تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله الاطهار وعجل فرجهم
لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من وقعة الجمل ورجع الكوفه كتب اليه معاويه كتابا يقول فيه
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله وابن عبد الله معاويه بن أبي سفيان الى علي بن أبي طالب اما بعد:
فقد اتبعت مايضرك وتركت ماينفعك وخالفت كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد انتهى الى مافعلت بحواري رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشه فوالله لأرمينك بشهاب لاتطفه المياه ولاتزعزعه الرياح اذا وقع وقب واذا وقب ثقب واذا ثقب نقب واذا نقب التهب فلا تغرنك الجيوش واستعد للحرب فأني ملاقيك بجنود لاقبل لك بها والسلام
فلما وصل اليه (عليه السلام) الكتاب وقرأه دعى بقلم ودواة وقرطاس وكتب فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله وابن عبده علي بن أبي طالب أخا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمه ووصيه ومغسله ومكفنه وقاضي دينه وزوج ابنته البتول وأبي سبطيه الحسن والحسين الى معاويه بن أبي سفيان
اما بعد:
فأني افنيت قومك يوم بدر وقتلت عمك وخالك وجدك والسيف الذي قتلتهم به معي يحمله ساعدي بثبات من صدري وقوة من بدني ونصرة من ربي كما جعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كفي فو الله ماأخترت على الله رباً ولا على الاسلام ديناً ولا على محمد نبياً ولاعلى السيف بدلاً فبالغ من رأيك فاجتهد ولاتقصر فقد استحوذ عليك الشيطان واستقر بك الجهل والطغيان وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى
ثم طوى الكتاب وختمه ودعا برجل من أصحابه يقال له الطرماح وكان رجلا طويلا جسيما بليغا اديبا متكلما فصيحا لايكل لسانه ولايمل من الخطاب فعممه بعمامة فدعا بجمل بازل فائق احمر فركبه ووجهه الى دمشق وأمر بتسوية رحله فقال له انطلق بكتابي هذا الى معاوية ورد الجواب فأخذ الطرماح الكتاب وكوره في عمامته وانطلق وسار اناء الليل وأطراف النهار حتى دخل دمشق فوقف على باب معاويه فقال له البواب من تريد قال اريد اولاً أصحاب الأمير
ثم الأمير قال البواب من تعني بأصحاب الأمير ؟
قال أريد حنتما وجرولا وشاجعا وقامحا فقال سمهم بأسمائهم قال هم أبو الأعور السلمي ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص وأبو هريرة الدوسي فقال هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان هناك فانطلق حتى أشرف على باب ذلك البستان
فأذا هم قيام ببابه فلما رأوه تعجبوا من طول قامته فقال بعضهم لبعض قد جاءنا اعرابي طويل القامة عظيم الهامة تعالوا حتى نستهزء به فأقبلوا وسلموا عليه وقالوا يااعرابي هل عندك خبر من السماء قال نعم قالوا اخبرنا ماهو قال الطرماح ان الله قوي في ملكه جبار في قدرته عالم بسرائر خلقه لايعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولافي السماء وملك الموت في الهواء وسيف علي بن أبي طالب في القفاء واستعدو لماينزل عليكم من البلاء ياأهل الشقاق والنفاق فقالوا له من أين أقبلت فقال لهم من عند حر تقي نقي زكي مؤمن رضي مرضي فقالوا من تريد قال أريد هذا الشقي الدعي الوزي المنافق الردي الذي تزعمون انه اميركم فعلموا انه رسول من أمير المؤمنين (عليه السلام) الى معاوية فقالوا ماتريد منه فقال اريد الدخول عليه فقالوا هو مشغول عنك قال لهم بماذا مشغول عني بخط مخطوط أو بشرط مشروط أو بوعد موعود فقالوا لا ولكن يشاور أصحابه كيف يلقي علي بن أبي طالب في حربه وبما يلقياه قال الطرماح: فسحقا له وبعدا له ولأصحابه ماهذه صفة من يتولى أمور المسلمين وأنما هذه صفة فرعون وهامان لماتشاوروا في قتل موسى بن عمران
