منزله وصفات وتوصيات شيعة الامام علي (ع) واهل البيت (ع)
بقلم|مجاهد منعثر منشد
تاريخ النشر 30/03/2008
قال تعالى :ـ
ومن يطع الله والرسول فأؤلئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .النساء | 69 .
قال جابر بن عبدالله الانصاريّ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: إِنَّ اللهَ تَعالَي خَلَقَنِي وَ خَلَقَ علي وَ فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَ الاَئِمَّةَ عليهُمُ السَّلامُ مِنْ نُورٍ، فَعَصَرَ ذَلِكَ النُّورَ عَصْرَةً فَخَرَجَ مِنْهُ شِيعَتُنَا فَسَبَّحْنَا وَ سَبَّحُوا، وَقَدَسَّنَا وَ قَدَّسُوا، وَ هَلَّلْنَا فَهَلَّلُوا، وَ مَجَّدْنَا فَمَجَّدوُا، وَ وَحَّدْنَا فَوَحَّدُوا 1 .
و أنّ إمام جعفر الصادق عليهالسلام قال:
امتَحِنُوا شِيعَتَنَا عِنْدَ مَواقِيتِ الصَّلاة كَيْفَ مُحَافَظَتُهُمْ علیهَا وَإِلَي أَسْرَارِنَا كَيْفَ حِفْظُهُمْ لَهَا عِنْدَ عَدُوِّنَا، وَ إِلَي أَمْوَالِهِمْ كَيْفَ مُواساتُهُمْ لإخْوَانِهِمْ فِيهَا 2.
جاء في «أمالي الشيخ الطوسيّ» بسنده المتّصل عن سليمان بن مهران أنـّه قال: دَخَلْتُ علی الصَّادقِ جَعْفَرِبنِ مُحَمَّدٍ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: مَعَاشِرَ الشِّيعَةِ كُونُوا لَنَا زَيْناً وَلا تَكُونُوا علینا شَيْناً. قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوا عَنِ الْفُضُولِ وَ قُبْحِ الْقَوْلِ. 3 .
قَالَ أَبُو عَبدِاللهِ (ع):
إِيَّاكَ وَالسِّفلَةَ، فَإِنَّمَا شِيعَةُ علیٍّ مَن عَفَّ بِطْنُهُ وَ فَرْجُهُ، وَاشْتَدَّ جِهَادُهُ، وَ عَمِلَ لِخَالقِهِ، وَ رَجا ثَوابَهُ، وَ خَافَ عِقَابَهُ، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ 4.
عن أبي جعفر ( ع ) قال :
انما المؤمن الذي اذا رضي لم يدخله رضاه في اثم ولا باطل ، وان سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، والذي اذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي إلى ما ليس له بحق . 5 .
تمر علينا هذه الايام أزمات مفتعلة يهدف فيها اهل الباطل للقتال بين ابناء الجلده الواحدة , وترى الذين يدفعون الاموال من أجل الفتن مسرورين بأشاعة الفوضى والدمار بين ابناء الشعب العراقي المظلوم .
وكالعاده الخروج عن منهاج أهل البيت (ع) طمعا بالرغبات الدنيوية يجعل تلك الازمات والفتن تكبر أكثر فأكثر .ولابد من ان نفهم أن الشيعة في أحد الازمان كانوا عندما يذهبون لزيارة الامام الحسين (ع) يقدمون تضحية حتى وصل الامر لقطع اجزاء الجسم ماعدا الذهب والمال ..واليوم من فضل الله علينا أن جعل لنا حكومة تجعلنا نمارس عقائدنا وشعائر الله التي هي من تقوى القلوب بحرية ..
فلا أقول أن الحكومة فعلت كذا وكذا هناك تقصير ولكن مقابل هذا التقصير هناك ايجابيات كثيرة ..وارجوا من أخواني الشعب العراقي أن لاينسوا المحاربة من عدة اطراف ودول وحركات ضد الحكومة المنتخبة ليتم اشغال الحكومة بالقضايا الامنية فقط وترك الاعمال الاخرى .
فلو كان الوضع طبيعي في البلد ولم تنجز الحكومة شيء فذلك بحث أخر ..وانما ترون باعينكم العمليات ضد الشعب والحكومة منذ سقوط النظام ولحد الآن .ولاتهدأ فترة حتى تخرج مجموعة أو كيان للعبث بأعصاب الناس .
ومن أكبر المشاكل هو القتال الشيعي الشيعي وهي الوسيلة التي يخطط دائما لها الاعداء فتارة مجموعة بدين جديد والتارة الاخرى نفخ جهلة وابعادهم عن قياداتهم الدينية والتصرف الفوضوي ,فيشتبه الحق والباطل على من أكل الحرام فيستشكل الامر ولايعطى الحق لصاحبه .
والمصب الواحد بين الاطراف هو التشيع ويقصد به اتباع وملازمة أهل بيت النبوة (عليهم السلام ) فهناك ثمة صفات تجتمع في هؤلاء لو اتبعناها لاتكون أي فتن وازمات بين الشيعة .
وأفضل كلام هو الاستشهاد بأحاديث رسول الله (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع) حيث يقول الحذاء ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : أما والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأكتمهم لحديثنا وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنا ، فلم يعقله ولم يقبله قلبه ، اشمأز منه وجحده وكفر بمن دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا .6 .
معنى الشيعة :ـ
قال ابن خلدون 7 : اعلمْ أنّ الشيعة ـ لغةً ـ هم الصَّحْب والأتْباع، ويُطلق في عُرف الفقهاء والمتكلّمين من الخَلَف والسلف على أتْباع عليٍّ وبنيه رضي الله عنهم.
منزلة الشيعة عند الله تعالى ورسوله(ع) واهل البيت (ع) :ـ
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ عليّاً وشيعته همُ الفائزون.8.
وفي رواية: شيعة عليٍّ همُ الفائزون يوم القيامة .9
وقال صلّى الله عليه وآله: يا عليّ، هذا حبيبي جبرئيلُ يُخبرني عن الله جلّ جلاله، أنّه قد أعطى مُحبَّك وشيعتَك سبعَ خصال: الرفق عند الموت، والأُنس عند الوحشة، والنور عند الظُّلْمة، والأمن عند الفزع، والقِسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخولَ الجنّةِ قبل سائر الناس بثمانين عاماً .10.
وقال صلّى الله عليه وآله كذلك: [ تُوضَع ] يومَ القيامة منابرُ حولَ العرش لشيعتي وشيعةِ أهل بيتي المخلصين في ولايتنا، ويقول الله عزّوجلّ: هَلُمّ عبادي إليّ؛ لأنشرَ عليكم كرامتي، فقد أُوذيتُم في الدنيا .11.
وعن ابن عبّاس قال: سألت رسولَ الله صلّى الله عليه وآله عن قول الله عزّوجلّ: « والسابقون السابقون * أٌولئك المُقرَّبون »، فقال: قال لي جبرائيل: ذاك عليٌّ وشيعته، هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون من الله بكرامته لهم . 12.
قال أبو عبد الله ع إذا كان يوم القيامة دعي الخلائق بأمهاتهم ما خلانا و شيعتنا فإنا لا سفاح بيننا .13.
عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كلام له: ياعلي إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم، فتنظر الملائكة اليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً اليهم، ولما يرون منزلتهم عند الله عزّوجلّ .14.
وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ياعلي، إذا كان يوم القيامة يخرج قوم من قبورهم لباسهم النور، على نجائب من نور، أزمتها يواقيت حمر، تزفهم الملائكة إلى المحشر، فقال علي: تبارك الله ما أكرم هؤلاء (قوماً) على الله؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ياعلي، هم أهل ولايتك وشيعتك ومحبوك، يحبونك بحبي، ويحبوني بحب الله، وهم الفائزون يوم القيامة.15.
وعن ابن عباس أنه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله، قال: فقلت: ياأمير المؤمنين كيف ينظر بنور الله عزّوجلّ؟ قال (عليه السلام): لأنا خلقنا من نور الله وخلق شيعتنا من شعاع نورنا، فهم أصفياء أبرار أطهار متوسمون، نورهم يضيىء على من سواهم كالبدر في الليلة الظلماء. 16.
عن علي (عليه السلام) قال: أنا وشيعتي يوم القيامة على منابر من نور، فيمر علينا الملائكة فيسلم علينا فيقولون من هذا الرجل ومن هؤلاء؟ فيقال لهم: هذا علي بن أبي طالب ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) فيقال: من هؤلاء؟ قال: فيقال لهم: هؤلاء شيعته، قال: فيقولون: أين النبي العربي وابن عمه؟ فيقولون: هو عند العرش، قال: فينادي مناد من السماء عندرب العزة: ياعلي أدخل الجنة أنت وشيعتك لا حساب عليك ولا عليهم،فيدخلون الجنة فيتنعمون فيها من فواكهها ويلبسون السندس والاستبرق وما لم تر عين، فيقولون {الْحَمْدُ للهِِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}الذي منّ علينا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وبوصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فالحمد لله الذي منّ علينا بهما من فضله وأدخلنا الجنة فنعم أجر العاملين، فينادي مناد من السماء: كلوا واشربوا هنيئاً قد نظر إليكم الرحمن بنظرة، فلا بأس عليكم ولا حساب ولا عذاب .17.
