إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مخالفة الصحابة الجماعية للنبي(ص) في الصحيحين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #11
    بسم الله الرحمن الرحيم
    صحيح البخاري، كتاب الإيمان، نفس الباب، ح 48.

    عبد الله عن النبيّ (ص) قال: >سباب المسلم فسوق وقتاله كفر< .
    ونرى الصّحابة قتل بعضهم بعضاً، وسبّ بعضهم بعضاً، وكذّب بعضهم بعضاً!.
    * صحيح البخاري، كتاب العلم، باب الإنصات للعلماء، ح 121.
    عن جرير أنّ النبيّ (ص) قال له في حجّة الوداع: >استنصت النّاس< فقال: >لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض< .
    وقد ثبت أنّهم لم يعملوا بهذا القول، بل ضرب بعضهم رقاب بعض، وقدّموا الثارات والانتقامات على وصيّة سيّد الكائنات, هذه الرواية في أصح كتاب عند إخواننا السنة، وإذا أخذناها على ظاهرها تبيّن كفر الصحابة الذين تقاتلوا، ولكنهم إذا وجدوا شبيه هذه الرواية في كتبنا اتهمونا بتهم تنوء بها الجبال .
    * صحيح البخاري، كتاب الصّلاة، باب التعاون في بناء المسجد.
    عن عكرمة قال لي ابن عبّاس، ولابنه عليّ: انطلقا إلى أبي سعيد فأسمعا في حديثه. فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه، فأخذ رداءه فاحتبئ، ثمّ أنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبيّ (ص) فينفض التراب عنه ويقول: >ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنّة ويدعونه إلى النّار<. قال: يقول عمّار: أعوذ بالله من الفتن. وذكر الحديث أيضاً في كتاب الجهاد والسير، باب مسح الغبار عن الرأس بلفظ: >.. عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار<.
    بيّن النبيّ الأكرم (ص) للأمة أنّ معاوية رئيس الفئة الباغية، وميّز بين الطائفتين، فطائفة معاوية تدعو عمّاراً إلى النّار، وهو - مع عليّ - وجنديٌّ من جنود عليّ (ع) يدعوهم لمبايعة عليّ، يدعوهم إلى الجنّة.
    قال السّنديّ ([1])- شارح صحيح البخاريّ - في شرح الحديث المذكور، في كتاب الجهاد والسير، باب مسح الغبار عن الرّأس: قوله: >يدعوهم إلى الله< أي: إلى طاعة الإمام الحقّ، الذي طاعته من طاعة الله تعالى. >ويدعونه إلى النّار< أي: إلى طاعة من طاعته سبب للنّار .
    وبذلك تبيّن بدون أيّ لبس أنّ خطّ معاوية يدعو إلى النّار، وخطّ علي (ع) دعوة إلى الجنّة، وإلى اليوم نحن مختلفون؛ فنحن ندعو إلى منهاج عليّ، والمخالفون يدعوننا لولاء معاوية، ونحن نبرأ إلى الله من معاوية وابنه يزيد وأتباعهما, ولا ننسى انسجام الحديث مع الآيةالشريفة: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ} [القصص: 41] .
    فعلي(ا) ومعاوية متضادين في المنهج متعاديين ، ولا يجوز حبهما جميعا وقد قال تعالى:"ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.." 4 الاحزاب
    * صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب تضييع الصلاة عن وقتها.
    الزهريّ يقول: دخلت على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال : لا أعرف شيئاً ممّا أدركت إلاّ هذه الصّلاة، وهذه الصلاة قد ضُيّعت .
    * صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب إتمام التّكبير في الركوع.
    عن مطرف عن عمران بن حصين قال: صلّى مع عليّ (رض) بالبصرة فقال: ذكّرنا هذا الرجل صلاةً كنّا نصلّيها مع رسول الله (ص)، فذكر أنّه كان يكبّر كلّما رفع وكلّما وضع .
    وقد بيّنا أنه محيي الشريعة الداعي إلى الله على بصيرة من أمره، هو ومن اتّبعه([2]) .
    وهذه من الحقائق الدالّة على انحراف نهج من اعتلى سدّة الحكم من بعد الرسول الأكرم ، وترسيخ هذا الانحراف من قبل معاوية وأركان حكمه، بدلالة بكاء أنس، واستذكار عمران بن حصين بما كان عليه المسلمون وقت رسول الله (ص). وهذا الأمر أيضاً يبيّن أنّ الدّين المحمّديّ حمله أهل البيت (ع) وأتباعهم، وأنّ الانحراف بدأ من رزية الخميس والسقيفة، وازداد الوضع سوءاً إلى أن وصل إلى بكاء أنس على الدّين، وتفاقم الأمر واستفحل الداء، إلى أن أدّى إلى قتل الحسين (ع)، ورمي الكعبة بالمنجنيق وهدمها، واستباحة المدينة المنورة في وقعة الحرّة،وما كان فيها من انتهاك الأعراض والحرمات، وانتهاءً بتمزيق القرآن من قبل الوليد أحد حكّام بني أميّة، فهل نجد انحراف أكبر من هذا؟ وهذا الانحراف ينبؤك بأنّ الأساس غير صحيح، فبنوا عليه بنيانهم وكانت هذه النتيجة([3]) .
    * صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب 37، خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر.
    قال إبراهيم التيميّ: ما عرضت قولي على عملي إلاّ خشيت أن أكون مكذّباً. وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ (ص) كلّهم يخاف النّفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل .
    هذه عقيدة الصحابة في أنفسهم، وأنّهم لو خالفوا الشّريعة لكان جزاؤهم النّار؛ ولهذا هم وجلون من سوء العاقبة , لا كما يعتقد البعض.
    يتبع ان شاء الله



