إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العمل بالعبادات الظاهرية لا يكفي...

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العمل بالعبادات الظاهرية لا يكفي...

    بسم الله الرجمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم





    العمل بالعبادات الظّاهریة لا ی?في لوحده للعروج بالإنسان في سلّم القرب


    وأمّا لو عمل الإنسان ألف سنة بهذه العبادات الظاهريّة, لكن دون أن يكون عمله توأماً مع الحقيقة ولا مطابقاً للواقع, فسوف لنْ تستطيع هذه العبادات إعانته في سيره وحركته, تماماً كما لو أخذَ شخصٌ حبةً من الجوز لمجرّد الاستفادة من قشرها, دون أنْ يأكل لبّها ودون الانتفاع بمنافعها, وكذلك العكس من ذلك, فلو قال شخصٌ: أريدُ الجوز بدون القشر الداخليّ, وأنا آكل اللّب فقط, فلا فائدة في ذلك أيضاً, فالله سبحانه قضى بأنّ: هذه الحقيقة الواقعيّة إنمّا تعطي فائدة الجوز فيما لو تشكّلت بهذا الشّكل الخاصّ للجوز, وكذلك اللوز, فإنّه لوز فيما لو تحقّق بهذا الشّكل, وهذه الحقيقة سارية في كلّ أنواع الحبوب.. فالتفّاح تفّاحٌ بهذا القالب لا غير, وعلى الإنسان أن يأكله بما هو متكوّن بهذا الشّكل الخاص, حتى يحصل على خصائصه المطلوبة, ولا بدّ وأنْ تأكلَ الجوزَ كما هو عليه كيْ تحصلَ على خصائصه.
    كذلك الأمرُ بالنسبة إلى الصلاة, فعلى الإنسان أنْ يتقرّب بها إلى الله, ويستقبل القبلة ببدنه, ويركع ويسجد مع التوجّه إلى تلك المعاني, كلّ ذلك مع استحضار تلك الحقيقة؛ بحيث يكون متوجّهاً بكلّ وجوده إلى كعبة الله في آن واحد, , فلا يستثنى بدنه, بل يضمّه إلى توجّهه المثاليّ وقوته المعرفيّة وقلبه فيستحضرها جميعاً, بل بتمام وجوده, حينئذ يكون مصلّياً لله, وهذه هي الصلاة, أي الصلاة الكاملة, وهذا هو الحرم, نسأل الله التوفيق لإقامة مثل هذه الصلاة, فحقيقة الركعتين التي يصلّيها الإنسان بهذا التوجّه هي التّكلم مع الله.
    إذْ أين هو الله الذي نريد أن نبحث عنه ونعثر عليه؟ هل هو فوق السماء؟! في الشّرق؟! في الغرب؟! تحت الأرض؟! نعم؟! أو أنّ الله معنا, محيطٌ بكلّ موجود من الموجودات, فهو معنا قبل أن ننطق بأيّ كلمة, إنّه مع ذاتنا, أمامنا ومتقدّم علينا..
    يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
    ما رأيتُ شيئاً إلا ورأيتُ اللهَ قبله وبعدَه ومعه[7]
    حسناً, فلو نصلّي صلاة كهذه الصلاة, فهلاّ نرى الله بعد ذلك؟! أنراه فوق السماء؟! لا.. بل الله كائن في وجودنا.. في سرّنا.. فالصلاة تمدّ الإنسان بالبصيرة والنورانيّة, وتقرّبه إلى الله, وتُحرّكهُ نحوه, وهذا من آثار ولوازم هذا النّوع من العلم هذه المعرفة, والذي يُعتبرُ هدفاً بذاته, فهو بحدّ ذاته نوعٌ من العلم.