وعن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا أغصانها، فما من عبد أحبنا أهل البيت وعمل بأعمالنا وحاسب نفسه قبل أن يحل رمسه، إلاّ أدخله الله الجنة .18.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ياعلي طوبى لمن أحبك وصدق بك، وويل لمن أبغضك وكذب بك، محبوك معروفون في السماء السابعة (العليا) والأرض السابعة السفلى وما بين ذلك، هم أهل الدين والورع والسمت الحسن والتواضع لله عزّوجلّ، خاشعة أبصارهم، وجلت قلوبهم لذكر الله عزّوجلّ، وقد عرفوا حق ولايتك، وألسنتهم ناطقة بفضلك، وأعينهم ساكبة، تحنناً عليك وعلى الأئمة من ولدك، يدينون الله بما أمرهم به في كتابه وجاءهم به البرهان من سنة نبيه، عالمون بما يأمرهم به اُولوا الأمر منهم، متواصلون غير متقاطعين، متحابون غير متباغضين، إن الملائكة لتصلي عليهم وتؤمن على دعائهم وتستغفر للمذنب منهم وتشهد لحضرته وتستوحش لفقده إلى يوم القيامة .19.
ويروي الإمام الكاظم عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام، قولَ رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا تستخفّوا بشيعة عليّ بن أبي طالب وعترته مِن بعده؛ فإنّ الرجل منهم لَيشفع في مِثْل ربيعة ومُضَر. 20.
التوصيات للشيعة وصفاهم من أئمة اهل البيت (ع) :ـ
عن الإمام الرضا عليه السلام انّه قال: انّ ممن يتّخذ مودّتنا أهل البيت لمن هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجّال، فقلت له: يا ابن رسول الله بماذا؟ قال: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، انّه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل، واشتبه الأمر فلم يُعرف مؤمن من منافق . 21.
وقال :
فمن أحبّهم فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبّنا، ومن والاهم فقد عادانا، ومن عاداهم فقد والانا، ومن وصلهم فقد قطعنا، ومن قطعهم فقد وصلنا، ومن جفاهم فقد برّنا، ومن برّهم فقد جفانا، ومن أكرمهم فقد أهاننا، ومن أهانهم فقد اكرمنا، ومن قبلهم فقد ردّنا، ومن ردّهم فقد قبلنا، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا، ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا، ومن صدّقهم فقد كذّبنا، ومن كذّبهم فقد صدّقنا، ومن أعطاهم فقد حرمنا، ومن حرمهم فقد أعطانا، يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتّخذنّ منهم وليّاً ولا نصيراً .22.
عن أبي جعفر ( الباقر عليه السلام ) قال : لا تذهب بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل 23.
وعن جابر ، عن أبي جعفر ( الباقر عليه السلام ) قال : قال لي : يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع24 , أن يقول بحبنا أهل البيت ، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير ، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء . قال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة ، فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب 25 .
حسب الرجل أن يقول : أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ؟ فلو قال : إني أحب رسول الله فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خير من علي ( عليه السلام ) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل [ وأكرمهم عليه ] أتقاهم وأعملهم بطاعته .
يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع 26 .
وعن أبي جعفر محمد بن علي ( الباقر عليه السلام ) أنه أوصى بعض شيعته فقال : يا معشر شيعتنا ، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا ، اصدقوا في قولكم وبروا في أيمانكم لأوليائكم وأعدائكم ، وتواسوا بأموالكم ، وتحابوا بقلوبكم ، وتصدقوا على فقرائكم ، واجتمعوا على أمركم ، ولا تدخلوا غشا ولا خيانة على أحد ، ولا تشكوا بعد اليقين ، ولا ترجعوا بعد الإقدام جبنا ، ولا يول أحد منكم أهل مودته قفاه ، ولا تكونن شهوتكم في مودة غيركم ، ولا مودتكم فيما سواكم ، ولا عملكم لغير ربكم ، ولا إيمانكم وقصدكم لغير نبيكم ، و استعينوا بالله واصبروا ، إن الأرض لله ، يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، وإن الأرض يورثها عباده الصالحين .
ثم قال : إن أولياء الله وأولياء رسوله من شيعتنا ، من إذا قال صدق ، وإذا وعد وفى ، وإذا ائتمن أدى ، وإذا حمل في الحق احتمل ، وإذا سئل الواجب أعطى ، وإذا أمر بالحق فعل ، شيعتنا من لا يعدو علمه سمعه ، شيعتنا من لا يمدح لنا معيبا ولا يواصل لنا مبغضا ، ولا يجالس لنا قاليا ، إن لقي مؤمنا أكرمه ، وإن لقي جاهلا هجره ، شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل أحدا إلا من إخوانه وإن مات جوعا ، شيعتنا من قال بقولنا وفارق أحبته فينا ، وأدنى البعداء في حبنا ، وأبعد القرباء في بغضنا .
فقال له رجل ممن شهد : جعلت فداك ، أين يوجد مثل هؤلاء ؟ فقال : في أطراف الأرضين ، أولئك الخفيض عيشهم ، القريرة أعينهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن وردوا طريقا تنكبوا ، و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، و يبيتون لربهم سجدا وقياما ، قال : يا بن رسول الله ، فكيف بالمتشيعين بألسنتهم وقلوبهم على خلاف ذلك ؟ فقال : التمحيص يأتي عليهم بسنين تفنيهم وضغائن تبيدهم واختلاف يقتلهم ، أما والذي نصرنا بأيدي ملائكته لا يقتلهم الله إلا بأيديهم ، فعليكم بالإقرار إذا حدثتم ، وبالتصديق إذا رأيتم ، وترك الخصومة فإنها تقصيكم ، وإياكم أن يبعثكم قبل وقت الأجل فتطل دماؤكم ، وتذهب أنفسكم ، ويذمكم من يأتي بعدكم ، وتصيروا عبرة للناظرين ، وإن أحسن الناس فعلا من فارق أهل الدنيا من والد وولد ، ووالى ووازر وناصح وكافا إخوانه في الله وإن كان حبشيا أو زنجيا ، وإن كان لا يبعث من المؤمنين أسود ، بل يرجعون كأنهم البرد قد غسلوا بماء الجنان ، وأصابوا النعيم المقيم ، وجالسوا الملائكة المقربين ، ورافقوا الأنبياء المرسلين ، وليس من عبد أكرم على الله من عبد شرد وطرد في الله حتى يلقى الله على ذلك ، شيعتنا المنذرون في الأرض ، سرج وعلامات ونور لمن طلب ما طلبوا ، وقادة لأهل طاعة الله ، شهداء على من خالفهم ممن ادعى دعواهم ، سكن لمن أتاهم ، لطفاء بمن والاهم ، سمحاء ، أعفاء ، رحماء ، فذلك صفتهم في التوراة والإنجيل والقرآن العظيم . إن الرجل العالم من شيعتنا إذا حفظ لسانه وطاب نفسا بطاعة أوليائه ، وأضمر المكايدة لعدوه بقلبه ، ويغدو حين يغدو وهو عارف بعيوبهم ، ولا يبدى ما في نفسه لهم ، ينظر بعينه إلى أعمالهم الردية ، ويسمع بأذنه مساويهم ، ويدعو بلسانه عليهم ، مبغضوهم أولياؤه ومحبوهم أعداؤه ، فقال له رجل : بأبي أنت وأمي ، فما ثواب من وصفت إذا كان يصبح آمنا ويمسي آمنا ويبيت محفوظا ، فما منزلته وثوابه فقال : تؤمر السماء بإظلاله والأرض بإكرامه والنور ببرهانه ، قال : فما صفته في دنياه ؟ قال : إن سأل أعطى ، وإن دعا أجيب ، وإن طلب أدرك ، وإن نصر مظلوما عز . 27.
وعن أبى جعفر محمد بن على صلوات الله عليه أنه قال : رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم ، أما والله لو يروون عنا ما نقول ولا يحرفونه ولا يبدلونه علينا 28برأيهم ، ما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء ، ولكن أحدهم يسمع الكلمة فينيط إليها عشرا ويتأولها على ما يراه ، رحم الله عبدا يسمع من مكنون سرنا فدفنه في قلبه ، ثم قال : والله لا يجعل الله من عادانا ومن تولانا في دار واحدة غير هذه الدار.
عن المعلى بن خنيس قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض محمدا و آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتوالونا و تتبرءون من أعدائنا و قال ع من أشبع عدوا لنا فقد قتل وليا لنا 29.
سئل أبو عبد الله ع عن شيعتهم فقال شيعتنا من قدم ما استحسن و أمسك ما استقبح و أظهر الجميل و سارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منا و إلينا و معنا حيث ما كنا .31 .
