الاصطلاح والمفهوم
تنطوي عبارة الخلفاء الراشدون على معنيين اثنين. أحدهما لغوي، والثاني، اصطلاحي.
أما لغويا، فإن عبارة: " الخلفاء الراشدون ": إذا فككنا تركيبها، ونظرنا لغويا في المفردتين المكونتين لها، نجد ما يلي:
خلفاء، خليفة من الخلافة.. وهي لغة تعني النيابة.. وخليفة الرجل، من يقوم مقامه.. وفي القرآن. " إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء
" فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب "
" واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح "
" ثم جعلناكم خلائق في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون "
" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة "
" يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض "
أما لفظة " الراشدون " جمع راشد. صفة للنضج والحلم والعقل.
أما في المصطلح فإن الخلفاء جمع خليفة مشتقة عن مصدر خلافة.. وهي النيابة، والقيام مقام الرسول (ص) بعد وفاته، وتمثل كل مهماته كحمل الناس على الطاعات وتنفيذ حكم الشريعة.
والخلفاء الراشدون هم جماعة تلي الأمر بعد الرسول (ص) ويكون هديها من صميم هدي الرسول (ص).
في الاصطلاح الذي تواضع عليه العامة فيما بعد، أصبحت كلمة " الخلفاء الراشدون " تطلق على أشخاص معينين. هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. وقد طال الأمد على العامة إلى أن قسى قلبها وتحجر على هذا الاصطلاح، رغم ما يعتريه من تعسف على الواقع التاريخي، ومفاد النص، اللذين تتأكد من خلالهما الخلفية السياسية لهذا الاصطلاح فتاريخيا لم يكن اسم خليفة متداولا في عصر الرسول (ص) بمعناه الاصطلاحي إلا في شخص علي (عليه السلام) وذلك للأدلة كحديث يوم الدار وكان أبو بكر قد سمى نفسه " خليفة رسول الله وكتب بذلك إلى الأطراف "
فكان يكتب من خليفة رسول الله، وكان عمر يكتب: " من خليفة خليفة رسول الله ".
وكان قبل ذلك يقال له: " خليفة خليفة رسول الله، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها "
وكان أبو بكر في البداية يتحرج من الجهر بها، ويضطرب من أمرها. فقد جاء
في لسان العرب عن ابن الأثير إن أعرابيا جاء أبا بكر وقال له: أنت خليفة رسول الله؟.
فقال: لا.
فقال: فما أنت؟.
قال: أنا الخالفة بعده.
قال ابن الأثير، الخالفة: الذي لا غناء ولا خير فيه. وإنما قال ذلك تواضعا.
ولست أدري على أي وجه اعتبرها ابن الأثير كذلك. وهل من التواضع أن يصف الإنسان نفسه بالحمق والنفاق وهو في مقام الخلافة. وذلك هو ما ذهب إليه العسكري في الأوائل من معنى " خالف " إذ يقول: " وأما الخلافة بالفتح فالحمق وقلة الخير، رجل خالف، وفي القرآن الكريم: " فاقعدوا مع الخالفين "
قال أبو زيد: " يعني من لا خير فيه من المنافقين
وكان المفهوم اللغوي لكلمة خلافة هو الجاري به العمل أيام الشيخين، لما تقدم من تسمية عمر لنفسه خليفة خليفة رسول الله، وتركها لاستثقالهم طولها.
ولو أنها كانت تعني المفهوم الاصطلاحي، لكان سمي أبو بكر إماما، وأميرا للمؤمنين نظرا لتداخل معاني هذه الكلمات في الاعتبار الشرعي والاصطلاحي.
