المآسي الزينبية *
ومن ذلك اليوم تغيّرت معالم الحياة في بيتها، وخيّمت الهموم والغموم على أسرتها، فقد هجم رجال السقيفة على دارها لإخراج أبيها أمير المؤمنين (ع) من البيت لأخذ البيعة منه، بعد أن أحرقوا باب الدار وكادوا أن يُحرقوا الدار بمَن فيها، واعتدوا على أمها الزهراء (ع)..
وبعد شهور فُجعت السيدة زينب (ع) بوفاة أمّها (ع) وهي في رَيَعان شبابها، لأنّها لم تبلغ العشرين من العمر، ودُفنت ليلاً وسرّاً، وعُفّي موضع قبرها. ومنذ ذلك الوقت كانت السيدة زينب ترى أباها أمير المؤمنين (ع) جليس الدار، مدفوعاً عن حقّه، صابراً على طول المدة وشدّة المحنة.
وبعد خمس وعشرين سنة -وبعد مقتل عثمان- أكرهوه أن يوافق على بيعة الناس له، فبايعوه بالطوع والرغبة، وبلا إجبار أو إكراه من أحد، وكان أول من بايعه هم أوّل مَن نكث البيعة ونقض العهد، وخرجوا عليه وقادوا الناكثين (للبيعة) من المناوئين للإمام (ع) في واقعة الجمل المعروفة.
وبعد فترة قصيرة حدثت واقعة صفّين، وقاد القاسطين، واشتدّ القتال وكاد نسل العرب أن ينقطع من كثرة القتلى.. ثمّ أعقبتها واقعة النهروان. وتُعتبر هذه الحروب من أهمّ الاضطرابات الداخلية في أيام خلافة الإمام أمير المؤمنين (ع).. وانتهت تلك الأيام المؤلمة بشهادة أبيها (ع) ومَقتله على يد ابن ملجم.
ولمّا قام أخوها الإمام الحسن (ع) بأعباء الإمامة تخاذل بعض أصحابه في حربه مع معاوية، وصدرت منهم الخيانة العظمى التي بقيت وصمة عارها إلى هذا اليوم، فاضطرّ الإمام (ع) إلى إيقاف القتال حقناً لدماء مَن بقي من أهل بيت رسول الله (ص).
وخلا الجوّ لمعاوية وعُملائه، وظهر منهم أشدّ أنواع العداء المكشوف للإمام علي (ع)، فسنّ معاوية لعن الإمام على المنابر في البلاد الإسلامية، وأمر باختلاق الأحاديث في ذمّ الإمام والمسّ بكرامته.
وطالت مدّة الاضطهاد عشر سنين، وانتهت إلى دسّ السمّ إلى الإمام الحسن (ع)، وقضى الإمام نحبه مسموماً، ورشقوا جنازته بالسهام حتى لا يدفن عند قبر جدّه رسول الله (ص).
وهكذا امتدّت سنوات الكبت والضغط، وبلغ الظلم الأموي القمّة، وتجاوز حدود القساوة، وانصبّت المصائب على الشيعة في كلّ مكان، بكيفيّة لا مثيل لها في التاريخ الإسلامي يومذاك، مِن قطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلب الأجساد، وأمثال ذلك من الأعمال الوحشيّة البربريّة!..
وعاصر الإمام الحسين (ع) تلك السنوات السود التي انتهت بموت معاوية واستيلاء ابنه يزيد على منصّة الحكم.
وكانت تلك الحوادث بمرأى من السيدة زينب (ع) ومَسمَع.. وهذه عُصارة الخلاصة للجانب المأساوي في حياة الصديقة الصغرى (ع) المليء بالكوارث والحوادث، طيلة نيّف وأربعين سنة من عمرها.. وأعظم حادثة، وأهمّ فاجعة حدثت في حياتها (ع) هي فاجعة كربلاء التي أنست ما قبلها من الرزايا، وهوّنت ما بعدها من الحوادث والفجائع.
___________________________________
* مقتبس باختصار من كتاب (زينب الكبرى) للسيد محمد كاظم القزويني (ره).
هـتِّكوا عن نسائكم كل خدر
الشيخ عبد الحسين شكر (ره) (ت: 1285)
البدارَ البدارَ آل نـزار سلبتكم بـالطفِّ أيَّ نـفوسٍ يـوم جـدَّت بـالطفِّ كل يمين لا تلد هاشميةٌ علوياً طأطئوا الرؤوس إنَّ رأسَ حسينٍ لا تذوقوا المعين واقضوا ظمايا أنـزار نـضُّوا بـرود التهاني لا تُـمدُّوا لـكم عن الشمس ظلاً حـقٌّ أن لا تـكفنوا هـاشمياً هل خبا بعد محصنات حسينٍ بـاكيات لـولا لهيب جواها لا تَـشُقّوا لآل فـهر قبوراً هـتِّكوا عن نسائكم كلَّ خدرٍ شـأنها النوحُ ليس تهدأ آناً أين من أهلها بنو شيبة الحمد أين هم عن عقائلٍ ما عَرفنَ أين هـم عن حرائرٍ بأنينٍ فليسدوا رحبَ الفضا بالعوادي ولـيقلّوا الأعلامَ تخفق سوداً ولـيؤموا إلى زعـيم لوي ولـيضجوا بـعولة وانتحاب عـظم الله في بنيك لك الأجر قـمْ أثـِرْ نـقعها فإنَّ حُسيناً حـاشَ لله أن تغض جفوناً لا ولـكـنما رزايـا حـسينٍ |
قـد فـنيتم ما بين بِيض الشفارِ ألبـستكم ذلاً مـدى الأعـمارِ مـن بني غـالبٍ وكلَّ يسارِ إن تركتم أميـةً بقرارِ رفـعته فـوق القنا الخطَّارِ بـعد ظـامٍ قـضى بحدِّ الغرارِ فـحسينٌ عـلى البسيطة عاري إن في الـشمس مهجة المختارِ بـعدما كـفّن الحسينَ الذاري سـاتر دون مـحصنات نزارِ كدن يغرقن بالدموع الجواري فـابن طـه ملقىً بلا إقبارِ هـذه زيـنبٌ على الأكوارِ عـلى بكاً بالعشيِّ والإبكارِ ليوث الوغى حماة الذمارِ السيرَ كلّا ولا الهزال العواري يـتشاكين عـن قلوبٍ حرارِ ولـيهبّوا طُـراً لأخـذ الثارِ بأيادي في الطعن غير قصارِ أسد الله حيدر الكرارِ ولـيـنادوا بـذلة وانـكسارِ فهم في الطفوف نهب الغرارِ قـد غدا مَرتعاً لبِيض الشفارِ وبـأحشاكَ أيّ جـذوة نـارِ حـدبت من قراكَ أي فقارِ |
منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
جوار مرقد كفيل زينب (ع)