بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الإنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين :
ينقل السيد هاشم البحراني قدس الله نفسه في كتابه (( مدينة المعاجز )) ج4 / ص130، 133
عن سهل بن سعد الشهرزوري قال : خرجت من شهرزور ، أريد بيت المقدس ، فصادف
خروجي أيام قتل الحسين - عليه السلام - ، فدخلت الشام ، فرأيت الأبواب
مفتحة والدكاكين مغلقة ، والخيل مسرجة ، والاعلام منشورة ،
والرايات مشهورة ، والناس أفواجا قد امتلأت منهم السكك والأسواق ،
وهم في أحسن زينة يفرحون ويضحكون .
فقلت لبعضهم : أظن حدث لكم عيد لا نعرفه ؟
قالوا : لا .
قلت : فما بال الناس كافة فرحين مسرورين ؟
فقالوا : أغريب أنت أم لا عهد لك بالبلد ؟
قلت : نعم فماذا ؟
قالوا : فتح لأمير المفسدين فتح عظيم .
قلت : وما هذا الفتح ؟
قالوا : خرج عليه في أرض العراق خارجي ، فقتله ، والمنة الله تعالى ، وله الحمد .
قلت : ومن هذا الخارجي ؟
قالوا : الحسين بن علي بن أبي طالب .
قلت : الحسين بن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله - ؟
قالوا : نعم .
قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وان هذا الفرح والزينة لقتل ابن بنت
نبيكم ، أو ما كفاكم قتله حتى سميتموه خارجيا ؟ !
فقالوا : يا هذا أمسك عن هذا الكلام ، واحفظ نفسك ، فإنه ما من
أحد يذكر الحسين بخير ، إلا ضربت عنقه .
فسكت عنهم باكيا حزينا ، فرأيت بابا عظيما ، قد دخلت فيه
الاعلام والطبول ، فقالوا : الرأس يدخل من هذا الباب ، فوقفت هناك
وكلما تقدموا بالرأس كان أشد لفرحهم ، وارتفعت أصواتهم ، وإذا برأس
الحسين - عليه السلام - ، والنور يسطع من فيه ، كنور رسول الله - صلى الله عليه وآله - ،
فلطمت على وجهي ، وقطعت أطماري ، وعلا بكائي ونحيبي ، وقلت :
وا حزناه للأبدان البالية النازحة عن الأوطان ، المدفونة بلا أكفان ، وا حزناه على الخد التريب ، والشيب الخضيب .
يا رسول الله ليت عينيك ترى رأس الحسين في دمشق ، يطاف به
في الأسواق ، وبناتك مشهورات على النياق ، مشققات الذيول
والأزياق ، ينظر إليهن شرار الفساق ، أين علي بن أبي طالب - عليه السلام -
يراكم على هذا الحال ؟
ثم بكيت وبكى لبكائي كل من سمع منهم صوتي وأكثرهم لا
يفطنون لكثرة الغلبة وشدة فرحهم ، واشتغالهم بسرورهم ، وارتفاع
أصواتهم ، وإذا بنسوة على أقتاب الجمال بغير وطاء ، ولا ستر ، وقائلة
منهن تقول : وا محمداه ، وا علياه ، وا حسناه ، وا حسيناه ، لو رأيتم ما حل
بنا من الأعداء .
يا رسول الله بناتك أسارى كأنهن بعض اليهود والنصارى ، وهي
تنوح بصوت شجي يقرع القلوب على الرضيع الصغير وعلى الشيخ
الكبير ، وعلى المذبوح من القفا ، ومهتوك الخباء العريان بلا رداء ،
وا حزناه لما نالنا أهل البيت ، فعند الله نحتسب مصيبتنا .
قال : فتعلقت بقائمة المحمل ، وناديت بأعلى الصوت : السلام
عليكم يا آل بيت محمد ورحمة الله وبركاته ، وقد عرفت أنها أم كلثوم
بنت علي ، فقالت : من أنت أيها الرجل الذي لم يسلم علينا أحد غيرك
مثل سلامك منذ قتل أخي وسيدي الحسين - عليه السلام - ؟
فقلت لها : يا سيدتي أنا رجل من شهرزور ، اسمي سهل ، رأيت
جدك محمد المصطفى - صلى الله عليه وآله - .