    ([1]) حاشية السندي على صحيح البخاري ، ج2، ص61 .

    ([2]) نقل الهيثمي في مجمع الزوائدج9، ص173 : عن أبي هريرة، أن علي بن أبي طالب (رض) قال: >يا رسول الله، أيّما أحبّ إليك أنا أم فاطمة؟< قال: >فاطمة أحبّ إليّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها، وكأني بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء، وإني وأنت والحسن والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر في الجنة، إخواناً على سرر متقابلين، أنت معي، وشيعتك في الجنة<. ثمّ قرأ رسول الله(ص) {إخواناً على سرر متقابلين} لاينظر أحد في قفا صاحبه. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه سلمى بن عقبة ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

    ([3]) قال ابن القيم الجوزية في شرح منظومة ابن القيم، ج2، ص4 : وكانت وقعة الحرّة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة، سنة ثلاث وستين، ويقال لها: حرّة زهرة، وكانت الوقعة بموضع يعرف بواقم، على ميل من مسجد رسول الله (ص)، فقتل بها بقايا المهاجرين والأنصار وخيار التابعين، وهم ألف وسبعمائة، وقتل من أخلاط النّاس عشرة آلاف، سوى النساء والصبيان، وقتل بها من حملة القرآن سبعمائة رجل، من قريش سبعة وتسعون قتلوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً. كذا ذكر القرطبي رحمه الله في التذكرة .....
    التعديل الأخير تم بواسطة الراصد; الساعة 29-12-2011, 08:28 AM. سبب آخر: حذف الروابط

    تعليق


    • #12
      بسم الله الرحمن الرحيم
      * صحيح البخاري، كتاب الحجّ، باب فضل مكّة وبنيانها .
      عن عائشة (رض) زوج النبيّ (ص)، أنّ رسول الله (ص) قال لها: >ألم تري أنّ قومك لمّا بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم<. فقلت: يا رسول الله (ص)، ألا تردّها على قواعد إبراهيم؟ قال: >لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت<. فقال عبد الله (رض): لئن كانت عائشة (رض) سمعت هذا من رسول الله (ص)، ما أرى رسول الله (ص) ترك استلام الرّكنين اللذين يليان الحجر، إلاّ أنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيم. وفي حديث الذي يليه: > ... ولولا أنّ قومك حديثٌ عهدهم بالجاهلية، فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجَدْر في البيت، وأن ألصق بابه الأرض<. وفي حديث آخر بعد هذا الحديث «لولا حداثة قومك بالكفر لنقضت البيت ثمّ لبنيته على أساس إبراهيم (ع)، فإن قريشاً استقصرت بناءه وجعلت له خلفاً([1])» .
      وإذا كان زواج عائشة بعد الهجرة ولم يتمّ فتح مكة إلاّ أواخر حياة النبيّ (ص)، فكلام النبيّ (ص)، كان بعد أن ترسّخ الإسلام, ونفهم من هذا الحديث أنّ النبيّ (ص) اتّقى الصحابة، ولم يُقم البيت كما كان في زمن إبراهيم؛ وبهذا يتبيّن جواز التقية أو المداراة حتى مع المسلم إذا اضطر لذلك, وكذلك يتبيّن أنّ جلّ الصحابة لم يكونوا بالمستوى المطلوب، ولم يتخلصوا من آثار الجاهلية العالقة في نفوسهم، وبمجرد أن يحدث حدث لا ينسجم مع رغباتهم, يستنكرون على النبيّ (ص) ذلك. وقد بيّنا كيف خالفوه (ص) في كتابة الكتاب، واتّهموه بالهجر حتى طردهم. وكذا في قضيّة الإفك، وقد كادوا يقتتلون، وكذا في توزيع غنائم حنين شكّوا في عدل النبيّ (ص)، وظنّوا أنّه يميل إلى أهله وعشيرته، ولها شواهد كثيرة وخصوصاً فيما يخصّ المال، فتمعن بالأحاديث القادمة، وتذكر ما مضى يتبيّن لك ذلك ، وهذا يؤيد قولنا بانقلابهم على عليّ (ع) في السّقيفة، ومن خير الأدلة على ذلك أنّهم تركوا جنازة النبيّ (ص) ولم تلههم الصدمة، وذهبوا إلى السقيفة وعليّ (×) مشغول بتجهيز النبيّ (ص)، والرئاسة أعظم من المال الذي آذوا النبيّ (ص) بسببه مراراً وخالفوه جهاراً.
      وهكذا بقيت قريش فئتين فئة خير وفئة شر ولم تكن فئة واحدة منصهرة في تعاليم الأسلام كما يدعي البعض فعن النبي(ص)"قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة. ذكره الالباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة وصححه ج3 ص145
      * صحيح البخاري، كتاب الحج، باب أين يصلّي الظهر يوم التّروية.
      عن عبد العزيز بن رفيع قال: سألت أنس بن مالك (رض)، قلت: أخبرني بشيء عقلته عن النبيّ (ص)، أين صلّى الظّهر والعصر يوم التّروية ؟ قال: بمنى. قلت: فأين صلّى العصر يوم النّفر؟ قال: بالأبطح. ثمّ قال: أفعل كما يفعل أمراؤك.
      وهكذا نجد الصحابة يأمرون باتّباع الأمراء وإن خالفوا النبيّ (ص)، وسيمرّ علينا موقف عليّ (ع) من انحرافاتهم وإقامته للسنّة، ونحن إذ نتشيع لعلي(×) فذلك لتمسكه بالسنّة التي أراد البعض أن يحرّفها .
      قال الشّوكانيّ في نيل الأوطار([2]) في ذكر الحديث: ... فأمره بأن يفعل كما يفعل أمراؤه، إذ كانوا لا يواظبون على صلاة الظهر ذلك اليوم بمكان معيّن .
      ويدلّ الحديث على سهولة مخالفة النبيّ واتّباع غيره، فما المانع من مخالفته في تعيين الخليفة، وقد فعل ذلك - أي تعيين عليّ (×)- في الغدير وغير الغدير.

