السيدة أمنة (سكينة ) خيرة النسوان.
بقلم|مجاهد منعثر منشد
قال تعالى : ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً ) .
صدق الله العلي العظيم .
قال الامام الحسين (عليه السلام ) :
سيطولُ بعدي يا سكينةَ فاعلمي منكِ البكاءُ إذا الحمامُ دهـاني
لا تُحرقي قلبـي بدمعكِ حسرة ما دامَ منّي الروحُ في جثماني
فـإذا قُتلـتُ فأنتِ أولى بالذي تأتينـهُ يا خيـرةَ النســـــــــــــــوانِ
هذا الابيات على لسان الامام الحسين (عليه السلام) في ساعة الوداع يوم « طف كربلاء » ,فعندما افتقد الحسين بضعته الحبيبة سكينة وجدها منحازة عن النساء ، باكية العين ، كسيرة الفؤاد .
اكب عليها يقبلها في لهفة وحنان ، ثم رفع رأسه وقال في شجاعة واشفاق :
« هلا ادخرت البكاء ليوم غد ؟ تجلدي يا حبيبتي واصبري ان الله مع الصابرين » .
السيدة سكينة (أمنة ), سليلة النبوة ,وبضعة الحسين خامس اصحاب الكساء ,و سيد أهل الإباء.فهي من بيت أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. نشأت في حضن الرسالة ,وترعرعت في حجر الامامة. فهي حفيدة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وامير المؤمنين ,وجدتها فاطمةالزهراء,وعمتها عقيلة بني هاشم السيدة زينب .فهي من اسباط علي بنت امام معصوم ,وعمها امام معصوم ,واخيها زين العابدين ,وابن أخيها الباقرأئمة معصومين ,ومن ذرية ابيها التسعة المعصومين ( عليهم سلام الله اجمعين ).
اسمها (أمنة ) ,فيقول بن عساكر في تسمية ولد الحسين : وسكينة ، واسمها آمنة ، وإنّما سكينة لقب لقّبتها أُمّها الرباب بنت امرئ القيس . وتزوّج سكينة بنت الحسين عبد الله بن حسن بن علي ، أُمّه بنت الشليل بن عبد الله البجلي ... فقُتل مع عمّه الحسين بالطفّ قبل أن يبني بها(1).
قد ذكر ت في اغلب المصادر بأن اسمها أمنه (2) .ولقبت بسكينة لسكوتها و هدوئها .(3).
واسم سكينة : بفتح السين المهملة و كسر الكاف ,لا بضم السين و فتح الكاف.
ولادتها ووفاتها في المدينة المنورة (4). وكانت وفاتها بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيعة الاول سنة117هـ سنة سبع عشرة و مائة بعد الهجرة.
زوجها :ـ عبد الله بن الحسن بن علي بن ابي طالب.(5).
أُمّه رملة ، وهي أُمّ القاسم بن الحسن (علية السلام) . فعبد الله بن الحسن اثنان : أحدهما : عبد الله الأكبر الملقّب بأبي بكر ، وهو زوج السيّدة آمنة بنت الحسين الذي لم تتزوج غيره . والثاني : هو عبد الله الأصغر الذي لم يبلغ الحلم .
وعمرها على ما قيل خمس و سبعون سنة، فعلى هذا كان لها بالطف تسعة عشر سنة. (6).
وسلوك السيدة أمنة ذكره الامام الحسين (عليه السلام) منذ أن أتى الحسن المثنى بن الحسن بن اميرالمؤمنين(ع) يخطب احدى ابنتيه. فاطمة أوسكينة فقال له أبا عبد الله : اختار لك فاطمة فهي اكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص)، أما في الدين فتقوم الليل كله و تصوم النهار كله، وفي الجمال تشبه الحور العين. واما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل. (7).
لقد قام الامويين والزبيريين والمروانيين بما يشين بسمعة اهل البيت (عليهم السلام ) ,فوضعوا شبهات عن السيدة الطاهرة (سكينة ) ليضيفوا انتهاكات أجرامية أخرى بحق سادة أهل الدنيا والاخرة عترة النبي المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم ) .
ورغم أن سذاجتهم لايصدقها ذو الالباب لكن لابد لنا أن نطرح الموضوع دفاعا عن سليلة النبوة وبضعة الحسين ( عليه السلام) .وكذلك تخليدا لذكرها المبارك .
نبذة تاريخية :ـ
استشهاد النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم ) كسير الخاطر ,فتحولت الخلافة من نص الالهي الى اختيار بشري غير منصوص عليه ,فاستلم الخليفة الاول ، وعهد الأوّل للثاني ، وعهد الثاني للثالث .والثالث كان واجهة وسبيلا للامويين للنيل من عترة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) , وقبض الذين كانوا بالأمس من أشد أعداء الله ورسوله على مقاليد الاُمور .
وبعد استشهاد أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) الوصي والخليفة الاصلي المنصوص عليه سماويا , جاء معاوية وأنهى الخلافة لتكون الدكتاتورية ,فعادت القيادة لأبي سفيان وهو الرجل نفسه الذي قاد وأولاده جبهة الشرك ضد دعوة الاسلام .
ولا تنسى اساليب معاوية اثناء خلافة الامام علي (عليه السلام) ,عندما كان يزور الكتب , وينشر الشائعات ، ودس الوقيعة بين جند الامام (عليه السلام).
ومن أساليب معاوية وسننه أن رتّب عطاءً مخصوصاً اسمه رزق البيعة , يعطى للجند حينما يأتي الخليفة الجديد)8).
معاوية أصدر سلسلة من مراسيمه الملكية فرض فيها على كل فرد من أفراد رعايا دولة الخلافة أن يلعن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) على كلِّ منبر , وفي كل صلاة!(9).
وأبعد من ذلك فإن معاوية اعتبر محبة علي وأهل بيت النبوة (عليهم السّلام) من جرائم الخيانة العظمى , وأباح دم من يواليهم ويحبهم ، وأمر ولاته بأن يقتلوا على الفور كلَّ من يحب علياً وأهل بيت النبوة ، وأن يهدموا داره (10).
ومات معاوية , وانتقلت القيادة لابنه يزيد البليد .