قالت : يا سهل ألا ترى ما صنع بنا ؟ أما والله لو عشنا في زمان لم ير
محمدا ، ما صنع بنا أهله بعض هذا ، قتل والله أخي وسيدي الحسين
وسبينا كما تسبى العبيد والإماء ، وحملنا على الأقتاب بغير وطاء ولا
ستر كما ترى .
فقلت : يا سيدتي يعز والله على جدك وأبيك وأمك وأخيك سبط
نبي الهدى .
فقالت : يا سهل اشفع لنا عند صاحب المحمل ، أن يتقدم بالرأس
من بين المحامل ليشتغل الناظر عنا بها ، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا .
فقلت : حبا وكرامة ، ثم تقدمت إليه وسألته بالله وبالغت معه ،
فانتهرني ولم يفعل .
قال سهل : وكان معي رفيق نصراني ، يريد بيت المقدس وهو متقلد
سيفا تحت ثيابه ، فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين ، وهو يقرأ
القرآن ويقول { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } ،
فأدركته السعادة ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن
محمدا عبده ورسوله .
ثم انتضى سيفه ، وشد به على القوم ، وهو يبكي وجعل يضرب
فيهم فقتل منهم جماعة كثيرة ، ثم تكاثروا عليه فقتلوه - رحمه الله - ، فقالت أم
كلثوم : ما هذه الضجة ؟ فحكيت لها الحكاية ، وقالت : وا عجباه ، النصارى
يحتشمون لدين الاسلام ، وأمه محمد الذين يزعمون أنهم على دين محمد ، يقتلون أولاده ويسبون حريمه ،
ولكن العاقبة للمتقين { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
.
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين و شايعت و بايعت و تابعت على قتله اللهم العنهم جميعا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الإنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين :
ينقل السيد هاشم البحراني قدس الله نفسه في كتابه (( مدينة المعاجز )) ج4 / ص130، 133
عن سهل بن سعد الشهرزوري قال : خرجت من شهرزور ، أريد بيت المقدس ، فصادف
خروجي أيام قتل الحسين - عليه السلام - ، فدخلت الشام ، فرأيت الأبواب
مفتحة والدكاكين مغلقة ، والخيل مسرجة ، والاعلام منشورة ،
والرايات مشهورة ، والناس أفواجا قد امتلأت منهم السكك والأسواق ،
وهم في أحسن زينة يفرحون ويضحكون .
فقلت لبعضهم : أظن حدث لكم عيد لا نعرفه ؟
قالوا : لا .
قلت : فما بال الناس كافة فرحين مسرورين ؟
فقالوا : أغريب أنت أم لا عهد لك بالبلد ؟
قلت : نعم فماذا ؟
قالوا : فتح لأمير المفسدين فتح عظيم .
قلت : وما هذا الفتح ؟
قالوا : خرج عليه في أرض العراق خارجي ، فقتله ، والمنة الله تعالى ، وله الحمد .
قلت : ومن هذا الخارجي ؟
قالوا : الحسين بن علي بن أبي طالب .
قلت : الحسين بن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله - ؟
قالوا : نعم .
قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وان هذا الفرح والزينة لقتل ابن بنت
نبيكم ، أو ما كفاكم قتله حتى سميتموه خارجيا ؟ !
فقالوا : يا هذا أمسك عن هذا الكلام ، واحفظ نفسك ، فإنه ما من
أحد يذكر الحسين بخير ، إلا ضربت عنقه .
