نحن في ذكرى استشهاد أبي الأحرار وسيّد الشهداء الإمام الحسين(ع) نطرح سؤالاًحول ماهية رسالة الحسين(ع)؟ ومنطق ثورته المباركة ؟ .ونلاحظ في مورد الإجابة ، أن إمامنا الحسين(ع) رفع ثلاثة عناوين كشعارات أساسية ، كانت خير عنوان لرسالته، وهذه الشعارات تتمحورحول : المسؤوليّة ، والتصميم ، والعزّة .أمّا المسؤوليّة: فقد حددها الإمام الحسين(ع) منذ البداية بقوله : (إنّي لم أخرج أشِراً ولا بطِراً ولا مفسداً ولا ظالماً، إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي محمد(ص)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ..) وهذه الكلمات مشاعل تضيء الطريق لكل السالكين، وبها يحدّد سيّد الشهداء أغراض نهضته: إنّه لم يخرج طمعاً لمنصب أو عن انحراف،إنّما خرج يطلب الإصلاح في دين جدّه خاتم الرسل (ص)، يريد أمراً بمعروف ونهياً عن منكر. ولقد كان(ع) حيثما سار وثار، نموذجاً مثالياً للمسلم حين تحيق بعقيدته مدلهمات الآفات والأخطار.ثمّ قال(ع): ( فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين )، إنّه(ع) ينادي: أيّها الناس لا يكن ميزان قبولكم إيّاي هو البعد الذوقي المتعلق في شخصي، إنّما اقبلوني لأنّي أمثّل حقاً، فمن قبلني فإنّما يقبل الحقّ، ومن ردّ عليّ فإنّه يردّ على الحق .. هكذا ترتفع المبادئ فوق الأشخاص ، وحين ذاك تذوب النفوس وحاجاتها، ويبقى المبدأ القائم البارز .. ويبقى الشخص بمقدار ما يمثّل من مبدأ .أمّا التصميم: فقد أشار اليه الإمام الحسين(ع) بقوله : ها هو الحسين(ع) الراسخ في عزمه ، يعلن تصميمه على أداء رسالته، وأنّه لن يتراجع، وأنّه يؤثر أن يموت ميتة الكرام في سبيل رسالته، على أن يطيع اللئام. ولكن لماذا ؟ ومن أين ينبع هذا التصميم ؟ .هذا التصميم من الله ورسوله، ومن تربيته ومن نفسه، فلا الله يرضى له التراجع ولا رسوله ولا حتّى من ربّوه ولا هو نفسه، مزيجٌ من الدوافع لا أشمل ولا أكمل، الدين والتربية والنفس، كلّها تدفعه لأن يعلنها صريحة مدوّية: أنّه لن يتراجع عن أداء رسالته، ولو كلّفه ذلك مصرعه .. والدين في المقدّمة.وأمّا العزّة في منطق الثائر الأبي ، فيرسمها الإمام الحسين(ع) بريشة ناعمة إذ يقول عن عنفوان قلبه الخاشع لله : (لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ إقرار العبيد) . هذه الكلمات تنضح بالعزّة ، إنّه لن يسكت ذليلاً، ولن يسكت عبداً، وقد أرادوه ذليلاً وعبداً معاً، ولو أنّه ذلّ واستعبد لربّما أنالوه ما يرضيه بحسب منطقهم، ولكن الحسين عزّ، وإذ عزّ ثار .. ( ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين ).ومن هنا تعدّ ثورة الإمام الحسين بن علي(ع) من أهمّ الأحداث في تاريخ الإسلام منذ وفاة الرسول(ص)، بإعتبار خصائصها ومميزاتها ، وشعاراتها المرفوعة ،وظروفها ، ونمط تسلسلها السياسي والإجتماعي، ذلك أنّ هذه الثورة هدفت إلى استعادة الإسلام الحقيقي، بعد أن حوّلته السلطة الأمويّة إلى مجرّد شكل خارجي بدون مضمون أو محتوى .ولمّا كانت هذه الثورة بهذه الأهميّة في نظرالإسلام ، ونظراً لما تترجمه قيم الإسلام على مستوى الإنعتاق الإنساني، فإنّ هذه الثورة تصبح ذات أهميّة بالغة في الربط بين الكلمة والإسلام ووعي الصلة العميقة بين القول والفعل في حياة المجاهدين الشرفاء .
(ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركّز بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدودٌ طابت، وحجورٌ طهرت، وأنوفٌ حميّة، ونفوسٌ أبيّة لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).
تعليق