وقال الامام الرضا (ع) في المذبذبون :ـ
من واصل لنا قاطعاً أو قطع لنا واصلاً أو مدح لنا عايباً أو أكرم لنا مخالفاً فليس منّا ولسنا منه. 31.
وقال (ع) في المتقلبون :ـ من والى اعداء الله فقد عادى اولياء الله، ومن عادى اولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى وحق على الله عزّ وجلّ ان يدخله في نار جهنّم. 32 .
وقال (ع) في المنافقون :ـ
انّ ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو اشدّ لعنة على شيعتنا من الدجال.
فقلت له: يابن رسول الله بماذا؟
قال: بموالاة اعدائنا ومعاداة اوليائنا، انه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل واشتبه الأمر، فلم يعرف مؤمن من منافق.33.
و عن خيثمة ( وهو ابن عبد الرحمن الجعفي الكوفي ) قال : دخلت على أبي جعفر ( الباقر عليه السلام ) أودعه فقال : يا خثيمة أبلغ من ترى من موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيهم على فقيرهم، وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم ، فإن لقيا بعضهم بعضا حياة لأمرنا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا ، يا خيثمة أبلغ موالينا أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع وأن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره 34.
سيماء شيعة امير المؤمنين (ع) والائمة (ع) :ـ
هناك خصوصيات في كل شخص من الشيعة ونستطيع القول بأنها سمات أو صفات يقال أن هذا من شيعة أهل البيت (ع) ولمعرفة ذلك يجب أن نقرأ ماذا قالوا أهل البيت (ع) في ذلك :ـ
قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شيعتُنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون في إحياءِ أمرنا، الذين إذا غَضِبوا لم يَظلموا، وإن رضَوا لم يُسرفوا، بركةٌ على مَن جاوروا، سِلمٌ لمَن خالطوا .35.
وعن الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام قال: شيعة عليٍّ عليه السّلام همُ الذين يُؤْثرون إخوانَهم على أنفسهم ولو كان بهم خَصاصة، وهمُ الذين لا يراهمُ اللهُ حيث نهاهم، ولا يفقدهم حيث أمَرَهم، وشيعة عليٍّ همُ الذين يقتدون بعليٍّ عليه السّلام في إكرام إخوانهمُ المؤمنين 36 .
عن الإمام الصادق عليه السّلام قوله: ليس مِن شيعتنا مَن قال بلسانه وخالَفَنا في أعمالنا وآثارنا، ولكنّ شيعتنا مَن وافَقَنا بلسانه وقلبه واتّبع آثارنا، وعمل بأعمالنا، أولئك من شيعتنا 37.
قال الإمام موسى الكاظم عليه السّلام: إنّما شيعتنا مَن شَيَّعَنا، واتّبع آثارنا، واقتدى بأعمالنا .38..
وروى السمهودي عن صاحب (المطالب العالية) عن نوف البكالي39: «ان علياً رضي الله عنه خرج يوماً من المسجد، وقد أقبل اليه جندب بن نصير، والربيع بن خثيم وابن اخيه همام بن عباد بن خثيم ـ وكان من اصحاب البرانس المتعبدين ـ فأفضى علي وهم معه إلى نفر فأسرعوا اليه قياماً وسلموا عليه فردّ التحية ثم قال: من القوم؟ فقالوا: انا من شيعتك يا أميرالمؤمنين، فقال لهم خيراً، ثم قال: يا هؤلاء، ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا؟ فأمسك القوم حياءً، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له: ما سمة شيعتكم يا أميرالمؤمنين؟ فسكت، فقال همام ـ وكان عابداً مجتهداً ـ أسألك بالذي اكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما انبأتنا بصفة شيعتكم، قال: فسأنبئكم جميعاً، ووضع يديه على منكب همام وقال: شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله، أهل الفضائل الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت وملبوسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع، بخعوا لله بطاعته، وخضعوا اليه بعبادته، مضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم واقفين اسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضاً عن الله تعالى بالقضاء، فلو لا الآجال التي كتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى لقاء الله والثواب وخوفاً من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن رآها فهم على ارائكها متكئون، وهم والنار كمن رآها فهم فيها يعذبون، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فاهجروها، أما الليل فصافون اقدامهم تالون لأجزاء القرآن ترتيلا يعظون أنفسهم بامثاله، ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم واكفهم وركبهم، واطراف اقدامهم تجري دموعهم على خدودهم، يجدون جباراً عظيماً ويجأرون اليه في فكاك رقابهم، هذا ليلهم، فأما نهارهم فحلماء علماء بررة اتقياء، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح يحسبهم الناس مرضى أو قد خولطوا، وما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم، فإذا استقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالاعمال الزاكية، لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون ومن اعمالهم مشفقون، ترى لأحدهم قوة في دين، وحزماً في لين، وايماناً في يقين، وحرصاً على علم، وفهماً في فقه، وعلماً في حلم وكيساً في قصد وقصداً في غناء، وتجملا في فاقة، وصبراً في شدة، وخشوعاً في عبادة، ورحمة لمجهود، وإعطاءً في حق، ورفقاً في كسب، وجلباً في حلال، ونشاطاً في هدوء واعتصاماً في شهوة لا يغره ما جهله، ولا يدع احصاء ما علمه، يستبطىء نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمه الشكر، يبيت حذراً من سنة الغفلة، ويصبح فرحاً بما اصاب من الفضل والرحمة، رغبته فيما بقي، وزهادته فيما نفي، قد قرن العلم بالعمل، والعلم بالحلم، دائماً نشاطه، بعيداً كسله، قريباً أمله، قليلا زلله، متوقعاً أجله، خاشعاً قلبه، ذاكراً ربه، قانعة نفسه، محرزاً دينه، كاظماً غيظه، آمناً منه جاره، معدوماً كبره، بيناً صبره، كثيراً ذكره، لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ولا يتركه حياءً، أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا، ألا واهاً شوقاً اليهم.
فصاح همام صيحةً، فوقع مغشياً عليه، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا، فغسل وصلى عليه أميرالمؤمنين ومن معه.
و أنّ إمام جعفر الصادق علیهالسلام قال: امتَحِنُوا شِيعَتَنَا عِنْدَ مَواقِيتِ الصَّلاة كَيْفَ مُحَافَظَتُهُمْ علیهَا وَإِلَي أَسْرَارِنَا كَيْفَ حِفْظُهُمْ لَهَا عِنْدَ عَدُوِّنَا، وَ إِلَي أَمْوَالِهِمْ كَيْفَ مُواساتُهُمْ لإخْوَانِهِمْ فِيهَا .40 .
وجاء في «أمالي الشيخ الطوسيّ» بسنده المتّصل عن سليمان بن مهران أنـّه قال: دَخَلْتُ علی الصَّادقِ جَعْفَرِبنِ مُحَمَّدٍ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: مَعَاشِرَ الشِّيعَةِ كُونُوا لَنَا زَيْناً وَلا تَكُونُوا علینا شَيْناً. قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوا عَنِ الْفُضُولِ وَ قُبْحِ الْقَوْلِ. 41 .
وعن «الكافي» بسنده عن المفضّل أنـّه قالَ: قَالَ أَبُو عَبدِاللهِ علیهِ السَّلامُ: إِيَّاكَ وَالسِّفلَةَ، فَإِنَّمَا شِيعَةُ علیٍّ مَن عَفَّ بِطْنُهُ وَ فَرْجُهُ، وَاشْتَدَّ جِهَادُهُ، وَ عَمِلَ لِخَالقِهِ، وَ رَجا ثَوابَهُ، وَ خَافَ عِقَابَهُ، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ «بحار الانوار» ج 15، كتاب الإيمان، ص 152.
قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : يا مهزم شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه يديه 42 ، ولا يمتدح بنا معلنا ، ولا يجالس لنا عائبا ، ولا يخاصم لنا قاليا ، وان لقي مؤمنا أكرمه ، وان لقي جاهلا هجره ـ إلى أن قال ـ شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل عدونا وان مات جوعا . .
وعن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) ألا اخبركم بأشبهكم بي ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : أحسنكم خلقا وألينكم كنفا ، وأبركم بقرابته ، واشدكم حبا لاخوانه في دينه ، وأصبركم على الحق ، وأكظمكم للغيظ ، وأحسنكم عفوا ، واشدكم من نفسه انصافا في الرضا والغضب 43.
عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: {مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يجتمع حبنا وحب أعدائنا في جوف إنسان، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحب هذا ويبغض هذا، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه فان شاركه في حبنا حب عدونا، فليس منا ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين 44..
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفهم: هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى، اُولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه . 45..
وعن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا أبا المقدام إنما شيعة علي عليه السلام الشاحبون الناحلون ، الذابلون ذابلة شفاههم ، خميصة بطونهم ، متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشا ، واستقبلوا الأرض بجباههم ، كثير سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم يحزنون 46.
و عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن شيعة علي عليه السلام كانوا خمص البطون ، ذبل الشفاء ، أهل رأفة و ( علم وحلم ) يعرفون بالرهبانية ، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد والصبر.47..
