وقفة مع كتاب ومؤلف
ذات يوم كنت جالساً في المكتبة، فجاءني أحد الأخوة الأصدقاء يعمل معي في مجال الإخراج الفني والتصميم، فأعطاني كتابين مختلفين في المظهر الفني، وقال لي: قارن بينهما وجد الفرق في مستوى الإخراج وجماليته... وكان أحد الكتابين هو كتاب (التكامل في الإسلام) للعلامة الكبير والمربي الفاضل الدكتور أحمد أمين (رحمة الله عليه)، وصرت أقلب أوراقه منشغلاً بقراءة عناوينه الرائعة وأبحاثه القيّمة ومتناسياً كيفية إخراجه.. ولم تكن حينها في ذهني صورة مسبقة تفصيلية عن حياته وسيرته الشخصية ومسيرته العلمية.. اللهم إلا الشيء اليسير بأن هناك شخصيتين تحملان نفس الاسم تلك شخصية أحمد أمين المصري الحاقد على الإسلام، وهذه..
فبدأت البحث عنه وعن مؤلفاته، فأول نتيجة ظهرت لي هذه المقالة التي نشرتها الزميلة نشرة (الأحرار) الأسبوعية الصادرة عن قسم الإعلام في العتبة الحسينية المقدسة في صفحة (تحقيقات)، وعنوانها: (الدكتورُ أحمد أمين.. جبلٌ قمته التكاملُ في الاسلامِ) للكاتب القدير الأستاذ سامي جواد كاظم.
وأنا بدوري أنقل لكم هذه المقالة.. تقديراً لهذه الشخصية الفذة، ولجهوده الجبارة التي بذلها في خدمة الدين، وتثبيت عقائد المؤمنين، وتذكيراً للأخوة المؤمنين بهكذا نماذج وضاءة نقتبس منها إشراقات معرفية أصيلة ينقلها لنا بأسلوبه الرائع من منبعها الأصيل محمد وآل محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)..
كما أدعو الأخوة الأعزاء إلى قراءة التراث الفكري لهذا العملاق حتى نتعلم منه الأسلوب العلمي والحضاري في كيفية التصدي للهجمات الفكرية الشرسة والمتكررة لأعداء الإسلام العظيم في كل زمان... ولتحصين أبنائنا ومجتمعنا من الأفكار الهدامة..
أخوكم
منير الخفاجي
كربلاء المقدسة
منير الخفاجي
كربلاء المقدسة
الدكتورُ أحمد أمين.. جبلٌ قمته التكاملُ في الإسلامِ
* سامي جواد كاظم
لو قلنا الدكتور (أحمد أمين) قد تلتبس علينا الرؤية حيث إن هنالك احمد امين مصري وآخر عراقي ولكن عندما نذكر (التكامل في الاسلام) سنعرف إن المقصود به هو العراقي وكثير من علمائنا أصبح لقبهم مؤلفاتهم واحمد امين يستحق ان يكون لقبه (التكامل في الإسلام) لما احدث من ضجة في حينها .
السيد أبو الحسن الأصفهاني والسيد محسن الحكيم والسيد ابو القاسم الخوئي والسيد مرتضى العسكري والشيخ محمد حسن آل ياسين والشيخ فاضل اللنكراني والشيخ مهدي النمدي والشيخ محمد رضا المظفر (قدست أسرارهم الشريفة) هؤلاء هم الوسط الذي عاش بينهم الدكتور احمد أمين هذا الأستاذ المربي الفاضل الذي له مواقف ومواقف مشرفة معهم والكل يكنُّ له الإجلال والإكرام والاحترام .