وخلال الفترة المذكورة كانت نتائج تكتيك وايدلوجية خلافة السفيانيين قد اعتمدت على الالهام الاعلامي الذي أفرز من العجائب والغرائب ما لم يفرزه أي إعلام في التاريخ.فقد كان لهذا الاعلام القدرة على تصوير الأسود بصورة كل الألوان , وإظهار الباطل بمظهر الحق .
ولاباس باخذ صورة من هذا الاعلام , ففي تاريخ الطبري أن يزيد بن معاوية قال لعلي بن الحسين (عليه السّلام) : « أبوك الذي قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت » .
هذه المزاعم تقال أمام ابن النبي وحفيده علي الذي قاتل أباه وجده , وقتل أشياخه في بدر على الشرك , إنها تجارة قلب الحقائق .
الامويين والمروانيين والزبيرين الذين صنعوا ابشع انواع الجرائم بعترة النبي (صلى الله عليه واله وسلم ),وفعلوا من الفواحش ما يند له جبين الانسانية .
كان الفساد مرافقا لهم و مازال حديثا عن الزبيريين ناخذ مثل عن فساد جدهم يقول المسعودي عن الزبير بن العوام : وفي أيام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور منهم الزبير بن العوام ، بنى داره بالبصرة وهي المعروفة ... ، وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار ، وخلّف الزبير ألف فرس وألف عبد وأمة. (11).
واما فواحش نسائهم من الأمويات والمروانيات اللواتي كانت سيرتهنّ مجالسة شعراء المجون والغزل والتشبب ,فقداشتهرت مسامرتهنّ لهم وتحرّشهنّ ,وعددهن يفوق العشرات ,نذكر بعضهن كما يلي :ـ
1.عائشة بنت طلحة بن عبيد الله زوجة مصعب بن الزبير في قول عمر بن ابي ربيعة (12), والحارث بن خالد المخزومي متغزّلاً بعائشة بنت طلحة (13).
2. فاطمة بنت عبد الملك بن مروان غزلها مع عمر بن أبي ربيعة (14).
3. عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان مع أبو دهبل الجمحي (15).
4. رملة بنت معاوية بن أبي سفيان مع عبد الرحمن بن حسان (16).
5. عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يشبّب بها الأحوص (17).
6. زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كان ابن رهيمة يشبّب بها (18).
7. زينب بنت يوسف بن الحكم أخت الحجّاج بن يوسف الثقفي مع ابن نمير الثقفي (19).
8. سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف شبّب بها عمر بن أبي ربيعة (20).
9. هند بنت كنانة بن عبد الرحمن بن نضلة بن صفوان بن أمية مع ابن محرز (21).
10. سعدى بنت سعيد بن عمرو بن عثمان مع الوليد بن يزيد بن عبد الملك (22).
11. أُمّ البنين زوج الوليد بن عبد الملك (23).
12. زينب بنت سليمان بن علي (24).
13. عائشة بنت المهدي العباسي (25) .
والظاهر في مصادر التاريخ ان بني أمية والمروانيين والزبيريين رجالا ونساء يقدسون الفواحش ,واذا اطلعتم على المصادر التي ذكرناها في الهوامش باسماء بعض نساءهم ستجدون سخريتهن بالاسلام ,فاغلب الوقاع الشعرية في موسم حج او صلاة جماعة او عبادات بدون تورع او حياء .
والمثل الاخر من مصادر التاريخ عن كيفية بذخهم وتبذيرهم من مال بيت المسلمين للشعراء الذين يتغزلون بنساءهم . قال جرجي زيدان وهو يتحدّث عن ملوك بني أُميّة : واقتضت سياستهم تألّف الشعراء بالمال ، فضلاً عن اضطرار الشعراء وغيرهم إلى استرضائهم ؛ خوفاً من قطع العطاء عنهم ، والعطاء يومئذٍ رواتب الجند وسائر المسلمين ، وكان المسلمون في صدر الإسلام كلّهم جنداً ، ولكلّ منهم راتب يتناوله من بيت المال على شروط مذكورة في الديوان ، فمَنْ قُبض على بيت المال قُبض على رقاب الرعية ، ويجدر بهم أن يتقرّبوا منه ويتزلّفوا إليه ، فإذا كان القابض عليه حكيماً يعرف كيف يُعطي ولمَنْ يعطي ، أغناه ذلك عن سائر الأسباب ، فيزيد العطاء أو ينقصه أو يقطعه على حسب الاقتضاء .
كذلك كان يفعل الدهاة من بني أُميّة وقدوتهم معاوية بن أبي سفيان ، أكبر دهاة العرب ، فلم يكن الشعراء يرون بُدّاً من استرضاء بني أُميّة خوفاً من قطع أعطيتهم ، فضلاً عمّا يرجونه من الجوائز إذا أحسنوا إرضاءهم. (26).
فأن الشبهات التي زورها الوضاعين ليلصقوها ببضعة الحسين (عليه السلام) السيدة أمنة كانت ورائها دوافع سياسية ,واطماع زبيرية في مناصب ,وغطاء لتستر عن جريمة قتل ذراري رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ,وبنفس الوقت تحويل حقائق سلوك نساءهم , فبعد ان انتشرت سمعة الرذيلة لبنات ال الزبير ومغامراتهن مع شعراء الخلاعة والمجون والمغنّين في مجالس لهو وطرب وسكر,وقد أخزتهم ابنتهم سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير بما شاع من ملاحمها.وجدوا اختلاق وتزوير الاخبار والروايات عن اهل البيت (عليهم السلام ) منفذا للغطاء عن فسق بناتهم واستهتارهن.
لقد استغلوا لقب السيدة (أمنة )سكينة ,ليضعوا اخبار وروايات مزورة ,وتحريف بأن هذه السيدة الطاهره زوجة مصعب بن الزبير ,وناخذ هذا الزواج الموهوم كمثل ونترك الزيجات السبعة الاخرى التي رواها نفس الرواة من الزبيريين .
ان بضعة الحسين (عليه السلام) السيدة أمنة لم تخرج بعد حادثة الطف من المدينة ,وكانت في بيت اخيها الامام السجاد (عليه السلام ) .
ومصعب بن الزبير كان لديه بنت اسمها سكينة من زوجته فاطمة بنت عبد الله بن السائب .
يقول ابن كثير في البداية والنهاية : وكان لمصعب من الولد عكاشة وعيسى الذي قُتل معه ، و ( سكينة ) وأُمّهم فاطمة بنت عبد الله بن السائب(27).