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن من شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ولا ( شحمة اذنه ) ولا يمتدح بنا معلنا ، ولا يواصل لنا مبغضا ، ولا يخاصم لنا وليا ، ولا يجالس لنا عائبا ، قال : قلت : فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة ؟ قال : فيهم التمحيص وفيهم التمييز وفيهم التبديل ، تأتي عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم .
شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل وإن مات جوعا ، قلت : وأين أطلب هؤلاء ؟ قال : اطلبهم في أطراف الارض ، أولئك الخفيض عيشهم ، المنتقل دارهم ، إذا شهدوا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن رأوا منكرا ينكروا ، وإن يخاطبهم جاهل سلموا ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموا ، وعند الموت هم لا يحزنون ، وفي القبور يتزاورون ، لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلف بهم البلدان.. 48..
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال : فعل وعمل ونية وباطن وظاهر .
فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال ؟
فقال : يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوال الفكر ، جوهري الذكر ، كثيرا علمه ، عظيما حلمه ، جميل المنازعة ، كريم المراجعة ، أوسع الناس صدرا ، وأذلهم نفسا ، ضحكه تبسما ، واجتماعا تعلما ، مذكر الغافل ، معلم الجاهل ، لا يؤذي من يؤذيه ، ولا يخوض فيما لا يعنيه ، ولا يشمت بمصيبة ولا يذكر أحدا بغيبة ، بريا من المحرمات ، واقفا عند الشبهات ، كثير العطاء ، قليل الاذى ، عونا للغريب ، وأبا لليتيم ، بشره في وجهه ، وخوفه في قلبه ، مستبشرا بفقره ، أحلى من الشهد ، وأصلد من الصلد ، لا يشكف سرا ، ولا يهتك سترا ، لطيف الجهات ، حلو المشاهدة ، كثير العبادة ، حسن الوقار ، لين الجانب ، طويل الصمت ، حليما إذا جهل عليه ، صبورا على من أساء إليه ، يجل الكبير ، ويرحم الصغير ، أمينا على الامانات ، بعيداً من الخيانات ، إلفه التقى ، وخلقه الحياء ، كثير الحذر ، قليل الزلل ، حركاته أدب ، وكلامه عجب ، مقيل العثرة ، ولا يتبع العورة ، وقورا ، صبورا ، رضيا ، شكورا ، قليل الكلام ، صدوق اللسان ، برا مصونا ، حليما ، رفيقا ، عفيفا ، شريفا .
لا لعّان ولا نمام ، ولا كذاب ولا مغتاب ، ولا سباب ، ولا حسود ، ولا بخيل ، هشاشا بشاشا ، لا حساس ولا جساس .
يطلب من الامور أعلاها ، ومن الاخلاق أسناها ، مشمولا لحفظ الله ، مؤيدا بتوفيق الله ، ذاقوة في لين ، وعزمه في يقين ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، صبور في الشدائد ، لا يجور ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي .
الفقر شعاره ، والصبر ثاره ، قليل المؤونة ، كثير المعونة ، كثير الصيام ، طويل القيام ، قليل المنام ، قلبه تقي ، وعلمه زكي ، إذا قدر عفا ، وإذا وعد وفى ، يصوم رغبا ويصلي رهبا ، ويحسن في عمله كأنه ينظر إليه ، غض المطوف ، سخي الكف ، لا يرد
سائلا ولا يبخل بنائل ، متواصلا إلى الاخوان ، مترادفا للاحسان ، يزن كلامه ، ويخرس لسانه ، لا يغرق في بغضه ، ولا يهلك في محبته ، لا يقبل الباطل من صديقه ، ولا يرد الحق من عدوه ، لا يتعلم إلا ليعلم ، ولا يعلم إلا ليعمل .
قليلا حقده ، كثيرا شكره ، يطلب النهار معيشته ، ويبكي الليل على خطيئته ، إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم ، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم ، لا يرضى في كسبه بشبهة ، ولا يعمل في دينه برخصة ، لطيف ( يعطف / خ ) على أخيه بزلته ، ويرعى ما مضى من قديم صحبته .49.
ـــــــــــــــــ
الهوامش
1. بحار الانوار ج 7، ص 355.
2. بحار الانوار ج 15 ص 141.
3. بحار الانوار ج 15 ص 142 .
4. بحار الانوار ج 15 ص 152.
5. الكافي 2 : 184 | 13 .
6. البحار : 68 / 176 ح 33 والمستدرك .
7. ابن خلدون في مقدّمته ص 138 .
8. الارشاد للشيخ المفيد 26 .
9. عيون اخبار الرضا للشخ الصدوق ج 2 ـ 52 | ح201 .
10 . البحار 68|9 .
11. اخبار الرضا ج2 : 60 |ح 232 .
12. البحار 68|20 .
13. صفات الشيعة 16 .
14. أمالي الصدوق 83:452، البحار 39:306، بشارة المصطفى: 180، دار السلام 4:232، فضائل الشيعة: 15 ح17 .
15. تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:346 .
16. البحار 25:21 .
17. تفسير فرات: 349 ح476، البحار 7:198 .
18. إرشاد القلوب باب كلام أمير المؤمنين والائمة (عليهم السلام): 145، البحار 68:69، أمالي الطوسي المجلس 28:611 ح1264 .
19. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1:261، البحار 68:150.
20. بشارة المصطفى لشيعة المرتضى 66 .
21. صفات الشيعة: 50/ الحديث الرابع عشر .
22. التوحيد: 364/ ح 12/ باب 59؛ وعيون الأخبار 1: 143/ ح 45، عنهما البحار 3: 294/ ح 18/ باب 13، وأيضاً 5: 52/ ح 88/ باب 1 .
23. . الكافي - الشيخ الكليني ج 2 ص 73 .
24. إنتحال الشئ : ادعاؤه .
25 . أي ليس بين الله وبين الشيعة قرابة حتى يسامحكم ولا يسامح مخالفيكم مع كونكم مشتركين معهم في مخالفته تعالى . و ليس بينه وبين علي قرابة حتى يسامح شيعة علي ولا يسامح شيعة الرسول . والحاصل إن جهة القرب بين العبد وبين الله إنما هي بالطاعة والتقوى ولذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى الله فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شيء ( مرآة العقول ) .
26 . - الكافي - الشيخ الكليني ج 2 ص 74 .
27. دعائم الإسلام - القاضي النعمان المغربي ج 1 ص 64 ..
28. دعائم الاسلام - القاضي النعمان المغربي ج 1 ص 61 .
29. .صفات الشيعة .ص 15 |9 .
30. صفاتالشيعة ص : 32 17 .
31. صفات الشيعة 7، ح 10.
32. صفات الشيعة 7، ح 11 .
33. صفات الشعية 8، ح 14 .
34.- الكافي - الشيخ الكليني ج 2 ص 175 .
35. . بحار الانوار 68 |190 .
36. بحار الانوار 68| 162 .
37.. مستطرق السرائر 147 | ج21 .
38. بحار الانوار 8 | 353 .
39. جواهر العقدين، العقد الثاني الذكر الخامس ص195، ورواه محمّد بن طلحة في مطالب السؤل ص140 وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ص92 .
40. بحار الانوار ج 15 ص 141.
41. بحار الانوار ج 15، كتاب الإيمان، ص 142.
42. . الكافي 2 : 186 | 27 .
43. الكافي 2 : 188 | 35 .
44. تفسير القمي 2:171، تفسير نور الثقلين 4:459.
45. جامع السعادات 3:190 .
46. . الخصال- الشيخ الصدوق ص 444 . .
47. . البحار : 68 / 188 ح 63 وعن الكافي : 2 / 233 ح 10 بإسناده عن ابن أبي يعفور ، وعن صفات الشيعة : 51 ح 18 .
48. البحار : 69 / 402 ح 104 وفي 68 / 180 ح 39 عن الكافي : 2 / 239 ح 27 وفي ص 179 ح 37 عن المشكاة ص 61 .
49. . البحار : 67 / 310 ح 45 والمستدرك : 2 / 280 ح 22 .
تاريخ النشر 30/03/2008
قال تعالى :ـ
ومن يطع الله والرسول فأؤلئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .النساء | 69 .
قال جابر بن عبدالله الانصاريّ
: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ: إِنَّ اللهَ تَعالَي خَلَقَنِي وَ خَلَقَ علي وَ فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَ الاَئِمَّةَ عليهُمُ السَّلامُ مِنْ نُورٍ، فَعَصَرَ ذَلِكَ النُّورَ عَصْرَةً فَخَرَجَ مِنْهُ شِيعَتُنَا فَسَبَّحْنَا وَ سَبَّحُوا، وَقَدَسَّنَا وَ قَدَّسُوا، وَ هَلَّلْنَا فَهَلَّلُوا، وَ مَجَّدْنَا فَمَجَّدوُا، وَ وَحَّدْنَا فَوَحَّدُوا 1 .
