{إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار}.
إن هذه الآيات يستحب تلاوتها في جوف الليل، عندما يقوم الإنسان بالصلاة بين يدي الله عز وجل.. فلو قرأها المصلي في كل ليلة قبل صلاته، تكفي لأن تعطيه دافعا عظيما لتحويل صلاة الليل من مستحب مجرد، إلى وقفة متأملة مع الوجود.. حيث أن الإنسان يبدأ ليقول وليفهم نفسه: أيها العبد!.. أنت عندما تقوم لصلاة الليل، فإنك لا تؤدي عملا في جدران مغلقة، لا يطلع عليها أحد.. ولئن كان الخلق غافلين عن هذا العمل، إلا أن المطلع عليك هو الذي خلق السموات والأرض.. فاجعل شغلك في الليل مع هكذا رب، الذي بيده مقادير كل شيء.. وإذا كنت تخاف من ظلمة الحياة، فتذكر بأنه هو الذي بيده اختلاف الليل والنهار.. أو تعلمون أن حركة الليل والنهار، تحتاج إلى تقليب الأرض بأطنانها التي لا نتعقلها نحن؟.. فهذا الوزن المعلق في الفضاء، من الذي يحولها يمينا شمالا بحركة منتظمة، آلاف أو ملايين السنين؟..
{إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار}.. إن الذي جعل الظلمة ضياء، وجعل الضياء ظلمة، ويقلب الأمور.. ألا يمكنه أن يقلب حالك إلى أحسن الحال؟!.. والمؤمن يدعو دائما: يا مقلب القلوب والأبصار!.. يا مدبر الليل والنهار!.. يا محول الحول والأحوال!.. حوّل حالنا إلى أحسن الأحوال.. فقلب العبد بين أصبعين من أصابع الرحمن.. وفي بعض الأوقات هنالك قلب لا يلين لك.. وهناك قلب ينبغي أن يتخذ قرارا، ولا يتخذ ذلك القرار.. فالذي يقلب الليل والنهار، والذي يقلب المجرات اللامتناهية، ما قيمة هذا العبد، وما خطره، وما وزنه بين يدي الله عز وجل؟.. واعلم أن الله يحول بين المرء وقلبه.. فإذاً إن الذي يصلي صلاة الليل، يعلم أنه يتحدث مع هكذا رب، بيده مقاليد الأمور كلها.
{الذي يذكون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم}.. هؤلاء ما قاموا في جوف الليل، إنما هم قياما وقعودا وعلى جنوبهم، فالإنسان إما قاعد أو قائم أو مستلقٍ.. وهو في الحالات الثلاث يذكر الله سبحانه وتعالى.. نعم، ذكره لله عز وجل على جنوبه في الليل، وفي جوف الليل، هو الذي يجعله يذكر إذا كان قائما في النهار، يقاتل أعداء الله عز وجل.. أو يدخل في تجارة أو في صفقة مع إنسان يعيش هاجس الذكر الإلهي.. إن في بعض الروايات يوجد هذا المضمون: أن الإنسان المؤمن أشد ارتباطا بروح الله أو رَوح الله من اتصال الشعاع أو الضوء بالشمس.. فهو يعيش حالة الارتباط بالله عز وجل، لأنه منه وبه وله وإليه.. وينبغي أن نعتقد بأن الإنسان في كل آن يستمد المدد من رب العالمين، أي أن هنالك مددا، وإن أمكن التعبير بأقل من كلمة آن لعبرنا.. فهو في كل لحظة يستمد الفيض والمدد من رب العالمين، فكيف يغفل عن هكذا مد بالحياة.. (أزمّة الأمور طرا بيده، والكل مستمدة من مدده).. فالذي يتعامل مع رب العالمين بهذا المنطق، لا يمكن أن يغفل.
وهنيئا لمن يذكر الله ذكرا تلقائيا جوهريا!.. إن اللسان الذاكر جيد، ولكن اللسان الذاكر يتوقف.. أما إذا تحول الإنسان إلى روح ذاكرة، وإلى قلب ذاكر، فما دام ينبض بالحياة، فهو ينبض بالذكر، كما لاحظنا بالنسبة إلى حياة الأئمة عليهم السلام.. وقد ورد أنه عندما جاء رجل، لكي يزين وجه أمير المؤمنين عليه السلام، فطلب منه السكوت أو عدم التمتمة، حتى يكمل حلاقته أو أخذه لشيء من شعر وجهه أو فمه.. فالإمام أبى أن يسكت عن ذكر الله للحظات، حتى يتم الرجل مهمته.. فالإمام يرى أن التوقف عن الذكر، لأجل شغل من شؤون الدنيا، هذا الأمر لا يستحق ذلك أبدا.
