التواضع والتكبر هما من السجايا(الصفات والعادات) التي يكتسبها الإنسان منذ نعومة أظفاره؛ التواضع خلق جليل يسمو بالإنسان بمنزلة رفيعة، وخصلة ساحرة تستهوي القلوب وتستثير الإعجاب والاحترام والتقدير, بها ينشرح الصدر، ويعم الإيثار بين الناس.. ومعناها معاكس للتكبر؛ ناهيك عن فضل التواضع عند الله تعالى وخاصة انه امر به حبيبه وسيد رسله محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: ((واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين))... وقد ذكر محاسن هذه السجية(التواضع) أهل البيت(عليهم السلام) واشادو بها، وشوقوا إليها بأقوالهم وافعالهم العظيمة، وسيرتهم المثالية، وكانوا رواد الفضائل، ومنار الخلق الرفيع؛ وقال الامام الصادق(عليه السلام) فيه: (إن في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع لله رفعاه، ومن تكبر وضعاه)..هنالك امثلة كثيرة على عدم تواضع المرء(تكبره) نراها في حياتنا ننتقدها, نعلق عليها, وهي أن فلاناً من الناس أصبح في منصب ما وقد ارتفع وعلا في منصبه، فاغتر وأعجب بنفسه وتعاظم على الناس, وآخر صاحب أموال كثيرة تكبر على الآخرين ظناً منه انه لن يحتاج الى اصدقاء وجيران، فأصبح مغروراً وارتفع كأنه ملك الارض، قال تعالى: ((وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً {الإسراء/37})). ولكن على العكس من ذلك، فان كبر المنصب وكثرة الاموال فيها خدمة للناس, ورفعة شأن, وراحة, وسعادة لصاحبها في الدنيا والآخرة اذا استغلت بالشكل الذي يرضي الخالق عز وجل؛ لان عطاياه سبحانه للإنسان إنما ليمتحنه بها هل باستطاعته ان يستخدم هذا المنصب في نصرة المظلوم، وينفق من هذا المال الذي اعطاه له لاعانة الضعيف وليجازى على ذلك العمل في الآخرة بحسن العاقبة، قال تعالى: ((الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)) فعلى الانسان التفكير والتأمل في هذا الامر كثيراً؛ وهو إن الله تعالى الرازق والمعطي والرافع وهو على كل شيء قدير((لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)).. ولابد للانسان من التواضع ولين الجانب لكل من يقصده لان هذا المنصب وهذه الاموال وكل الامور الاخرى هي من النعيم الدنيوي الزائل, ومهما ارتفع صاحب الدنيا سيهوي ذات يوم كما ورد في المأثور(ما طار طائر وارتفع الا كما طار وقع) ويصبح ذليلاً اذا لم يستخدم(المنصب والاموال) بالشكل الذي يجعله يقترب زلفى الى الله تعالى اولاً ومحبة الناس؛ وليأخذ عبرة من الذين سبقوه وليفكر ملياً قبل اي شيء؛ أن الله جل جلاله موجود وباقي وغيره زائل. وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): في خطبة له: (فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه ورسله، ولكنه سبحانه كره إليهم التكابر، ورضي لهم التواضع). وهنالك عبر كثيرة نتعلمها من النبي الكريم(صلى الله عليه واله وسلم) والائمة الاطهار(عليهم السلام) بتواضعهم للناس ولين جانبهم فهم قدوة لنا لننهل منهم لنتحلى بأخلاق عظيمة وفضائل جليلة لنعيش حياة هنيئة ننعم فيها برضا الباري تعالى ومحبة الناس..
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
صفة مذمومة.. وقرينتها محمودة
تقليص
X
-
الأخ المبدع سرمد سالم
نثمّن حضورك الدائم وهذا التألق المبهج للنفوس
فدائماً ما تنتقي مواضيع لها من الأهمية لتماسها المباشر بحياتنا اليومية
قال أبو عبد الله عليه السلام: الكبرياءُ رداء الله فمن نازعه شيئا من ذلك أكبّه الله في النار. وروي في الكافي (2: 234/2): الكبرُ رداءُ الله، من نازع الله رداءه قصمه.
وروي: أن ملكين موكلان بالعباد، فمن تواضع رفعاه، ومن تكبر وضعاه.
ولو تخلى المتكبرُ عن هذه العادة الذميمة، وتواضع للناس، وعاش البساطة معهم، لأصبح له أصدقاء يحبونه، ويفتقدونه إذا غاب، ويذكرونه بالخير، قال رسولُ الله (صلى الله عليه وآله): (المؤمنُ ألفٌ مألوف ولا خيرَ في من لايألف ولايُؤلف).
وعن أمير المؤمنين (عليهم السلام)، قال: سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول: المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم، وخير المؤمنين من كان مألفه للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف.
نتمنى منك أخي الكريم مزيداً من العطاء
تحيتي وتقديري
- اقتباس
- تعليق
تعليق
-
دائماً ما يبتلي الناس بوجود المتكبرين في أوساط المجتمع والذين هم من أهم أسباب خلخلة العلاقات الإجتماعية وإنعدام التآلف والود بين أفراده.. وبرأيي المتواضع أعتقد أن مستويات التكبر تتفاوت بين الناس بحسب التربية الإجتماعية والدينية، ابتداء من البيت الذي هو المصنع والمنتج الأول للنوع البشري والذي عليه تقع مسؤولية متابعة الفرد داخل الأسرة لضمان عدم تنامي الأمراض النفسية كالتكبر والبخل والأنا شديدة الضراوة.. ومساعدة الأبناء على تبني أفكار الشراكة والنماء الإجتماعي الثر.. لتصدير أبناء إيجابيين داخل مجتمعاتهم يساهمون ولو بدرجة معقولة في إشاعة أجواء التواضع والثقة والتآلف.. وصفتا التواضع والتكبر لايمكن أن يخفيهما المرء من شخصيته، فهما تبرزان مع تعامل الإنسان اليومي، لذا ينبغي على المتكبر التبصر ورؤية عاقبة المتكبرين وكيف خسروا محبة الناس فلايذكرونهم إلا بالإمتعاض..
قال الإمام علي عليه السلام: (مسكين ابن آدم مكتوم الأجل، مكنون العلل، محفوظ العمل، تؤلمه البقة، وتقتله الشرقة، وتنتنه العرقة).
نسأل الله أن يقينا آفة التكبر
دمتم بأفضل حال
- اقتباس
- تعليق
تعليق
تعليق