بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والمراد بسكرة الموت : الكرب الذي يتغشّى المحتضر عند الموت من هول المطلع ، وهي غصص الموت ، وغمرات الآلام ، وطوارق الأوجاع والأسقام ، وما يصحبها من « أنّةٍ موجعةٍ ، وجذبةٍ مكربةٍ ، وسوقة متعبةٍ »
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والمراد بسكرة الموت : الكرب الذي يتغشّى المحتضر عند الموت من هول المطلع ، وهي غصص الموت ، وغمرات الآلام ، وطوارق الأوجاع والأسقام ، وما يصحبها من « أنّةٍ موجعةٍ ، وجذبةٍ مكربةٍ ، وسوقة متعبةٍ »
إن سكرة الموت من اللحظات المرعبة والمخيفة والمهولة التي تمر على الإنسان وهي من الامور التي لا تحتمل ولا تطاق من الألم لفراق الدنيا والأحبة والأهل والأولاد ..
وهي من الصعاب التي تتوالى على المحتضر واللحظات الأخيرة على الإنسان فأما أن تكون هانئة وسعيدة على المؤمنين الصالحين أو تكون شاقة ومؤلمة على الآخرين هذه هي اللحظات الأخيرة وهي نهاية تعلّقه وتمسّكه بالدنيا وبداية لمرحلة أخرى هي حياة البرزخ ففي هذه اللحظات تتجلى قدرة الله سبحانه و تعالى وتنكشف أسرار الغيبات التي كانت مخفية على الإنسان في حياته الدنيوية فهو يرى ملك الموت عند قبض روحه ويرى الملائكة المكلفة من قبل الله تعالى ولو كان يستطيع الكلام في هذه اللحظة لأخبر أهله بما يرى من الأمور الغيبية .
عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام قال : " أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات : الساعة التي يعاين فيها ملك الموت والساعة التي يقون فيها من قبره والساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك وتعالى فأما الجنة وأما النار )
قال تعالى : ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أدنى جَبَذات الموت بمنزلة مائة ضربةٍ بالسيف » . وتتجلّى آثار تلك السكرات الملهثة والغمرات الكارثة في احتباس لسان المحتضر ، وشخوص بصره ، وترشّح جبينه ، وتقلّص شفتيه ، وارتفاع أضلاعه ، وعلو نَفَسه ، واصفرار لونه ، وموت أعضائه بالتدريج حيث تبرد قدماه ، ثم فخذاه ، وهكذا سكرة بعد سكرة ، وكربة بعد كربة ، حتى تبلغ الحلقوم ، فينقطع نظره عن الدنيا انقطاعاً لا رجعة فيه ( فَلَوْلأ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلكِن لأ تُبْصِرُونَ * فَلَوْلأ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )
و قيل لمحمد بن علي عليه السلام ما الموت ؟
قال : ( هو النوم الذي يأتيكم كل ليلة إلا أنه طويل مدته لا ينتبه منه إلا يوم القيامة فمن رأى في نومه من أصناف الفرح ما لا يقادر قدره و من أصناف الأهوال ما لا يقادر قدره فكيف حال فرح في النوم و وجل فيه هذا هو الموت فاستعدوا له )
قال الإمام الخميني ( قدس سره ) : ( فتبين أن الإنسان لدى سكرات الموت والاحتضار يشاهد صور أعماله وآثارها ، ويسمع من ملك الموت بشارة الجنة أو الوعيد بالنار ، وكما أن هذه الأمور تنكشف عليه قليلاً ، كذلك تنكشف عليه الآثار التي تركتها أعماله وأفعاله في قلبه ، من النوارنية وشرح الصدر ورحابته أو أضدادها أيضاً من الظلام والكدورة والضغط والضيق في الصدر ، فإن كان من أهل الإيمان والسعادة يستعد قلبه عند معاينة البرزخ لمشاهدة النفحات اللطيفة والجمال ، وتظهر فيه آثار التجليات اللطف والجمال فيأخذ القلب في الحب للقاء الله ، وتشتعل في قلبه ، جذوة الاشتياق إلى جمال المحبوب إن كان من أهل الحسنى وحب الله والجاذبة الربوبية ، ولا يعرف أحد إلا الله ، مقدار اللذات والكرامات الموجودة في هذا التجلي والاشتياق ! .
وإن كان من أهل الإيمان والعمل الصالح ، أغدقت عليه كرامات الحق المتعالي بقدر إيمانه وأعماله ويراها لدى الاحتضار ، فيتوق إلى الموت ولقاء كرامات الحق ويرتحل من هذا العالم مع البهجة والسرور والروح والريحان ، ولا تطيق الأعين المُلكية والذائقة المادية ، رؤية هذه الكرامات ومشاهدة هذه البهجة والفرح .
وإن كان من أهل الشقاء والجحود والكفر والنفاق والأعمال القبيحة والأفعال السيئة ، انكشف عليه بقدر نصيبه من دار الدنيا وما وفره واكتسب لنفسه منها ، من آثار السخط الإلهي والقهر ، ونموذجاً من دار الأشقياء ، فيدخل الذعر والهلع في نفسه بدرجة لا يكون عنده شيء أبغض من التجليات الجلالية والقاهرة للحق المتعالي ويستولي عليه من جراء هذا البغض والعداوة الشديدين ، الضغوط والصعاب والعذاب ، لا يعرف حجمهما أحد إلا الذات الحق المقدس ، وهذه المحن تكون لمن كان من الجاحدين والمنافقين ومن أعداء الله وأعداء أوليائه في هذه الدنيا .
وينكشف على أهل المعاصي والكبائر ، بقدر اجتراحهم للسيئات ، نموذجاً من جهنمهم ، فلا يكون شيء عندهم أبغض من الرحيل من هذا العالم ، فيرحلوا بكل عنف وقسوة وعذاب ، وفي نفوسهم حسرات لم تتحقق في هذه الأحوال ......
إن الإنسان لا يرى في العوالم الأخرى من العذاب والعقاب ، إلا ما وفره وهيأه في هذه الدنيا ، ولا يشاهد في العالم الآخر إلا صورة ما أنجزه في هذا العالم من الأعمال الصالحة والخلق الحسن ، والعقائد الصحيحة ، مع رؤيته لما يتفضل عليه الحق المتعالي بلطفه من الكرامات الأخرى )
اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي الْمَوْتِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى الْمَوْتِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى غَمِّ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ضِيقِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى وَحْشَةِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي مِنَ الْحُورِ الْعِينِ
من بحثي