      * صحيح البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب ما جاء في الغرس.
      .. عن سهل بن سعد (رض) أنه قال: إن كنا لنفرح بيوم الجمعة، كانت لنا عجوز تأخذ من أصول سِلقٍ لنا كنا نغرسه في أربعائنا([3])، فتجعله في قدر لها، فتجعل فيه حبات من شعير- لا أعلم إلاّ أنه قال :ليس فيه شحم ولا ودك([4]) - فإذا صلينا الجمعة زرناها، فقربته إلينا، فكنا نفرح بيوم الجمعة من أجل ذلك، وما كنا نتغذى ولا نقيل إلاّ بعد الجمعة .
      هل كان فرحهم بعيد المسلمين ويومهم المقدس - الجمعة- وما فيه من الرحمة الإلهية، واجتماعهم تحت منبر النبيّ (ص)، وهو يرشدهم بخطبة الجمعة لما فيه خير الدنيا والآخرة؟ بل كان لما تفعله لهم هذه العجوز من حبات شعير وأصول السلق.

      * صحيح البخاري، كتاب الهبة، باب من أهدى إلى صاحبه.
      عن عائشة (رض) أنّ نساء رسول الله (ص) كنّ حزبين: فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر، أمّ سلمة وسائر نساء رسول الله (ص)، وكان المسلمون قد علموا حبّ رسول الله (ص) عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هديّة يريد يهديها إلى رسول الله (ص) أخّرها، حتى إذا كان رسول الله (ص) في بيت عائشة بعث صاحب الهديّة إلى رسول الله (ص) في بيت عائشة، فتكلّم حزب أمّ سلمة، فقلن لها: كلّمي رسول الله (ص) يكلّم النّاس فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول الله (ص) هديّة فليهدها حيث كان من نسائه، فكلّمته أمّ سلمة بما قلن، فلم يقل لها شيئاً. فسألنها فقالت: ما قال لي شيئاً، فقلن لها: فكلّميه.
      قالت: فكلّمته حين دار إليها أيضاً، فلم يقل لها شيئاً، فسألنها فقالت: ما قال لي شيئاً. فقلن لها: كلّميه
      حتى يكلّمك، فدار إليها فكلّمته. فقال لها: >لا تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلاّ عائشة<. قالت: فقلت: أتوب الى الله من أذاك يا رسول الله. ثمّ إنّهن دعون فاطمة بنت رسول الله (ص)، فأرسلت إلى رسول الله (ص) تقول: إنّ نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر. فكلّمته. فقال: >يابنيّة، ألا تحبّين ما أحبّ؟ قالت:
      بلى. فرجعت إليهن فأخبرتهنّ، فقلت ارجعي إليه. فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته فأغلظت وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافة. فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة، فسبّتها حتى إن رسول الله (ص) لينظر إلى عائشة هل تكلّم، قال: فتكلّمت عائشة تردّ على زينب حتى أسكتتها. قالت: فنظر النبيّ (ص) إلى عائشة وقال :
      >إنها بنت أبي بكر< .