فخلطوا رواتهم الخبر ,وقالوا أنّ سكينة هذه التي ترافق مصعب في مسيره إلى الكوفة هي بنت الحسين (عليه السّلام).
بينما كانت السيدة امنة في المدينة كما ذكرنا ,والخارجه مع الزبير أبنته .
والجانب الاخر مصعب هذا استقطب قتلة الامام الحسين (عليه السلام ) ,وكانوا قادة في جيشه لإحباط محاولات المختار بن أبي عبيد الثقفي.
فإنّ المختار لمّا بعث غلاماً له في طلب شمر بن ذي الجوشن ، لحق الغلام بشمر ، وكان قد خرج من الكوفة في جمع من أصحابه ، ثمّ كان ما كان من قتل شمر غلام المختار ونزوله قرية الكلتانية ، ومنها بعث بكتاب إلى مصعب بن الزبير يعلمه الالتحاق به عنوانه : للأمير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن .
لكن إرادة الله لم تمهل اللعين بالالتحاق بابن الزبير ؛ إذ عُثر على الكتاب ، وعُرف مكان شمر فحوصر ، وجرت معركة قُتل فيها شمر.(28).
منطقيا هل تسمح الحالة النفسية للسيدة العابدة المنقطعة لله تعالى أن تتزوج من اعداء ذرية الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )بزيجات مختلفة تنحصر بهؤلاء الاعداء! .أو تجلس مع رجال اجانب خلعاء تعقد لهم مجالس الغناء و الشعر الغزلي !
وقد أدركت حادثة الطفّ الأليمة ووعتها , وعاشت مأساة المجزرة الدامية التي نالت أباها الحسين (عليه السّلام) وإخوتها ، خصوصاً ما حدث لأخيها الرضيع عبد الله ، وزوجها عبد الله بن الحسن وأبناء عمومتها ، وما شاهدته من الأسر والسبي حيث يُساقون هي وأهلها العقائل من بلد إلى بلد .
فهل يعقل قبول السيدة امنة بالزواج من هذا ! اين اخيها الامام السجاد ,وأبنه الامام الباقر (عليهم السلام) ! واين بني هاشم !
وماهو المبرر لهذا الزواج ؟
فهذه الروايات والاخبار المكذوبة رواتها كانوا مصعب الزبيري ، ثمّ تلاه الزبير بن بكار ,فتلاهم الناقلين كصاحب الاغاني أبو الفرج الأصفهاني المرواني الذي قال فيه ابن الجوزي : ومَنْ تأمّل كتاب الأغاني رأى كلّ قبيح ومنكر . ) .29).
يقول الامام السجاد (عليه السلام ) في خطبته عندما وصل المدينة : بعد أن حمد الله وأثنى عليه قال : أيّها القوم ، إنّ الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبد الله الحسين (عليه السّلام) وعترته ، وسُبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية .
أيّها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله ؟ أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله ؟ أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهمالها ؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السماوات أجمعون .
أيّها الناس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله ؟ أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه ؟ أم أيّ سمع يسمع بهذه الثلمة التي ثُلمت في الإسلام ولا يصم ؟
أيّها الناس ، أصبحنا مشرّدين مطرودين ، مذودين شاسعين عن الأمصار كأنّنا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكابناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ، إن هذا إلاّ اختلاق ، والله لو أنّ النبي تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم الوصية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأفجعها وأكظّها وأفظها وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب ما أصابنا ، وما بلغ بنا ، فإنّه عزيز ذو انتقام.
وذات يوم خرج علي بن الحسين (عليه السّلام) فجعل يمشي في أسواق دمشق , واستقبله المنهال بن عمرو الصحابي ، فقال له : كيف أمسيت يابن رسول الله ؟
قال : (( أمسينا كبني إسرائيل في آل فرعون ؛ يذبّحون أبناءهم ، ويسحيون نساءهم . يا منهال ، أمست العرب تفتخر على العجم بأن محمداً منهم ، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمداً منها ، وأمسينا أهل بيت محمّد ونحن مغصوبون مظلومون ، مقهورون مقتولون ، مبتورون مطرودون ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون... (30).
وقال الامام الصادق (عليه السلام) عن حزن الفاطميات : ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ، ولا رؤي الدخان في بيت هاشمي خمس حجج إلى أن قُتل عبيد الله بن زياد.
واما غيرة سيدة عصرها والمستغرقة بالله تعالى ,خيرة النسوان .فنذكر جوانب من غيرتها ,منها:
1. يروي سهل بن سعد الساعدي الصحابي الشهير ، وقد صادف دخوله الشام يوم وصول سبايا كربلاء إليها ، وصادف أن سأل سكينة عن حاجتها ، بعد أن عرّفها نفسه ، وعرفها باستحفائها السؤال ، فقالت له : قل لصاحب الرأس ـ تعني رأس الحسين (عليه السّلام) ـ أن يُقدّم الرأس أمامنا ؛ حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
2. السيّدة آمنة((سكينة)) (عليها السّلام) حينما وصلت المسجد النبوي في المدينة صاحت : يا جدّاه إليك المشتكى ممّا جرى علينا ، فواللهِ ما رأيت أقسى من يزيد ، ولا رأيت كافراً ولا مشركاً شرّاً منه ولا أجفى وأغلظ ، فلقد كان يُقرع ثغر أبي بمخصرته وهو يقول : كيف رأيت الضرب يا حسين (31).
فهل هذا الجبل الشامخ التي هي من مخدرات الرسالة وعقائل بني هاشم وصلب علي بن ابي طالب (عليه السلام ) الشرف والعفة يتشرف بذكرها ,تقبل بالزواج من اعداء الله تعالى ورسوله وال بيته (صلوات الله عليهم اجمعين )؟
فأي ساذج وغير شريف يقبل بهذه الروايات المزورة المكذوبة من دجالين وضاعين لايعرفون للشرف معنى .
والسيدة الطاهرة (أمنة )عقيلة ال الحسين (عليهم السلام ) (روحي وارواح العالمين لها فداء ) اشرف وارفع بيوت الدنيا باسرها . ويكفينا حب الامام الحسين (عليه السلام ) لها , والمعصوم لا يحبّ ولا يُبغض إلاّ في الله ، ولِمَنْ هو مع الله في المبدأ والمنتهى .