فكلمة إمام وأمير المؤمنين لم تكن متداولة اصطلاحيا إلا في شخص علي (عليه السلام) سواء في زمن الرسول (صلى الله عليه واله) أو بعده كما تقدم ويعزز ذلك ما أكده المؤرخون من أن أول من سمى، نفسه أمير المؤمنين من الخلفاء بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله) هو عمر بن الخطاب. وكان عدي بن حاتم أول من سماه بها حسب المسعودي، وأول من سلم عليه بها، المغيرة بن شعبة. وأول من دعا له بهذا الاسم على المنبر، أبو موسى الأشعري. فلما قرأها على عمر قال: " إني لعبد الله وإني لعمر وإني لأمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين
وذكر العسكري في أوائله: " إن أبا بكر كان يكتب من خليفة رسول الله حتى كتب عمر إلى عامل العراق أن يبعث إليه رجلين يسألهما عن العراق وأهله، فبعث لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم، فقدما المدينة ودخلا المسجد، فوجدا عمرو بن العاص فقالا: أستأذن لنا على أمير المؤمنين، فقال: أنتما والله أصبتما اسمه فدخل على عمر، فقال.
السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال: ما بدا لكم في هذا لتخرجن مما دخلت فيه فأخبره، وقال: أنت الأمير ونحن المؤمنون، فجرى الكتاب بذلك من يومئذ في كلام هذا معناه ".
وكان من الصعب جدا على فريق السقيفة أن يفوز بهذا اللقب من دون أن يجد حرجا كبيرا.
إذ سبق أن قر في وجدان المسلمين إن الخلافة أمر يقرره النص، لأنها ملازمة للإمارة التي سبق أن أوضحنا رأي الرسول (صلى الله عليه واله) فيها منذ البداية عندما عرض نفسه على بني عامر بن صعصعة قائلا: الأمر لله يجعله حيث يشاء. ولأن الخلافة ظلت من اختصاص الإمام علي (ع) لما استحقها بمؤازرته. فهي اصطلاحا كانت من اختصاصه منذ واقعة الانذار بيوم الدار. ولغن سرعان ما قست قلوب الذين لا يعلمون، فأصبحوا يستسيغونه. وكثيرا ما كان المتزلفون والمنافقون من أعوان المغتصبين، يساهمون في إطلاق هذه الألقاب مجانا على تيار الاغتصاب، وذلك من أجل تفويت ذلك الامتياز على أهله الحقيقيين.
هذا فيما يرتبط بكلمة خلافة لغويا واصطلاحيا من وجهة نظر التاريخ.
وجاء في أحاديث العامة ما يؤسس لادعاء جديد في أمر الخلفاء الأربعة بعد الرسول (صصلى الله عليه واله وهو ما أسماه الحديث " الخلفاء الراشدون " معتبرين لفظة " الراشدين " بمثابة ضميمة تخصص الأربعة، وتضعهم في المرتبة التشريعية. وذلك وفق ما جاء في الحديث:
" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجد "
واعتاد أهل السنة والجماعة أن يعينوا الخلفاء الأربعة، كتخصيص لهذا الحديث، وهو ما ذكره صاحب الموافقات عن النبي (صصلى الله عليه واله " إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار لي منهم أربعة: أبا بكر وعمر وعثمان وعلي ":
وقبل الشروع في الرد على هذا الادعاء. أرى من الأولى إثارة نقطة حساسة في هذا المقام. فما ثبت عن الرسول (صلى الله عليه واله) من طريق آخر، إنه حدد معنى الخلفاء من بعده، وجعل صفتهم رواية الحديث والسنة. قال " اللهم ارحم خلفائي.
اللهم ارحم خلفائي. اللهم ارحم خلفائي. قيل له: يا رسول الله، من خلفاءك؟.
قال: " الذين يأتون بعدي يروون حديثي وسنتي ".
فهذا التحديد يعرف بصفة خلفاء الرسول (صلى الله عليه واله) الذين يعملون على نشر سنته. ويستفاد من ذلك أن سنتهم واحدة بهذا الاعتبار الذي تحدده وحدة المصدر، ووحدة الاتجاه في سنتهم جميعا، باعتبارها واقعة في خط سنة الرسول(صلى الله عليه واله) فلننظر كيف كان موقف الخلفاء ما عدا علي (ع) من السنة والحديث.