و أنّ إمام جعفر الصادق عليهالسلام قال:
امتَحِنُوا شِيعَتَنَا عِنْدَ مَواقِيتِ الصَّلاة كَيْفَ مُحَافَظَتُهُمْ علیهَا وَإِلَي أَسْرَارِنَا كَيْفَ حِفْظُهُمْ لَهَا عِنْدَ عَدُوِّنَا، وَ إِلَي أَمْوَالِهِمْ كَيْفَ مُواساتُهُمْ لإخْوَانِهِمْ فِيهَا 2.
جاء في «أمالي الشيخ الطوسيّ» بسنده المتّصل عن سليمان بن مهران أنـّه قال: دَخَلْتُ علی الصَّادقِ جَعْفَرِبنِ مُحَمَّدٍ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: مَعَاشِرَ الشِّيعَةِ كُونُوا لَنَا زَيْناً وَلا تَكُونُوا علینا شَيْناً. قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوا عَنِ الْفُضُولِ وَ قُبْحِ الْقَوْلِ. 3 .
قَالَ أَبُو عَبدِاللهِ (ع):
إِيَّاكَ وَالسِّفلَةَ، فَإِنَّمَا شِيعَةُ علیٍّ مَن عَفَّ بِطْنُهُ وَ فَرْجُهُ، وَاشْتَدَّ جِهَادُهُ، وَ عَمِلَ لِخَالقِهِ، وَ رَجا ثَوابَهُ، وَ خَافَ عِقَابَهُ، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ 4.
عن أبي جعفر ( ع ) قال :
انما المؤمن الذي اذا رضي لم يدخله رضاه في اثم ولا باطل ، وان سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق ، والذي اذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي إلى ما ليس له بحق . 5 .
تمر علينا هذه الايام أزمات مفتعلة يهدف فيها اهل الباطل للقتال بين ابناء الجلده الواحدة , وترى الذين يدفعون الاموال من أجل الفتن مسرورين بأشاعة الفوضى والدمار بين ابناء الشعب العراقي المظلوم .
وكالعاده الخروج عن منهاج أهل البيت (ع) طمعا بالرغبات الدنيوية يجعل تلك الازمات والفتن تكبر أكثر فأكثر .ولابد من ان نفهم أن الشيعة في أحد الازمان كانوا عندما يذهبون لزيارة الامام الحسين (ع) يقدمون تضحية حتى وصل الامر لقطع اجزاء الجسم ماعدا الذهب والمال ..واليوم من فضل الله علينا أن جعل لنا حكومة تجعلنا نمارس عقائدنا وشعائر الله التي هي من تقوى القلوب بحرية ..
فلا أقول أن الحكومة فعلت كذا وكذا هناك تقصير ولكن مقابل هذا التقصير هناك ايجابيات كثيرة ..وارجوا من أخواني الشعب العراقي أن لاينسوا المحاربة من عدة اطراف ودول وحركات ضد الحكومة المنتخبة ليتم اشغال الحكومة بالقضايا الامنية فقط وترك الاعمال الاخرى .
فلو كان الوضع طبيعي في البلد ولم تنجز الحكومة شيء فذلك بحث أخر ..وانما ترون باعينكم العمليات ضد الشعب والحكومة منذ سقوط النظام ولحد الآن .ولاتهدأ فترة حتى تخرج مجموعة أو كيان للعبث بأعصاب الناس .
ومن أكبر المشاكل هو القتال الشيعي الشيعي وهي الوسيلة التي يخطط دائما لها الاعداء فتارة مجموعة بدين جديد والتارة الاخرى نفخ جهلة وابعادهم عن قياداتهم الدينية والتصرف الفوضوي ,فيشتبه الحق والباطل على من أكل الحرام فيستشكل الامر ولايعطى الحق لصاحبه .
والمصب الواحد بين الاطراف هو التشيع ويقصد به اتباع وملازمة أهل بيت النبوة (عليهم السلام ) فهناك ثمة صفات تجتمع في هؤلاء لو اتبعناها لاتكون أي فتن وازمات بين الشيعة .
وأفضل كلام هو الاستشهاد بأحاديث رسول الله (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع) حيث يقول الحذاء ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : أما والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأكتمهم لحديثنا وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروي عنا ، فلم يعقله ولم يقبله قلبه ، اشمأز منه وجحده وكفر بمن دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا أسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا .6 .
معنى الشيعة :ـ
قال ابن خلدون 7 : اعلمْ أنّ الشيعة ـ لغةً ـ هم الصَّحْب والأتْباع، ويُطلق في عُرف الفقهاء والمتكلّمين من الخَلَف والسلف على أتْباع عليٍّ وبنيه رضي الله عنهم.
منزلة الشيعة عند الله تعالى ورسوله(ع) واهل البيت (ع) :ـ
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنّ عليّاً وشيعته همُ الفائزون.8.
وفي رواية: شيعة عليٍّ همُ الفائزون يوم القيامة .9
وقال صلّى الله عليه وآله: يا عليّ، هذا حبيبي جبرئيلُ يُخبرني عن الله جلّ جلاله، أنّه قد أعطى مُحبَّك وشيعتَك سبعَ خصال: الرفق عند الموت، والأُنس عند الوحشة، والنور عند الظُّلْمة، والأمن عند الفزع، والقِسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخولَ الجنّةِ قبل سائر الناس بثمانين عاماً .10.
وقال صلّى الله عليه وآله كذلك: [ تُوضَع ] يومَ القيامة منابرُ حولَ العرش لشيعتي وشيعةِ أهل بيتي المخلصين في ولايتنا، ويقول الله عزّوجلّ: هَلُمّ عبادي إليّ؛ لأنشرَ عليكم كرامتي، فقد أُوذيتُم في الدنيا .11.
وعن ابن عبّاس قال: سألت رسولَ الله صلّى الله عليه وآله عن قول الله عزّوجلّ: « والسابقون السابقون * أٌولئك المُقرَّبون »، فقال: قال لي جبرائيل: ذاك عليٌّ وشيعته، هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون من الله بكرامته لهم . 12.
قال أبو عبد الله ع إذا كان يوم القيامة دعي الخلائق بأمهاتهم ما خلانا و شيعتنا فإنا لا سفاح بيننا .13.
عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كلام له: ياعلي إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم، فتنظر الملائكة اليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً اليهم، ولما يرون منزلتهم عند الله عزّوجلّ .14.
وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ياعلي، إذا كان يوم القيامة يخرج قوم من قبورهم لباسهم النور، على نجائب من نور، أزمتها يواقيت حمر، تزفهم الملائكة إلى المحشر، فقال علي: تبارك الله ما أكرم هؤلاء (قوماً) على الله؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ياعلي، هم أهل ولايتك وشيعتك ومحبوك، يحبونك بحبي، ويحبوني بحب الله، وهم الفائزون يوم القيامة.15.
وعن ابن عباس أنه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله، قال: فقلت: ياأمير المؤمنين كيف ينظر بنور الله عزّوجلّ؟ قال (عليه السلام): لأنا خلقنا من نور الله وخلق شيعتنا من شعاع نورنا، فهم أصفياء أبرار أطهار متوسمون، نورهم يضيىء على من سواهم كالبدر في الليلة الظلماء. 16.
عن علي (عليه السلام) قال: أنا وشيعتي يوم القيامة على منابر من نور، فيمر علينا الملائكة فيسلم علينا فيقولون من هذا الرجل ومن هؤلاء؟ فيقال لهم: هذا علي بن أبي طالب ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) فيقال: من هؤلاء؟ قال: فيقال لهم: هؤلاء شيعته، قال: فيقولون: أين النبي العربي وابن عمه؟ فيقولون: هو عند العرش، قال: فينادي مناد من السماء عندرب العزة: ياعلي أدخل الجنة أنت وشيعتك لا حساب عليك ولا عليهم،فيدخلون الجنة فيتنعمون فيها من فواكهها ويلبسون السندس والاستبرق وما لم تر عين، فيقولون {الْحَمْدُ للهِِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}الذي منّ علينا بنبيه محمد (صلى الله عليه وآله) وبوصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فالحمد لله الذي منّ علينا بهما من فضله وأدخلنا الجنة فنعم أجر العاملين، فينادي مناد من السماء: كلوا واشربوا هنيئاً قد نظر إليكم الرحمن بنظرة، فلا بأس عليكم ولا حساب ولا عذاب .17.
وعن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها، وشيعتنا أغصانها، فما من عبد أحبنا أهل البيت وعمل بأعمالنا وحاسب نفسه قبل أن يحل رمسه، إلاّ أدخله الله الجنة .18.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ياعلي طوبى لمن أحبك وصدق بك، وويل لمن أبغضك وكذب بك، محبوك معروفون في السماء السابعة (العليا) والأرض السابعة السفلى وما بين ذلك، هم أهل الدين والورع والسمت الحسن والتواضع لله عزّوجلّ، خاشعة أبصارهم، وجلت قلوبهم لذكر الله عزّوجلّ، وقد عرفوا حق ولايتك، وألسنتهم ناطقة بفضلك، وأعينهم ساكبة، تحنناً عليك وعلى الأئمة من ولدك، يدينون الله بما أمرهم به في كتابه وجاءهم به البرهان من سنة نبيه، عالمون بما يأمرهم به اُولوا الأمر منهم، متواصلون غير متقاطعين، متحابون غير متباغضين، إن الملائكة لتصلي عليهم وتؤمن على دعائهم وتستغفر للمذنب منهم وتشهد لحضرته وتستوحش لفقده إلى يوم القيامة .19.
