((الإنسانُ والشيطان في جدليّة الصراع الأزلي))
في المفهوم القرآني:
========================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
إنّ كون الشيطان الرجيم مُغويا للإنسان وبإرادة الإنسان نفسه
هو سبب مأزومية الإنسان ذاته وتسببه في صناعة أزمة الفكر:
/س/هل إنّ إتّباع الإنسان للشيطان هوأمرٌ نابع من ذات الإنسان نفسه بإعتبار أنّ الإغواء الشيطاني لايتحقق إلاّ بإرادة الإنسان للإنصياع للإغواء ؟
/الجواب/ نعم إنّ إتباع الإنسان للشيطان في إغوائه هو أمر إختياري وذاتي للإنسان ويتحقق بإرادة الإنسان في حال إنصياعه لخطوات الشيطان وإغوائه
وليس للشيطان سلطان على الإنسان بحيث يجبره في خياراته بل كل ما يفعله الشيطان هو التغرير والإغواء والتمني والتقعّد للإنسان بكل صراط مستقيم يُحاول الإنسان سلوكه.
قال تعالى في شأن ذلك:
((قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ))الأعراف16
ويبقى للإنسان خياره الإرادي الواعي في إتباع الشيطان أو عدم إتباعه.
والقرآن الكريم بيّن هذه الحقيقة الوجودية في نصوصه الشريفة
حيث قال تعالى:
((وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) إبراهيم22
بمعنى:
وقال الشيطان بعد أن قضى الله الأمر وحاسب خَلْقه ودخل أهلُ الجنة الجنةَ وأهلُ النارِ النارَ-تصوير تنزيلي لواقع يوم الحساب)
إن الله وعدكم وعدًا حقًا بالبعث والجزاء
ووعدتكم وعدًا باطلا أنه لا بَعْثَ ولا جزاء فأخلفتكم وعدي
وما كان لي عليكم من قوة أقهركم بها على اتباعي ولا كانت معي حجة ولكن دعوتكم إلى الكفر والضلال فاتبعتموني
فلا تلوموني ولوموا أنفسكم فالذنب ذنبكم ما أنا بمغيثكم ولا أنتم بمغيثيَّ من عذاب الله
إني تبرَّأت مِن جَعْلِكم لي شريكًا مع الله في طاعته في الدنيا.
إن الظالمين في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل لهم عذاب مؤلم موجع .
وقوله تعالى :
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }الحجر42
((إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )) النحل99
((إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ))
النحل100
وأخيرا قد حذّر الله تعالى من إتباع الشيطان وبشدة
في قوله تعالى:
وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }البقرة168
وقوله تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ))النور21
أي:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تسلكوا طرق الشيطان
ومَن يسلك طرق الشيطان فإنه يأمره بقبيح الأفعال ومنكراتها ولولا فَضْلُ الله على المؤمنين ورحمته بهم ما طَهُرَ منهم أحد أبدًا مِن دنس ذنبه
ولكن الله- بفضله- يطهر من يشاء. والله سميع لأقوالكم، عليم بنياتكم وأفعالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف:
تعليق