فعند ذلك كتب عمرو بن العاص الى معاوية كتابا يقول فيه أما بعد فقد ورد علينا اعرابي من العراق يزعم انه رسول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو ذو لسان فصيح وكلام مليح طلق زلق يتكلم ولايكل ويطيل ولايمل فاحذر من لسانه واستعد لجوابه كلاما ولاتكن عنه غافلا ساهيا والسلام
فاناخ الطرماح ناقته وعقلها وجلس معهم ينتظر الجواب فلما بلغ الكتاب وقرأه أمر أن يضرب دونه ثلاثة استار وجعل عند كل ستر ألف بطل عليهم الدروع والجواشن وبأيديهم أعمدة الحديد وكان أكثر لباس جيوشه السواد ثم أمر ابنه يزيد ان يضرب المصاف على باب داره قريبا من الاستار ويجلس عندها فجلس معاوية على سرير وارخى الستور عليه وأمر بدخولالطرماح عليه فقالوا للطرماح هل لك ان تدخل على معاوية فقال لهذا جئت وبه أمرت فقام معهم ودخل مارا على الستور والمصاف والأبطال يحدقون من حول الأستار وعليهم ثياب سود قال لا اله ألا الله من هؤلاء القوم كانهم زبانية مالك في ضيق المسالك فلما دنا من يزيد وكان وجهه اثر ضربة أذا تكلم كان جهير الصوت وهو جالس فلم يسلم عليه وقال من هذا الغيشوم الميشوم المشؤوم ابن المشؤوم الواسع الحلقوم طويل الخرطوم فقالوا صه يا اعرابي هذا أبن الأمير يزيد فقال ومن يزيد لازاد الله مزاده ولابلغه مراده ومن ابوه كانا قدما غائصين في بحر الجلافه واليوم استويا على سرير الخلافه فسمع ذلك يزيد فاستشاط غيظا وغضبا وهم أن يضربه او يقتله ثم خاف ان يحدث امرا دون اذن ابيه فكظم غيظه واخبأ ناره فسلم عليه وقال مرحبا بك يااعرابي ان أمير المؤمنين يسلم عليك ويقرئك السلام فقال الطرماح سلامه معي من الكوفه قال يزيد ماشئت قل فقد امرني بقضاء حاجتك قال حاجتي اليه ان يقوم من مقامه حتى يجلس من هوأولى منه بهذا الأمر قال ثم ماذا تريد قال اريد الدخول عليه فأمر يزيد برفع الحجاب وادخله على معاويه
الطرماح ومعاوية
فلما دخل الطرماح وهو منتعل قال له اخلع نعليك فالتفت يمينا وشمالا فقال هذا وادي المقدس فاخلع نعلي فنظر واذامعاوية قاعد على سريره فقال له السلام عليك ايها الملك العاصي فقال عمرو بن العاص ويحك يا اعرابي لم لاتسلم على أمير المؤمنين فقال ثكلتك امك نحن المؤمنون فمن امره علينا بالخلافه والله لا اعرف أمير المؤمنين غير سيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال معاوية مامعك يا اعرابي قال كتاب مختوم من أمام معصوم قال ناولنيه قال اكره ان اطأ بساطك فقال ناوله وزيري هذا واشار الى عمرو بن العاص فقال هيهات هيهات ظلم الأمير وخان الوزير فقال ناوله ولدي يزيد فقال مافرحنا بابليس فكيف نفرح باولاده فقال ناوله مملوكي هذا واشار الى غلام له قائم على رأسه فقال مملوكاشتريته من غير حل وتستعمله في غير حق وان أمامي أوصاني أن لا اسلمه الا بيدك فقال ويحك