ويروي الإمام الكاظم عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام، قولَ رسول الله صلّى الله عليه وآله: لا تستخفّوا بشيعة عليّ بن أبي طالب وعترته مِن بعده؛ فإنّ الرجل منهم لَيشفع في مِثْل ربيعة ومُضَر. 20.
التوصيات للشيعة وصفاهم من أئمة اهل البيت (ع) :ـ
عن الإمام الرضا عليه السلام انّه قال: انّ ممن يتّخذ مودّتنا أهل البيت لمن هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجّال، فقلت له: يا ابن رسول الله بماذا؟ قال: بموالاة أعدائنا ومعاداة أوليائنا، انّه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل، واشتبه الأمر فلم يُعرف مؤمن من منافق . 21.
وقال :
فمن أحبّهم فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبّنا، ومن والاهم فقد عادانا، ومن عاداهم فقد والانا، ومن وصلهم فقد قطعنا، ومن قطعهم فقد وصلنا، ومن جفاهم فقد برّنا، ومن برّهم فقد جفانا، ومن أكرمهم فقد أهاننا، ومن أهانهم فقد اكرمنا، ومن قبلهم فقد ردّنا، ومن ردّهم فقد قبلنا، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا، ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا، ومن صدّقهم فقد كذّبنا، ومن كذّبهم فقد صدّقنا، ومن أعطاهم فقد حرمنا، ومن حرمهم فقد أعطانا، يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتّخذنّ منهم وليّاً ولا نصيراً .22.
عن أبي جعفر ( الباقر عليه السلام ) قال : لا تذهب بكم المذاهب ، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله عز وجل 23.
وعن جابر ، عن أبي جعفر ( الباقر عليه السلام ) قال : قال لي : يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع24 , أن يقول بحبنا أهل البيت ، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة والبر بالوالدين والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلا من خير ، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء . قال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة ، فقال : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب 25 .
حسب الرجل أن يقول : أحب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ؟ فلو قال : إني أحب رسول الله فرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خير من علي ( عليه السلام ) ثم لا يتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل [ وأكرمهم عليه ] أتقاهم وأعملهم بطاعته .
يا جابر والله ما يتقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة وما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع 26 .
وعن أبي جعفر محمد بن علي ( الباقر عليه السلام ) أنه أوصى بعض شيعته فقال : يا معشر شيعتنا ، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا ، اصدقوا في قولكم وبروا في أيمانكم لأوليائكم وأعدائكم ، وتواسوا بأموالكم ، وتحابوا بقلوبكم ، وتصدقوا على فقرائكم ، واجتمعوا على أمركم ، ولا تدخلوا غشا ولا خيانة على أحد ، ولا تشكوا بعد اليقين ، ولا ترجعوا بعد الإقدام جبنا ، ولا يول أحد منكم أهل مودته قفاه ، ولا تكونن شهوتكم في مودة غيركم ، ولا مودتكم فيما سواكم ، ولا عملكم لغير ربكم ، ولا إيمانكم وقصدكم لغير نبيكم ، و استعينوا بالله واصبروا ، إن الأرض لله ، يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ، وإن الأرض يورثها عباده الصالحين .
ثم قال : إن أولياء الله وأولياء رسوله من شيعتنا ، من إذا قال صدق ، وإذا وعد وفى ، وإذا ائتمن أدى ، وإذا حمل في الحق احتمل ، وإذا سئل الواجب أعطى ، وإذا أمر بالحق فعل ، شيعتنا من لا يعدو علمه سمعه ، شيعتنا من لا يمدح لنا معيبا ولا يواصل لنا مبغضا ، ولا يجالس لنا قاليا ، إن لقي مؤمنا أكرمه ، وإن لقي جاهلا هجره ، شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل أحدا إلا من إخوانه وإن مات جوعا ، شيعتنا من قال بقولنا وفارق أحبته فينا ، وأدنى البعداء في حبنا ، وأبعد القرباء في بغضنا .
فقال له رجل ممن شهد : جعلت فداك ، أين يوجد مثل هؤلاء ؟ فقال : في أطراف الأرضين ، أولئك الخفيض عيشهم ، القريرة أعينهم ، إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن وردوا طريقا تنكبوا ، و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، و يبيتون لربهم سجدا وقياما ، قال : يا بن رسول الله ، فكيف بالمتشيعين بألسنتهم وقلوبهم على خلاف ذلك ؟ فقال : التمحيص يأتي عليهم بسنين تفنيهم وضغائن تبيدهم واختلاف يقتلهم ، أما والذي نصرنا بأيدي ملائكته لا يقتلهم الله إلا بأيديهم ، فعليكم بالإقرار إذا حدثتم ، وبالتصديق إذا رأيتم ، وترك الخصومة فإنها تقصيكم ، وإياكم أن يبعثكم قبل وقت الأجل فتطل دماؤكم ، وتذهب أنفسكم ، ويذمكم من يأتي بعدكم ، وتصيروا عبرة للناظرين ، وإن أحسن الناس فعلا من فارق أهل الدنيا من والد وولد ، ووالى ووازر وناصح وكافا إخوانه في الله وإن كان حبشيا أو زنجيا ، وإن كان لا يبعث من المؤمنين أسود ، بل يرجعون كأنهم البرد قد غسلوا بماء الجنان ، وأصابوا النعيم المقيم ، وجالسوا الملائكة المقربين ، ورافقوا الأنبياء المرسلين ، وليس من عبد أكرم على الله من عبد شرد وطرد في الله حتى يلقى الله على ذلك ، شيعتنا المنذرون في الأرض ، سرج وعلامات ونور لمن طلب ما طلبوا ، وقادة لأهل طاعة الله ، شهداء على من خالفهم ممن ادعى دعواهم ، سكن لمن أتاهم ، لطفاء بمن والاهم ، سمحاء ، أعفاء ، رحماء ، فذلك صفتهم في التوراة والإنجيل والقرآن العظيم . إن الرجل العالم من شيعتنا إذا حفظ لسانه وطاب نفسا بطاعة أوليائه ، وأضمر المكايدة لعدوه بقلبه ، ويغدو حين يغدو وهو عارف بعيوبهم ، ولا يبدى ما في نفسه لهم ، ينظر بعينه إلى أعمالهم الردية ، ويسمع بأذنه مساويهم ، ويدعو بلسانه عليهم ، مبغضوهم أولياؤه ومحبوهم أعداؤه ، فقال له رجل : بأبي أنت وأمي ، فما ثواب من وصفت إذا كان يصبح آمنا ويمسي آمنا ويبيت محفوظا ، فما منزلته وثوابه فقال : تؤمر السماء بإظلاله والأرض بإكرامه والنور ببرهانه ، قال : فما صفته في دنياه ؟ قال : إن سأل أعطى ، وإن دعا أجيب ، وإن طلب أدرك ، وإن نصر مظلوما عز . 27.
وعن أبى جعفر محمد بن على صلوات الله عليه أنه قال : رحم الله عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم ، أما والله لو يروون عنا ما نقول ولا يحرفونه ولا يبدلونه علينا 28برأيهم ، ما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشيء ، ولكن أحدهم يسمع الكلمة فينيط إليها عشرا ويتأولها على ما يراه ، رحم الله عبدا يسمع من مكنون سرنا فدفنه في قلبه ، ثم قال : والله لا يجعل الله من عادانا ومن تولانا في دار واحدة غير هذه الدار.
عن المعلى بن خنيس قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض محمدا و آل محمد و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتوالونا و تتبرءون من أعدائنا و قال ع من أشبع عدوا لنا فقد قتل وليا لنا 29.
سئل أبو عبد الله ع عن شيعتهم فقال شيعتنا من قدم ما استحسن و أمسك ما استقبح و أظهر الجميل و سارع بالأمر الجليل رغبة إلى رحمة الجليل فذاك منا و إلينا و معنا حيث ما كنا .31 .
وقال الامام الرضا (ع) في المذبذبون :ـ
من واصل لنا قاطعاً أو قطع لنا واصلاً أو مدح لنا عايباً أو أكرم لنا مخالفاً فليس منّا ولسنا منه. 31.
وقال (ع) في المتقلبون :ـ من والى اعداء الله فقد عادى اولياء الله، ومن عادى اولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى وحق على الله عزّ وجلّ ان يدخله في نار جهنّم. 32 .
وقال (ع) في المنافقون :ـ
انّ ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو اشدّ لعنة على شيعتنا من الدجال.
فقلت له: يابن رسول الله بماذا؟
قال: بموالاة اعدائنا ومعاداة اوليائنا، انه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل واشتبه الأمر، فلم يعرف مؤمن من منافق.33.