جاء في تذكرة الحفاظ، إنه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) جمع أبو بكر الناس، وخطب فيهم قائلا:
" إنكم تحدثون عن رسول الله (صصلى الله عليه واله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله (صلى الله عليه واله) شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ".
وكان هذا الإجراء تعسفيا لمنع الرواية ومحاصرة السنة. والإبقاء على القرآن، لكونه حمال ذو وجوه، يسهل عليهم التلبيس والتضليل. ولا عليك من دفاع أهل التبرير من خوف أبي بكر على كتاب الله. وهو الذي منع فاطمة من إرث أبيها لحديث انفرد به.
وهو " لا نورث ما تركنا " وقد احتجت عليه فاطمة بالقرآن. وأبى عليها ذلك، عندما قالت له: " وورث سليمان داود "
وإني " خفت الموالي من ورائي، وكانت امرأتي عاقرا، فهب لي من لدنك وليا، يرثني ويرث آل يعقوب "
فلو كان كما قال: قولوا بيننا كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه، لما رفض نصا قرآنيا، وتمسك لحديث انفرد به يخالف صريح القرآن.
ومن سيرتهم أيضا في تطويق السنة النبوية، ما ذكر ابن ماجة في السنن، إن قرظة بن كعب قال:
" بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة وشيعنا فمشى معنا إلى موضع صرار.
فقال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قال: قلنا لحق صحبة رسول الله، ولحق الأنصار. قال: لكني مشيت معكم لحديث أردت أن أحدثكم به، فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم. أنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل. فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم، وقالوا:
أصحاب محمد! فأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه واله) ثم أنا شريككم ".
وبلغ من الخوف الشديد من رواية الحديث، أن بعضهم انقطع تماما عن الرواية لما ذكره السائب بن يزيد قال: " صحبت سور بن مالك من المدينة إلى مكة، فما سمعته يحدث عن النبي (صلى الله عليه واله) بحديث واحد "
تنطوي عبارة الخلفاء الراشدون على معنيين اثنين. أحدهما لغوي، والثاني، اصطلاحي.
أما لغويا، فإن عبارة: " الخلفاء الراشدون ": إذا فككنا تركيبها، ونظرنا لغويا في المفردتين المكونتين لها، نجد ما يلي:
خلفاء، خليفة من الخلافة.. وهي لغة تعني النيابة.. وخليفة الرجل، من يقوم مقامه.. وفي القرآن. " إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء
" فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب "
" واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح "
" ثم جعلناكم خلائق في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون "
" وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة "
" يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض "
أما لفظة " الراشدون " جمع راشد. صفة للنضج والحلم والعقل.
أما في المصطلح فإن الخلفاء جمع خليفة مشتقة عن مصدر خلافة.. وهي النيابة، والقيام مقام الرسول (ص) بعد وفاته، وتمثل كل مهماته كحمل الناس على الطاعات وتنفيذ حكم الشريعة.
والخلفاء الراشدون هم جماعة تلي الأمر بعد الرسول (ص) ويكون هديها من صميم هدي الرسول (ص).
في الاصطلاح الذي تواضع عليه العامة فيما بعد، أصبحت كلمة " الخلفاء الراشدون " تطلق على أشخاص معينين. هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. وقد طال الأمد على العامة إلى أن قسى قلبها وتحجر على هذا الاصطلاح، رغم ما يعتريه من تعسف على الواقع التاريخي، ومفاد النص، اللذين تتأكد من خلالهما الخلفية السياسية لهذا الاصطلاح فتاريخيا لم يكن اسم خليفة متداولا في عصر الرسول (ص) بمعناه الاصطلاحي إلا في شخص علي (عليه السلام) وذلك للأدلة كحديث يوم الدار وكان أبو بكر قد سمى نفسه " خليفة رسول الله وكتب بذلك إلى الأطراف "
فكان يكتب من خليفة رسول الله، وكان عمر يكتب: " من خليفة خليفة رسول الله ".