يا أعرابي فما الحيلة في أخذ الكتاب منك ، فقال : الحيلة أن تقوم من مقامك صاغرا حقيرا وتأخذه مني بيدك وترجع الى مكانك لأنه كتاب من رجل كريم وسيد عظيم وحر حليم وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم فلماسمع معاوية وثب من مكانه وأخذ الكتاب مغضبا ورجع الى مكانه وفضه وقرأه وفهم معناه ثم قال يا أعرابي كيف خلفت علي بن أبي طالب قال خلفته بحمد الله كالبدرالطالع حواليه أصحابه كالنجوم الزواهر أذا امرهم ابتدروا اليه وأذا نهاهم عن شرانتهوا ولم يتجاسروا عليه وهو قوي في بأسه شديد في تجلده بطل شجاع سيد سميدع ان لقي جيشا هزمه وارداه وان قرنا لقى سلبه وافناه وان لقي عدوا قتله وأخزاه وان لقي حصنا هدمه وان وافى جبلا قلعه وهو لايغفل عن ذكر الله طرفة عين فقال معاوية خلفت الحسن والحسين قال خلفتهما شابين تقيين نقيين زكيين عفيفين صحيحين سيدين طيبين فاضلين عالمين عاقلين مصلحين في الدنيا والاخره فقال لله درك يا اعرابي ماأحسن ثنائك لصاحبك فما أظن عنده احدا من أصحابه افصح منك قال لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لوجدت الأدباء الفصحاء البلغاء الفقهاء النجباء الأتقياء الأصفياء ولرأيت رجالا سيماهم في وجوههم من أثر السجود حتى أذا استعرت نار الوغى قذفوا انفسهم في تلك الشعل لابسين القلوب على مدارعهم قائمين ليلهم صائمين نهارهم لاتأخذهم في الله ولا في ولي الله علي لومة لائم فأذا أنت يامعاويه رأيتهم على هذه الحالة غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجته ياضعيف اليقين فدنا عمرو بن العاص الى معاويه وقال ان العرب أصحاب اللقمة فلو أمرت لهذا الأعرابي بشيء من المال تقطع به لسانه كان أجل فقال معاوية يا أعرابي ماتقول في الجائزة تأخذها مني فقال اني أريد ان اقبض روحك من جسدك فكيف لا آخذ مالك من يدك فأمر له بعشرة آلاف دينار وقال اتحب ان ازيدك قال زد فأنك لاتعطيه من مال أبيك وان الله ولي من يزيد قال اعطوه عشرين ألفا اجعلها وترا فأن الله هو الوتر ويحب الوتر فأبطأ الرسول ساعة فقال الطرماح تستهزئني به على فراشك فقال لم ذا يا اعرابي قال انك امرت لي بجائزة لا أراها ولا تراها فأمرك بمنزلة الريح التي تهب من قلل الجبال فأمرمعاوية بان يسرع في ابرازها فأتوا بها ووضعوا بين يديه فقال عمرو بن العاص يا اعرابي كيف ترى جائزة أمير المؤمنين فقال هذا مال المسلمين من خزانة رب العالمين اخذه عبد من عباد الله الصالحين قال له معاوية ياطرماح لو كان عليا ما اعطاك فلسا واحدا قال لا والله كيف له ان يعطيني مال المسلمين وهو يخشى عقوبة ربه ولايعمل الابما أمر الله والمال الذي امرت لي به ليس هو مالك ولا من مال ابيك أبي سفيان ولا من مال جدك صخر ولاجدتك عصارة الخمر أنما هو من بعض مال المسلمين اخذت منهم بغير حق وأعطيتني أياه فان سيدي عليا أولى به منك يدفعه الى مستحقيه فقال معاوية ثكلتك امك ياطرماح اخذت مني الجائزه ولم تتحسن صنعي معك وتقابلني بمثل هذا الجواب فقال طوبى لأمي حيث ولدت مؤمنا مثلي ولم تلد منافقا مثلك فالتفت معاوية الى كاتبه وقال اكتب جواب صاحبه لقد ضيق علي نفسي واظلم على الدنيا ومالي طاقة ولقد عجزنا من الحيلة فيه فأخذ الكاتب وكتب فيه