يقول الامام الحسين (عليه السلام)عنها وعن امها الرباب :ـ
لعمرك انني لاحب داراً.. تحل بها سكينـة والرباب
احبهما وابذل جل مالي .. وليس لعاتب عندي عتاب
الى ان يقول :
ولست لهم وان عتبوا مطيعا.. حياتي أو يغيبني التراب
لها الكثير من المواقف التي تثبت غيرتها وعفتها منها ماذكرنا في رواية الصحابي سهل بن سعد الساعدي .
ومن أحترامها لعقال النبوة نستلهم الدروس الاخلاقية ,فبعد واقعة الطف عند سبيهن ووقوفهن بمجلس الطاغية ,حافظة على لبس حجابها ,ولم تتكلم باي خطبة لان عمرها كان اصغر عقيلة من حرائر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) ,ومهمة التبليغ اوكلة للكبار ,وبعد وصول ركبهم المدينة بدا تكليفها التبليغي لتروي لنا محن وأحداث فاجعة الطف .
وكما ذكرنا في مقالات سابقة عن ذكرى استشهاد عقيلة بني هاشم السيدة زينب واستشهاد أم البنين (عليهن السلام ) كان دور الحرائر دورا رساليا بعد الفاجعة حيث أقامة المأتم ,وأعلان ماجرى في كربلاء .وهذا السبب الذي ادى الى استشهادهن .
والسيدة أمنة عملت بهذا الدور أيضا لكن لايستطيعون الوصول اليها لوضع السم لها في الطعام ,فعملوا على استخدام اساليب اسقاط السمعة مرة بالاشاعة ,وتارة بالاخبار المختلقة الى اخر الوسائل الاجرامية .
وبما انها (عليها السلام) واعية الاحداث ,فارادوا أنهاء ذكر ماوقع على الحسين واله واصحابه (عليهم السلام) ,وصرف الاذهان عن واقعة الطف ,ولكن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد . ويأبي الله إلاّ أن يتمّ نوره .
فسلاما عليك ياخيرة النسوان ,وبضعة الامام الحسين (عليه السلام) السيدة أمنة ورحمة الله وبركاته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
الهوامش والمصادر
(1) تاريخ دمشق ، قسم تراجم النساء / 156 ، طبع دمشق ، تحقيق سكينة الشهابي .
(2) ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 1|276.و ابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لمنتظم 7 / 175 حوادث سنة 117 هـ .و سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / 249,و ابن خلكان في وفيات الأعيان 1 / 378 في ترجمة سكينة .و المحدّث الشيخ عبّاس القمّي في منتهى الآمال 1 / 818و .السيّد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة 3 / 492.
(3) .ادب الطف الجزء الاول عن الشيخ عباس القمي في ( نفس المهموم) و وفيات الاعيان و شذرات الذهب 1|154 ونور الابصار 157.
(4) السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه(سكينة بنت الحسين)عن تهذيب الاسماء للنووي ج1ص263، ومعارف ابن قتيبة و تذكرة الخواص وابن خلكان بترجمتها..
(5) أبو علي الطبرسي في. إعلام الورى / 127.و المجدي في أنساب الطالبيين / 19 في باب أولاد الحسن بن علي )عليهما السّلام) ، وعنه مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للسيّد عبد الرزاق المقرّم 264.وأعيان الشيعة 5 / 343 .ومنتهى الآمال 1 /683 ,و سكينة بنت الحسين / 110 ، ومقتل الحسين (عليه السّلام) / 264 . إسعاف الراغبين على هامش نور الأبصار / 202 .و المترادفات / 64.
(6) ادب الطف ـ 1| 159 عن السيد الامين في (الاعيان) عن ابن خلكان ..
(7) إسعاف الراغبين ـ لمحمد بن الصبان المصري ، المطبوع بهامش نور الأبصار / 210 .و السيدة سكينة ـ السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم | ـ 33..
(8) . تاريخ الخلفاء للسيوطي / 383 .
(9) العقد الفريد لابن عبد ربه|366, وشرح نهج البلاغة 1 / 356 ، وج 2 / 220 وج 3 / 258 وج 4 / 56 ، واُسد الغابة لابن الأثير 3 / 144 ، وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 3 / 127 ح 1449 ، ومعاوية بن أبي سفيان في الميزان للعقاد / 16 .
(10) شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد 3 / 595 ـ 596.
(11) مروج الذهب 2 / 350 .
(12) الأغاني 1 / 204 و 206 ـ 207 .و208و366و 3 / 327 .
(13) تاريخ آداب اللغة العربية ـ لجرجي زيدان / 283 ، الأغاني 3 / 316,وراجع أيضاً 15 / 122, . الأغاني 3 / 309 و315و317 .و العقد الفريد 7 / 102 .
(14) تاريخ آداب اللغة العربية 1 / 282 .والاغاني 1|199.
(15) الأغاني 1 / 218 و 221 .و تاريخ آداب اللغة العربية 1 / 284 .
(16) الأغاني 15 / 103.
(17) المصدر نفسه 21 / 112 .
(18) المصدر نفسه 4 / 397.
(19) المصدر نفسه 6 / 209.
(20) نفسه 17 / 161 و 162 .
(21) الأغاني 1 / 366 ، وراجع أيضاً 3 / 372 .
(22) العقد الفريد ـ لابن عبد ربّه 7 / 186 .
(23) العقد الفريد 7 / 134 .و الأغاني 6 / 225 .
(24) لسان الميزان 2 / 426 رقم 2942 في ترجمة حمّاد عجرد.
(25) العقد الفريد 6 / 197..
(26) تاريخ آداب اللغة العربية ـ لجرجي زيدان 1 / 229.
(27) البداية والنهاية 8 / 322..
(28) تاريخ الطبري 6 / 52.
(29) المنتظم14/ 185 رقم 2658 وفيّات سنة 356.
(30) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي 5 | ـ247ـ 249 ، ومقتل الخوارزمي 2 / 69 ـ 71...
(31) مقتل الحسين ـ للقرم / 376 .
بقلم|مجاهد منعثر منشد
قال تعالى : ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً ) .
صدق الله العلي العظيم .