المد الشيوعي الذي اجتاح العراق نهاية الخمسينيات ومطلع الستينيات كان علماؤنا له بالمرصاد، واهم ثلاث خطوات اتخذت ضد الفكر الشيوعي كانت فتوى السيد محسن الحكيم (قدس سره) حيث أفتى بأن الانتماء الى الحزب الشيوعي كفر والحاد ، ومن ثم جاء كتابا الشهيد محمد باقر الصدر قدس (اقتصادنا). و(فلسفتنا) ، وثالث الخطوات كتاب الدكتور احمد أمين (التكامل في الإسلام) . الدكتور احمد أمين يعد العلامة البارزة في عملية التوافق بين الدراسات الحوزوية والأكاديمية بل اظهار المفهوم الاسلامي بأسلوب حوزوي أكاديمي نال استحسان العاملين في المجالين المذكورين ويعد الاول ممن استطاع ان يجعل الخطاب الإسلامي حوزويا اكاديميا.
تحدث الينا نجل الدكتور الأستاذ ( محمد) عن بعض المواقف التي مرت بالدكتور الراحل منها ان هنالك الكثيرين من الشيوعيين عدلوا عن فكرهم لما حضروا محاضرات الوالد او لما قرؤوا كتابه (التكامل في الاسلام) وقد كان السيد محسن الحكيم (قدس) يقف إجلالا للوالد إذا ما دخل عليه واما عن موقفه مع السيد أبي الحسن الاصفهاني قدس سره يذكر انه لما تم تعيينه في الدولة جاء براتبه للشهر الاول الى السيد كي يطلب منه الأذن بصرفه باعتباره مجهول المالك فأخذه السيد ووضعه تحت الوسادة وبدأ الحديث مع الوالد وبعد ذلك انصرف الوالد من غير ان يأخذ راتبه وعندما سألته الوالدة عن الراتب قال لها لم يعطوني راتبا وفي الشهر الثاني حدث الامر نفسه وفي الشهر الثالث ايضا حدث ذات الامر وعند خروج الوالد نادى عليه السيد يا استاذ هذه رواتبك للشهور الثلاثة وكلها عليك حلال حلال حلال .
موقف طريف آخر تحدث عنه ولده انه كان في جيبه نصف دينار وتعرض له فقير طالبا صدقة فقال له إن في جيبي نصف دينار وإذا لم اشتر سكرا وشايا فان أم علي ستزعل علي تعال معي فعندي أريكة خذها وبعها واستفد بثمنها وفعلا جاء معه الفقير وأخذ الأريكة . السيد مرتضى العسكري وهو عميد كلية أصول الدين وهو من درَّس السيد الشهيد محمد باقر الصدر في النجف وبعدها سلّمه إلى الأستاذ أحمد أمين في جامعة كلانتر الدينية، ، وللمعلومة من طلبة الكلية كذلك الاستاذ نوري المالكي ، كما يعد الدكتور احمد أمين من مؤسسي كلية الفقه مع الشيخ محمد رضا المظفر( قدس) .
ومن المفارقات التي حدثت له يقول ولده انه رفض مقابلة الكاتب المصري المعروف بكتاباته المضادة للشيعة عند مجيئه للنجف والذي يحمل نفس اسم الدكتور احمد أمين.
وقد لا تعلمون انه رحمه الله كان يتحدث خمس لغات ( العربية ، التركية ، الانكليزية ، الفرنسية ، الفارسية ) كان يتكلمها مع القواعد وبطلاقة.
القى الدكتور أمين محاضرة عظيمة في محافظة الديوانية عن وجود الله عز وجل وكان من ضمن الحاضرين شيوعيون واستغرقت المحاضرة ثلاث ساعات ، حيث أرسلت له رسالة بعد 45يوماً من احد الشيوعيين انه ترك الفكر الشيوعي إثر المحاضرة التي القيت وكان الدكتور أمين يبكي من شدة الفرح لدى سماع هذه الاخبار وكان هذا عام(1968).