وكان قبل ذلك يقال له: " خليفة خليفة رسول الله، فعدلوا عن تلك العبارة لطولها "
وكان أبو بكر في البداية يتحرج من الجهر بها، ويضطرب من أمرها. فقد جاء
في لسان العرب عن ابن الأثير إن أعرابيا جاء أبا بكر وقال له: أنت خليفة رسول الله؟.
فقال: لا.
فقال: فما أنت؟.
قال: أنا الخالفة بعده.
قال ابن الأثير، الخالفة: الذي لا غناء ولا خير فيه. وإنما قال ذلك تواضعا.
ولست أدري على أي وجه اعتبرها ابن الأثير كذلك. وهل من التواضع أن يصف الإنسان نفسه بالحمق والنفاق وهو في مقام الخلافة. وذلك هو ما ذهب إليه العسكري في الأوائل من معنى " خالف " إذ يقول: " وأما الخلافة بالفتح فالحمق وقلة الخير، رجل خالف، وفي القرآن الكريم: " فاقعدوا مع الخالفين "
قال أبو زيد: " يعني من لا خير فيه من المنافقين
وكان المفهوم اللغوي لكلمة خلافة هو الجاري به العمل أيام الشيخين، لما تقدم من تسمية عمر لنفسه خليفة خليفة رسول الله، وتركها لاستثقالهم طولها.
ولو أنها كانت تعني المفهوم الاصطلاحي، لكان سمي أبو بكر إماما، وأميرا للمؤمنين نظرا لتداخل معاني هذه الكلمات في الاعتبار الشرعي والاصطلاحي.
فكلمة إمام وأمير المؤمنين لم تكن متداولة اصطلاحيا إلا في شخص علي (عليه السلام) سواء في زمن الرسول (صلى الله عليه واله) أو بعده كما تقدم ويعزز ذلك ما أكده المؤرخون من أن أول من سمى، نفسه أمير المؤمنين من الخلفاء بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه واله) هو عمر بن الخطاب. وكان عدي بن حاتم أول من سماه بها حسب المسعودي، وأول من سلم عليه بها، المغيرة بن شعبة. وأول من دعا له بهذا الاسم على المنبر، أبو موسى الأشعري. فلما قرأها على عمر قال: " إني لعبد الله وإني لعمر وإني لأمير المؤمنين، والحمد لله رب العالمين
وذكر العسكري في أوائله: " إن أبا بكر كان يكتب من خليفة رسول الله حتى كتب عمر إلى عامل العراق أن يبعث إليه رجلين يسألهما عن العراق وأهله، فبعث لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم، فقدما المدينة ودخلا المسجد، فوجدا عمرو بن العاص فقالا: أستأذن لنا على أمير المؤمنين، فقال: أنتما والله أصبتما اسمه فدخل على عمر، فقال.
السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال: ما بدا لكم في هذا لتخرجن مما دخلت فيه فأخبره، وقال: أنت الأمير ونحن المؤمنون، فجرى الكتاب بذلك من يومئذ في كلام هذا معناه ".
وكان من الصعب جدا على فريق السقيفة أن يفوز بهذا اللقب من دون أن يجد حرجا كبيرا.
إذ سبق أن قر في وجدان المسلمين إن الخلافة أمر يقرره النص، لأنها ملازمة للإمارة التي سبق أن أوضحنا رأي الرسول (صلى الله عليه واله) فيها منذ البداية عندما عرض نفسه على بني عامر بن صعصعة قائلا: الأمر لله يجعله حيث يشاء. ولأن الخلافة ظلت من اختصاص الإمام علي (ع) لما استحقها بمؤازرته. فهي اصطلاحا كانت من اختصاصه منذ واقعة الانذار بيوم الدار. ولغن سرعان ما قست قلوب الذين لا يعلمون، فأصبحوا يستسيغونه. وكثيرا ما كان المتزلفون والمنافقون من أعوان المغتصبين، يساهمون في إطلاق هذه الألقاب مجانا على تيار الاغتصاب، وذلك من أجل تفويت ذلك الامتياز على أهله الحقيقيين.
