة له حدود وقيود .. ومن يعرف التصرف بين الاثنين ينجح في الحياة.
آمال عندما تخصصت في الفيزياء، وهو علم تجريبي، معرفي، درست على مقاعد الدراسة ما يسمى في علم الفيزياء بالفرضيات، ثم النظريات، ثم عرفت بعد ذلك كيف تتحول النظرية إلى قانون بعد تشخيصها وتدقيقها وتجريبها على كل مناحي الحياة. القانون مثل السلم، لا يستطيع أن يتسلق الفرد السلم مرة واحدة. الفرد عليه أن يبدأ الصعود خطوة خطوة حتى يتمكن من الوصول إلى قمة السلم، وآمال تعرف إن القمة موطن الخطر والضرر، لأن ما بعد القمة إلا الانحدار والعودة إلى البداية، وهذا قانون إلهي مذكور في القرآن الكريم "ومن نعمره ننكسه في الخلق." ومن يصل إلى القمة، فلا مجال إليه للصعود أكثر. المجال المتاح عندما يصل الإنسان إلى القمة هو أما أن يبقى هناك أو النزول إلى الأسفل أو السقوط إلى الهاوية.
تذكرت آمال في هذه الإثناء زوجها الذي كان يحبها حبا جارفا، أثناء الخطوبة وبعد الزواج. لم يترك كلمة في قاموس الحب إلا نثرها على كل ذرة من روحها وعقلها وجسدها، ولم يرفض لها طلبا قط إلا وقد استجاب له. كانت أميرة قلبه، وسيدة تفكيره، والزوجة التي يقضي معها أجمل وأعز أوقاته.
اليوم آمال عادت إلى بيت والدها بعد أن نشب بينها وبين زوجها بعض الكلام وشب بعض الحريق في عز الخصام، وهي لا تدري في قرارة نفسها ما السبب، وربما هو أيضا لا يدري. لكن هي بحكم دراستها ونضوج تفكيرها، تعرف إن وجودها في بيت أبيها خطأ. عيون والديها وأخواتها وإخوانها والناس الذين يزورون بيت والدها كلها تقول: آمال، أنتِ في الموقع الخطأ. مكانك يجب أن يكون مع زوجكِ.
فكرت كثيرا في أسباب خروجها من بيت زوجها، فلم تجد سببا واحدا مقنعا. كل الأسباب التي أرادت إن تقنع نفسها بها كانت واهية لا قيمة لها إذا ما وضُعت هذه الاسباب في ميزان الربح والخسارة.
آمال تعرف إن حب زوجها لم يتغير بل زاد تألقا وأمتاعا.
كرم زوجها قل عما قبل بسبب متطلبات الحياة، وهذا خارج عن إرادته وليس هو السبب فيه. فزوجها، مع تدهور حالته المادية، مقل مع نفسه، كريم معها ومع بيته بقدر المستطاع.
الحالتان الوحيدتان اللتان رفض أن يستجيب لهما، هو طلبها ذات مرة شراء فستان باهض الثمن لحضور عرس لزواج أحدى صديقاتها، والأخرى طلبها بعض النقود لتقديم المبلغ كهدية لصديقتها التي أنجبت ولدا. قال لها بكل أدب وأحترام: البيت يحتاج إلى مصاريف والحالة المادية أخذت منحا انحداريا خطيرا، وعلينا أن نقلص المصاريف، ونصيغ أولوياتنا بطريقة لا ضرر ولا ضرار.
ولأن هذه هي المرة الأولى التي يرفض لها طلبا، مع أنه على حق ورؤيته صائبة فيما ذهب إليه، لكن الشيطان لعب بذيلها واعتقدت خطئا إنها لم تعد أميرة قلبه ولم تعد المتربعة على عرش حياته.
في يوم من الأيام، جاءت إلى بيت أبيها امرأة من الجيران في زيارة إلى أمها، وفي أثناء الحديث، روت الجارة إن احد الجيران طلق امرأته. الحديث وقع على آمال وقع الصاعقة، وسألت نفسها: ماذا لو حدث هذا لي؟
في الليل رأت حُلما مرعبا، جعلها ترتعش وتصرخ وتبكي. جلست من نومها مرعوبة. في الحُلم رأت طائرا يطير ثم يحط على شجرة مثمرة. حاولت أن تقترب من الشجرة، لكن الطائر اختفى دون أن تدري كيف اختفى. حاولت أن تتماسك، لكنها سقطت على الأرض، وفجأة استيقظت من نومها.
في تلك الليلة عندما أسندت ظهرها إلى الوسادة، والدمع لم يجف بعد من على وجنتيها، قالت لنفسها: "لم يعد لي مكانا في بيت أبي. بيتي هو بيت زوجي. علي الاعتذار من زوجي والتفاهم معه على مستقبل حياتنا. المرأة الصالحة هي التي تكون سندا قويا لزوجها، وعليها أن تتحمل جزء من مسئولية البيت كما يتحمل هو. علي أن أسعده كما أسعدني، وأقدم له حياتي كلها على طبق من شهد لأنه اختارني له زوجه من دون النساء."
في الصباح بعد إن وضعت حاجياتها في الحقيبة، طلبت من أخيها أن يوصلها إلى محل بائع الزهور، ثم يأخذها إلى بيتها. تبسم أخيها ابتسامة فخر واعتزاز لهذا القرار الذي ينم عن نضوج عقلي، ومعرفة بالمسئولية التي عليها إن تتحملها، وينم عن حكمة رصينة. في محل الزهور اشترت باقة جميلة فيها من كل الأصناف والألوان الجميلة، ثم دخلت محل آخر بالقرب من محل الزهور واشترت علبة شكولاته.
عندما وصلت السيارة إلى باب بيتها وقبل أن تنزل، إذا بزوجها يخرج من باب البيت ومعه باقة من الزهور. عندما رأى أخو آمال منظر أخته تحمل باقة ورد وكذلك زوجها، حرك سيارته مغادرا، لكنه شاهد في المرآة الزوجان يضم الواحد الآخر ويتبادلان الهدايا.
وليجعل البآري حيآتكم مليئه بـِالسعآدة
تعليق