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله وابن عبديه معاوية بن أبي سفيان الى علي بن أبي طالب أما بعد فأني قادم عليك بجنود من الشام مقدمه بالكوفه ومؤخره بساحل ولأرمينك بألف جمل من خردل تحت كل خردل الف مقاتل فان أطفأت نائرة الحرب والفتنه وسلمت الينا قتلة عثمان وألا فلا تقل غال ابن أبي سفيان وطغى ولايغرنك شجاعةأهل العراق واتفاقهم فان مثلهم كمثل الحمار الناهق يميلون مع كل ناعق والسلام
فلما نظر الطرماح الى ماخرج من تحت قلم الكاتب ضحك حتى استلقى على قفاه وقال سبحان الله يا معاويه اخبرني أيكما اكذب انت بادعائك ام كاتبك فيما كتب لو اجتمع أهل الشرق والغرب من الجن والانس ماوصلوا مقدار ذلك ولم يقدروا به فقالمعاوية والله لقد كتب بغير اذني فقال الطرماح ان كنت لم تأمره فقد استضعفك وان كنت امرته فقد استفضحك ثم قال أضنك تهدد البط بالشط
وأنشأ
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري أطنين أجنحة الذباب يضير
والله ان لامير المؤمنين عليه السلام لديكاً على الصوت عظيم المنقار يلتقط الجيش بخيشومه ويصرفه لقانصته,ويحطه الى حوصلته, فقال: من هو؟
فقال:هو والله مالك الاشتر النخعي.
فطار عقل معاوية من وصف مالك الاشتر فقال لكاتبه:
اكتب ولاتطل الكلام فكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية بن ابي سفيان الى علي بن ابي طالب اما بعد:فاني قادم اليك بجنود اهل الشام وانداء اليمن لقتالك وحربك او تدفع .....الخ
ثم طوى الكتاب وختمه بخاتمه ودفعه لطرماح فأخذ الكتاب وحمل المال وخرج من عنده وركب جمله وسار.
~~~~~
ممانال اعجابي من كتاب شجرة طوبى ص98
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله الاطهار وعجل فرجهم
لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من وقعة الجمل ورجع الكوفه كتب اليه معاويه كتابا يقول فيه
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله وابن عبد الله معاويه بن أبي سفيان الى علي بن أبي طالب اما بعد:
فقد اتبعت مايضرك وتركت ماينفعك وخالفت كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد انتهى الى مافعلت بحواري رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشه فوالله لأرمينك بشهاب لاتطفه المياه ولاتزعزعه الرياح اذا وقع وقب واذا وقب ثقب واذا ثقب نقب واذا نقب التهب فلا تغرنك الجيوش واستعد للحرب فأني ملاقيك بجنود لاقبل لك بها والسلام
فلما وصل اليه (عليه السلام) الكتاب وقرأه دعى بقلم ودواة وقرطاس وكتب فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله وابن عبده علي بن أبي طالب أخا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابن عمه ووصيه ومغسله ومكفنه وقاضي دينه وزوج ابنته البتول وأبي سبطيه الحسن والحسين الى معاويه بن أبي سفيان
اما بعد:
فأني افنيت قومك يوم بدر وقتلت عمك وخالك وجدك والسيف الذي قتلتهم به معي يحمله ساعدي بثبات من صدري وقوة من بدني ونصرة من ربي كما جعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كفي فو الله ماأخترت على الله رباً ولا على الاسلام ديناً ولا على محمد نبياً ولاعلى السيف بدلاً فبالغ من رأيك فاجتهد ولاتقصر فقد استحوذ عليك الشيطان واستقر بك الجهل والطغيان وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى
ثم طوى الكتاب وختمه ودعا برجل من أصحابه يقال له الطرماح وكان رجلا طويلا جسيما بليغا اديبا متكلما فصيحا لايكل لسانه ولايمل من الخطاب فعممه بعمامة فدعا بجمل بازل فائق احمر فركبه ووجهه الى دمشق وأمر بتسوية رحله فقال له انطلق بكتابي هذا الى معاوية ورد الجواب فأخذ الطرماح الكتاب وكوره في عمامته وانطلق وسار اناء الليل وأطراف النهار حتى دخل دمشق فوقف على باب معاويه فقال له البواب من تريد قال اريد اولاً أصحاب الأمير
ثم الأمير قال البواب من تعني بأصحاب الأمير ؟
قال أريد حنتما وجرولا وشاجعا وقامحا فقال سمهم بأسمائهم قال هم أبو الأعور السلمي ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص وأبو هريرة الدوسي فقال هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان هناك فانطلق حتى أشرف على باب ذلك البستان
فأذا هم قيام ببابه فلما رأوه تعجبوا من طول قامته فقال بعضهم لبعض قد جاءنا اعرابي طويل القامة عظيم الهامة تعالوا حتى نستهزء به فأقبلوا وسلموا عليه وقالوا يااعرابي هل عندك خبر من السماء قال نعم قالوا اخبرنا ماهو قال الطرماح ان الله قوي في ملكه جبار في قدرته عالم بسرائر خلقه لايعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولافي السماء وملك الموت في الهواء وسيف علي بن أبي طالب في القفاء واستعدو لماينزل عليكم من البلاء ياأهل الشقاق والنفاق فقالوا له من أين أقبلت فقال لهم من عند حر تقي نقي زكي مؤمن رضي مرضي فقالوا من تريد قال أريد هذا الشقي الدعي الوزي المنافق الردي الذي تزعمون انه اميركم فعلموا انه رسول من أمير المؤمنين (عليه السلام) الى معاوية فقالوا ماتريد منه فقال اريد الدخول عليه فقالوا هو مشغول عنك قال لهم بماذا مشغول عني بخط مخطوط أو بشرط مشروط أو بوعد موعود فقالوا لا ولكن يشاور أصحابه كيف يلقي علي بن أبي طالب في حربه وبما يلقياه قال الطرماح: فسحقا له وبعدا له ولأصحابه ماهذه صفة من يتولى أمور المسلمين وأنما هذه صفة فرعون وهامان لماتشاوروا في قتل موسى بن عمران
فعند ذلك كتب عمرو بن العاص الى معاوية كتابا يقول فيه أما بعد فقد ورد علينا اعرابي من العراق يزعم انه رسول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وهو ذو لسان فصيح وكلام مليح طلق زلق يتكلم ولايكل ويطيل ولايمل فاحذر من لسانه واستعد لجوابه كلاما ولاتكن عنه غافلا ساهيا والسلام
فاناخ الطرماح ناقته وعقلها وجلس معهم ينتظر الجواب فلما بلغ الكتاب وقرأه أمر أن يضرب دونه ثلاثة استار وجعل عند كل ستر ألف بطل عليهم الدروع والجواشن وبأيديهم أعمدة الحديد وكان أكثر لباس جيوشه السواد ثم أمر ابنه يزيد ان يضرب المصاف على باب داره قريبا من الاستار ويجلس عندها فجلس معاوية على سرير وارخى الستور عليه وأمر بدخولالطرماح عليه فقالوا للطرماح هل لك ان تدخل على معاوية فقال لهذا جئت وبه أمرت فقام معهم ودخل مارا على الستور والمصاف والأبطال يحدقون من حول الأستار وعليهم ثياب سود قال لا اله ألا الله من هؤلاء القوم كانهم زبانية مالك في ضيق المسالك فلما دنا من يزيد وكان وجهه اثر ضربة أذا تكلم كان جهير الصوت وهو جالس فلم يسلم عليه وقال من هذا الغيشوم الميشوم المشؤوم ابن المشؤوم