    سابقاً كان في الحوزات الكبيرة, مكتبات علميّة وتربويّة, وكانَ معلمو الأخلاق وأمثالهم, ممّن هم من المجتهدين الكبار, يتكفّلون بتربية الطّلاب. وعلى العموم, بعضهم كانَ يتعهّد الأمور الاجتماعيّة وإدارة النّاس, إلا أنّ ثلّةً من المجتهدين العظام كانوا مربّين في الأخلاق, ففي الزمان السابق كانَ هناك الشهيد الأوّل, الشهيد الثاني, ابن مسكويه, ابن فهد, ابن طاووس, المرحوم السيد مهدي بحر العلوم, وفي زماننا الأخير, الآخوند الملا حسين قلي الهمدانيّ, وتلامذته من العلماء البارزين, فهؤلاء كانوا من الأساتذة الكبار في العرفان والأخلاق, وكمْ طوَوا من المدارج الكماليّة والمعاني الباطنيّة!! فكلُّ واحدٍ من هؤلاءِ كانَ أعجوبة زمانه, وكلّ واحد منهم كان وحيد عصره, وكلّ واحدٍ منهم يمثّل أحدَ أقطاب الأرض, ووتداً من الأوتاد, فكانتْ وظيفةُ هؤلاءِ تعهّد الأفراد الطالبين لهذا المقام وتربيتهم.
    فليس كلّ الأفراد طالبين لهذا المقام, ولا يستطيع جميعهم أن يتحمّل ويصبر, ولذلك يعلنُ الله أمام الملأ: من أراد فليأت, ومن لا يرد فلا يأت, فالمسألة ترجع إلى اختياره بنفسه.
    فقد قيل للإنسان: صلِّ الصلاة واجبة, فالله لا يُلجئُ الإنسانَ على الفعل بأنّ يلزمه عمليّاً فيجرّه بالسلاسل ليصحّح تفكيره.. بل يقول له: أوجبتُ الصلاة, فإنْ أردتَ أنْ تصحّح تفكيرك وأن تتحقّق في تلك المعاني فعليك أن تمتثل. كذلك لو أردتَ أن تُسقطَ التكليف, ورغبتَ في الفرار من جهنّم, فهذا جيّد أيضاً, وما عليك حينئذ إلا أن تصلّي, وأن تفعل الخيرات, فلا ندخلك جهنّم.. ونجعلك من أصحاب اليمين. وأمّا لو أردت أن تكون صاحب تفكير وبصيرة, وأردت بلوغ مقام الإنسانية, فتصير إنساناً كاملاً, وتوصلَ قابلياتك وقواك التي أعطاك الله إيّاها إلى مقام الفعليّة, فبلوغ ذلك محالٌ بدون معرفة الله ودون لقائه.
    "عَبدي أَطِعْني حتّى أَجعلكَ مِثْلِي"[8] أو [مَثَلِي], وحينئذٍ, يعرف الإنسانُ اللهَ كما ينبغي, فيرى الله بدون حجاب, لا من وراء النظارة المعتمة أو الحمراء أو الصفراء والسوداء.. فمن يلبس النّظارة السوداء يستطيع أن ينظر, إلا أنّه يرى كلّ شيء معتماً ذا غشاوة, ويرى الشّمس مغبرّة, والقمر فاحماً كذلك, ويرى الضوء أسود, والحائط معتماً, والبرتقال معتماً, والعنب فاحماً, والورقة سوداء قاتمة, ومن يلبس النظّارة الحمراء فسوف يرى كلّ شيء أحمر اللون, وتصبح النظّارة الصفراء تُري الصفار, وكذلك الخضراء.. فهل هكذا لون الكائنات في الواقع؟! بالطبع لا.. وإنّما هو ناشئ من الحجاب, فقد وضع الإنسان حجاباً أمام ناظريه, وهذا الحجاب سوف يستولي على ذاك النّور الأزلي, الذي جاء ليُظهر الموجودات بواسطة حقيقته الواقعيّة الخارجيّة, وذلك بواسطة التبدّل والتصرّف النفسي. فلا بدّ إذاً من إزاحة النّفس وتدخّلاتها, وبعد ذلك انظر وشاهد ولكن دون أيّ تدخّلٍ من النّفس, وارفع النظّارات القاتمة: الحمراء والخضراء.. وانظر بالعين التي أعطاك الله إيّاها, انظر بالمنظار الذي لا يشوّه ولا يتصرّف بما يراه أبداً, بياض محض وشفّاف بشكل كلّي, حتّى تدرك كلّ مخلوق وتعرفه, فحينما يضع النظّارة الحمراء فسوف لا يفرّق بين شيئين أحدهما أحمر والآخر أبيض, وإنما يقول: ها هي كلّها حمراء, ولكن حينما يضع نظّارة بدون لون, فسيقول: هذا أحمر وذاك أبيض, هذا أصفر وذاك أخضر..