{يذكرون الله قياما وقعوادا وعلى جنوبهم يتفكرون في خلق السوات والأرض}.. وكأن بينهم ارتباط.. أي بين الذكر الدائم، وبين التفكير العميق.. فلماذا عامة الناس يذكرون الله في المسجد، وإذا خرجوا نسوا الله عز وجل؟.. ولماذا عامة الحجاج يذكرون الله أيام معدودات أو أيام معلومات، فإذا رجعوا إلى أوطانهم نسوا الله عز وجل؟.. إن سبب ذلك لعدم وجود الرصيد الثاني، و{يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا}.. فالمؤمن يرى نفسه ضيفا في هذا العالم، فهو بمثابة مسافر ارتاح في ظل شجرة ساعة، ثم رحل عنها.. وروايات أهل البيت تشبه الإنسان في هذه الدنيا بالضيف.. فهل رأيتم إنسانا يدخل مسكنا مؤقتا لمدة ساعات، وإذا به ينشغل بزخرفته؟.. فهذا الإنسان ألا يتهم بالجنون؟!.. أو أن إنسانا ذهب إلى دولة، أو إلى بلد، وأقام فيها سويعات لينتقل إلى محطة أخرى كالحج مثلا، فاتخذ من هذا السكن سكنا أبديا، ونسي الحج، وأخذ ينشغل بعمارة ذلك المكان، الذي لا حق له فيه، ولم يُملكه.. فهذا الإنسان إنسان سفيه.. ونحن جئنا إلى هذه الدنيا أيام.
وكما يعبر القرآن أنه عندما يفيق الإنسان على واقعه يوم القيامة: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار}.. لماذا قال ساعة من نهار؟.. لأن الإنسان في النهار يعيش الحركة الدائبة، والوقت يمر سريعا بخلاف ساعة الليل.. فهل المؤمن الذي جاء للدنيا لمدة ساعة، ليعيش الأبد إما في النعيم وإما في الجحيم، هل من العقل والمنطق أن يستثمر هذه الساعة في غير مرضاة الله عز وجل؟!.. {ربنا انك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار
إن هذه الآيات يستحب تلاوتها في جوف الليل، عندما يقوم الإنسان بالصلاة بين يدي الله عز وجل.. فلو قرأها المصلي في كل ليلة قبل صلاته، تكفي لأن تعطيه دافعا عظيما لتحويل صلاة الليل من مستحب مجرد، إلى وقفة متأملة مع الوجود.. حيث أن الإنسان يبدأ ليقول وليفهم نفسه: أيها العبد!.. أنت عندما تقوم لصلاة الليل، فإنك لا تؤدي عملا في جدران مغلقة، لا يطلع عليها أحد.. ولئن كان الخلق غافلين عن هذا العمل، إلا أن المطلع عليك هو الذي خلق السموات والأرض.. فاجعل شغلك في الليل مع هكذا رب، الذي بيده مقادير كل شيء.. وإذا كنت تخاف من ظلمة الحياة، فتذكر بأنه هو الذي بيده اختلاف الليل والنهار.. أو تعلمون أن حركة الليل والنهار، تحتاج إلى تقليب الأرض بأطنانها التي لا نتعقلها نحن؟.. فهذا الوزن المعلق في الفضاء، من الذي يحولها يمينا شمالا بحركة منتظمة، آلاف أو ملايين السنين؟..
{إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار}.. إن الذي جعل الظلمة ضياء، وجعل الضياء ظلمة، ويقلب الأمور.. ألا يمكنه أن يقلب حالك إلى أحسن الحال؟!.. والمؤمن يدعو دائما: يا مقلب القلوب والأبصار!.. يا مدبر الليل والنهار!.. يا محول الحول والأحوال!.. حوّل حالنا إلى أحسن الأحوال.. فقلب العبد بين أصبعين من أصابع الرحمن.. وفي بعض الأوقات هنالك قلب لا يلين لك.. وهناك قلب ينبغي أن يتخذ قرارا، ولا يتخذ ذلك القرار.. فالذي يقلب الليل والنهار، والذي يقلب المجرات اللامتناهية، ما قيمة هذا العبد، وما خطره، وما وزنه بين يدي الله عز وجل؟.. واعلم أن الله يحول بين المرء وقلبه.. فإذاً إن الذي يصلي صلاة الليل، يعلم أنه يتحدث مع هكذا رب، بيده مقاليد الأمور كلها.