و عن خيثمة ( وهو ابن عبد الرحمن الجعفي الكوفي ) قال : دخلت على أبي جعفر ( الباقر عليه السلام ) أودعه فقال : يا خثيمة أبلغ من ترى من موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيهم على فقيرهم، وقويهم على ضعيفهم وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم وأن يتلاقوا في بيوتهم ، فإن لقيا بعضهم بعضا حياة لأمرنا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا ، يا خيثمة أبلغ موالينا أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بالورع وأن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره 34.
سيماء شيعة امير المؤمنين (ع) والائمة (ع) :ـ
هناك خصوصيات في كل شخص من الشيعة ونستطيع القول بأنها سمات أو صفات يقال أن هذا من شيعة أهل البيت (ع) ولمعرفة ذلك يجب أن نقرأ ماذا قالوا أهل البيت (ع) في ذلك :ـ
قال أمير المؤمنين عليه السّلام: شيعتُنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون في إحياءِ أمرنا، الذين إذا غَضِبوا لم يَظلموا، وإن رضَوا لم يُسرفوا، بركةٌ على مَن جاوروا، سِلمٌ لمَن خالطوا .35.
وعن الإمام الحسن العسكريّ عليه السّلام قال: شيعة عليٍّ عليه السّلام همُ الذين يُؤْثرون إخوانَهم على أنفسهم ولو كان بهم خَصاصة، وهمُ الذين لا يراهمُ اللهُ حيث نهاهم، ولا يفقدهم حيث أمَرَهم، وشيعة عليٍّ همُ الذين يقتدون بعليٍّ عليه السّلام في إكرام إخوانهمُ المؤمنين 36 .
عن الإمام الصادق عليه السّلام قوله: ليس مِن شيعتنا مَن قال بلسانه وخالَفَنا في أعمالنا وآثارنا، ولكنّ شيعتنا مَن وافَقَنا بلسانه وقلبه واتّبع آثارنا، وعمل بأعمالنا، أولئك من شيعتنا 37.
قال الإمام موسى الكاظم عليه السّلام: إنّما شيعتنا مَن شَيَّعَنا، واتّبع آثارنا، واقتدى بأعمالنا .38..
وروى السمهودي عن صاحب (المطالب العالية) عن نوف البكالي39: «ان علياً رضي الله عنه خرج يوماً من المسجد، وقد أقبل اليه جندب بن نصير، والربيع بن خثيم وابن اخيه همام بن عباد بن خثيم ـ وكان من اصحاب البرانس المتعبدين ـ فأفضى علي وهم معه إلى نفر فأسرعوا اليه قياماً وسلموا عليه فردّ التحية ثم قال: من القوم؟ فقالوا: انا من شيعتك يا أميرالمؤمنين، فقال لهم خيراً، ثم قال: يا هؤلاء، ما لي لا أرى فيكم سمة شيعتنا وحلية أحبتنا؟ فأمسك القوم حياءً، فأقبل عليه جندب والربيع فقالا له: ما سمة شيعتكم يا أميرالمؤمنين؟ فسكت، فقال همام ـ وكان عابداً مجتهداً ـ أسألك بالذي اكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما انبأتنا بصفة شيعتكم، قال: فسأنبئكم جميعاً، ووضع يديه على منكب همام وقال: شيعتنا هم العارفون بالله العاملون بأمر الله، أهل الفضائل الناطقون بالصواب، مأكولهم القوت وملبوسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع، بخعوا لله بطاعته، وخضعوا اليه بعبادته، مضوا غاضين أبصارهم عما حرم الله عليهم واقفين اسماعهم على العلم بدينهم، نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت منهم في الرخاء، رضاً عن الله تعالى بالقضاء، فلو لا الآجال التي كتب الله تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى لقاء الله والثواب وخوفاً من أليم العقاب، عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن رآها فهم على ارائكها متكئون، وهم والنار كمن رآها فهم فيها يعذبون، صبروا أياماً قليلة فأعقبتهم راحة طويلة، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها وطلبتهم فاهجروها، أما الليل فصافون اقدامهم تالون لأجزاء القرآن ترتيلا يعظون أنفسهم بامثاله، ويستشفون لدائهم بدوائه تارة وتارة مفترشون جباههم واكفهم وركبهم، واطراف اقدامهم تجري دموعهم على خدودهم، يجدون جباراً عظيماً ويجأرون اليه في فكاك رقابهم، هذا ليلهم، فأما نهارهم فحلماء علماء بررة اتقياء، براهم خوف بارئهم فهم كالقداح يحسبهم الناس مرضى أو قد خولطوا، وما هم بذلك بل خامرهم من عظمة ربهم وشدة سلطانه ما طاشت له قلوبهم وذهلت منه عقولهم، فإذا استقوا من ذلك بادروا إلى الله تعالى بالاعمال الزاكية، لا يرضون له بالقليل ولا يستكثرون له الجزيل، فهم لأنفسهم متهمون ومن اعمالهم مشفقون، ترى لأحدهم قوة في دين، وحزماً في لين، وايماناً في يقين، وحرصاً على علم، وفهماً في فقه، وعلماً في حلم وكيساً في قصد وقصداً في غناء، وتجملا في فاقة، وصبراً في شدة، وخشوعاً في عبادة، ورحمة لمجهود، وإعطاءً في حق، ورفقاً في كسب، وجلباً في حلال، ونشاطاً في هدوء واعتصاماً في شهوة لا يغره ما جهله، ولا يدع احصاء ما علمه، يستبطىء نفسه في العمل وهو من صالح عمله على وجل، يصبح وشغله الذكر، ويمسي وهمه الشكر، يبيت حذراً من سنة الغفلة، ويصبح فرحاً بما اصاب من الفضل والرحمة، رغبته فيما بقي، وزهادته فيما نفي، قد قرن العلم بالعمل، والعلم بالحلم، دائماً نشاطه، بعيداً كسله، قريباً أمله، قليلا زلله، متوقعاً أجله، خاشعاً قلبه، ذاكراً ربه، قانعة نفسه، محرزاً دينه، كاظماً غيظه، آمناً منه جاره، معدوماً كبره، بيناً صبره، كثيراً ذكره، لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ولا يتركه حياءً، أولئك شيعتنا وأحبتنا ومنا ومعنا، ألا واهاً شوقاً اليهم.
فصاح همام صيحةً، فوقع مغشياً عليه، فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا، فغسل وصلى عليه أميرالمؤمنين ومن معه.
و أنّ إمام جعفر الصادق علیهالسلام قال: امتَحِنُوا شِيعَتَنَا عِنْدَ مَواقِيتِ الصَّلاة كَيْفَ مُحَافَظَتُهُمْ علیهَا وَإِلَي أَسْرَارِنَا كَيْفَ حِفْظُهُمْ لَهَا عِنْدَ عَدُوِّنَا، وَ إِلَي أَمْوَالِهِمْ كَيْفَ مُواساتُهُمْ لإخْوَانِهِمْ فِيهَا .40 .
وجاء في «أمالي الشيخ الطوسيّ» بسنده المتّصل عن سليمان بن مهران أنـّه قال: دَخَلْتُ علی الصَّادقِ جَعْفَرِبنِ مُحَمَّدٍ وَ عِنْدَهُ نَفَرٌ مِنَ الشِّيعَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: مَعَاشِرَ الشِّيعَةِ كُونُوا لَنَا زَيْناً وَلا تَكُونُوا علینا شَيْناً. قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ كُفُّوا عَنِ الْفُضُولِ وَ قُبْحِ الْقَوْلِ. 41 .
وعن «الكافي» بسنده عن المفضّل أنـّه قالَ: قَالَ أَبُو عَبدِاللهِ علیهِ السَّلامُ: إِيَّاكَ وَالسِّفلَةَ، فَإِنَّمَا شِيعَةُ علیٍّ مَن عَفَّ بِطْنُهُ وَ فَرْجُهُ، وَاشْتَدَّ جِهَادُهُ، وَ عَمِلَ لِخَالقِهِ، وَ رَجا ثَوابَهُ، وَ خَافَ عِقَابَهُ، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ «بحار الانوار» ج 15، كتاب الإيمان، ص 152.
قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : يا مهزم شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه يديه 42 ، ولا يمتدح بنا معلنا ، ولا يجالس لنا عائبا ، ولا يخاصم لنا قاليا ، وان لقي مؤمنا أكرمه ، وان لقي جاهلا هجره ـ إلى أن قال ـ شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل عدونا وان مات جوعا . .
وعن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) ألا اخبركم بأشبهكم بي ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : أحسنكم خلقا وألينكم كنفا ، وأبركم بقرابته ، واشدكم حبا لاخوانه في دينه ، وأصبركم على الحق ، وأكظمكم للغيظ ، وأحسنكم عفوا ، واشدكم من نفسه انصافا في الرضا والغضب 43.
عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى: {مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يجتمع حبنا وحب أعدائنا في جوف إنسان، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحب هذا ويبغض هذا، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه فان شاركه في حبنا حب عدونا، فليس منا ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين 44..
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفهم: هم قوم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى، اُولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه . 45..
