اعلم ان تخليص الصلاة عن ا لآفات وخلاصها لوجه الله و ادائها بالشروط الباطنة المذكورة من الحضور والخشوع والتعظيم والهيبة والحياء : سبب لحصول أنوار القلب تكون تلك الأنوار مفاتيح للعلوم الباطنة وإنما يفيض منها على كل مصلِ على قدر صفائه من كدورات الدنيا ويختلف ذلك بالقلة والكثرة ، والقوة والضعف والجلاء والخفاء ويختلف أيضاً بما ينكشف من العلوم ، فينكشف لبعضهم من صفات الله وجلاله ولبعضهم من عجائب أفعاله ولبعضهم من دقائق علوم المعاملة ولبعضهم غير ذلك وأولى بالظهور و الإفاضة لكل شخص ما يهمه ويكون في طلبه وإلى ما ذكرنا من ترتب الإفاضة العلوية على الصلاة الخالصة لوجه الله المؤداة بالشروط المذكورة أشار النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بقول(( ان العبد إذا قام في الصلاة رفع الله الحجاب بينه وبين عبده وواجهه بوجههقامت الملائكة من لدن منكبيه إلى الهواء يصلون بصلاته ويؤمنون على دعائه وان المصلي لينشر عليه البر من أعنان السماء إلى مفرق رأسه ويناديه مناد : لو علم المصلي من يناجي ما التفت وان أبواب السماء تفتح للمصلين وان الله يباهي ملائكته بصدق المصلي )) . فان رفع الحجاب وفتح أبواب السماء كناية عن إفاضة العلوم الباطنة عليه وورد في التوراة)) يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يديَّ مصلياً باكياً فانا الله الذي اقتربت من قلبك وبالغيب رأيت نوري )) وورد ((ان العبد إذا صلى ركعتين عجبت منه عشرة صفوف من الملائكة كل صف منهم عشرة آلاف وباهى الله به مائة ألف )) وذلك لأن العبد جمع في الصلاة بين القيام والقعود والركوع والسجود والذكر باللسان وغير ذلك وليس لملك من الملائكة هذا القسم من العبادة الجامعة بين الكل بل هذه الأفعال موزعة عليهم فبعضهم قائمون لا يركعون إلى يوم القيامة وبعضهم ساجدون لا يرفعون إلى يوم القيامة وهكذا الراكعون والقاعدون فان ما أعطى الملائكة من القرب والرتبة لازم لهم مستمر على حالة واحدة لا تزيد ولا تنقص وليس لهم مرتبة الترقي من درجة إلى أخرى وباب المزيد مسدود عليهم ولذلك قالوا ((وما منا إلا له مقام معلوم )) بخلاف الإنسان فان له الترقي في الدرجات والتقلب في أطوار الكمالات ومفتاح مزيد الدرجات هي الصلاة قال سبحانه ((َقدْ أَفلَح الْمُؤْمِنُونَ الذَّيِنَ هُمْ في صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ )) وقال أيضاً فقال في آخرها : ((وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَواتِهِمْ يُحَافِظُونَ )) وقال تعالى ((أُوْلاَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ الذَّينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خَالدِوُنَ)) فوصفهم بالفلاح أولاً وبوراثة الفردوس آخراً فالمصلون هم ورثة الفردوس وورثة الفردوس هم المشاهدون لنور الله بقربه ودنوه بالقلب وكل عاقل يعلم أن مجرد حركة اللسان والجوارح مع غفلة القلب لا تنتهي درجته إلى هذا الحد .
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
إفاضة الأنوار على المصلي على قدر صفائه
تقليص
X
تعليق