{الذي يذكون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم}.. هؤلاء ما قاموا في جوف الليل، إنما هم قياما وقعودا وعلى جنوبهم، فالإنسان إما قاعد أو قائم أو مستلقٍ.. وهو في الحالات الثلاث يذكر الله سبحانه وتعالى.. نعم، ذكره لله عز وجل على جنوبه في الليل، وفي جوف الليل، هو الذي يجعله يذكر إذا كان قائما في النهار، يقاتل أعداء الله عز وجل.. أو يدخل في تجارة أو في صفقة مع إنسان يعيش هاجس الذكر الإلهي.. إن في بعض الروايات يوجد هذا المضمون: أن الإنسان المؤمن أشد ارتباطا بروح الله أو رَوح الله من اتصال الشعاع أو الضوء بالشمس.. فهو يعيش حالة الارتباط بالله عز وجل، لأنه منه وبه وله وإليه.. وينبغي أن نعتقد بأن الإنسان في كل آن يستمد المدد من رب العالمين، أي أن هنالك مددا، وإن أمكن التعبير بأقل من كلمة آن لعبرنا.. فهو في كل لحظة يستمد الفيض والمدد من رب العالمين، فكيف يغفل عن هكذا مد بالحياة.. (أزمّة الأمور طرا بيده، والكل مستمدة من مدده).. فالذي يتعامل مع رب العالمين بهذا المنطق، لا يمكن أن يغفل.
وهنيئا لمن يذكر الله ذكرا تلقائيا جوهريا!.. إن اللسان الذاكر جيد، ولكن اللسان الذاكر يتوقف.. أما إذا تحول الإنسان إلى روح ذاكرة، وإلى قلب ذاكر، فما دام ينبض بالحياة، فهو ينبض بالذكر، كما لاحظنا بالنسبة إلى حياة الأئمة عليهم السلام.. وقد ورد أنه عندما جاء رجل، لكي يزين وجه أمير المؤمنين عليه السلام، فطلب منه السكوت أو عدم التمتمة، حتى يكمل حلاقته أو أخذه لشيء من شعر وجهه أو فمه.. فالإمام أبى أن يسكت عن ذكر الله للحظات، حتى يتم الرجل مهمته.. فالإمام يرى أن التوقف عن الذكر، لأجل شغل من شؤون الدنيا، هذا الأمر لا يستحق ذلك أبدا.
{يذكرون الله قياما وقعوادا وعلى جنوبهم يتفكرون في خلق السوات والأرض}.. وكأن بينهم ارتباط.. أي بين الذكر الدائم، وبين التفكير العميق.. فلماذا عامة الناس يذكرون الله في المسجد، وإذا خرجوا نسوا الله عز وجل؟.. ولماذا عامة الحجاج يذكرون الله أيام معدودات أو أيام معلومات، فإذا رجعوا إلى أوطانهم نسوا الله عز وجل؟.. إن سبب ذلك لعدم وجود الرصيد الثاني، و{يتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا}.. فالمؤمن يرى نفسه ضيفا في هذا العالم، فهو بمثابة مسافر ارتاح في ظل شجرة ساعة، ثم رحل عنها.. وروايات أهل البيت تشبه الإنسان في هذه الدنيا بالضيف.. فهل رأيتم إنسانا يدخل مسكنا مؤقتا لمدة ساعات، وإذا به ينشغل بزخرفته؟.. فهذا الإنسان ألا يتهم بالجنون؟!.. أو أن إنسانا ذهب إلى دولة، أو إلى بلد، وأقام فيها سويعات لينتقل إلى محطة أخرى كالحج مثلا، فاتخذ من هذا السكن سكنا أبديا، ونسي الحج، وأخذ ينشغل بعمارة ذلك المكان، الذي لا حق له فيه، ولم يُملكه.. فهذا الإنسان إنسان سفيه.. ونحن جئنا إلى هذه الدنيا أيام.
وكما يعبر القرآن أنه عندما يفيق الإنسان على واقعه يوم القيامة: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار}.. لماذا قال ساعة من نهار؟.. لأن الإنسان في النهار يعيش الحركة الدائبة، والوقت يمر سريعا بخلاف ساعة الليل.. فهل المؤمن الذي جاء للدنيا لمدة ساعة، ليعيش الأبد إما في النعيم وإما في الجحيم، هل من العقل والمنطق أن يستثمر هذه الساعة في غير مرضاة الله عز وجل؟!.. {ربنا انك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار
تعليق