فسكت عنهم باكيا حزينا ، فرأيت بابا عظيما ، قد دخلت فيه
الاعلام والطبول ، فقالوا : الرأس يدخل من هذا الباب ، فوقفت هناك
وكلما تقدموا بالرأس كان أشد لفرحهم ، وارتفعت أصواتهم ، وإذا برأس
الحسين - عليه السلام - ، والنور يسطع من فيه ، كنور رسول الله - صلى الله عليه وآله - ،
فلطمت على وجهي ، وقطعت أطماري ، وعلا بكائي ونحيبي ، وقلت :
وا حزناه للأبدان البالية النازحة عن الأوطان ، المدفونة بلا أكفان ، وا حزناه على الخد التريب ، والشيب الخضيب .
يا رسول الله ليت عينيك ترى رأس الحسين في دمشق ، يطاف به
في الأسواق ، وبناتك مشهورات على النياق ، مشققات الذيول
والأزياق ، ينظر إليهن شرار الفساق ، أين علي بن أبي طالب - عليه السلام -
يراكم على هذا الحال ؟
ثم بكيت وبكى لبكائي كل من سمع منهم صوتي وأكثرهم لا
يفطنون لكثرة الغلبة وشدة فرحهم ، واشتغالهم بسرورهم ، وارتفاع
أصواتهم ، وإذا بنسوة على أقتاب الجمال بغير وطاء ، ولا ستر ، وقائلة
منهن تقول : وا محمداه ، وا علياه ، وا حسناه ، وا حسيناه ، لو رأيتم ما حل
بنا من الأعداء .
يا رسول الله بناتك أسارى كأنهن بعض اليهود والنصارى ، وهي
تنوح بصوت شجي يقرع القلوب على الرضيع الصغير وعلى الشيخ
الكبير ، وعلى المذبوح من القفا ، ومهتوك الخباء العريان بلا رداء ،
وا حزناه لما نالنا أهل البيت ، فعند الله نحتسب مصيبتنا .
قال : فتعلقت بقائمة المحمل ، وناديت بأعلى الصوت : السلام
عليكم يا آل بيت محمد ورحمة الله وبركاته ، وقد عرفت أنها أم كلثوم
بنت علي ، فقالت : من أنت أيها الرجل الذي لم يسلم علينا أحد غيرك
مثل سلامك منذ قتل أخي وسيدي الحسين - عليه السلام - ؟
فقلت لها : يا سيدتي أنا رجل من شهرزور ، اسمي سهل ، رأيت
جدك محمد المصطفى - صلى الله عليه وآله - .
قالت : يا سهل ألا ترى ما صنع بنا ؟ أما والله لو عشنا في زمان لم ير
محمدا ، ما صنع بنا أهله بعض هذا ، قتل والله أخي وسيدي الحسين
وسبينا كما تسبى العبيد والإماء ، وحملنا على الأقتاب بغير وطاء ولا
ستر كما ترى .
فقلت : يا سيدتي يعز والله على جدك وأبيك وأمك وأخيك سبط
نبي الهدى .
فقالت : يا سهل اشفع لنا عند صاحب المحمل ، أن يتقدم بالرأس
من بين المحامل ليشتغل الناظر عنا بها ، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا .
فقلت : حبا وكرامة ، ثم تقدمت إليه وسألته بالله وبالغت معه ،
فانتهرني ولم يفعل .
قال سهل : وكان معي رفيق نصراني ، يريد بيت المقدس وهو متقلد
سيفا تحت ثيابه ، فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين ، وهو يقرأ
القرآن ويقول { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } ،
فأدركته السعادة ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن
محمدا عبده ورسوله .
ثم انتضى سيفه ، وشد به على القوم ، وهو يبكي وجعل يضرب
فيهم فقتل منهم جماعة كثيرة ، ثم تكاثروا عليه فقتلوه - رحمه الله - ، فقالت أم
كلثوم : ما هذه الضجة ؟ فحكيت لها الحكاية ، وقالت : وا عجباه ، النصارى
يحتشمون لدين الاسلام ، وأمه محمد الذين يزعمون أنهم على دين محمد ، يقتلون أولاده ويسبون حريمه ،
ولكن العاقبة للمتقين { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
.
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين و شايعت و بايعت و تابعت على قتله اللهم العنهم جميعا
تعليق