((إجاباتٌ معرفيةٌ قرآنية عن أسئلة فكرية))
=====================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
س/هل كل مَن إنعزل عن مسار الانبياء والأئمة
(عليهم السلام) هو مَن صنع أزمة الفكر؟؟
الجواب/نعم كل مَن إنعزل عن مسار الأنبياء والأئمة المعصومين(عليهم السلام) على مرّ التأريخ والى يومنا هذا.
هو مَن يصنع أزمات فكر يقصد بها تطويع شؤونات ومفردات الحياة البشرية لمآربه وشهواته بالصورة التي يراها متوائمة مع مصالحه ورغباته.
والقرآن الكريم أشار الى هذه الحقيقة البشرية في وضعها السلبي.
فقال تعالى:
((أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ))البقرة87
بمعنى: أفكلما جاءكم رسول بوحي من عند الله لا يوافق أهواءكم استعليتم عليه فكذَّبتم فريقًا وتقتلون فريقًا؟
وقوله تعالى أيضا:
((كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ ))المائدة70
وقوله تعالى:
((مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ))النساء143
بمعنى:
إنَّ مِن شأن هؤلاء المنافقين التردد والحَيْرة والاضطراب لا يستقرون على حال فلا هم مع المؤمنين ولا هم مع الكافرين.
ومن يصرف الله قلبه عن الإيمان به والاستمساك بهديه فلن تجد له طريقًا إلى الهداية واليقين
/س/هل هذه المأزومية للإنسان هي نتاج ذاتي أم قد تكون نتاج خارج عن الذات ؟؟
/الجواب/نعم إنّ مأزومية الإنسان وتشتته ذهنيا وتبعثرخياراته إنما هو حصيلة التذبذب الذاتي في شخصيته ونفسيته وذهنيته وبإرادته المحضه وسبب ذلك هوغفلته وإتباعه لهواه .
لذا نبه القرآن الكريم على الحذر من تلك المجموعات البشرية المأزومة ذاتيا
فقال تعالى:
((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً))الكهف28
طبعا صدر الآية هذه هو وظيفة عقدية وعقلانية في ضرورة التلاحم والكون الذهني والإيماني والسلوكي مع أهل الحق فكرا ومنهجا.
وموضع الشاهد هو ذيل الآية الشريفة:
((وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً))
أي:
ولا تُطِعْ من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا، وآثَرَ هواه على طاعة مولاه وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا
.
وهذا هو التأزم البشري الناتج من صنيعة الذات البشرية نفسها.
فقال تعالى:
مُفصحا عن تلك الحقيقة الآيدولوجية والسايكولوجية بقوله سبحانه:
((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ))الجاثية /23
أي :
أفرأيت -أيها الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)
مَن اتخذ هواه إلهًا له فلا يهوى شيئًا إلا فَعَله
وأضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه
فلا يسمع مواعظ الله ولا يعتبر بها وطبع على قلبه
فلا يعقل به شيئًا وجعل على بصره غطاء فلا يبصر به حجج الله؟(الأنبياء والأئمة المعصومين)(عليهم السلام) ومناهجهم القويمة:
فَمَن يوفقه لإصابة الحق والرشد بعد إضلال الله إياه؟
(أي: إيكاله إلى ذاته وعدم التسبب في هدايته بعد ضلاله الذاتي والإرادي وقيام الحجة عليه)
أفلا تذكرون -أيها الناس- فتعلموا أنَّ مَن فَعَل الله به ذلك فلن يهتدي أبدًا ولن يجد لنفسه وليًا مرشدًا؟
والآية أصل في التحذير من أن يكون الهوى هو الباعث للمؤمنين على أعمالهم وإنتخاب فكرهم المخالف للحق.
ونعم أيضا إنّ مأزومية الإنسان فكريا قد تكون بفعل التأثير الخارجي عليه أي نتاج خارج ذاته ونطاقه إن لم يكن هو مأزوم من أول الأمر في مستوى ذاته .
فالتيارات الخارجية المتمثلة بأصحاب الفكر المنحرف والضال لها دورها الكبير في إضلال الناس وحرفهم عن مسار الأنبياء والأئمة/ع/:
والقرآن الكريم أيضا لفتَ إنتباهنا الى ذلك فقال تعالى:
((وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ))الأحزاب67
وقال تعالى أيضا:
((قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ))القصص63
هذا فضلا عن إضلال الشيطان لهم :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))النور21
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف/
تعليق