من أعطى مهر زواج النبي (ص) من خديجة (ع)؟
تمر علينا في العاشر من ربيع الأول ذكرى الزواج الميمون للنبي محمد(صلى الله عليه واله) من أم المؤمنين السيدة خديجة الكبرى بنت خويلد(عليها السلام)، وتيمناً بهذه الذكرى السعيدة نذكر جانباً من هذا الزواج المبارك حتى يكون لنا درساً بليغاً وعبرة نتعظ بها لتكوين أسرة سعيدة التي هي الركيزة الأساسية للمجتمع الفاضل...
وكانت من خيرة نساء قريش، وأكثرهن مالاً، وكانت تُدعى بـ (الطاهرة) و (سيّدة قريش) و (ملكة البطحاء).. وقد خطبها أكابر قريش فرفضتهم وأبدت رغبتها بالاقتران بالنبيّ(ص)؛ لما عرفت عنه من أخلاق لا تُضاهى. وكانت ذات تجارة وأموال، فتمنّت أن يكون النبيّ(ص) مَن يتّجر لها بأموالها الطائلة.. فأرسلت طالبة منه العمل في تجارتها، فوافق(ص)..
وعند عودة النبيّ(ص) من الشام في تجارته الأُولى لخديجة ومعه ميسرة -غلام خديجة- وقد ربحوا أضعافاً مضاعفة، سُرّت خديجة بذلك، وزاد عطفها فيها شوقاً له(ص) ما سمعت من ميسرة غلامها من أخلاقه وصفاته وفراسته ونبله، فازدادت معزّة النبيّ(ص) ومحبّته في نفسها، وأخذت تحدّث نفسها بالزواج منه.
وقد ورد عن إمامنا الصادق(ع) أنه قال: «لمّا أراد رسول الله(ص) أن يتزوّج خديجة بنت خويلد، أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش، حتّى دخل على ورقة بن نوفل عمّ خديجة، فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال: الحمد لربّ هذا البيت، الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرّية إسماعيل، وأنزلنا حرماً آمناً... ثمّ إنّ ابن أخي هذا -يعني رسول الله(ص)- ممّن لا يُوزن برجلٍ من قريش إلّا رجح به... وإن كان مُقلاًّ في المال فإنّ المالَ رِفدٌ جارٍ، وظلٌّ زائل، وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة، وقد جئناك لنخطبها إليك برضاها وأمرها، والمهرُ عليَّ في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله، وله -وربّ هذا البيت- حظّ عظيم، ودِين شائع، ورأي كامل.
ثمّ سكت أبو طالب، وتكلّم عمّها وتلجلج، وقصر عن جواب أبي طالب... فقالت خديجة مبتدئة: يا عمّاه، إنّك وإن كنتَ أولى بنفسي منّي في الشهود، فلستَ أولى بي من نفسي، قد زوّجتك يا محمّد نفسي، والمهر عليّ في مالي، فأمُرْ عمّك فلينحر ناقةً فليُولـِم بها، وادخل على أهلك.
قال أبو طالب: اشهدوا عليها بقبولها محمّداً وضمانها المهر في مالها.
فقال بعض قريش: يا عجباه! المهر على النساء للرجال؟ فغضب أبو طالب غضباً شديداً، وقام على قدميه، وكان ممّن يهابه الرجال ويُكره غضبه، فقال: إذا كانوا مثل ابن أخي هذا، طُلبت الرجالُ بأغلى الأثمان وأعظم المهر.. ونحر أبو طالب ناقة، ودخل رسول الله(ص) بأهله». (الكافي ج5، ص374).
وقيل: إنّها قد تزوّجت قبله(ص) برجلين، ولها منهما بعض الأولاد.. ولكن هذا القول مردود ومشكوك في نوايا قائليه، ولا يبعد أن يكون هذا الموضوع قد صنعته يد المغرضين.. فالسيّدة خديجة(ع) لم تتزوّج بأحدٍ قبل النبيّ(ص)؛ وذلك بعدة أدلة، منها:
1- ما نقل عن السيد المرتضى(ره) في الشافي، والطوسي(ره) في تلخيص الشافي: أنّ النبيّ(ص) تزوّج بها، وكانت عذراء.
2- هناك إجماع من الخاصّ والعام على أنّه لم يبق من أشراف قريش وساداتهم، إلّا من خطب خديجة ورام تزويجها، فامتنعت، فلمّا تزوّجها النبي(ص) غضب عليها نساء قريش وهجرنها، وقلنَ لها: خطبكِ أشرافُ قريش وأمراؤهم فلم تتزوّجي أحداً منهم، وتزوّجتِ محمّداً يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له؟!!
3- هناك شواهد تثبت بأن (زينب ورقية) هن بنات (أبو هند التميمي) زوج أختها (هالة)، فلما مات التميمي، ضمّتهم خديجة إليها، وبعد أن تزوّجت بالنبيّ(ص) ماتت هالة، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والنبيّ(ص). (الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم(ص) 2/212)
أخوكم
منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
منير الحزامي (الخفاجي)
كربلاء المقدسة
تعليق