قال الامام الحسين (عليه السلام ) :
سيطولُ بعدي يا سكينةَ فاعلمي منكِ البكاءُ إذا الحمامُ دهـاني
لا تُحرقي قلبـي بدمعكِ حسرة ما دامَ منّي الروحُ في جثماني
فـإذا قُتلـتُ فأنتِ أولى بالذي تأتينـهُ يا خيـرةَ النســـــــــــــــوانِ
هذا الابيات على لسان الامام الحسين (عليه السلام) في ساعة الوداع يوم « طف كربلاء » ,فعندما افتقد الحسين بضعته الحبيبة سكينة وجدها منحازة عن النساء ، باكية العين ، كسيرة الفؤاد .
اكب عليها يقبلها في لهفة وحنان ، ثم رفع رأسه وقال في شجاعة واشفاق :
« هلا ادخرت البكاء ليوم غد ؟ تجلدي يا حبيبتي واصبري ان الله مع الصابرين » .
السيدة سكينة (أمنة ), سليلة النبوة ,وبضعة الحسين خامس اصحاب الكساء ,و سيد أهل الإباء.فهي من بيت أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا. نشأت في حضن الرسالة ,وترعرعت في حجر الامامة. فهي حفيدة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) وامير المؤمنين ,وجدتها فاطمةالزهراء,وعمتها عقيلة بني هاشم السيدة زينب .فهي من اسباط علي بنت امام معصوم ,وعمها امام معصوم ,واخيها زين العابدين ,وابن أخيها الباقرأئمة معصومين ,ومن ذرية ابيها التسعة المعصومين ( عليهم سلام الله اجمعين ).
اسمها (أمنة ) ,فيقول بن عساكر في تسمية ولد الحسين : وسكينة ، واسمها آمنة ، وإنّما سكينة لقب لقّبتها أُمّها الرباب بنت امرئ القيس . وتزوّج سكينة بنت الحسين عبد الله بن حسن بن علي ، أُمّه بنت الشليل بن عبد الله البجلي ... فقُتل مع عمّه الحسين بالطفّ قبل أن يبني بها(1).
قد ذكر ت في اغلب المصادر بأن اسمها أمنه (2) .ولقبت بسكينة لسكوتها و هدوئها .(3).
واسم سكينة : بفتح السين المهملة و كسر الكاف ,لا بضم السين و فتح الكاف.
ولادتها ووفاتها في المدينة المنورة (4). وكانت وفاتها بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيعة الاول سنة117هـ سنة سبع عشرة و مائة بعد الهجرة.
زوجها :ـ عبد الله بن الحسن بن علي بن ابي طالب.(5).
أُمّه رملة ، وهي أُمّ القاسم بن الحسن (علية السلام) . فعبد الله بن الحسن اثنان : أحدهما : عبد الله الأكبر الملقّب بأبي بكر ، وهو زوج السيّدة آمنة بنت الحسين الذي لم تتزوج غيره . والثاني : هو عبد الله الأصغر الذي لم يبلغ الحلم .
وعمرها على ما قيل خمس و سبعون سنة، فعلى هذا كان لها بالطف تسعة عشر سنة. (6).
وسلوك السيدة أمنة ذكره الامام الحسين (عليه السلام) منذ أن أتى الحسن المثنى بن الحسن بن اميرالمؤمنين(ع) يخطب احدى ابنتيه. فاطمة أوسكينة فقال له أبا عبد الله : اختار لك فاطمة فهي اكثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص)، أما في الدين فتقوم الليل كله و تصوم النهار كله، وفي الجمال تشبه الحور العين. واما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله فلا تصلح لرجل. (7).
لقد قام الامويين والزبيريين والمروانيين بما يشين بسمعة اهل البيت (عليهم السلام ) ,فوضعوا شبهات عن السيدة الطاهرة (سكينة ) ليضيفوا انتهاكات أجرامية أخرى بحق سادة أهل الدنيا والاخرة عترة النبي المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم ) .
ورغم أن سذاجتهم لايصدقها ذو الالباب لكن لابد لنا أن نطرح الموضوع دفاعا عن سليلة النبوة وبضعة الحسين ( عليه السلام) .وكذلك تخليدا لذكرها المبارك .
نبذة تاريخية :ـ
استشهاد النبي الاعظم (صلى الله عليه واله وسلم ) كسير الخاطر ,فتحولت الخلافة من نص الالهي الى اختيار بشري غير منصوص عليه ,فاستلم الخليفة الاول ، وعهد الأوّل للثاني ، وعهد الثاني للثالث .والثالث كان واجهة وسبيلا للامويين للنيل من عترة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) , وقبض الذين كانوا بالأمس من أشد أعداء الله ورسوله على مقاليد الاُمور .
وبعد استشهاد أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) الوصي والخليفة الاصلي المنصوص عليه سماويا , جاء معاوية وأنهى الخلافة لتكون الدكتاتورية ,فعادت القيادة لأبي سفيان وهو الرجل نفسه الذي قاد وأولاده جبهة الشرك ضد دعوة الاسلام .
ولا تنسى اساليب معاوية اثناء خلافة الامام علي (عليه السلام) ,عندما كان يزور الكتب , وينشر الشائعات ، ودس الوقيعة بين جند الامام (عليه السلام).
ومن أساليب معاوية وسننه أن رتّب عطاءً مخصوصاً اسمه رزق البيعة , يعطى للجند حينما يأتي الخليفة الجديد)8).
معاوية أصدر سلسلة من مراسيمه الملكية فرض فيها على كل فرد من أفراد رعايا دولة الخلافة أن يلعن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) على كلِّ منبر , وفي كل صلاة!(9).
وأبعد من ذلك فإن معاوية اعتبر محبة علي وأهل بيت النبوة (عليهم السّلام) من جرائم الخيانة العظمى , وأباح دم من يواليهم ويحبهم ، وأمر ولاته بأن يقتلوا على الفور كلَّ من يحب علياً وأهل بيت النبوة ، وأن يهدموا داره (10).
ومات معاوية , وانتقلت القيادة لابنه يزيد البليد .
وخلال الفترة المذكورة كانت نتائج تكتيك وايدلوجية خلافة السفيانيين قد اعتمدت على الالهام الاعلامي الذي أفرز من العجائب والغرائب ما لم يفرزه أي إعلام في التاريخ.فقد كان لهذا الاعلام القدرة على تصوير الأسود بصورة كل الألوان , وإظهار الباطل بمظهر الحق .