الواسع الحلقوم طويل الخرطوم فقالوا صه يا اعرابي هذا أبن الأمير يزيد فقال ومن يزيد لازاد الله مزاده ولابلغه مراده ومن ابوه كانا قدما غائصين في بحر الجلافه واليوم استويا على سرير الخلافه فسمع ذلك يزيد فاستشاط غيظا وغضبا وهم أن يضربه او يقتله ثم خاف ان يحدث امرا دون اذن ابيه فكظم غيظه واخبأ ناره فسلم عليه وقال مرحبا بك يااعرابي ان أمير المؤمنين يسلم عليك ويقرئك السلام فقال الطرماح سلامه معي من الكوفه قال يزيد ماشئت قل فقد امرني بقضاء حاجتك قال حاجتي اليه ان يقوم من مقامه حتى يجلس من هوأولى منه بهذا الأمر قال ثم ماذا تريد قال اريد الدخول عليه فأمر يزيد برفع الحجاب وادخله على معاويه
الطرماح ومعاوية
فلما دخل الطرماح وهو منتعل قال له اخلع نعليك فالتفت يمينا وشمالا فقال هذا وادي المقدس فاخلع نعلي فنظر واذامعاوية قاعد على سريره فقال له السلام عليك ايها الملك العاصي فقال عمرو بن العاص ويحك يا اعرابي لم لاتسلم على أمير المؤمنين فقال ثكلتك امك نحن المؤمنون فمن امره علينا بالخلافه والله لا اعرف أمير المؤمنين غير سيدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال معاوية مامعك يا اعرابي قال كتاب مختوم من أمام معصوم قال ناولنيه قال اكره ان اطأ بساطك فقال ناوله وزيري هذا واشار الى عمرو بن العاص فقال هيهات هيهات ظلم الأمير وخان الوزير فقال ناوله ولدي يزيد فقال مافرحنا بابليس فكيف نفرح باولاده فقال ناوله مملوكي هذا واشار الى غلام له قائم على رأسه فقال مملوكاشتريته من غير حل وتستعمله في غير حق وان أمامي أوصاني أن لا اسلمه الا بيدك فقال ويحك يا أعرابي فما الحيلة في أخذ الكتاب منك ، فقال : الحيلة أن تقوم من مقامك صاغرا حقيرا وتأخذه مني بيدك وترجع الى مكانك لأنه كتاب من رجل كريم وسيد عظيم وحر حليم وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم فلماسمع معاوية وثب من مكانه وأخذ الكتاب مغضبا ورجع الى مكانه وفضه وقرأه وفهم معناه ثم قال يا أعرابي كيف خلفت علي بن أبي طالب قال خلفته بحمد الله كالبدرالطالع حواليه أصحابه كالنجوم الزواهر أذا امرهم ابتدروا اليه وأذا نهاهم عن شرانتهوا ولم يتجاسروا عليه وهو قوي في بأسه شديد في تجلده بطل شجاع سيد سميدع ان لقي جيشا هزمه وارداه وان قرنا لقى سلبه وافناه وان لقي عدوا قتله وأخزاه وان لقي حصنا هدمه وان وافى جبلا قلعه وهو لايغفل عن ذكر الله طرفة عين فقال معاوية خلفت الحسن والحسين قال خلفتهما شابين تقيين نقيين زكيين عفيفين صحيحين سيدين طيبين فاضلين عالمين عاقلين مصلحين في الدنيا والاخره فقال لله درك يا اعرابي ماأحسن ثنائك لصاحبك فما أظن عنده احدا من أصحابه افصح منك قال لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لوجدت الأدباء الفصحاء البلغاء الفقهاء النجباء الأتقياء الأصفياء ولرأيت رجالا سيماهم في وجوههم من أثر السجود حتى أذا استعرت نار الوغى قذفوا انفسهم في تلك الشعل لابسين القلوب على مدارعهم قائمين ليلهم صائمين نهارهم لاتأخذهم في الله ولا في ولي الله علي لومة لائم فأذا أنت يامعاويه رأيتهم على هذه الحالة غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجته ياضعيف اليقين فدنا عمرو بن العاص الى معاويه وقال ان العرب