وفي الكاظمية عندما استفحلت الشيوعية فيها يذكر نجله انهم كتبوا على باب دارنا ( حرف سين ) باللون الأحمر اي إن احمد أمين يستحق ( السحل ) وبالفعل جاءوا لينفذوا أمرهم فحاول اخي الكبير إخفاء والدي الا انه رفض وخرج اليهم وقال لهم ماذا تريدون؟ فأجابوه انك تتكلم عنا كثيرا فأجابهم بل كتبكم هي التي تتكلم عنكم واذا أردتم فحددوا موعدا مع كبيركم لنتناقش بالأمر وبالفعل لما عرضوا الفكرة على كبيرهم في الكاظمية اعتقد انه ( عزيز الحاج ) حيث أنهم يؤمنون بالأسماء الحركية فرفض المناظرة وتركوا والدي .
وكان من أصدقائه السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) وقد كان كثير الجلوس مع السيد أبي القاسم حتى انه كان يقرأ له وهو يكتب من مواد العلم والدين خصوصا عندما يختليان في السرداب في الصيف . لم تسلم مخطوطاته من عبث البعثية حيث من شدة الخوف قاموا بحرقها او دفنها ومنها تكملة أجزاء (التكامل في الاسلام) وبهذا يكون المسلمون قد خسروا علما رائعا، ولهم قرابة بالسادة الخلخالية ومنهم الشهيد السيد رضا الخلخالي الذي أعدمه البعث الزنديق.
طلبت منه حكومة نوري السعيد ان يقدم برنامجا في الإذاعة والتلفزيون فاستخار الله فرفض الفكرة وكذلك مع عبد الكريم وعبد السلام وعبد الرحمن واحمد البكر وعند سؤاله عن السبب قال إنهم سيطلبون مني تمجيد الحكومة وهذا لا اقدر عليه .
كان كثير المطالعة للمجلات الفرنسية والتركية لانه يجيد لغتها وفي نفس الوقت يواصل الرد عليها إسلاميا وقد تضمنت مجلداته (التكامل في الإسلام) كثيرا من الفقرات التي مصدرها هذه الصحف .
حادثة غريبة عن تربة الحسين عليه السلام يرويها لنا نجله محمد عن لسان ابيه قال ابي عندما سافرت الى الهند دخلت في احدى المسارح وكان من ضمن فقراتها فقرة خاصة بالسحر وكان الساحر يعلم ما في جيب من يسأله عن ذلك فطلبت منه ان يعرف ماذا في يدي فاذا به يضطرب ويعرق ويرتجف وحاول جاهدا فلم يعلم فطلب مني ان اقول له ماذا في يده فأخرجته له فاذا هي قرص ترابي قلت له انها تربة الحسين من كربلاء وهكذا أبطلت تربة الحسين سحر السحرة .
آخر محطة من حياته انه قرر ارتداء العمامة حيث كان ذلك في 9/3/1970 حيث قال انه بعد شهر سيذهب الى النجف ويرتدي العمامة وفي 9/4 وافاه الاجل ولبى نداء ربه وجاء الى النجف وارتدى الكفن وبعده بشهر أي في 9/5 رحل المرجع الكبير السيد محسن الحكيم (قدس) .
شاركت في تشييع جنازته جماهير غفيرة في الكاظمية وكربلاء والنجف ففي الكاظمية كانت ردتهم خلف الجنازة هي:
يا فقيد الجيل والدين معا نحن نبكيك دماً لا ادمعا
بك قد اينع جيل مسلم كيف يجف غرسه مذ نبعا .
بك قد اينع جيل مسلم كيف يجف غرسه مذ نبعا .
وفي النجف شيّعه عدد كبير من مراجع الدين ورددت المراجع والعلماء وطلبة الحوزة خلف جنازته الردة التالية:
امة الإسلام نوحي واندبي قد فقدنا احمدا
مجتهداً وفيلسوفاً علما تهدمت والله أركان الهدى.
مجتهداً وفيلسوفاً علما تهدمت والله أركان الهدى.
ويكفي الوالد فخراً إن السيد أبا القاسم الخوئي صلى عليه وانزله قبره بيده .
السيد الاصفهاني : شيخ احمد راتبك حلال حلال حلال
التربة الحسينية تبطل سحر الساحر الهندي
تعليق