ولاباس باخذ صورة من هذا الاعلام , ففي تاريخ الطبري أن يزيد بن معاوية قال لعلي بن الحسين (عليه السّلام) : « أبوك الذي قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ، فصنع الله به ما قد رأيت » .
هذه المزاعم تقال أمام ابن النبي وحفيده علي الذي قاتل أباه وجده , وقتل أشياخه في بدر على الشرك , إنها تجارة قلب الحقائق .
الامويين والمروانيين والزبيرين الذين صنعوا ابشع انواع الجرائم بعترة النبي (صلى الله عليه واله وسلم ),وفعلوا من الفواحش ما يند له جبين الانسانية .
كان الفساد مرافقا لهم و مازال حديثا عن الزبيريين ناخذ مثل عن فساد جدهم يقول المسعودي عن الزبير بن العوام : وفي أيام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور منهم الزبير بن العوام ، بنى داره بالبصرة وهي المعروفة ... ، وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار ، وخلّف الزبير ألف فرس وألف عبد وأمة. (11).
واما فواحش نسائهم من الأمويات والمروانيات اللواتي كانت سيرتهنّ مجالسة شعراء المجون والغزل والتشبب ,فقداشتهرت مسامرتهنّ لهم وتحرّشهنّ ,وعددهن يفوق العشرات ,نذكر بعضهن كما يلي :ـ
1.عائشة بنت طلحة بن عبيد الله زوجة مصعب بن الزبير في قول عمر بن ابي ربيعة (12), والحارث بن خالد المخزومي متغزّلاً بعائشة بنت طلحة (13).
2. فاطمة بنت عبد الملك بن مروان غزلها مع عمر بن أبي ربيعة (14).
3. عاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان مع أبو دهبل الجمحي (15).
4. رملة بنت معاوية بن أبي سفيان مع عبد الرحمن بن حسان (16).
5. عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان يشبّب بها الأحوص (17).
6. زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كان ابن رهيمة يشبّب بها (18).
7. زينب بنت يوسف بن الحكم أخت الحجّاج بن يوسف الثقفي مع ابن نمير الثقفي (19).
8. سعدى بنت عبد الرحمن بن عوف شبّب بها عمر بن أبي ربيعة (20).
9. هند بنت كنانة بن عبد الرحمن بن نضلة بن صفوان بن أمية مع ابن محرز (21).
10. سعدى بنت سعيد بن عمرو بن عثمان مع الوليد بن يزيد بن عبد الملك (22).
11. أُمّ البنين زوج الوليد بن عبد الملك (23).
12. زينب بنت سليمان بن علي (24).
13. عائشة بنت المهدي العباسي (25) .
والظاهر في مصادر التاريخ ان بني أمية والمروانيين والزبيريين رجالا ونساء يقدسون الفواحش ,واذا اطلعتم على المصادر التي ذكرناها في الهوامش باسماء بعض نساءهم ستجدون سخريتهن بالاسلام ,فاغلب الوقاع الشعرية في موسم حج او صلاة جماعة او عبادات بدون تورع او حياء .
والمثل الاخر من مصادر التاريخ عن كيفية بذخهم وتبذيرهم من مال بيت المسلمين للشعراء الذين يتغزلون بنساءهم . قال جرجي زيدان وهو يتحدّث عن ملوك بني أُميّة : واقتضت سياستهم تألّف الشعراء بالمال ، فضلاً عن اضطرار الشعراء وغيرهم إلى استرضائهم ؛ خوفاً من قطع العطاء عنهم ، والعطاء يومئذٍ رواتب الجند وسائر المسلمين ، وكان المسلمون في صدر الإسلام كلّهم جنداً ، ولكلّ منهم راتب يتناوله من بيت المال على شروط مذكورة في الديوان ، فمَنْ قُبض على بيت المال قُبض على رقاب الرعية ، ويجدر بهم أن يتقرّبوا منه ويتزلّفوا إليه ، فإذا كان القابض عليه حكيماً يعرف كيف يُعطي ولمَنْ يعطي ، أغناه ذلك عن سائر الأسباب ، فيزيد العطاء أو ينقصه أو يقطعه على حسب الاقتضاء .
كذلك كان يفعل الدهاة من بني أُميّة وقدوتهم معاوية بن أبي سفيان ، أكبر دهاة العرب ، فلم يكن الشعراء يرون بُدّاً من استرضاء بني أُميّة خوفاً من قطع أعطيتهم ، فضلاً عمّا يرجونه من الجوائز إذا أحسنوا إرضاءهم. (26).
فأن الشبهات التي زورها الوضاعين ليلصقوها ببضعة الحسين (عليه السلام) السيدة أمنة كانت ورائها دوافع سياسية ,واطماع زبيرية في مناصب ,وغطاء لتستر عن جريمة قتل ذراري رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ,وبنفس الوقت تحويل حقائق سلوك نساءهم , فبعد ان انتشرت سمعة الرذيلة لبنات ال الزبير ومغامراتهن مع شعراء الخلاعة والمجون والمغنّين في مجالس لهو وطرب وسكر,وقد أخزتهم ابنتهم سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير بما شاع من ملاحمها.وجدوا اختلاق وتزوير الاخبار والروايات عن اهل البيت (عليهم السلام ) منفذا للغطاء عن فسق بناتهم واستهتارهن.
لقد استغلوا لقب السيدة (أمنة )سكينة ,ليضعوا اخبار وروايات مزورة ,وتحريف بأن هذه السيدة الطاهره زوجة مصعب بن الزبير ,وناخذ هذا الزواج الموهوم كمثل ونترك الزيجات السبعة الاخرى التي رواها نفس الرواة من الزبيريين .
ان بضعة الحسين (عليه السلام) السيدة أمنة لم تخرج بعد حادثة الطف من المدينة ,وكانت في بيت اخيها الامام السجاد (عليه السلام ) .
ومصعب بن الزبير كان لديه بنت اسمها سكينة من زوجته فاطمة بنت عبد الله بن السائب .
يقول ابن كثير في البداية والنهاية : وكان لمصعب من الولد عكاشة وعيسى الذي قُتل معه ، و ( سكينة ) وأُمّهم فاطمة بنت عبد الله بن السائب(27).