    حينما يكون البخل والحسد والكبر وحبّ الرياسة وأمثالها والانغمار في الشهوات هو الحاكم في قلب الإنسان, ولا سمح الله التجبّر وأمثاله, فحينئذ حتّى وإن صلّى وصام ووضع القلنسوة على رأسه ليلاً وتزيّن, وظهر بمظهر القدّيس, فكلّ هذه الأعمال خاطئة وتوجب له الحجاب, وكذلك من يبرّر التعاطي بالربا من باب الحيل الشرعيّة, كأن يبيع علبة كبريت بمائتي ألف تومان ربوياً, فمن يريد أن يطوي طريق الله ويسلك فيه عليه أن لا يقوم بذلك, ومن يعمل بالحيلة الشرعية.. يكون قد صنع قلنسوةً شرعيّة لنفسه. فهو في الحقيقة ذاك الشّخص بعينه!! نعم, الفارق أنّه قد لبس قلنسوة شرعية, فهو ذاك التاجر تماماً!!
    فقد قال الشّرع: الربا حرام, إلا أنّ هذا الشّخص يأتي ويخترع معاوضة بين مائتي ألف تومان من الربا وعلبة كبريت, ويكون قد وضع على رأسه قلنسوة بعنوان الشرع. وهذا غير صحيح.
    يقول أستاذ الأخلاق للإنسان: لا فرق بين أنْ تكون مناجياً لله في نصف الليل, وبين أن تكون في السّوق وأنت تتعامل مع أيّ مشترٍ غريب, أو فلاّح لا خبرة له, فكلاهما شيءٌ واحد, وحينئذٍ سيكون خداعه ومراوغته مخالفة وخطأً وانحرافاً.
    فالعرفان ليس مجرّد الجلوس على السجّادة, وإحياء الليل, والمناجاة, والعتمة.. العرفان يعني داخل السّوق.. داخل الكلّية.. في الشّارع.. في حافلة النقل(الباص).. حين التعامل مع المرأة.. ومع الأولاد.. التعامل مع الجار.. كيفيّة المعاملة مع كلب المنزل.. مع قطة المنزل.. ماذا تعني جميع هذه المعاملات؟ تعني أنّه يجب إعطاء المرأة حقّها, وكذلك يجب أن تعطي قطّة المنزل حقّها, نعم!! يجب أن لا يسيء الإنسان إلى خادمه, ثمّ لو أراد الخادم أن يتناول الطعام فينبغي أن يأكل معه, ولا يرى أن غذاءه أرفع منه ومتميّزاً عنه, يجب أنْ يتناول الطعام بنفسه مع سائقه, لا ينظر إلى أصدقائه نظر تحقير وهوان, فهو عبدٌ مثله, وكذلك بالنّسبة للخادم, بل بالنسبة لأيّ شخصٍ آخر, فما دام الله سبحانه قد عيّن لكلّ شخصٍ مسيره وحركته في الحياة, وقدّر له أن يكونَ خادماً, وعيّن لنا تكليفاً خاصّاً.. فكيف لنا أنْ نتكهّن أنّنا أعلى منه درجة؟! كيف لنا أن نطّلع على قلبه ونعرف أنّ قلبه ليس أنقى من قلبنا؟! أو أنّ إدراكه ليس أفضل من إدراكنا؟! ذلك بيننا وبين الله, فالله جعله أسوداً وجعل لوننا أبيض, وكذلك أغنى هذا وأفقر ذاك, وجعل هذا رئيساً وذاك مرؤوساً.


    آية الله الحاج السيد محمد الحسين الحسيني الطهراني


  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
    ماشاء الله ابداع متواصل موفقه ان شاء الله

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشرافو عجل فرجهم يا كريم

      الأخت الكريمه (سهاد)أشكر لكم مروركم المبارك
      حفظكم الله تعالى و سدد خطاكم و قضى حوائجم و أعلى مراتبكم بحق محمد و آل محمد

      و نسألكم الدعاء

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X