      نساء النبيّ يلتمسن العدالة من النبيّ، ويعتبرنه غير عادل، ويتساببن. مع أن سباب المسلم فسوق كما مرّ ، ويرفعن أصواتهن ، والنبيّ (ص) يتفرج على ذلك، ويعجب بفعل عائشة ! طعن في شخص النبيّ (ص) تشمئز لذكره نفوس من يعظّمون شعائر الله، ومن تلك العبارات : >فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلاّ عائشة<. فإنّهم أرادوا أن يعظّموا عائشة على حساب الوحي، وعلى حساب شخصية النبيّ (ص). والحديث يذكر أنّ نساء النبيّ (ص) وهن في بيت النبيّ (ص) وبرعايته ولكن لم يطعن النبيّ (ص) - أو حزب منهن على الأقل- في الصفاء والإخاء الإسلامي؛ ولذا انفصلن حزبين , والحال أنّ النبيّ (ص) يريد منهن أن يكنَّ في حزب واحد، قال تعالى: {.. أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [المجادلة: 22].
      ونقل الهيثمي في مجمعه([5]) عن عائشة قالت: كان رسول الله (ص) إذا ذكر خديجة أثنى فأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكر حمراء الشدقين، قد أبدلك الله خيراً منها. قال: «أبدلني الله خيراً منها؟ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدّقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس». رواه أحمد وإسناده حسن. وهذا الحديث يفضلها على عائشة، فهي التي بذلت مالها العظيم في نشر الدعوة، حتى نصر الله دينه، وهي التي آزرت النبيّ (ص) بما أتيت من قوة، وتحملت المحن والحصار في شعب أبي طالب، حتى بشرها الله ببيت من قصب، لانصب فيه ولا صخب , أمّا عائشة فلا أرى إلاّ أنّ الروايات في حب النبيّ لها موضوعة؛ فبعد أن قاتلت علياً (ع)، واتفق معها معاوية وبني أمية، رفعوا من قدرها بغضاً لعلي؛ ولأنها بنت أبي بكر، وإلاّ بماذا تمتاز على غيرها في الدين حتى يفضلها النبيّ على غيرها؟ الم يشر النبيّ إلى بيتها ويقول: >هاهنا الفتنة من حيث يخرج قرن الشيطان<([6]).
      ألم تتواطأ هي وحفصة على أن يكذبن على النبيّ (ص) في قصة المغافير؟. ألم تخرج من بيتها وقد أمرت أن تقر فيه؟ ألم تقر على نفسها أنها أحدثت بعد النبيّ حدثاً وأمرت أن لا تدفن قرب النبيّ (ص)؟ وكل هذا في الصحيح، ولا نريد أن نستقصي منهج خديجة ومنهج عائشة وفيما ذكرناه كفاية .

      يتبع ان شاء الله



      ([1]) يعني: باباً آخرمن خلف يقابل الباب المقدَّم. راجع فتح الباري ج3، ص354.

      ([2]) نيل الأوطار ـ الشوكاني ـ ج5، ص132.

      ([3]) في فتح الباري ج5، ص17: الأربعاء: جمع ربيع، وهو النهر الصغير . وقال الطريحي في مجمع البحرين ج2، ص136: والربيع جدول أو ساقية تجري إلى النخل أو الزرع .

      ([4]) الودك: دسم اللحم. راجع: صحاح الجوهري ج4، ص1613.

      ([5]) مجمع الزوائد ـ الهيثمي ـ ج9، ص224.

      ([6]) صحيح البخاري، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي (’) وما نسب... رقم الحديث: 3104 ج4، ص1613.

      تعليق


      • #13
        بسم الله الرحمن الرحيم
        صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبيّ (ص)، باب قول النبيّ (ص):
        >لو كنت متخذاً خليلاً».

        عن عائشة (رض) قالت: >شخص بصر النبيّ (ص) ثمّ قال: >في الرّفيق الأعلى< ثلاثاً. وقصّ الحديث، قالت عائشة: فما كان من خطبتهما من خطبة إلاّ نفع الله بها، لقد خوّف عمر النّاس وإنّ فيهم لنفاقاً، فردّهم الله بذلك .
        وهذه شهادة من عائشة على الصحابة أنّ فيهم نفاقاً، وهم الذين حضروا موت النبيّ ولا أدري أي عذر هذا لعمر، وبماذا خوّف النّاس ولماذا !!.

        * صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب أين ركز النبيّ (ص) الراية يوم الفتح.
        عن هشام، عن أبيه، لمّا سار رسول الله (ص) عام الفتح، فبلغ ذلك قريشاً، خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر عن رسول الله (ص)، فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مَرَّ الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة... فرآهم ناس من حرس رسول الله (ص) فأدركوهم فأخذوهم، فأتوا بهم رسول الله (ص) فأسلم أبو سفيان... .
        هكذا كان إسلام البعض، هذا إسلام أبو سفيان، ومعاوية لم يسلم بعد، كان أشبه بالاستسلام لا بالإسلام، وهذا ما يؤكده التاريخ، ويؤكده حقدهم للإسلام وأهله.
        نقل الطبري في تاريخه([1]) في ذكره لوقعة حنين... ولمّا انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله (ص) من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلّم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، والأزلام([2]) معه في كنانته. وصرخ كلدة بن الحنبل - وهو مع أخيه صفوان بن أمية بن خلف، وكان أخاه لأمه، وصفوان يومئذٍ مشرك في المدة التي جعل له رسول الله – فقال: ألا بطل السحر اليوم، فقال له صفوان: اسكت فضّ الله فاك، فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار: اليوم أدرك ثأري - وكان أبوه قتل يوم أحد - اليوم أقتل محمداً. قال: فأردت رسول الله لأقتله، فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي، فلم أطق ذلك، وعلمت أنه قد منع مني...
        هذا حال الكثير منهم، فهل من الإنصاف أن نجعلهم جميعاً عدولاً، وأن نجعل عملهم سنّة ؟

        * صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا }.
        عن ابن عباس (رض): ما {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا } قال: قال ابن عباس: كان رجل في غُنَيمة له، فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غُنيمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله: {عَرَضَ الحَياةَ الدُّنيَا} تلك الغنيمة. قال: قرأ ابن عباس السلام.
        يسلم عليهم، وهي علامة الإسلام، فيقتلونه طمعاً في غنيمته، وما يحمل من عرض الحياة الدنيا وهؤلاء من الصحابة .

        * صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك وقول الله عزّ وجلّ: {وَعَلَى الثَّلاّثّةِ الَّذِينَ خلَّفُوا} [التوبة: 118] .
        عن كعب بن مالك - وهو يروي قصة تخلّفه عن غزوة تبوك: - .. وأصبح رسول الله (ص) قادماً، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثمّ جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المحلّفون، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقبل منهم رسول الله (ص) علانيتهم، وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، فجئته فلمّا فسلمت عليه .. فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله لما أعتذر إليه المتخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله (ص) لك، فوالله مازالوا يؤنّبوني حتى أردت أن ارجع فأكذّب نفسي... .
        النبيّ (ص) يعلم بكذبهم ولكنه يكل سرائرهم إلى الله , وفيه أن الصحابة يلحون على كعب أن يكذب على رسول الله، كما كذب غيره بأعذار غير صحيحة، وآيات سورة التوبة صريحة في ذلك، وهنا يتبيّن أنّ الصحابة یمكن أن يكذبوا على رسول الله في حياته مع أنّ القرآن ينزل في فضيحتهم فكيف بهم بعد وفاته وانقطاع الوحي.


        ([1])تاريخ الطبري ج 2:ص347.

        ([2]) الأزلام: هي السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها . راجع مختار الصحاح ص148.

        تعليق


        • #14
          بسم الله الرحمن الرحيم
          صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب
          {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ }
          ([1]) .

          عن ابن عباس (رض) قال: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} قال: كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاماً، ونُتِجت خيله قال: هذا دين صالحآ وإن لم تلد امرأته، ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء .
          هذه عبادة بعض الصحابة الذين هاجروا إلى الله .

          * صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين، باب أثم من أشرك بالله.
          عن ابن مسعود (رض) قال: قال رجل: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية ؟ قال: «من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر» .
          ولو كان الصحابة كلهم في الجنة لما فصّل له النبيّ ذلك، ويدل الحديث على شدّة عقاب الصحابة الذين يسيئون في الإسلام .

          صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ}([2]) .
          عن زيد بن أرقم - وهو يقص سماعه لابن أبي سلول لعمّه، أو لعمر، وذكرهم ذلك للنبيّ ودعوة النبيّ (ص) لزيد؛ ليحدّثه بحديث ابن أبي سلول، ثمّ دعى ابن أبي سلول وأصحابه- قال: فحلفوا ما قالوا، فكذّبني رسول الله (ص) وصدّقه..< الحديث عند أخواننا صحيح، وهو واضح أنّ عقيدة النبيّ (ص) هي جواز أن يكذب الصحابة عليه، وهذا ينافي ما يعتقده أهل السنة من أنّ الصحابة عدول، ولا يخضعونهم للجرح والتعديل .

          * صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وَأَولاَت الأحمَالِ}([3]) .
          عن أبو سلمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده، فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة. فقال ابن عباس: آخر الأجلين. قلت أنا: {وَأُوْلاَتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه كريباً إلى أم سلمة يسألها فقالت: قتل زوج سُبيعة الأسلمية وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت، فأنكحها رسول الله (ص)، وكان أبو السنابل فيمن خطبها .
          الصحابة يختلفون فيما بينهم، ويفتي أحدهم بخلاف الآخر، وهذا يؤيد ما نقوله من أنهم غير مؤهلين لحمل المسؤولية، وقد أعدّ الله أناساً لذلك طهرهم من الرجس، وجعلهم باب مدينة العلم ، ومن أراد العلم لابدّ أن يأتيه من بابه، وجعلهم الثقل الآخر مع القرآن، فلا يأتيه ولا يأتيهم الباطل. نقل الحاكم في مستدركه([4]): قال رسول الله (ص): >النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتهم قبيلة من العرب اختلفوا، فصاروا حزب إبليس< . هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

          * صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الوصاية بالنساء.
          عن ابن عمر (رض) قال: كنا نتقي الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد النبيّ (ص)؛ هيبة أن ينزل فينا شيء، فلما توفّى النبيّ (ص) تكلّمنا وانبسطنا .
          يعطي ابن عمر نموذجاً لحال الصحابة حين نزول الوحي، ويتكلّم بصيغة الجمع، فهم كانوا يتّقون من بعض الأمور؛ خوفاً من أن يفضحهم الوحي، فلمّا توفّى النبيّ انبسطوا. ونستنتج من هذا؛ أنهم انبسطوا على كل الأصعدة، وليس فقط مع النساء؛ ولذا وصل هذا الانبساط إلى القتل والقتال في ما بينهم.

          * صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب.
          قالت عائشة: صنع النبيّ (ص) شيئاً فرخّص فيه، فتنزّه عنه قوم، فبلغ ذلك النبيّ (ص)، فخطب فحمد الله ثمّ قال: >ما بال أقوام يتنزّهون عن شيء أضعه؟ فوالله إني لأعلمهم بالله وأشدّهم له خشية<.
          هذه معرفة الصحابة بمقام النبوّة، يخالفونه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، يجتهدون قبال أفعاله؛ ولذا حرّموا المتعة، وأتموا في السفر، وصلّوا التراويح، وأبعدوا الخليفة الشرعي، وقتل بعضهم بعضاً.

          صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب ما يجوز من الغضب والشدّة لأمر الله عزّ وجلّ.
          زيد بن ثابت قال: احتجر رسول الله (ص) حجيرة مخصفة، أو حصيراً، فخرج رسول الله (ص) يصلّي فيها فتتبّع إليه رجال وجاءوا يصلّون بصلاته، ثمّ جاءوا ليلة فحضروا، وأبطأ رسول الله (ص) عنهم، فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم، وحصبوا الباب، فخرج إليهم مغضباً فقال: لهم رسول الله (ص) «مازال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته، إلاّ الصلاة المكتوبة».
          يرفعون أصواتهم، ويرمون بابه بالحصى , وفيه النهي عن صلاة التراويح فعلاً وقولاً، ولكن عمر شرّعها، وبقي السنّة يخالفون النبيّ (ص) ويتبعون عمر، وهكذا كان اتّباعهم للخلفاء والملوك؛ ولذلك انحرف الدين، وبكى أنس على ضياعه كما مرّ في قوله: حتى الصلاة قد ضيعت.

          * صحيح مسلم، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، وأنه يجوز أفرد الحج.
          عن عائشة (رض) أنها قالت: قدم رسول الله (ص) لأربع مضين من ذي الحجة - أو خمس- فدخل عليّ وهو غضبان، فقلت: من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار. قال: «أو ما شعرت أني أمرت الناس بأمر فإذاهم يترددون([5])؟...» «ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه، ثمّ أحِلّ كما حلّوا» .
          وهنا كثير من الصحابة يؤذون رسول الله ولا يقبلون بحكمه، وهذه القصة تخص متعة الحج، وحينما وصلت الخلافة إلى عمر حرّم أمر رسول الله هذا، أي إنه حرّم متعة الحج. ويتبيّن من ذلك أنه من الذين ترددوا بالحكم

          ([1]) الحج: 11.

          ([2]) المنافقون: 1.

          ([3]) الطلاق: 4 .

          ([4]) المستدرك على الصحيحين ـ الحاكم النيسابوري ـ ج3، ص149.

          ([5]) قال النووي في شرح الحديث ج8 ، ص155: أما غضبه (|) فلانتهاك حرمة الشرع، وترددهم في قبول حكمه، وقد قال الله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} فغضب (|) لما ذكرناه من انتهاك حرمة الشرع، والحزن عليهم في نقص ايمانهم بتوقفهم. وفيه دلالة لاستحباب الغضب عند انتهاك حرمة الدين، وفيه جواز الدعاء على المخالف لحكم الشرع. والله أعلم.

          تعليق


          • #15
            بسم الله الرحمن الرحيم
            صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر.

            عن جابر بن عبد الله (رض) أنّ رسول الله (ص) خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام، حتى بلغ كراع الغميم، فصام الناس، ثمّ دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثمّ شرب. فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام. فقال: >أولئك العصاة أولئك العصاة< .
            الصحابة يخالفون النبيّ (ص)، رغم حرصه على أن يراه الجميع، وعمله سنّة. فأخبر النبيّ (ص) أنهم العصاة , وطبعاً هؤلاء من الذين يعتبرون أنفسهم من الأخيار، ولهم أتباع على شاكلتهم يطيعونهم، وأن عصوا رسول الله.

            * صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز.
            ... قال مسلمة: رآني رسول الله (ص) شاحباً فقال لي: >ما لك<. فقلت: فدى لك أبي وأمي، زعموا أن عامراً حبط عمله قال: >من قاله؟< قلت: قاله فلان وفلان وفلان، وأسيد بن خضير الأنصاري، فقال رسول الله (ص): >كذب من قاله، إنّ له لأجرين...<.
            يطلقون أحكاماً على الشهداء جزافاً، والنبيّ (ص) بين أظهرهم، ولا يسألونه حتى يسألهم هو، ويصلح ما شوّهوا، ولكن بعد وفاة النبيّ من الذي يصلح لهم أقوالهم؟ نعم يسدّدهم علي (×) كما سيأتي في رجم الحبلى، ولكن لا يرضون بحكمه دائماً، كما تجده في البحث من اختلاف علي وعثمان في متعة الحج , وفي الحديث أنّ النبيّ (ص) قال: >كذب من قاله< فيثبت أنّ بعض الصحابة يكذبون .
            * صحيح البخاري، كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا}([1]).
            عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبيّ (ص) فقال الرجل: يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل رياءً، فأي ذلك في سبيل الله؟ قال: >من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله<.
            وفيه إقرار من صحابي أنّ الصحابة يقاتلون لغايات متعددة، ويثبت له النبيّ (ص) أنّ هذه ليست في سبيل الله .
            وقد وضّح النبيّ (ص) ذلك في أول حديث في صحيح البخاري([2]) بقوله: >إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه<. وهذا الحديث يوضّح سبب قتال البعض.
            * صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء.
            عن حمران مولى عثمان قال: أتيت عثمان بن عفان بوضوء فتوضأ ثمّ قال: إن ناساً يتحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث لا أدري ما هي ؟...
            صحابي يشكك في صدق الصحابة بنقلهم عن رسول الله؛ لأنه في الصدر الأول، والناقل عن النبيّ الصحابة .
            * صحيح مسلم، كتاب الحج، باب ما يلزم من أحرم بالحج.
            عن وبرة قال: سأل رجل ابن عمر (رض) : أطوف بالبيت وقد أحرمت بالحج؟ فقال: وما يمنعك؟ قال: إني رأيت ابن فلان يكرهه، وأنت أحب إلينا منه، رأيناه قد فتنته الدنيا. فقال: وأينا - أو أيكم - لم تفتنه الدنيا؟ ثمّ قال: رأينا رسول الله (ص) أحرم بالحج، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، فسنّة الله وسنّة رسوله (ص) أحق أن تتبع من سنة فلان إن كنت صادقاً.
            صحابة يختلفون بينهم، ويقرّون على أنفسهم أنهم قد فتنتهم الدنيا , والعجب أنهم يقرّون على أنفسهم بذلك وعلماء السنّة يبرّرون لهم كل شيء. وابن فلان أي ابن عباس كما بيّنه النووي([3]) .
            * صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها.
            عن ابن شهاب، أنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخبره، أنّ فاطمة بنت قيس أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت أنها جاءت رسول الله (ص) تستفتيه في خروجها من بيتها، فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدّقه في خروج المطلقة من بيتها. وقال عروة: إنّ عائشة أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس .
            الصحابة يكذّب بعضهم بعضاً، أي أنهم يجوّزون على الصحابة أن يكذبوا على رسول الله، وأهل السنّة لا يجوّزون ذلك على الصحابة ويجعلونهم جميعاً مطهرين من الكذب، وهم بذلك يخالفون الصحابة أنفسهم.
            * صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين.
            عن إياس بن سلمة، حدثني أبي قال: غزونا مع رسول الله (ص) حنيناً ... فالتقوا هم وصحابة النبيّ (ص)، فولّى صحابة النبيّ (ص) وأَرجعُ منهزماً وعليَّ بردتان متزراً بإحداهما مرتدياً بالأخرى، فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعاً، ومررت على رسول الله (ص) منهزماً ، وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله (ص): >لقد رأى بن الأكوع فزعاً< .
            صحابة يفرّون بعد تأنيب القرآن لهم حينما انهزموا في أحد، وهذا الصحابي يترك النبيّ (ص) وينهزم، رغم رؤيته للنبيّ وثباته.
            * صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب.
            عن حذيفة قال: لقد رأيتنا مع رسول الله (ص) ليلة الأحزان، وأخذتنا ريح شديدة وحرٌّ، فقال رسول الله (ص): >ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟< فسكتنا فلم يجبه منا أحد - كررها ثلاثاً ... .
            هؤلاء الصحابة يُعطون الجنة مع النبيّ (ص)؛ لمهمة أخفّ من الموت، ولكنهم يفضلون الدنيا على الجنة, وقد عبر عليهم عمرو بن ود العامري، فلم يبرز له أحد إلاّ علي فقتله، وانهزم أصحابه الذين عبروا الخندق([4]) .

            * صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش.
            عن جابر قال: لم نبايع رسول الله (ص) على الموت، إنما بايعناه على أن لا نفرّ .
            ولكنهم فرّوا في حنين، وهي بعد بيعة الشجرة، ونقضوا العهد النبوي.
            صحيح مسلم، كتاب وباب صفات المنافقين.
            أياس قال: حدثني أبي قال: عدنا مع رسول الله (ص) رجلاً موعوكاً قال: فوضعت يدي عليه فقلت: والله ما رأيت كاليوم رجلاً أشدّ حرّاً. فقال نبي الله (ص): >ألا أخبركم بأشدّ حرّاً منه يوم القيامة ؟ هذينك الرجلين الراكبين المقفيين<. لرجلين حينئذٍ من أصحابه .
            وهذا الحديث يخبر أنّ هذين الرجلين - وهم من أصحابه - في النار يوم القيامة، وهذا وصف جهنم { .. قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}[التوبة: 81].
            * صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب إذا قال عند قوم شيئاً..
            نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية، جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبيّ (ص) يقول:"ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة، وإنّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثمّ يُنصب له القتال، وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلاّ كانت الفيصل بيني وبينه".
            وكما هو معلوم فإنّ طلحة والزبير وبعض أصحابهما بايعا علياً (ع)، ثمّ نصبا له القتال .
            تم الموضوع والحمد لله رب العالمين




            ([1]) الصّافات: 171 .

            ([2]) صحيح البخاري، ج1، ص2 .

            ([3]) شرح مسلم ـ النووي ـ ج8 ، ص218 .

            ([4]) في المستدرك على الصحيحين ج3، ص32 .. خرج معلّماً ليُرى مشهده، فلمّا وقف هو وخيله- أي عمر بن ود- قال له علي: >يا عمرو، قد كنت تعاهد الله لقريش أن لا يدعو رجل إلى خلتين إلاّ قبلت منه أحدهما<. فقال عمرو: أجل. فقال له علي رضي الله عنه: >فإني أدعوك إلى الله عزّ وجلّ، وإلى رسوله (|) والإسلام<. فقال: لا حاجة لي في ذلك.قال: >فإني أدعوك إلى البراز<. قال: يا بن أخي، لِمَ؟ فوالله ما أحبّ أن أقتلك. فقال علي:>لكني أحبّ أن أقتلك<. فحمي عمرو؛ فاقتحم عن فرسه فعقره، ثمّ أقبل، فجاء إلى علي وقال: من يبارز؟ فقام علي وهو مقنّع في الحديد فقال: >أنا له يا نبي الله< فقال: >إنه عمرو بن عبد ود، اجلس<. فنادى عمرو: ألا رجل؟ فأذن له رسول الله (|)، فمشى إليه علي رضي الله عنه وهو يقول:
            لا تعجلن فقد أتاك***مجيب صوتك غير عاجز
            ذو نبهة وبصيرة***والصدق منجى كل فائز
            أني لأرجو أن أقيم***عليك نائحة الجنائز
            من صولة نجلاء يبقى***ذكرها عند الهزاهز
            فقال له عمرو: من أنت؟ قال: >أنا علي<. قال: ابن من؟ قال: ابن عبد مناف، أنا علي بن أبي طالب<. فقال: عندك يابن أخي من أعمامك من هو أسنّ منك؟ فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك. فقال علي: >لكني والله ما أكره أن أهريق دمك<. فغضب، فنزل فسلّ سيفه، كأنه شعلة نار، ثمّ أقبل نحو علي مغضباً، واستقبله علي بدرقته، فضربه عمرو في الدرقة فقدّها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجه، وضربه علي رضي الله عنه على حبل العاتقفسقط، وثار العجاج، فسمع رسول الله (|) التكبير، فعرف أن علياً قتله، فثمّ يقول علي رضي الله عنه:
            أعلي يقتحم الفوارس هكذا***عني وعنهم أخروا أصحابي
            اليوم يمنعني الفرار حفيظتي***ومصمم في الرأس ليس بنابي
            إلا ابن عبد حين شدّ إليه***وحلفت فاستمعوا من الكتاب
            أني لأصدق من يهلل بالتقى***رجلان يضربان كل ضراب
            فصدرت حين تركته متجدلاً***كالجذع بين دكادك وروابي
            وعففت عن أثوابه ولو أنني***كنت المقطّر يزنّ أثوابي
            عَبَدَ الحجارة من سفاهة عقله***وعبدتُ ربّ محمد بصواب
            ثمّ أقبل علي (رض) نحو رسول الله (|) ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب (رض): هلا أسلبته درعه، فليس للعرب درعاً خيراً منها؟ فقال: ضربته فاتقاني بسوءته، واستحييت ابن عمي أن أستلبه، وخرجت خيله منهزمة حتى أقحمت من الخندق، ولنعم ما نقلهالحاكم في مستدركه ج3 ص34 عن احمد بن عبد الجبار العطاردي سمعت يحيى بن آدم يقول: ما شبهت قتل علي عمرا الا بقول الله عز وجل "فهزموهم بإذن الله وقتل داوود جالوت.."البقرة251 ويحيى بن ادم من شيوخ الشيخين
            التعديل الأخير تم بواسطة سيد معد; الساعة 01-01-2012, 10:35 AM.

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X