هذا فيما يرتبط بكلمة خلافة لغويا واصطلاحيا من وجهة نظر التاريخ.
وجاء في أحاديث العامة ما يؤسس لادعاء جديد في أمر الخلفاء الأربعة بعد الرسول (صصلى الله عليه واله وهو ما أسماه الحديث " الخلفاء الراشدون " معتبرين لفظة " الراشدين " بمثابة ضميمة تخصص الأربعة، وتضعهم في المرتبة التشريعية. وذلك وفق ما جاء في الحديث:
" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها
بالنواجد "
واعتاد أهل السنة والجماعة أن يعينوا الخلفاء الأربعة، كتخصيص لهذا الحديث، وهو ما ذكره صاحب الموافقات عن النبي (صصلى الله عليه واله " إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار لي منهم أربعة: أبا بكر وعمر وعثمان وعلي ":
وقبل الشروع في الرد على هذا الادعاء. أرى من الأولى إثارة نقطة حساسة في هذا المقام. فما ثبت عن الرسول (صلى الله عليه واله) من طريق آخر، إنه حدد معنى الخلفاء من بعده، وجعل صفتهم رواية الحديث والسنة. قال " اللهم ارحم خلفائي.
اللهم ارحم خلفائي. اللهم ارحم خلفائي. قيل له: يا رسول الله، من خلفاءك؟.
قال: " الذين يأتون بعدي يروون حديثي وسنتي ".
فهذا التحديد يعرف بصفة خلفاء الرسول (صلى الله عليه واله) الذين يعملون على نشر سنته. ويستفاد من ذلك أن سنتهم واحدة بهذا الاعتبار الذي تحدده وحدة المصدر، ووحدة الاتجاه في سنتهم جميعا، باعتبارها واقعة في خط سنة الرسول(صلى الله عليه واله) فلننظر كيف كان موقف الخلفاء ما عدا علي (ع) من السنة والحديث.
جاء في تذكرة الحفاظ، إنه بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله) جمع أبو بكر الناس، وخطب فيهم قائلا:
" إنكم تحدثون عن رسول الله (صصلى الله عليه واله أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافا، فلا تحدثوا عن رسول الله (صلى الله عليه واله) شيئا، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ".
وكان هذا الإجراء تعسفيا لمنع الرواية ومحاصرة السنة. والإبقاء على القرآن، لكونه حمال ذو وجوه، يسهل عليهم التلبيس والتضليل. ولا عليك من دفاع أهل التبرير من خوف أبي بكر على كتاب الله. وهو الذي منع فاطمة من إرث أبيها لحديث انفرد به.
وهو " لا نورث ما تركنا " وقد احتجت عليه فاطمة بالقرآن. وأبى عليها ذلك، عندما قالت له: " وورث سليمان داود "
وإني " خفت الموالي من ورائي، وكانت امرأتي عاقرا، فهب لي من لدنك وليا، يرثني ويرث آل يعقوب "
فلو كان كما قال: قولوا بيننا كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه، لما رفض نصا قرآنيا، وتمسك لحديث انفرد به يخالف صريح القرآن.
ومن سيرتهم أيضا في تطويق السنة النبوية، ما ذكر ابن ماجة في السنن، إن قرظة بن كعب قال:
" بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة وشيعنا فمشى معنا إلى موضع صرار.
فقال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قال: قلنا لحق صحبة رسول الله، ولحق الأنصار. قال: لكني مشيت معكم لحديث أردت أن أحدثكم به، فأردت أن تحفظوه لممشاي معكم. أنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل. فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم، وقالوا:
أصحاب محمد! فأقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه واله) ثم أنا شريككم ".
وبلغ من الخوف الشديد من رواية الحديث، أن بعضهم انقطع تماما عن الرواية لما ذكره السائب بن يزيد قال: " صحبت سور بن مالك من المدينة إلى مكة، فما سمعته يحدث عن النبي (صلى الله عليه واله) بحديث واحد "
تعليق