((البُعدُ الأخلاقي في كيانيّة الإمام محمد الباقر(عليه السلام)))
:: ضرورة الإعتبار بإسويَّته الحسنة::
================================
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
من المعلوم تأريخياً أنّ كل إمام معصوم/ع/ من أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام) قد ترك أثرا وجوديا في كل مناحي الحياة البشرية العلمية منها والروحية والأخلاقية والإجتماعية وحتى السياسية
بحكم حجيّة المعصوم/ع/ كلياّ في سلوكياته البشرية
وكونه إمام منصوب من قِبَل الله تعالى وإسوة حسنة معصومة تجعل منه إنموذجا صالحا يُقتَدى به عمليا وعلميا.
ومن هنا فنحن إذا أطللنا على كيانية الإمام الباقر/ع/ في بعده الأخلاقي فسنجده مثلاً أعلى في هذا البعد البشري القويم.
فعن أبي عبد الله الإمام الصادق ( عليه السلام ) - في حديث –
قال :
( كان أبي كثير الذكر ، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس
وكان يأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ، وكان من لا يقرأ منا أمره بالذكر
قال : والبيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويضئ لأهل السماء كما يضئ الكوكب الدري لأهل الأرض
والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين
/إنظر/وسائل الشيعة/الحر العاملي/ج7/ص160.
والمُلاحظ في هذا النص الشريف المنقول عن الإمام الصادق/ع/ بشأن أبيه الباقر/ع/ هو التركيز على مسألة البعد الروحي والعرفاني وأهميته في مسيرة الإنسان في هذه الحياة الدنيا
فخاصية الذكر والتذكر التي كان يواظب عليها الباقر/ع/ ويعلّم أهل بيته /ع/ عليها تعني::
أنّ الإنسان بمسيس الحاجة الفعلية الى اليقظة الذهنية والنفسية في تقلباته الحياتية كي لا يغفل فيقع أسير غفلته مأسورا في حبائل الشيطان.
طبعا وهذه الممارسة من المعصوم/ع/ تأتي بحكم كونه مُربيّا للناس وهاديا لهم.
وإلاّ لايُتَخيّل أنّ الغفلة والنسيان تتطرقان الى كيانية المعصوم/ع/.
ولذا فهذا النص وخصوصا ذيله الأخير يُبيّن خطورة غفلة الإنسان عن ذكر ربه وكتابه العزيز القرآن الكريم والذي هو واعظ ومرشد سديد
ففي حال غفلة الإنسان عن قراءة القرآن والتدبر به يوميا فيقيناً سيقع فريسة سهلة للشياطين والباطل والضلال .
وكما قال الله تعالى :
((فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }يونس32
ولذا قال/ع/أيضا:
(والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله فيه تقل بركته ، وتهجره الملائكة ، وتحضره الشياطين)
فالإمام الباقر/ع/ كان يعمل على تقوية البنية التحتانية (النفسية والذهنية والسلوكية) في كيانية الإنسان من خلال التأسيس لمنهج يتوفر على نقاط الوعي والذكر والتدبر في كتاب الله تعالى الحكيم(القرآن الكريم)
وهذا ما بدأه (عليه السلام) بنفسه الشريفة وبأهل بيته/ع/ وبه إنطلق الى خارج البيت وأعنى بناء الهيكلية المجتمعية الصالحة والتي تتشخص بالسلوك والتعاطي الصالح والإنساني والأخلاقي معهم عمليا.
فعن أبي عبد الله (الصاددق)عليه السلام قال:
دخلتُ على أبى يوما وهو يتصدق على فقراء أهل المدينة بثمانية آلاف دينار واعتق أهل بيت بلغوا أحد عشر مملوكا .
إنظر/فلاح السائل/السيد ابن طاووس/ص169.
وهذا النص هوالآخر يطرح صورة رائعة من أخلاقيات المعصوم/ع/ وأعني به هنا في المقام الإمام الباقر/ع/
والذي كان يترصّد الوضع المجتمعي العام ويتفحص في أحوال الفقراء والمحرومين بحيث ينفق كل ما عنده من أجلهم حفاظا على كرامتهم وإنسانيتهم وتحسيناً لحالهم المعيشي .
وفي نفس الوقت يعمل /ع/ على تحرير العبيد ومنحهم حريتهم الشخصية وإطلاق سراحهم من المملوكية والتي عمل نظام الإسلام على إلغائها تدريجيا من خلال سن تشريعات خاصة بها وأعني عتق الرقبة
فالملاحظ في منهجية المنظومة الإسلامية المتكاملة أنها تجعل حلاّ ً لهذه المشكلة في كل فرصة تتاح لها فمثلا في الإفطار المتعمّد في شهر رمضان الكريم يجعل الشرع الحكيم كفارة عتق الرقبة آنذاك كرادع للمفطر وكحلٍ لمشكلة العبيد في نفس الوقت.
وكذلك جعل الشرع الإسلامي أيضا عتق الرقبة ككفارة في القتل المتعمّد .
فهكذا كان الإمام الباقر/ع/ إنموذجا معصوما وإسوة حسنة يجب الإقتداء بها أخلاقياً في حياتنا اليوم
فالتكافل الأخلاقي بين الناس يشدّهم شدا قويا الى القيم الحقة والصالحة والى مناهج المعصومين/ع/
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي/النجف الأشرف.
تعليق