وعن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا أبا المقدام إنما شيعة علي عليه السلام الشاحبون الناحلون ، الذابلون ذابلة شفاههم ، خميصة بطونهم ، متغيرة ألوانهم ، مصفرة وجوههم إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشا ، واستقبلوا الأرض بجباههم ، كثير سجودهم ، كثيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم يحزنون 46.
و عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن شيعة علي عليه السلام كانوا خمص البطون ، ذبل الشفاء ، أهل رأفة و ( علم وحلم ) يعرفون بالرهبانية ، فأعينوا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد والصبر.47..
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن من شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ولا ( شحمة اذنه ) ولا يمتدح بنا معلنا ، ولا يواصل لنا مبغضا ، ولا يخاصم لنا وليا ، ولا يجالس لنا عائبا ، قال : قلت : فكيف أصنع بهؤلاء المتشيعة ؟ قال : فيهم التمحيص وفيهم التمييز وفيهم التبديل ، تأتي عليهم سنون تفنيهم ، وطاعون يقتلهم ، واختلاف يبددهم .
شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ، ولا يسأل وإن مات جوعا ، قلت : وأين أطلب هؤلاء ؟ قال : اطلبهم في أطراف الارض ، أولئك الخفيض عيشهم ، المنتقل دارهم ، إذا شهدوا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن رأوا منكرا ينكروا ، وإن يخاطبهم جاهل سلموا ، وإن لجأ إليهم ذو حاجة منهم رحموا ، وعند الموت هم لا يحزنون ، وفي القبور يتزاورون ، لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلف بهم البلدان.. 48..
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال : فعل وعمل ونية وباطن وظاهر .
فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام : يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال ؟
فقال : يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوال الفكر ، جوهري الذكر ، كثيرا علمه ، عظيما حلمه ، جميل المنازعة ، كريم المراجعة ، أوسع الناس صدرا ، وأذلهم نفسا ، ضحكه تبسما ، واجتماعا تعلما ، مذكر الغافل ، معلم الجاهل ، لا يؤذي من يؤذيه ، ولا يخوض فيما لا يعنيه ، ولا يشمت بمصيبة ولا يذكر أحدا بغيبة ، بريا من المحرمات ، واقفا عند الشبهات ، كثير العطاء ، قليل الاذى ، عونا للغريب ، وأبا لليتيم ، بشره في وجهه ، وخوفه في قلبه ، مستبشرا بفقره ، أحلى من الشهد ، وأصلد من الصلد ، لا يشكف سرا ، ولا يهتك سترا ، لطيف الجهات ، حلو المشاهدة ، كثير العبادة ، حسن الوقار ، لين الجانب ، طويل الصمت ، حليما إذا جهل عليه ، صبورا على من أساء إليه ، يجل الكبير ، ويرحم الصغير ، أمينا على الامانات ، بعيداً من الخيانات ، إلفه التقى ، وخلقه الحياء ، كثير الحذر ، قليل الزلل ، حركاته أدب ، وكلامه عجب ، مقيل العثرة ، ولا يتبع العورة ، وقورا ، صبورا ، رضيا ، شكورا ، قليل الكلام ، صدوق اللسان ، برا مصونا ، حليما ، رفيقا ، عفيفا ، شريفا .
لا لعّان ولا نمام ، ولا كذاب ولا مغتاب ، ولا سباب ، ولا حسود ، ولا بخيل ، هشاشا بشاشا ، لا حساس ولا جساس .
يطلب من الامور أعلاها ، ومن الاخلاق أسناها ، مشمولا لحفظ الله ، مؤيدا بتوفيق الله ، ذاقوة في لين ، وعزمه في يقين ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، صبور في الشدائد ، لا يجور ولا يعتدي ، ولا يأتي بما يشتهي .
الفقر شعاره ، والصبر ثاره ، قليل المؤونة ، كثير المعونة ، كثير الصيام ، طويل القيام ، قليل المنام ، قلبه تقي ، وعلمه زكي ، إذا قدر عفا ، وإذا وعد وفى ، يصوم رغبا ويصلي رهبا ، ويحسن في عمله كأنه ينظر إليه ، غض المطوف ، سخي الكف ، لا يرد
سائلا ولا يبخل بنائل ، متواصلا إلى الاخوان ، مترادفا للاحسان ، يزن كلامه ، ويخرس لسانه ، لا يغرق في بغضه ، ولا يهلك في محبته ، لا يقبل الباطل من صديقه ، ولا يرد الحق من عدوه ، لا يتعلم إلا ليعلم ، ولا يعلم إلا ليعمل .
قليلا حقده ، كثيرا شكره ، يطلب النهار معيشته ، ويبكي الليل على خطيئته ، إن سلك مع أهل الدنيا كان أكيسهم ، وإن سلك مع أهل الآخرة كان أورعهم ، لا يرضى في كسبه بشبهة ، ولا يعمل في دينه برخصة ، لطيف ( يعطف / خ ) على أخيه بزلته ، ويرعى ما مضى من قديم صحبته .49.
ـــــــــــــــــ
الهوامش
1. بحار الانوار ج 7، ص 355.
2. بحار الانوار ج 15 ص 141.
3. بحار الانوار ج 15 ص 142 .
4. بحار الانوار ج 15 ص 152.
5. الكافي 2 : 184 | 13 .
6. البحار : 68 / 176 ح 33 والمستدرك .
7. ابن خلدون في مقدّمته ص 138 .
8. الارشاد للشيخ المفيد 26 .
9. عيون اخبار الرضا للشخ الصدوق ج 2 ـ 52 | ح201 .
10 . البحار 68|9 .
11. اخبار الرضا ج2 : 60 |ح 232 .
12. البحار 68|20 .
13. صفات الشيعة 16 .
14. أمالي الصدوق 83:452، البحار 39:306، بشارة المصطفى: 180، دار السلام 4:232، فضائل الشيعة: 15 ح17 .
15. تاريخ ابن عساكر ترجمة الامام علي (عليه السلام) 2:346 .
16. البحار 25:21 .
17. تفسير فرات: 349 ح476، البحار 7:198 .
18. إرشاد القلوب باب كلام أمير المؤمنين والائمة (عليهم السلام): 145، البحار 68:69، أمالي الطوسي المجلس 28:611 ح1264 .
19. عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1:261، البحار 68:150.
20. بشارة المصطفى لشيعة المرتضى 66 .
21. صفات الشيعة: 50/ الحديث الرابع عشر .
22. التوحيد: 364/ ح 12/ باب 59؛ وعيون الأخبار 1: 143/ ح 45، عنهما البحار 3: 294/ ح 18/ باب 13، وأيضاً 5: 52/ ح 88/ باب 1 .
23. . الكافي - الشيخ الكليني ج 2 ص 73 .
24. إنتحال الشئ : ادعاؤه .
25 . أي ليس بين الله وبين الشيعة قرابة حتى يسامحكم ولا يسامح مخالفيكم مع كونكم مشتركين معهم في مخالفته تعالى . و ليس بينه وبين علي قرابة حتى يسامح شيعة علي ولا يسامح شيعة الرسول . والحاصل إن جهة القرب بين العبد وبين الله إنما هي بالطاعة والتقوى ولذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى الله فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شيء ( مرآة العقول ) .
26 . - الكافي - الشيخ الكليني ج 2 ص 74 .
27. دعائم الإسلام - القاضي النعمان المغربي ج 1 ص 64 ..
28. دعائم الاسلام - القاضي النعمان المغربي ج 1 ص 61 .
29. .صفات الشيعة .ص 15 |9 .
30. صفاتالشيعة ص : 32 17 .
31. صفات الشيعة 7، ح 10.
32. صفات الشيعة 7، ح 11 .
33. صفات الشعية 8، ح 14 .
34.- الكافي - الشيخ الكليني ج 2 ص 175 .
35. . بحار الانوار 68 |190 .
36. بحار الانوار 68| 162 .
37.. مستطرق السرائر 147 | ج21 .
38. بحار الانوار 8 | 353 .
39. جواهر العقدين، العقد الثاني الذكر الخامس ص195، ورواه محمّد بن طلحة في مطالب السؤل ص140 وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة ص92 .
40. بحار الانوار ج 15 ص 141.
41. بحار الانوار ج 15، كتاب الإيمان، ص 142.
42. . الكافي 2 : 186 | 27 .
43. الكافي 2 : 188 | 35 .
44. تفسير القمي 2:171، تفسير نور الثقلين 4:459.
45. جامع السعادات 3:190 .
46. . الخصال- الشيخ الصدوق ص 444 . .
47. . البحار : 68 / 188 ح 63 وعن الكافي : 2 / 233 ح 10 بإسناده عن ابن أبي يعفور ، وعن صفات الشيعة : 51 ح 18 .
48. البحار : 69 / 402 ح 104 وفي 68 / 180 ح 39 عن الكافي : 2 / 239 ح 27 وفي ص 179 ح 37 عن المشكاة ص 61 .
49. . البحار : 67 / 310 ح 45 والمستدرك : 2 / 280 ح 22 .