فخلطوا رواتهم الخبر ,وقالوا أنّ سكينة هذه التي ترافق مصعب في مسيره إلى الكوفة هي بنت الحسين (عليه السّلام).
بينما كانت السيدة امنة في المدينة كما ذكرنا ,والخارجه مع الزبير أبنته .
والجانب الاخر مصعب هذا استقطب قتلة الامام الحسين (عليه السلام ) ,وكانوا قادة في جيشه لإحباط محاولات المختار بن أبي عبيد الثقفي.
فإنّ المختار لمّا بعث غلاماً له في طلب شمر بن ذي الجوشن ، لحق الغلام بشمر ، وكان قد خرج من الكوفة في جمع من أصحابه ، ثمّ كان ما كان من قتل شمر غلام المختار ونزوله قرية الكلتانية ، ومنها بعث بكتاب إلى مصعب بن الزبير يعلمه الالتحاق به عنوانه : للأمير المصعب بن الزبير من شمر بن ذي الجوشن .
لكن إرادة الله لم تمهل اللعين بالالتحاق بابن الزبير ؛ إذ عُثر على الكتاب ، وعُرف مكان شمر فحوصر ، وجرت معركة قُتل فيها شمر.(28).
منطقيا هل تسمح الحالة النفسية للسيدة العابدة المنقطعة لله تعالى أن تتزوج من اعداء ذرية الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )بزيجات مختلفة تنحصر بهؤلاء الاعداء! .أو تجلس مع رجال اجانب خلعاء تعقد لهم مجالس الغناء و الشعر الغزلي !
وقد أدركت حادثة الطفّ الأليمة ووعتها , وعاشت مأساة المجزرة الدامية التي نالت أباها الحسين (عليه السّلام) وإخوتها ، خصوصاً ما حدث لأخيها الرضيع عبد الله ، وزوجها عبد الله بن الحسن وأبناء عمومتها ، وما شاهدته من الأسر والسبي حيث يُساقون هي وأهلها العقائل من بلد إلى بلد .
فهل يعقل قبول السيدة امنة بالزواج من هذا ! اين اخيها الامام السجاد ,وأبنه الامام الباقر (عليهم السلام) ! واين بني هاشم !
وماهو المبرر لهذا الزواج ؟
فهذه الروايات والاخبار المكذوبة رواتها كانوا مصعب الزبيري ، ثمّ تلاه الزبير بن بكار ,فتلاهم الناقلين كصاحب الاغاني أبو الفرج الأصفهاني المرواني الذي قال فيه ابن الجوزي : ومَنْ تأمّل كتاب الأغاني رأى كلّ قبيح ومنكر . ) .29).
يقول الامام السجاد (عليه السلام ) في خطبته عندما وصل المدينة : بعد أن حمد الله وأثنى عليه قال : أيّها القوم ، إنّ الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبد الله الحسين (عليه السّلام) وعترته ، وسُبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية .
أيّها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله ؟ أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله ؟ أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهمالها ؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السماوات أجمعون .
أيّها الناس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله ؟ أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه ؟ أم أيّ سمع يسمع بهذه الثلمة التي ثُلمت في الإسلام ولا يصم ؟
أيّها الناس ، أصبحنا مشرّدين مطرودين ، مذودين شاسعين عن الأمصار كأنّنا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكابناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ، إن هذا إلاّ اختلاق ، والله لو أنّ النبي تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم الوصية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأفجعها وأكظّها وأفظها وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب ما أصابنا ، وما بلغ بنا ، فإنّه عزيز ذو انتقام.
وذات يوم خرج علي بن الحسين (عليه السّلام) فجعل يمشي في أسواق دمشق , واستقبله المنهال بن عمرو الصحابي ، فقال له : كيف أمسيت يابن رسول الله ؟
قال : (( أمسينا كبني إسرائيل في آل فرعون ؛ يذبّحون أبناءهم ، ويسحيون نساءهم . يا منهال ، أمست العرب تفتخر على العجم بأن محمداً منهم ، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمداً منها ، وأمسينا أهل بيت محمّد ونحن مغصوبون مظلومون ، مقهورون مقتولون ، مبتورون مطرودون ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون... (30).
وقال الامام الصادق (عليه السلام) عن حزن الفاطميات : ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ، ولا رؤي الدخان في بيت هاشمي خمس حجج إلى أن قُتل عبيد الله بن زياد.
واما غيرة سيدة عصرها والمستغرقة بالله تعالى ,خيرة النسوان .فنذكر جوانب من غيرتها ,منها:
1. يروي سهل بن سعد الساعدي الصحابي الشهير ، وقد صادف دخوله الشام يوم وصول سبايا كربلاء إليها ، وصادف أن سأل سكينة عن حاجتها ، بعد أن عرّفها نفسه ، وعرفها باستحفائها السؤال ، فقالت له : قل لصاحب الرأس ـ تعني رأس الحسين (عليه السّلام) ـ أن يُقدّم الرأس أمامنا ؛ حتى يشتغل الناس بالنظر إليه ، ولا ينظروا إلى حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
2. السيّدة آمنة((سكينة)) (عليها السّلام) حينما وصلت المسجد النبوي في المدينة صاحت : يا جدّاه إليك المشتكى ممّا جرى علينا ، فواللهِ ما رأيت أقسى من يزيد ، ولا رأيت كافراً ولا مشركاً شرّاً منه ولا أجفى وأغلظ ، فلقد كان يُقرع ثغر أبي بمخصرته وهو يقول : كيف رأيت الضرب يا حسين (31).
فهل هذا الجبل الشامخ التي هي من مخدرات الرسالة وعقائل بني هاشم وصلب علي بن ابي طالب (عليه السلام ) الشرف والعفة يتشرف بذكرها ,تقبل بالزواج من اعداء الله تعالى ورسوله وال بيته (صلوات الله عليهم اجمعين )؟
فأي ساذج وغير شريف يقبل بهذه الروايات المزورة المكذوبة من دجالين وضاعين لايعرفون للشرف معنى .
والسيدة الطاهرة (أمنة )عقيلة ال الحسين (عليهم السلام ) (روحي وارواح العالمين لها فداء ) اشرف وارفع بيوت الدنيا باسرها . ويكفينا حب الامام الحسين (عليه السلام ) لها , والمعصوم لا يحبّ ولا يُبغض إلاّ في الله ، ولِمَنْ هو مع الله في المبدأ والمنتهى .