أصحاب اللقمة فلو أمرت لهذا الأعرابي بشيء من المال تقطع به لسانه كان أجل فقال معاوية يا أعرابي ماتقول في الجائزة تأخذها مني فقال اني أريد ان اقبض روحك من جسدك فكيف لا آخذ مالك من يدك فأمر له بعشرة آلاف دينار وقال اتحب ان ازيدك قال زد فأنك لاتعطيه من مال أبيك وان الله ولي من يزيد قال اعطوه عشرين ألفا اجعلها وترا فأن الله هو الوتر ويحب الوتر فأبطأ الرسول ساعة فقال الطرماح تستهزئني به على فراشك فقال لم ذا يا اعرابي قال انك امرت لي بجائزة لا أراها ولا تراها فأمرك بمنزلة الريح التي تهب من قلل الجبال فأمرمعاوية بان يسرع في ابرازها فأتوا بها ووضعوا بين يديه فقال عمرو بن العاص يا اعرابي كيف ترى جائزة أمير المؤمنين فقال هذا مال المسلمين من خزانة رب العالمين اخذه عبد من عباد الله الصالحين قال له معاوية ياطرماح لو كان عليا ما اعطاك فلسا واحدا قال لا والله كيف له ان يعطيني مال المسلمين وهو يخشى عقوبة ربه ولايعمل الابما أمر الله والمال الذي امرت لي به ليس هو مالك ولا من مال ابيك أبي سفيان ولا من مال جدك صخر ولاجدتك عصارة الخمر أنما هو من بعض مال المسلمين اخذت منهم بغير حق وأعطيتني أياه فان سيدي عليا أولى به منك يدفعه الى مستحقيه فقال معاوية ثكلتك امك ياطرماح اخذت مني الجائزه ولم تتحسن صنعي معك وتقابلني بمثل هذا الجواب فقال طوبى لأمي حيث ولدت مؤمنا مثلي ولم تلد منافقا مثلك فالتفت معاوية الى كاتبه وقال اكتب جواب صاحبه لقد ضيق علي نفسي واظلم على الدنيا ومالي طاقة ولقد عجزنا من الحيلة فيه فأخذ الكاتب وكتب فيه
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله وابن عبديه معاوية بن أبي سفيان الى علي بن أبي طالب أما بعد فأني قادم عليك بجنود من الشام مقدمه بالكوفه ومؤخره بساحل ولأرمينك بألف جمل من خردل تحت كل خردل الف مقاتل فان أطفأت نائرة الحرب والفتنه وسلمت الينا قتلة عثمان وألا فلا تقل غال ابن أبي سفيان وطغى ولايغرنك شجاعةأهل العراق واتفاقهم فان مثلهم كمثل الحمار الناهق يميلون مع كل ناعق والسلام
فلما نظر الطرماح الى ماخرج من تحت قلم الكاتب ضحك حتى استلقى على قفاه وقال سبحان الله يا معاويه اخبرني أيكما اكذب انت بادعائك ام كاتبك فيما كتب لو اجتمع أهل الشرق والغرب من الجن والانس ماوصلوا مقدار ذلك ولم يقدروا به فقالمعاوية والله لقد كتب بغير اذني فقال الطرماح ان كنت لم تأمره فقد استضعفك وان كنت امرته فقد استفضحك ثم قال أضنك تهدد البط بالشط
وأنشأ
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري أطنين أجنحة الذباب يضير
والله ان لامير المؤمنين عليه السلام لديكاً على الصوت عظيم المنقار يلتقط الجيش بخيشومه ويصرفه لقانصته,ويحطه الى حوصلته, فقال: من هو؟
فقال:هو والله مالك الاشتر النخعي.
فطار عقل معاوية من وصف مالك الاشتر فقال لكاتبه:
اكتب ولاتطل الكلام فكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من معاوية بن ابي سفيان الى علي بن ابي طالب اما بعد:فاني قادم اليك بجنود اهل الشام وانداء اليمن لقتالك وحربك او تدفع .....الخ
ثم طوى الكتاب وختمه بخاتمه ودفعه لطرماح فأخذ الكتاب وحمل المال وخرج من عنده وركب جمله وسار.
~~~~~
ممانال اعجابي من كتاب شجرة طوبى ص98
تعليق