عالمية النهضة الحسينية
لم يكن الحسين عليه السلام طائفياً ولا فئوياً ولا اقليمياً ولم تكن نهضته المباركة محصورة بشيعة ابيه علي ابن ابي طالب عليه السلام ولا محدودة بحدود المكان والزمان بل كانت نهضته هي امتداد نهضة جده المصطفى بل هي عين رسالة جده صلى الله عليه واله حيث كانت رسالة الاسلام عالمية تشمل الانسانية بجميع طوائفها واجناسها وتشمل الانسان على اختلاف لغاته والوانه وقومياته , وقد رسم الحسين عليه السلام هذه اللوحة المتجانسة في اصحابه الذين لم يتجاوزوا الاثنين وسبعين رجلاً (على اكثر الروايات) فكان فيهم مَنْ كان مِنْ اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وكان فيهم من كان عثماني الهوى وكان فيهم النصراني وكان فيهم الرجل والمرأة وكان فيهم الحر والعبد وكان فيهم من التحق به من جيش اعداءه لذا كان هذا التنوع في اصحاب الحسين وانصاره دليل على مدى اتساع رقعة رسالته وعالمية نهضته التي تحاول ان توصل الخير للانسان بغض النظر عن انتمائه ودينه وعرقه مالم يعلن الحرب على الاسلام كما فعل شيعة ال ابي سفيان , لأن جبهة الحسين عليه السلام كانت تمثّل خط الاسلام اما الجبهة الاخرى فكانت تمثّل الموروث الجاهلي بكل ما يحمل من عصبيات لاتدين بأي دين سماوي وقد اعلنوها اكثر من مرة منها حين سألهم عليه السلام (فإن كنتم في شكّ من هذا أفتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم ؟ ! فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أومال لكم استهلكته ، أو بقصاص جراحة؟ !) فأخذوا لا يكلّمونه .ثم طلبوا منه ان ينزل على حكم يزيد فكان جوابه عليه السلام (لا والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل، ولا اقر اقرار العبيد ! عباد الله واني عذت بربي وربكم ان ترجمون اعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) وبهذا كشف عليه السلام ان القوم لا يؤمنون بالاخرة .. الى ان يقولوا له (بل نقاتلك بغضا منا لابيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين) وهذا كشف منهم لعصبياتهم الجاهلية في مقابل من يمثل خط الاسلام المحمدي وأكد هذا الانحراف عن مسار خط الاسلام طاغيتهم يزيد الذي قال حين سمع صوت الغراب ورأى الرؤوس على المحامل :لما بدت تلك الحمول وأشرقت تلك الشموس على ربى جيرون ِ
نعب الغراب فقلت صح او لاتصح فلقد قضيت من النبي ديوني
وقال لعنه الله في موضع اخر :
ليت اشياخي ببدر شهدوا وقعة الخزرج من وقع الاسل
لأهلوا وأستهلوا فرحاً ثم قالوا يا يزيد لا تِشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلنا ميل بدر فأعتدل
لست من خندف ان لم انتقم من بني احمد ماكان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
وهنا كشف اللعين كلَّ اقنعته فأظهر عدم ايمانه بالنبي صلى الله عليه واله فضلاً عن تأكيده على انه على نفس مسار اشياخه المشركين واعتبارهم النبوة التي اختصت ببني هاشم ملكاً وسلطاناً لا علاقة له بالسماء ..في الوقت الذي استنفذ الامام الحسين عليه السلام كل ما بجعبته من وسائل لأستنقاذ اكبر عدد منهم وذلك ما استقرأناه من خلال كلمات وخطب الامام الحسين واهل بيته واصحابه عليهم السلام في يوم عاشوراء مما يدلل بشكل قاطع على انسانية نهضة الحسين فضلاً عن عالميتها كونها دعت للاصلاح وحاربت الفساد والافساد والظلم بجميع انواعه بدون مسمى عرقي او قبلي او مذهبي او اي مسمى اخر ...
تعليق