يقول الامام الحسين (عليه السلام)عنها وعن امها الرباب :ـ
لعمرك انني لاحب داراً.. تحل بها سكينـة والرباب
احبهما وابذل جل مالي .. وليس لعاتب عندي عتاب
الى ان يقول :
ولست لهم وان عتبوا مطيعا.. حياتي أو يغيبني التراب
لها الكثير من المواقف التي تثبت غيرتها وعفتها منها ماذكرنا في رواية الصحابي سهل بن سعد الساعدي .
ومن أحترامها لعقال النبوة نستلهم الدروس الاخلاقية ,فبعد واقعة الطف عند سبيهن ووقوفهن بمجلس الطاغية ,حافظة على لبس حجابها ,ولم تتكلم باي خطبة لان عمرها كان اصغر عقيلة من حرائر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم ) ,ومهمة التبليغ اوكلة للكبار ,وبعد وصول ركبهم المدينة بدا تكليفها التبليغي لتروي لنا محن وأحداث فاجعة الطف .
وكما ذكرنا في مقالات سابقة عن ذكرى استشهاد عقيلة بني هاشم السيدة زينب واستشهاد أم البنين (عليهن السلام ) كان دور الحرائر دورا رساليا بعد الفاجعة حيث أقامة المأتم ,وأعلان ماجرى في كربلاء .وهذا السبب الذي ادى الى استشهادهن .
والسيدة أمنة عملت بهذا الدور أيضا لكن لايستطيعون الوصول اليها لوضع السم لها في الطعام ,فعملوا على استخدام اساليب اسقاط السمعة مرة بالاشاعة ,وتارة بالاخبار المختلقة الى اخر الوسائل الاجرامية .
وبما انها (عليها السلام) واعية الاحداث ,فارادوا أنهاء ذكر ماوقع على الحسين واله واصحابه (عليهم السلام) ,وصرف الاذهان عن واقعة الطف ,ولكن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد . ويأبي الله إلاّ أن يتمّ نوره .
فسلاما عليك ياخيرة النسوان ,وبضعة الامام الحسين (عليه السلام) السيدة أمنة ورحمة الله وبركاته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
الهوامش والمصادر
(1) تاريخ دمشق ، قسم تراجم النساء / 156 ، طبع دمشق ، تحقيق سكينة الشهابي .
(2) ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 1|276.و ابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لمنتظم 7 / 175 حوادث سنة 117 هـ .و سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / 249,و ابن خلكان في وفيات الأعيان 1 / 378 في ترجمة سكينة .و المحدّث الشيخ عبّاس القمّي في منتهى الآمال 1 / 818و .السيّد محسن الأمين العاملي في أعيان الشيعة 3 / 492.
(3) .ادب الطف الجزء الاول عن الشيخ عباس القمي في ( نفس المهموم) و وفيات الاعيان و شذرات الذهب 1|154 ونور الابصار 157.
(4) السيد عبد الرزاق المقرم في كتابه(سكينة بنت الحسين)عن تهذيب الاسماء للنووي ج1ص263، ومعارف ابن قتيبة و تذكرة الخواص وابن خلكان بترجمتها..
(5) أبو علي الطبرسي في. إعلام الورى / 127.و المجدي في أنساب الطالبيين / 19 في باب أولاد الحسن بن علي )عليهما السّلام) ، وعنه مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للسيّد عبد الرزاق المقرّم 264.وأعيان الشيعة 5 / 343 .ومنتهى الآمال 1 /683 ,و سكينة بنت الحسين / 110 ، ومقتل الحسين (عليه السّلام) / 264 . إسعاف الراغبين على هامش نور الأبصار / 202 .و المترادفات / 64.
(6) ادب الطف ـ 1| 159 عن السيد الامين في (الاعيان) عن ابن خلكان ..
(7) إسعاف الراغبين ـ لمحمد بن الصبان المصري ، المطبوع بهامش نور الأبصار / 210 .و السيدة سكينة ـ السيد عبد الرزاق الموسوي المقرم | ـ 33..
(8) . تاريخ الخلفاء للسيوطي / 383 .
(9) العقد الفريد لابن عبد ربه|366, وشرح نهج البلاغة 1 / 356 ، وج 2 / 220 وج 3 / 258 وج 4 / 56 ، واُسد الغابة لابن الأثير 3 / 144 ، وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 3 / 127 ح 1449 ، ومعاوية بن أبي سفيان في الميزان للعقاد / 16 .
(10) شرح نهج البلاغة لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد 3 / 595 ـ 596.
(11) مروج الذهب 2 / 350 .
(12) الأغاني 1 / 204 و 206 ـ 207 .و208و366و 3 / 327 .
(13) تاريخ آداب اللغة العربية ـ لجرجي زيدان / 283 ، الأغاني 3 / 316,وراجع أيضاً 15 / 122, . الأغاني 3 / 309 و315و317 .و العقد الفريد 7 / 102 .
(14) تاريخ آداب اللغة العربية 1 / 282 .والاغاني 1|199.
(15) الأغاني 1 / 218 و 221 .و تاريخ آداب اللغة العربية 1 / 284 .
(16) الأغاني 15 / 103.
(17) المصدر نفسه 21 / 112 .
(18) المصدر نفسه 4 / 397.
(19) المصدر نفسه 6 / 209.
(20) نفسه 17 / 161 و 162 .
(21) الأغاني 1 / 366 ، وراجع أيضاً 3 / 372 .
(22) العقد الفريد ـ لابن عبد ربّه 7 / 186 .
(23) العقد الفريد 7 / 134 .و الأغاني 6 / 225 .
(24) لسان الميزان 2 / 426 رقم 2942 في ترجمة حمّاد عجرد.
(25) العقد الفريد 6 / 197..
(26) تاريخ آداب اللغة العربية ـ لجرجي زيدان 1 / 229.
(27) البداية والنهاية 8 / 322..
(28) تاريخ الطبري 6 / 52.
(29) المنتظم14/ 185 رقم 2658 وفيّات سنة 356.
(30) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي 5 | ـ247ـ 249 ، ومقتل الخوارزمي 2 / 69 ـ 71...
(31) مقتل الحسين ـ للقرم / 376 .
تعليق